الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال النووي: روي على وجهين رفع الكاف وفتحها، والرفع أشهر، ومعناه: أشدّهم هلاكًا.
وأما رواية الفتح فمعناها: هو جعلهم هالكين لا أنهم هلكوا في الحقيقة.
1256 - حديث: "والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه
".
قال الشيخ أكمل الدين: (ما) بمعنى المدة، أي مدة كون العبد في عون أخيه. ووضع المظهر موضع المضمر، إيذانًا بأن كون الرجل في عون أخيه عبودية تعبّد بها الربَّ، فإذا كان في موضع المضمر يجوز أن تكون (ما) موصولة، وتقديره: والله في عون العبد الذي كان في عون أخيه. ويجوز أن تكون زائدة، وتقديره: والله في عون العبد الذي هو في عون أخيه.
1257 - حديث: "نعم المُنيحة اللِّقْحَةُ منيحةً
"
قال أبو البقاء: (المنيحة) واللقحة: هي المخصوصة بالمدح، و " منيحة " منصوب على التمييز توكيدًا، ومثله:
فنعم الزادُ زادُ أبيك زادا
وقوله: (والشاةُ الصَّفِيُّ) معطوف على اللقحة.
وقال الطيبي: قوله (تغدو) صفة لـ (منيحة)، إما تمييز أي: مميزة عن الملبنة المطلقة، أو صفة مدح وهو أرجح الوجهين، لقوله:(نعم).
وقوله: (بإناء)، إما خبر (تغدو) أو حال، إذا كانت ناقصة، أي: تغدو ملتبسة بملء إناء.
وقال الكرماني: لم تدخل التاء على الصفي لأنها إما فعيل أو فعول، يستوي فيه المذكر والمؤنث.
وقال ابن مالك: تضمن هذا الحديث وقوع التمييز بعد فاعل (نعم) ظاهرًا، وهو مما منعه سيبويه، فإنه لا يجيز أن يقع التمييز بعد فاعل نِعْمَ وبئس إلا إذا أضمر الفاعل كقوله تعالى:(بئس للظالمين بدلاً)[الكهف: 50].
وأجاز المبرد وقوعه بعد الفاعل الظاهر، وهو الصحيح، ومن نمع وقوعه بعد الفاعل الظاهر يقول: إن التمييز فائدة المجيء به رفع الإبهام ولا إبهام إلا بعد الإضمار فتعيّن تركه مع الإظهار.
وهذا الكلام تلفيق عارٍ من التحقيق، فإن التمييز بعد الفاعل الظاهر وإن لم يرفع
إبهامًا، فإن التوكيد به حاصل فيسوغ استعماله، كما ساغ استعمال الحال مؤكدة نحو:(ولى مدبرًا)[النمل:10]، و (يوم أبعث حيا) [مريم: 33]، مع أن الأصل فيها أن تبين كيفية مجهولة، فكذا التمييز أصله أن يرفع به إبهام، نحو: له عشرون درهمًا، ثم يجاء به بعد ارتفاع الإبهام قصدًا للتوكيد، نحو: عندي من الدراهم عشرون درهمًا، ومنه قوله تعالى:(إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا)[التوبة: 36].
وقول أبي طالب:
ولقد علمت بأن دين محمد
…
من خير أديان البرية دينا
فلو لم ينقل التوكيد بالتمييز بعد إظهار فاعل "نعم" و"بئس" لساغ استعماله قياسًا على التوكيد به مع غيرهما. فكيف وقد صح نقله، وقرر فرعه وأصله.
ومنه قول امرأة عبد الله بن عمر تعنيه:
(نعم الرجل من رجلٍ لم يطأ لنا فراشًا ولم يغش لنا كنفًا).
ومن شواهد الموافقة للحديثين المذكورين، قول جرير:
تزود مثل زاد أبيك فينا
…
فنعم الزاد زاد أبيك زادا