الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
201 - باب من نسي أن يتشهد وهو جالس
949 -
عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إذا قام الإمام في الركعتين؛ فإن ذَكَرَ قبل أن يستويَ قائمًا فليجلسْ؛ فإن استوى قائمًا فلا يجلس، ويسجد سَجْدَتِي السهو".
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا الحسن بن عمرو عن عبد الله بن الوليد عن سفيان عن جابر قال: ثنا المغيرة بن شُبَيْلٍ الأحْمَسِيُّ عن قيس بن أبي حازم عن المغيرة بن شعبة.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير جابر -وهو ابن يزيد الجعفي-، وهو ضعيف، لكنه قد توبع كما يأتي.
وقد أشار إلى ضعف جابر قول المصنف -في بعض النسخ عقب الحديث-: "قال أبو داود: وليس في كتابي عن جابر الجعفي إلا هذا الحديث".
والحديث أخرجه ابن ماجة (1/ 365)، والطحاوي (1/ 255)، والدارقطني (145)، والبيهقي (2/ 343)، وأحمد (4/ 253) من طرق أخرى عن سفيان
…
به.
وتابعه شعبة عن جابر
…
به.
أخرجه الطحاوي.
ولجابر متابعون:
الأول: قيس بن الربيع عن المغيرة بن شبيل
…
به.
أخرجه الطحاوي؛ وقيس ضعيف أيضًا؛ لكنه أحسن حالًا من جابر.
والثاني: إبراهيم بن طهمان عن المغيرة بن شبيل
…
به.
أخرجه الطحاوي أيضًا قال: حدثنا ابن مرزوق قال: ثنا أبو عامر عن إبراهيم ابن طهمان.
وهذا إسناد جيد، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم؛ غير المغيرة بن شبيل، وهو ثقة.
وابن مرزوق: اسمه محمد بن محمد بن مرزوق الباهلي، وهو مع كونه من شيوخ مسلم؛ ففيه كلام من قبل حفظه، وفي "التقريب":
"صدوق له أوهام".
ولقيس بن أبي حازم متابعون، يأتي بعضهم في الكتاب. ولذلك؛ فالحديث صحيح بلا ريب.
950 -
وعن زياد بن عِلَاقة قال:
صلَّى بنا المغيرة بن شعبة؛ فنهض في الركعتين. قلنا: سبحان الله. قال: سبحان الله، ومضى. فلما أتم صلاته وسلم؛ سجد سجدتي السهو، فلما انصرف قال:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع كما صنعتُ.
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا عبيد الله بن عمر الجُشَمِيُّ: ثنا يزيد بن هارون: أخبرنا المسعودي عن زياد بن علاقة.
قال أبو داود: "وكذلك رواه ابن أبي ليلى عن الشعبي عن المغيرة بن شعبة
…
رفعه. ورواه أبو عميس عن ثابت بن عبيد قال: صلى بنا المغيرة بن شعبة
…
مثل حديث زياد بن علاقة".
قال أبو داود: "أبو عميس أخو السعودي".
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير المسعودي -واسمه عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الكوفي-، وهو ثقة، لكنه كان اختلط في آخره؛ قال الحافظ:
"وضابطه أن من سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط".
والحديث أخرجه البيهقي (2/ 338) من طريق المصنف.
وأخرجه الدارمي (1/ 353)، وأحمد (4/ 247 و 253): ثنا يزيد بن هارون
…
به.
وتابعه الطيالسي فقال في "مسنده"(1/ 110 / 508): حدثنا المسعودي
…
به.
ومن طريقه: أخرجه الطحاوي.
وأخرجه الترمذي (2/ 201) من طريق الدارمي، وقال:
"حديث حسن صحيح. وقد روي من غير وجه عن المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم".
قلت: ولعل تصحيح الترمذي هذا من أجل تلك الوجوه التي أشار إليها؛ وإلا فقد عرفت حال المسعودي.
ومن وجوه الحديث ما تقدم قبله، لكن ليس فيه: وسلم؛ إلا أنه قد جاء ذلك في حديث عامر الشعبي الذي علقه المصنف عن ابن أبي ليلى.
وقد وصله الترمذي (2/ 198 - 199)، والبيهقي (2/ 344)، وأحمد (4/ 248) من طرق صحيحة عن ابن أبي ليلى
…
به. وقال الترمذي:
"وقد تكلم بعض أهل العلم في ابن أبي ليلى من قبل حفظه".
قلت: فمثله يستشهد به، ولا يحتج به إذا تفرد، وهو هنا قد توبع كما عرفت؛ فالحديث حسن بمجموع الطريقين، وذلك بخصوص زيادة السلام فيه. وأما أصل الحديث؛ فصحيح؛ لما سبق بيانه في الطريق الأولى.
