المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(5) - (282) - باب ما جاء في الغسل يوم الجمعة - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٧

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تَتِمَّة كتابُ الأذان (2)

- ‌(1) - (278) - بَابُ كَمْ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ الْمُسَافِرُ إِذَا أَقَامَ بِبَلْدَةٍ

- ‌(2) - (279) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ

- ‌فصل

- ‌(3) - (280) - بَابٌ: فِي فَرْضِ الْجُمُعَةِ

- ‌(4) - (281) - بَابٌ: فِي فَضْلِ الْجُمُعَةِ

- ‌(5) - (282) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌(6) - (283) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ

- ‌(7) - (284) - بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّهْجِيرِ إِلَى الْجُمُعَةِ

- ‌(8) - (285) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الزِّينَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌(9) - (286) - بَابُ مَا جَاءَ فِي وَقْتِ الْجُمُعَةِ

- ‌(10) - (287) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌(11) - (288) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الاسْتِمَاعِ لِلْخُطْبَةِ وَالْإِنْصَاتِ لَهَا

- ‌(12) - (289) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ

- ‌(13) - (290) - بَابُ مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ تَخَطِّي النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌فائدة

- ‌(14) - (291) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْكَلَامِ بَعْدَ نُزُولِ الْإِمَامِ عَنِ الْمِنْبَرِ

- ‌(15) - (292) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌(16) - (293) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً

- ‌(17) - (294) - بَابُ مَا جَاءَ فِي مِنْ أَيْنَ تُؤْتَى الْجُمُعَةُ

- ‌(18) - (295) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ

- ‌(19) - (296) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ

- ‌(20) - (297) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ

- ‌(21) - (298) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الحِلَقِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَالاحْتِبَاءِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ

- ‌(22) - (299) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْأَذَانِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

- ‌تنبيه

- ‌(23) - (300) - بَابُ مَا جَاءَ فِي اسْتِقْبَالِ الْإِمَامِ وَهُوَ يَخْطُبُ

- ‌(24) - (301) - بَابُ مَا جَاءَ فِي السَّاعَةِ الَّتِي تُرْجَى فِي الْجُمُعَةِ

- ‌(25) - (302) - بَابُ مَا جَاءَ فِي ثِنْتَي عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنَ السُّنَّةِ

- ‌(26) - (303) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ

- ‌(27) - (304) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ

- ‌(28) - (305) - بَابُ مَا جَاءَ فِي: إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ .. فَلَا صَلَاةَ إِلَّا الْمَكْتُوبَةُ

- ‌(29) - (306) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ فَاتَتْهُ الرَّكْعَتَانِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ مَتَى يَقْضِيهِمَا

- ‌فائدة

- ‌(30) - (307) - بَابٌ: فِي الْأَرْبَعِ الرَّكَعَاتِ قَبْلَ الظُّهْرِ

- ‌(31) - (308) - بَابُ مَنْ فَاتَتْهُ الْأَرْبَعُ قَبْلَ الظُّهْرِ

- ‌(32) - (309) - بَابٌ: فِيمَنْ فَاتَتْهُ الرَّكْعَتَانِ بَعْدَ الظُّهْرِ

- ‌(33) - (310) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا

- ‌(34) - (311) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا يُسْتَحَبُّ مِنَ التَّطَوُّعِ بِالنَّهَارِ

- ‌(35) - (312) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ

- ‌(36) - (313) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الرَّكعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ

- ‌(37) - (314) - بَابُ مَا يُقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ

- ‌(38) - (315) - بَابُ مَا جَاءَ فِي السِّتِّ رَكَعَاتٍ بَعْدَ الْمَغْرِبِ

- ‌(39) - (316) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوِتْرِ

- ‌(40) - (317) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا يُقْرَأُ فِي الْوِتْرِ

- ‌(41) - (318) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوِتْرِ بِرَكعَةٍ

- ‌(42) - (319) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ

- ‌(43) - (320) - بَابُ مَنْ كَانَ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الْقُنُوتِ

- ‌(44) - (321) - بَابُ مَنْ رَفَعَ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ وَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ

- ‌(45) - (322) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَهُ

- ‌فائدة

- ‌(46) - (323) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوِتْرِ آخِرَ اللَّيْلِ

- ‌(47) - (324) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ نَامَ عَنِ الْوِتْرِ أَوْ نَسِيَهُ

- ‌(48) - (325) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوِتْرِ بِثَلَاثٍ وَخَمْسٍ وَسَبْعٍ وَتِسْعٍ

