الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(70) - (347) - بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقُنُوتِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ
(166)
- 1214 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ وَحَفْصُ بْنُ غِيَالب وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ سَعْدِ بْنِ طَارِقٍ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي:
===
(70)
- (347) - (باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر)
(166)
- 1214 - (1) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الله بن إدريس) بن يزيد بن عبد الرَّحمن الأودي - بسكون الواو - أبو محمد الكوفي، ثقة فقيه عابد، من الثامنة، مات سنة اثنتين وتسعين ومئة (192 هـ). يروي عنه:(ع).
(وحفص بن غياث) - بمعجمة مكسورة وياء ومثلثة - ابن طلق بن معاوية النخعي أبو عمر الكوفي، ثقة، من الثامنة، مات سنة أربع أو خمس وتسعين ومئة (190 هـ). يروي عنه:(ع).
(ويزيد بن هارون) بن زاذان السلمي مولاهم أبو خالد الواسطي، قال أحمد: كان حافظًا متقنًا، وقال العجلي: ثقة ثبت، وقال أبو حاتم: إمام لا يسأل عن مثله، وقال في "التقريب": ثقة متقن عابد، من التاسعة، مات سنة ست ومئتين (206 هـ). يروي عنه:(ع).
كلهم رووا (عن أبي مالك الأشجعي سعد بن طارق) بن أشيم الكوفي، ثقة، من الرابعة، مات في حدود أربعين ومئة (140 هـ). يروي عنه:(م عم).
(قال) أبو مالك الأشجعي سعد بن طارق: (قلت لأبي) طارق بن أشيم - بوزن أكرم - ابن مسعود الأشجعي الكوفي الصحابي المشهور رضي الله تعالى
يَا أَبَتِ؛ إِنَّكَ قَدْ صَلَّيْتَ خَلْفَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ هَا هُنَا بِالْكُوفَةِ نَحْوًا مِنْ خَمْسِ سِنِينَ، فَكَانُوا يَقْنُتُونَ فِي الْفَجْرِ؛ فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ؛ مُحْدَثٌ.
===
عنه، له أربعة عشر حديثًا. يروي عنه:(م ت س ق). وقال (م): لَمْ يرو عنه غير ابنه.
وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(يا أبت؛ إنك قد صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان) بالمدينة، (و (صليت خلف (علي) بن أبي طالب (ها هنا) يعني (بـ) اسم الإشارة:(الكوفة) أي: صليت خلف علي ها هنا بالكوفة، فهما ظرفان متعلقان بصليت المحذوف، كذا في "شرح أبي الطيب"(نحوًا من خمس سنين) وهذا أيضًا متعلق بصليت المحذوف، (فـ) هل (كانوا) أي: فهل كان هؤلاء الخمسة (يقنتون في) صلاة (الفجر؟ ) قال أبو مالك: (فقال) لي والدي في جواب سؤالي: (أي بني) أي: حرف نداء لنداء القريب، وبُني تصغير (ابن) تصغير شفقة، وهو منادى مضاف منصوب بفتحة مقدرة على الياء المدغمة في ياء المتكلم؛ أي: فقال لي أبي: القنوت أمر (محدث) بعد هؤلاء المذكورين من النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين.