ويزيده قوة أنه رواه علي بن مالك الرُّؤاسيُّ من -أنفسهم- قال: سمعت عامرًا يحدث
…
فذكره: أخرجه الطحاوي.
وعلي هذا؛ قال ابن أبي حاتم (3/ 203) عن أبيه:
"ليس بالقوي".
(تنبيه): قد أخرح البيهقي (2/ 355) من طريق محمد بن عمران بن أبي ليلى: ثنا أبي: ثنا ابن أبي ليلى قال: حدثني الشعبي
…
به مختصرًا؛ بلفظ:
أن النبي صلى الله عليه وسلم تشهد بعد أن رفع رأسه من سجدتي للسهو. وقال:
"تفرد به محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الشعبي، ولا يفرح بما يتفرد به".
قلت: وهو عندي -بزيادة التشهد- منكر؛ لأنه تفرد به دون الطرق الصحيحة المشار إليها عن ابن أبي ليلى: ابنه عمران بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى؛ وليس بالمشهور، لم يوثقه غير ابن حبان.
951 -
قال أبو داود: "وفعل سعد بن أبي وقاص مثلما فعل المغيرة".
(قلت: وصله الطحاوي بإسناد صحيح عنه من رواية قيس بن أبي حازم قال:
صلى بنا سعد بن مالك، فقام في الركعتين الأوليين، فقالوا: سبحان الله. فقال: سبحان الله، فمضى. فلما سلم سجد سجدتي السهو: رواه الحاكم مرفوعًا، وصححه على شرط الشيخين، يوافقه الذهبي).
وصله الطحاوي (1/ 256): حدثنا سليمان قال: ثنا عبد الرحمن قال: ثنا شعبة عن بَيَانٍ أبي بشر الأحْمَسِيِّ قال: سمعت قيس بن أبي حازم.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير شيخ الطحاوي -وهو سليمان بن شعيب الكِسَائي المصري-، وعبد الرحمن -وهو ابن زياد الرَّصَاصِي-، وهما ثقتان.
وتابعه إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم
…
به نحوه، دون قوله: فلما سلم. وقال: ثم سجد سجدتي السهو حين انصرف، وقال:
أكنتم تروني كنت أجلس؟ ! إنما صنعت كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع.
أخرجه الحاكم (1/ 322 - 323)، والبيهقي (2/ 344). وقال الحاكم:
"صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي.
قلت: وله شاهد من حديث يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن شِمَاسَةَ قال:
صلى بنا عقبة بن عامر، فقام وعليه جلوس، فقال الناس وراءه: سبحان الله! فلم يجلس، فلما فرغ من صلاته؛ سجد سجدتين وهو جالس، فقال: إني
سمعتكم تقولون: سبحان الله! كي أجلس؛ وليس تلك السنة، إنما السنة؛ التي صنعت.
أخرجه ابن حبان (534)، والحاكم (1/ 325)، وعنه البيهقي (2/ 344)، وابن أبي شيبة (2/ 35)، والطبراني في "المعجم الكبير" (17/ 313 - 314) من طرق عنه. وقال الحاكم:
"صحيح على شرط الشيخين"! ووافقه الذهبي!
وإنما هو على شرط مسلم فقط؛ فإن ابن شِماسة لم يخرج له البخاري.
وله شاهد آخر من حديث سعد بن أبي وقاص: رواه للطحاوي (1/ 256)؛ وفيه:
فلما سلَّم؛ سجد سجدتي السهو.
وسنده جيد.
ورواه ابن خزيمة في "صحيحه"(1032)، والبيهقي أيضًا.
952 -
وعمران بن حصين.
(قلت: وصله الطحاوي عنه قال:
في سجدتي السهو يسلم، ثم يسجد، ثم يسلم.
ورجال إسناده ثقات).
وصله الطحاوي (1/ 256): حدثنا أبو بكرة قال: ثنا أبو عمر قال: أنا حماد ابن سلمة أن خالد الحذاء أخبرهم عن أبي قِلابة عن عمران بن حصين.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ فهو صحيح إن كان أبو قلابة سمعه من
عمران؛ فإن المعروف أنه يروي عنه بواسطة عمه أبي المُهَلَّبِ، كما تقدم في الحديث (933)، ثم هو موصوف بشيء من التدليس. والله أعلم.
وأبو عمر: هو حفص بن عمر الضرير الأكبر البصري.
953 -
وابن عباس أفتى بذلك. قال أبو داود: "هذا فيمن قام من ثنتين".
(قلت: وصله الطحاوي عنه قال: سجدتا السهو بعد السلام. وسنده حسن).