- ‌(49) - (326) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوِتْرِ فِي السَّفَرِ

- ‌(50) - (327) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ جَالِسًا

- ‌(51) - (328) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الضَّجْعَةِ بَعْدَ الْوِتْرِ وَبَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ

- ‌فائدة

- ‌(52) - (329) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوِتْرِ عَلَى الرَّاحِلَةِ

- ‌(53) - (330) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوِتْرِ أَوَّلَ اللَّيْلِ

- ‌(54) - (331) - بَابُ السَّهْوِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(55) - (332) - بَابُ مَنْ صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا وَهُوَ سَاهٍ

- ‌(56) - (333) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ قَامَ مِنِ اثْنَتَيْنِ سَاهِيًا

- ‌(57) - (334) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فَرَجَعَ إِلَى الْيَقِينِ

- ‌(58) - (335) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فَتَحَرَّى الصَّوَابَ

- ‌(59) - (336) - بَابٌ: فِيمَنْ سَلَّمَ مِنْ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ سَاهِيًا

- ‌(60) - (337) - بَابُ مَا جَاءَ فِي سَجْدَتَيِ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ

- ‌(61) - (338) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ سَجَدَهُمَا بَعْدَ السَّلَامِ

- ‌(62) - (339) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْبِنَاءِ عَلَى الصَّلَاةِ

- ‌(63) - (340) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ أَحْدَثَ فِي الصَّلَاةِ كَيْفَ يَنْصَرِفُ

- ‌(64) - (341) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ

- ‌(65) - (342) - بَابٌ: فِي صَلَاةِ النَّافِلَةِ قَاعِدًا

- ‌(66) - (343) - بَابُ صَلَاةِ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ

- ‌(67) - (344) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ

- ‌(68) - (345) - بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَلْفَ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِهِ

- ‌(69) - (346) - بَابُ مَا جَاءَ فِي "إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ

- ‌(70) - (347) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقُنُوتِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ

- ‌(71) - (348) - بَابُ مَا جَاءَ فِي قَتْلِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌(72) - (349) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ

- ‌(73) - (350) - بَابُ مَا جَاءَ فِي السَّاعَاتِ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ

- ‌(74) - (351) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الرُّخْصَةِ فِي الصَّلَاةِ بِمَكَّةَ فِي كلِّ وَقْتٍ

- ‌(75) - (352) - بَابُ مَا جَاءَ إِذَا أَخَّرُوا الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا

الفصل: ‌(5) - (282) - باب ما جاء في الغسل يوم الجمعة

(5) - (282) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْغُسْلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

(14)

- 1062 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، حَدَّثَنِي أَبُو الْأَشْعَثِ، حَدَّثَنِي أَوْسُ بْنُ أَوْسٍ الثَّقَفِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

===

(5)

- (282) - (باب ما جاء في الغُسل يوم الجمعة)

(14)

- 1062 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي.

(حدثنا عبد الله بن المبارك) بن واضح الحنظلي مولاهم أبو عبد الرحمن المروزي، ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد، جُمعت فيه خصال الخير، من الثامنة، مات سنة إحدى وثمانين ومئة (181 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن) عبد الرحمن بن عمرو (الأوزاعي) أبي عمرو الدمشقي، ثقة إمام، من السابعة، مات سنة سبع وخمسين ومئة (157 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا حسان بن عطية) المحاربي مولاهم أبو بكر الدمشقي، ثقة فقيه عابد، من الرابعة، مات بعد العشرين والمئة. يروي عنه:(ع).

(حدثني أبو الأشعث) شراحيل بن آدة - بالمد وتخفيف الدال - الصنعاني صنعاء دمشق، وقيل: صنعاء اليمن، ثقة، من الثانية. يروي عنه:(م عم).

(حدثني أوس بن أوس الثقفي) الدمشقي الصحابي الشهير رضي الله عنه. يروي عنه: (عم).

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات أثبات.

(قال) أوس بن أوس: (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من غسل يوم الجمعة) قال السندي: "من غسل" رُوي مشددًا ومخففًا، قيل: أي: جامع

ص: 54

وَاغْتَسَلَ، وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ، وَدَنَا مِنَ الْإِمَامِ فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ .. كَانَ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ؛ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا".