وفي رواية النسائي: (صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقنت، وصليت خلف أبي بكر فلم يقنت، وصليت خلف عمر فلم يقنت، وصليت خلف عثمان فلم يقنت، وصليت خلف على فلم يقنت، ثم قال: يا بني؛ إنها بدعة)، والحديث يدلُّ على عدم مشروعية القنوت، وقد ذهب إلى ذلك أكثر أهل العلم، كما حكاه المصنّف واختلف النافون لمشروعيَّتِهِ هل يُشرع في النوازل أم لا؟ وقد تقدم أن القول الراجح هو أن القنوت مختص
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
بالنوازل، وأنه ينبغي عند نزول النازلة إلا تخص به صلاة دون صلاة من الصلوات الخمس.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، وابن حبان في "صحيحه"، باب ما جاء في القنوت، وأحمد بن حنبل في "مسنده"، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم، وقال سفيان الثوري: إن قنت في الفجر .. فحسن، وإن لَمْ يقنت .. فحسن، وأختار ألا يقنت، ولم ير ابن المبارك القنوت في الفجر، هذا آخر كلام أبي عيسى، وحكاه العراقي عن أبي بكر وعمر وعلي وابن عباس، وقال: وقد صح عنهم القنوت، وإذا تعارض الإثبات والنفي .. قدم المثبت به؛ لما عنده من زيادة العلم، وحكاه عن أربعة من التابعين وعن أبي حنيفة وابن المبارك وأحمد وإسحاق. انتهى "تحفة الأحوذي".
قال أبو عيسى أيضًا: واختلف أهل العلم في القنوت في صلاة الفجر: فرأى بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم القنوت في صلاة الفجر، وهو قول الشافعي، وقال أحمد وإسحاق: لا يقنت في الفجر إلَّا عند نازلة تنزل بالمسلمين، فإذا نزلت نازلة بالمسلمين .. فللإمام أن يدعو لجيوش المسلمين. انتهى كلامه.
إذا تقرر لك هذا .. فقد علمت أن الحق ما ذهب إليه من قال: إن القنوت مختص بالنوازل، وأنه ينبغي عند نزول النازلة إلا تخص به صلاة دون صلاة، وقد ورد ما يدلُّ على هذا الاختصاص من حديث أنس عند ابن خزيمة، ومن حديث أبي هريرة عند ابن حبان بلفظ: (كان لا يقنت إلَّا أن يدعو لأحد أو
(167)
- 1215 - (2) حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ بَكْرٍ الضَّبِّيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْلَى زُنْبُورٌ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ
===
يدعو على أحد)، وأصله في "الصحيحين". انتهى كلام الشوكاني. انتهى من "تحفة الأحوذي".
ودرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استأنس المؤلف رحمه الله تعالى للترجمة بحديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها، فقال:
(167)
- 1215 - (2)(حدثنا حاتم بن بكر) بن غيلان (الضبي) أبو عمرو البصري الصيرفي، مقبول، من الحادية عشرة. يروي عنه:(ق).
(حدثنا محمد بن يعلى) السلمي أبو ليلى الكوفي، لقبه (زنبور) -بضم الزاي والموحدة بينهما نون ساكنة آخره راء - ضعيف، من التاسعة، مات بعد المئتين. يروي عنه:(ت ق).
(حدثنا عنبسة بن عبد الرَّحمن) بن عنبسة بن سعيد بن العاص الأموي، متروك رماه أبو حاتم بالوضع، من الثامنة. يروي عنه:(ت ق).
(عن عبد الله بن نافع) مولى ابن عمر المدني، ضعيف، من السابعة، مات سنة أربع وخمسين ومئة (154 هـ). يروي عنه:(ق).
(عن أبيه) نافع مولى ابن عمر، ثقة، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومئة، أو بعد ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن أم سلمة) رضي الله تعالى عنها، ولا يصح لنافع سماع من أم سلمة.
قَالَتْ: نُهِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْقُنُوتِ فِي الْفَجْرِ.
(168)
-1216 - (3) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ،
===
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف جدًّا؛ لأن فيه محمد بن يعلي، وعنبسة بن عبد الرَّحمن، وعبد الله بن نافع، فكلهم ضعفاء متروكون، ولم يثبت لنافع سماعه من أم سلمة.
(قالت) أم سلمة: (نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبناء للمفعول وهو الظاهر؛ أي: نهاه ربه (عن القنوت في) صلاة (الفجر) وهذا إشارة إلى ما جاء أنه صلى الله عليه وسلم كان يدعو على بعض المشركين، فنزل قوله تعالى:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} (1)، ويحتمل بناء (هي) للفاعل.