وصله الطحاوي (1/ 256) من طريق قُرَّةَ بن عبد الرحمن عن عمرو بن دينار حدثه عن عبد الله بن عباس.
قلت: وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى، رجاله كلهم ثقات؛ غير قرة بن عبد الرحمن؛ قال الحافظ:
"صدوق له مناكير".
قلت: وهذا الذي رواه عن ابن عباس ليس منكرًا من مناكيره؛ فإنه موافق للآثار والأحاديث التي قبله؛ ولذلك أوردته هنا، ولولا ذلك؛ لكان حقه أن أورده في الكتاب الآخر؛ فإنه من شرطه.
وقد ورد عن ابن عباس مرفوعًا عن النبي صلى الله عليه وسلم ومضى برقم (948).
954 -
عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"لكل سهوٍ سجدتان بعدما يسلِّمُ".
(قلت: إسناده حسن، وكذا قال ابن التركماني، وقوّاه الصنعاني).
إسناده: حدثنا عمرو بن عثمان والربيع بن نافع وعثمان بن أبي شيبة وشجاع ابن مَخْلَدٍ -بمعنى الإسناد- أن ابن عياش حدثهم عن عبيد الله بن عبيد الكَلَاعي عن زهير -يعني: ابن سالم العَنْسِيَّ عن عبد الرحمن بن جُبَيْرِ بن نُفَيْرٍ قال عمرو وحده- عن أبيه عن ثوبان.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات؛ غير زهير بن سالم -وهو العنسي الشامي-؛ قال الدارقطني:
"حمصي منكر الحديث، روى عن ثوبان، ولم يسمع منه".
قلت: هذا الحديث قد رواه عن عبد الرحمن بن جبير عن ثوبان في رواية الجماعة عن ابن عياش عنه، وأدخل عمرو بن عثمان بين عبد الرحمن بن جبير وثوبان: أباه جبير بن نفير؛ وخالفه الجماعة فلم يذكروه بينهما.
وروايتهم أولى، وهي موصولة على كل حال. وقد ذكر زهيرًا هذا: ابن حبان في "الثقات"، وروى عنه جماعة؛ فهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى.
وقد أُعِلَّ الحديث بعلة أخرى لا تقدح كما يأتي.
والحديث أخرجه البيهقي (2/ 337) من طريق المصنف.
ومن طريق أخرى عن عمرو بن عثمان وحده.
وأخرجه ابن ماجة (1/ 368): حدثنا هشام بن عمار وعثمان بن أبي شيبة قالا: ثنا إسماعيل بن عياش
…
به مثل رواية الجماعة.
وقال أحمد (5/ 5 / 280): ثنا الحكم بن نافع: ثنا إسماعيل بن عياش
…
به مثل رواية عمرو بن عثمان.
وقال الطيالسي (1/ 109 / 505): حدثنا إسماعيل بن عياش
…
به مثل رواية
الجماعة؛ إلا أنه قال: عن زهير بن سَلَّام وابن بشار عن عبد الرحمن بن جبير عن ثوبان.
ولم أعرف ابن بشار هذا! وقال البيهقي.
"وهذا إسناد فيه ضعف"! وتعقبه ابن التركماني بقوله:
"أخرجه أبو داود، وسكت عنه، فأقل أحواله أن يكون حسنًا عنده على ما عرف، وليس في إسناده من تكلم -فيه فيما علمت- سوى ابن عياش، وبه عَلَّلَ البيهقي الحديث في "كتاب المعرفة"، فقال: ينفرد به إسماعيل بن عياش؛ وليس بالقوي. انتهى كلامه. وهذه العلة ضعيفة؛ فإن ابن عياش روى هذا الحديث عن شامي؛ وهو عبيد الله الكَلَاعي، وقد قال البيهقي في (باب ترك الوضوء من الدم): ما روى ابن عياش عن الشاميين صحيح. فلا أدري من أين حصل الضعف لهذا الإسناد؟ ! ".
وتبع البيهقيَّ العسقلانيُّ، فقال في "بلوغ المرام":
"رواه أبو داود وابن ماجة بسند ضعيف"! وتعقبه الصنعاني في "شرحه"، فقال (1/ 320):
"قالوا: لأن في إسناده إسماعيل بن عياش، وفيه مقال وخلاف. قال البخاري: إذا حدت عن أهل بلده -يعني: الشاميين- فصحيح. وهذا الحديث من روايته عن الشاميين، فتضعيف الحديث فيه نظر".
وللحديث شاهد من حديث معاوية بن أبي سفيان
…
مرفوعًا بلفظ:
"من نسي شيئًا في صلاته؛ فليسجد مثل هاتين السجدتين"؛ وهو في الكتاب الآخر (191).