الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسند عبد الله بن عمر رضي الله عنه
559 - حديث "صلاةُ الليلِ مثنى مثنى
".
560 - حديث "يصلّي أحدكم مثنى مثنى
".
561 - حديث "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل مَثْنى مثنى
".
قال الشيخ جمال الدين بن هشام في تذكرته: الأعداد التي تجتمع في الذكر قسمان: قسم يؤتى به ويصح أن يضم بعضه إلى بعض، ولذلك يؤتى به نحو قوله تعالى:(فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم)[البقرة: 196]، ألا ترى إلى قوله تعالى:(تلك عشرةٌ كاملةٌ)[البقرة: 196] وكذلك (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتمناها بعشر)[الأعراف: 142] بدليل (فتمّ ميقاتُ ربه أربعين ليلةً)[الأعراف: 142].
وقال الشاعر:
تجمَّعْنَ من سبتٍ ثلاثًا وأربعًا
…
وواحدةً حتى تممْنَ ثمانِيا
وقسم يؤتى به للتقسيم لا ليضم بعضه إلى بعض، وإنما هو موضوع لمعنى الانفراد، ولاختصاص وصفه بحال دون حال، وذلك أحاد وموحد إلى رباع ومربع، فيقال: ادخلوا آحاد آحاد، ومثنى مثنى، أي واحدًا واحدًا، أو اثنين اثنين.
قال أبو طاهر حمزة، ولذلك لا يجيء اللفظ منه منفردًا غير مقترن، فلا يقال ادخلوا الآحاد، ولا اقعدوا مثنى، حتى يمتنع بغيره لتكراره في حالة، قال النبي صلى الله عليه وسلم:(صلاةُ الليلِ مثنى مثنى) أي ثنتين ثنتين، وكذلك قوله تعالى:(فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع)[النساء: 3]، المراد بها الانفراد لا الاجتماع، وذلك بحسب من يريد من العدة ما شاء.
وكذلك قوله تعالى: (أولي أجنحةٍ مثنى وثلاث ورباع)[فاطر:1]، أي منهم جماعة ذوو جناحين، وجماعة ذوو ثلاثة ثلاثة وجماعة ذوو أربعة أربعة. انتهى.
وقال الطيبي: قوله: مَثْنَى مثنى، أتى بالثاني تأكيدًا، لأن الأول مكرر المعنى، ولذلك امتنع عن الصرف.
قال في "الكشاف": وإنّما لم ينصرف لتكرار العدل فيها، قال الزجاج: أحدهما أنه معدول عن اثنين اثنين، والثاني أنه عدل في حال التكرار.
وزعم سيبويه أن عدم الصرف للعدل والصفة. انتهى.
وقال الشيخ بهاء الدين بن النحاس في "التعليقة": مَثْنى: غير منصرف لأنه معدول وصفة، أما عدله فهو معدول عن لفظ العدد مكررًا، قال الجوهري: إذا قلت: جاءت الخيل مثنى مثنى، فالمعنى اثنين اثنين، أي يجاءوا مزدوجين.
وقال المهدوي في تفسيره في قوله تعالى: (أولي أجنحةٍ مثنى وثلاث ورباعَ)[فاطر: 1].
فإن قيل تكريرهم لهذا المعنى للعدول يشعر بأنه معدول عن غير مكرر، كما جاء في الخبر:(صلاة الليل مثنى مثنى) فالجواب أن تكرير مثنى للمبالغة في التوكيد، فكأنه قيل صلاة الليل اثنتان اثنتان اثنتان اثنتان فكرر أربع مرات لأن مثنى بمنزلة اثنين مرتين، وهذا التكرير بمنزلة ضربت زيدًا زيدًا، فإذا كررت اثنين اثنين فالتكرير معنوي، لقصدك اثنين بعد اثنين، ولو كان لفظيًا كان سقوطه وثبوته واحدًا، ولا شبهة في أن المعنى يتفاوت بخلاف مثنى الثاني في الخبر، وجاز تكرير مثنى وإن قبح تكرير (اثنان) أربع مرات لأن مثنى أقصر، لأنه مفرد، وإن كان للمبالغة فلا ينفي ما ذكرنا من أنه معدول عن المكرر.
وقال أبو علي في "الإغفال": لا يوهمنا قول النحويين أنه معدول عن اثنين اثنين أنهم يريدون بمثنى العدل عنهما، إنما ذلك تفسير اللفظ المعدول عنها كما يوهمون، أي يعتبرون قولهم هو خير رجل في الناس، وهما خير اثنين في الناس، أن المعنى هما خير اثنين إذا كان الناس اثنين، وخير الناس إذا كان الناس رجلاً رجلاً، فكذلك يريدون بقولهم:(مثنى) المعدول عن اثنين اثنين، أنه مراد به اثنين لا على اللفظين جميعًا، وإنما المعدول عنه لا يكون إلا اسمًا مفردًا كالمعدول، ألا ترى أن جميع المعدولات أسماء مفردة كما أن المعدول عنها كذلك؟.
قال الشيخ بهاء الدين: لقد بيّن الشيخ أبو علي كلّ البيان هنا. لأن العدل نوع من الاشتقاق، فلا يكون من كلمتين. وأما عبشمي وعبقسي فمن القلّة بحيث لا ننظر إليه، وإن اشتقّ بعض أهل اللغة من كلمتين فليس تحقيقًا عند أهل النظر. وأمّا الوصف فهذا المعدول لزم الوصفية، إذ لا يقال: جاءني ثلاث، إنما يقال: جاءني رجال ثلاث، وإنما امتنعوا من أن يجروه غير صفة لأنه معدول عن مكرر، وكما لا يجوز جاءني ثلاثة ثلاثة لأنه لا يكون إلا تابعًا لمثنى فكذلك ثلاث، فلما لم يقع إلاّ تابعًا، وصفًا أو غير وصف، كقولك خرج القوم مثنى، فكذلك قال النحاة إنه صفة، واعتدّ فيه بالوصفية فصارت سببًا، فهذا هو القول المنصور في منع صرف (مثنى) وبابه.