وهذا الحديث شاذ مخالف لما روي في "الصحيحين" من حديث أبي هريرة ومن حديث أنس بن مالك، فهذا ضعيف جدًّا سندًا، موضوع متنًا (10)(137)، غرضه: الاستئناس به للترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث طارق بن أشيم بحديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(168)
-1216 - (3)(حدثنا نصر بن علي) بن نصر (الجهضمي) البصري، ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة خمسين ومئتين، أو بعدها. يروي عنه:(ع).
(حدثنا يزيد بن زريع) - مصغرًا - التيمي العيشي أبو معاوية البصري، ثقة،
(1) سورة آل عمران: (128).
حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ يَدْعُو عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ شَهْرًا ثُمَ تَرَكَ.
===
من الثامنة، مات سنة اثنتين وثمانين ومئة (182 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا هشام) بن حسان الأزدي القردوسي أبو عبد الله البصري، كان نازلًا في القراديس؛ وهم بطن من الأزد، نزلوا في البصرة، فنسب إليهم كما في "اللباب"، ثقة، من السادسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة (148 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن قتادة) بن دعامة السدوسي البصري، ثقة مدلس، من الرابعة، مات سنة بضع عشرة ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن أنس بن مالك) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقنت في صلاة الصبح) حالة كونه (يدعو على حي) أي: قبيلة (من أحياء العرب) وقبائلهم؛ أي: كان يقنت (شهرًا) كاملًا، (ثم) بعدما كمَّل شهرًا (ترك)، وهذا قنوت النازلة لا القنوت الراتب، وأما أصل القنوت في الصبح .. فلم يتركه حتى فارق الدنيا، كذا صح عن أنس رضي الله تعالى عنه، كما رواه مسلم.
قال السندي: قوله: (على حي من أحياء العرب) أي: على قبائل من قبائل العرب، والحي القبيلة من العرب، والجمع أحياء وهو عُصيَّة ورِعْل وذكوان، وهم الذين قتلوا أصحاب بئر معونة، وقال النووي في "شرح المهذب": القنوت في الصبح مذهبنا، وبه قال أكثر السلف ومَنْ بعدهم، وقد عَرَفتَ مُتَمسكاتِهم وما فيها. انتهى.
(169)
- 1217 - (4) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا رَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأْسَهُ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ .. قَالَ: "اللَّهُمَّ؛ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ،
===
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب المغازي، باب غزوة الرجيع وذكوان، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب القنوت في جميع الصلوات إذا نزلت بالمسلمين مصائب؛ كغلبة الكفار، والقحط، والوباء، في جميع الصلوات، والنسائي في كتاب التطبيق، باب اللعن في القنوت، باب ترك القنوت، وأحمد بن حنبل في "مسنده".
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، ولصحة سنده وللمشاركة فيه.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث طارق بن أشيم بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(169)
- 1217 - (4)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب) بن حزن المخزومي المدني، ثقة فقيه، من الثانية، من كبار التابعين، مات بعد التسعين. يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) أبو هريرة: (لما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه) من ركوع الركعة الثانية (من صلاة الصبح) وفرغ من ذكر الاعتدال .. قنت قنوت النازلة، و (قال) في قنوته: (اللهم؛ أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام،
وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، وَالْمُسْتَضْعَفِينَ بِمَكَّةَ، اللَّهُمَّ؛ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ وَاجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ".
===
وعياش بن أبي ربيعة) من شر الكفار وأذاتهم، ودعاؤه صلى الله عليه وسلم لهؤلاء الثلاثة بالنجاة؛ لأنهم كانوا أسارى بأيدي الكفار، وحديثهم عند أهل السير مشهور، فلا نطيل بذكره، وقوله:(و) أنج جميع (المستضعفين) من المسلمين المحصورين (بمكة) المكرمة، تعميم بعد تخصيص، قال ابن الملك: قاله النبي صلى الله عليه وسلم حين هاجر من مكة وهم بقوا فيها. انتهى.