===

امرأته قبل الخروج إلى الصلاة؛ لأنه أغض للبصر في الطريق، مأخوذ من غسل امرأته - بالتشديد والتخفيف - إذا جامعها، (واغتسل) بنفسه للجمعة، (وبكر) المشهور التشديد ويجوز تخفيفه، والمعنى: أي أتى الصلاة أول وقتها، وكل من أسرع إلى شيء .. فقد بكّر إليه، (وابتكر) أي: أدرك أول الخطبة، وأول كل شيء باكورته، ويقال: ابتكر إذا أكل باكورة الفواكه، وقيل: هما بمعنىً، وكرره للتأكيد.

(ومشى) برجله، وقوله:(ولم يركب) تأكيد لما قبله، ودفع لما يتوهم من حمل المشي على مجرد الذهاب ولو راكبًا، أو حمله على تحقيق المشي ولو في بعض الطرق، (ودنا) أي: قرب (من الإمام، فاستمع) الخطبة وأصغى إليها، وفيه أنه لا بد من الأمرين جميعًا، فلو استمع وهو بعيد، أو قرب ولم يستمع .. لم يحصل له هذا الأجر، (ولم يلغ) أي: لم يتكلم؛ فإن الكلام حال الخطبة لغو، أو المعنى استمع الخطبة ولم يشتغل بغيرها.

(كان له بكل خطوة) -بفتح الخاء وضمها-: بعد ما بين القدمين؛ أي: ذهابًا وإيابًا، أو ذهابًا فقط، أو بكل خطوة من خطوات ذلك اليوم وإتمام العمر (عمل سنة) كاملة، وقوله:(أجر صيامها وقيامها) أي: صلاتها بدل من عمل سنة، والظاهر أن المراد: أنه يحصل له أجر من استوعب السنة بالصيام والقيام لو كان، ولا يتوقف ذلك على أن يتحقق الاستيعاب من أحد، ثم الظاهر أن المراد في هذا وأمثاله ثبوت أصل أجر الأعمال لا مع المضاعفات المعلومة بالنصوص، ويحتمل أن يكون مع المضاعفات. انتهى من "السندي".

ص: 55

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وعبارة "التحفة" هنا: (من اغتسل وغسل) رُوي بالتشديد والتخفيف، قيل: أراد به غسل رأسه، وبقوله:"اغتسل" غسل سائر بدنه، وقيل: جامع زوجته فأوجب عليها الغُسل، فكأنه غسلها واغتسل، وقيل: كرر ذلك للتأكيد، ويرجح التفسير الأول ما في رواية أبي داوود في هذا الحديث بلفظ:"من غسل رأسه واغتسل"، وما في رواية البخاري عن طاووس قلت: لابن عباس: ذكروا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اغتسلوا واغسلوا رؤوسكم

" الحديث، (وبكَّر) بالتشديد على المشهور؛ أي: راح أول الوقت، (وابتكر) أي: أدرك أول الخطبة ورجحه العراقي، وقيل: كرره للتأكيد، وبه جزم ابن العربي.

وقال الجزري في "النهاية": بكّر أتى الصلاة في أول وقتها؛ فكل من أسرع إلى شيء .. فقد بكّر إليه، وأما ابتكر .. فمعناه أدرك أول الخطبة، وأول كل شيء باكورته، وابتكر الرجل إذا أكل باكورة الفواكه، وقيل: معنى اللفظتين واحد، وإنما كرر للمبالغة والتوكيد؛ كما قالوا: أجاد مجد. انتهى وزاد أبو داوود وغيره في رواياتهم: "ومشى ولم يركب"(ودنا)، زاد أبو داوود وغيره:(من الإمام، واستمع) أي: الخطبة، (وأنصت) تأكيد، (بكل خطوة) -بفتح الخاء وتُضم-: بعد ما بين القدمين، (صيامها وقيامها) بدل من سنة. انتهى "تحفة الأحوذي".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود والنسائي والترمذي، وقال: هذا حديث حسن، ورواه أحمد وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحهما"، والحاكم وصححه، وفي "المرقاة": قال النووي إسناده جيد، نقله ميرك، وقال بعض الأئمة: لم نسمع في الشريعة حديئا صحيحًا مشتملًا على مثل هذا الثواب. انتهى، انتهى "تحفة الأحوذي".

ص: 56

(15)

-1063 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: "مَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ .. فَلْيَغْتَسِلْ".

===

فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد له بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(15)

-1063 - (2)(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير) الهمداني.

(حدثنا عمر بن عبيد) بن أبي أمية بن أبي لبيبة -بفتح أوله - الطنافسي الكوفي، صدوق، من الثامنة، مات سنة خمس وثمانين ومئة، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).

(عن أبي إسحاق) السبيعي عمرو بن عبد الله الكوفي، ثقة، من الثالثة، مات سنة تسع وعشرين ومئة، وقيل قبل ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن نافع، عن ابن عمر) رضي الله عنهما.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(قال) ابن عمر: (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: "من أتى الجمعة .. فليغتسل").

قوله: (على المنبر) وهو شيء مرتفع له ثلاث درج فأكثر، سواءٌ كان منقولًا أم لا، وسواء كان من خشب أم لا، قال في "القاموس": نبر الشيء رفعه، ومنه المنبر بكسر الميم.

قوله: "من أتى الجمعة" أي: من أراد أن يأتي الجمعة، و"من" من صيغ

ص: 57

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

العموم، فتشمل الرجال والنساء والصبيان والأحرار والعبيد، وقد صُرّح به في رواية عثمان بن واقد عند أبي عوانة وابني خزيمة وحبان في "صحاحهم"، ولفظهم:"من أتى الجمعة من الرجال والنساء .. فليغتسل" ومن لم يأتها .. فليس عليه غُسل، وهو الأصح عند الشافعية، وبه قال الجمهور، خلافًا لأكثر الأحناف. انتهى من "الإرشاد".

قوله: "من أتى الجمعة " أي: من أراد إتيان صلاتها وحضورها .. "فليغتسل" ندبًا لَا وجوبًا، وقد عُلم من تقييد الغسل بالإتيان أن الغسل للصلاة لا لليوم، وهو مذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة رحمهم الله تعالى، فلو اغتسل بعد الصلاة .. لم يكن للجمعة، ولو اغتسل بعد الفجر .. أجزأه عند الشافعية والحنفية، خلافًا للمالكية والأوزاعي، وفي حديث إسماعيل بن أمية عن نافع عند أبي عوانة وغيره: كان الناس يغدون في أعمالهم، فإذا كانت الجمعة .. جاؤوا وعليهم ثياب متغيرة، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"من جاء منكم الجمعة - أي: أراد مجيئها - فليغتسل" فأفاد سبب الحديث، واستدل به المالكية على أنه يُعتبر أن يكون الغُسل متصلًا بالذهاب؛ لئلا يفوت الغرض؛ وهو رعاية الحاضرين من التأذي بالروائح حال الاجتماع، وهو غير مختص بمن تلزمه الجمعة. انتهى منه.

قوله: "فليغتسل" قال السندي: ظاهر الأمر الوجوب، لكن حمله الجمهور على الندب توفيقًا بينه وبين ما يدل على الندب، وحملوا ما جاء من صريح الوجوب على الندب المؤكد، أو على النسخ. انتهى منه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الجمعة، باب فضل غسل يوم الجمعة، رقم (877)، ومسلم (2/ 579) في كتاب الجمعة، رقم (844)، والنسائي رقم (3/ 93)، والبيهقي.

ص: 58

(16)

- 1064 - (3) حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَبِي سَهْلٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى

===

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أوس بن أوس بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(16)

- 1064 - (3)(حدثنا سهل بن أبي سهل) زنجلة الرازي أبو عمرو الخياط الحافظ، صدوق، من العاشرة، مات في حدود الأربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(ق).

(حدثنا سفيان بن عيينة) الهلالي الكوفي ثم المكي، ثقة، من الثامنة، مات سنة ثمان وتسعين ومئة (198 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن صفوان بن سليم) المدني أبي عبد الله الزهري مولاهم، ثقة مفت عابد، رمي بالقدر، من الرابعة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عطاء بن يسار) الهلالي مولاهم مولى ميمونة أم المؤمنين، ثقة فاضل صاحب مواعظ وعبادة، من صغار الثانية، مات سنة أربع وتسعين (94 هـ)، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن أبي سعيد الخدري) سعد بن مالك رضي الله عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا غُسل يوم الجمعة واجب على

ص: 59

كُلِّ مُحْتَلِمٍ".

===

كل محتلم") أي: بالغ؛ أي: متأكد الندب في حقه؛ كما يقول الرجل لصاحبه: حقك واجب عليّ؛ أي: متأكد، لا أن المراد الواجب المتحتم المعاقب عليه. انتهى "سندي".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الأذان، باب وضوء الصبيان ومتى يجب عليهم الغُسل والطهور، رقم (858)، ومسلم في كتاب الجمعة، باب وجوب غُسل الجمعة على كل بالغ، رقم (846)، وأبو داوود في كتاب الطهارة، باب في الغُسل يوم الجمعة، رقم (341)، والنسائي في كتاب الجمعة، باب إيجاب الغُسل يوم الجمعة، رقم (1376)، ومالك في "الموطأ" في كتاب الجمعة، باب العمل في غُسل يوم الجمعة، رقم (4) والخطيب في "تاريخ بغداد"، والبيهقي في "السنن الكبرى".

فالحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.

قوله: "واجب" أي: حق مؤكد "على كل محتلم" أي: في حق كل بالغ، وليس المراد: أنه الواجب المتحتم المعاقب عليه، بل المراد بالواجب هنا المندوب؛ لأنهم كانوا يلبسون الصوف، ويتأذى بعضهم برائحة بعض، فعبّر عنه بلفظ الواجب؛ ليكون أدعى إلى الإجابة.

فإن قلت: إن قوله: "على كل محتلم" أي: بالغ .. يشير إلى أن المراد بالواجب هو الواجب الاصطلاحي، وإلا .. لكان القيد به عبثًا.

قلنا: ذكره؛ لأن الغسل غالب فيه، لا للاحتراز عن غيره، كذا في "المبارق".

قال القرطبي: وخص المحتلم بالذكر؛ لأن الاحتلام أكثر ما يبلغ به الرجال، وهو الأصل، وهذا مثل ما قال في حق النساء: "لا تقبل صلاة حائض إلا

ص: 60

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

بخمار، يعني بالحائض: البالغة من النساء، وخصها به؛ لأن الحيض أغلب ما يبلغ به النساء من علامات البلوغ، وفيه دليل على أن الجمعة لا تجب على صبي ولا امرأة؛ لأنه بتن محل وجوبها. انتهى من "المفهم".

وقال القرطبي أيضًا: وهذا الحديث ظاهر في وجوب غُسل الجمعة، وبه قال أهل الظاهر، وحكي عن بعض الصحابة وعن الحسن وحكاه الخطابي عن مالك، لكن معروف مذهبه وصحيحه: أنه سنة، وهو مذهب عامة أئمة الفتوى، وحملوا تلك الأحاديث على أنه واجب وجوب السنن المؤكدة؛ ودلهم على ذلك أمور خمسة:

أحدها: قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة: "من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت .. غُفر له" فدل على أن الوضوء كافٍ من غير غُسل، وأن الغُسل ليس بواجب.

وثانيها: قوله صلى الله عليه وسلم لهم حين وُجد منهم الريح الكريهة: "لو اغتسلتم ليومكم هذا"، وهذا عرض وتحضيض وإرشاد للنظافة المستحسنة، ولا يُقال مثل ذلك اللفظ في الواجب.

وثالثها: تقرير عمر والصحابة لعثمان رضي الله عنه على صلاة الجمعة بالوضوء من غير غُسل، ولم يأمروه بالخروج، ولم ينكروا عليه، فصار ذلك كالإجماع منهم على أن الغُسل ليس بشرط في صحة الجمعة ولا واجب فيها.

ورابعها: ما يقطع مادة النزاع ويحسم كل إشكال حديث الحسن عن سمرة رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من توضأ يوم الجمعة .. فبها ونعمت، ومن اغتسل .. فالغُسل أفضل" رواه أبو داوود والترمذي والنسائي، وهذا نص في موضع الخلاف غير أن سماع الحسن عن

ص: 61

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

سمرة مختلف فيه، وقد صح عنه أنه سمع منه حديث العقيقة، فيحمل حديثه عنه على السماع إلى أن يدل دليل على غير ذلك، والله تعالى أعلم.

وخامسها: أنه صلى الله عليه وسلم قد قال: "غُسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم، وسواك ويمس من الطيب ما قدر عليه"، وظاهره وجوب السواك والطيب، وليس كذالك بالاتفاق، فيدل على أن قوله:"واجب" ليس على ظاهره، بل المراد الندب المتأكد؛ إذ لا يصح تشريك ما ليس بواجب مع الواجب في لفظ الواو، والله أعلم. انتهى من "المفهم".

وقد يقال: جاء تشريك ما ليس بواجب مع الواجب في كتاب الله تعالى، حيث قال:{كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} (1)، والأكل ليس بواجب، والإيتاء واجب، والله تعالى أعلم.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:

الأول للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

(1) سورة الأنعام: (141).

ص: 62