وقوله: (أنج) من النجاة، والهمزة للتعدية، وقد عُدِّي بالتضعيف أيضًا من النجوة؛ وهو المرتفع من الأرض، وهؤلاء المدعو لهم هم قوم من أهل مكة أسلموا، ففتنهم أهل مكة وعذبوهم وبعد ذلك نجوا منهم وهاجروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وفي هذا دعاء للمعين وغيره، قال النووي: وفيه استحباب القنوت والجَهْرِ بِهِ، وأنه بعد الركوع، وأنه يَجْمعُ بينَ قوله: سمع الله لمن حمده وربنا لك الحمد، وفيه جوازُ الدعاء لإنسان معين وعلى معيَّن. انتهى.
وكان صلى الله عليه وسلم يقول في الدعاء على الكفار: (اللهم؛ اشدد وطأتك) أي: نكايتك وعقوبتك، بهمزة وصل في اشدد، وفتح الواو وسكون الطاء في قوله: وطأتك؛ أي: اشدد عقوبتك (على) كفار قريش أولاد (مضر) اسم قبيلة؛ يعني: خذهم أخذًا شديدًا (واجعلها) أي: واجعل الوطأة أو السنين أو الأيام (عليهم) أي: على كفار مضر (سنين) كما هو مصرَّح في الرواية الآتية في رواية البخاري (كسني يوسف) بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى السلام؛ يعني بها: السبع الذي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ذكرها في قوله تعالى: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ} (1)، فاستجيب له صلى الله عليه وسلم، فأجدبوا سبعًا أكلوا فيها كلّ شيء حتى أكلوا الميتة والعظام، وكان الواحد منهم يرى بينه وبين السماء دخانًا من شدة الجوع حتى جاء أبو سفيان أبو معاوية - وهو يومئذ كافر - فكلم النبي صلى الله عليه وسلم، فدعا لهم فسقوا، كما بسطنا الكلام على هذه القصة في "تفسيرنا" في سورة الدخان.
وقوله: "سنين" جمع سنة، وفيه شذوذان؛ تغييره من الفتح إلى الكسر، وكونه جمعًا لغير عاقل، وحكمه أيضًا مخالف لجمع السلامة في جواز إعرابه كمسلمين بالحروف وبالحركات على النون، وكونه منونًا وغير منون، منصرفًا وغير منصرف، والسنة كما ذكره أهل اللغة: الجَدْبُ، يقال: أخذتهم السنة إذا أجدبوا أو أقحطوا، قال ابن الأثير: وهي من الأسماء الغالبة نحو الدابة في الفرس والمال في الإبل، وقد خَصُّوها بقَلْبِ لامِها تاء في أَسْنَتُوا إِذَا أَجْدَبُوا. انتهى.
قال القرطبي: والذي استقر عليه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في القنوت ما رواه الدارقطني (2/ 41) بإسناد صحيح عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في صلاة الغداة حتى فارق الدنيا). انتهى منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في مواضع كثيرة؛ منها في كتاب الأذان، ومنها في كتاب الاستسقاء، ومنها في كتاب الجهاد إلى غير ذلك، ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب القنوت في جميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة، وأبو داوود في كتاب الصلاة أبواب الوتر،
(1) سورة يوسف: (48).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
باب القنوت في الصلوات، والنسائي في كتاب التطبيق، والدارمي والدارقطني.
فدرجة هذا الحديث: أنه في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:
الأول: حديث طارق بن أشيم، ذكره للاستدلال.
والثاني: حديث أم سلمة، ذكره للاستئناس؛ لأنه موضوع.
والثالث: حديث أنس، ذكره للاستشهاد.
والرابع: حديث أبي هريرة، ذكره للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم