الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1245 - حديث قصة إبراهيم والكافر:
قوله: "ثلاث كذبات "، قال أبو البقاء: الجيد فيه فتح الذال لأن مفرده اسم لا صفة، وقوله:(إنْ على الأرض مؤمنٌ غيري وغيرُك)(إنْ) هنا بمعنى (ما)، و (غير) يجوز فيها النصب على أصل باب الاستثناء، والرفع على الصفة أو البدل.
1246 - حديث: (قوله: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ طلع علينا رجل)
.
قال الطيبي في شرح المشكاة وفي اللباب: كان الأصمعي لا يستفصح إلا طرحهما، أي يطرح إذ وإذا في جواب بينا وبينما، وأنشد:
فبينا نحن نرقبه أتانا
لأن الظهر أن العامل في (بينا) هو الجواب، كما في (إذا) الزمانية على الصحيح، فيلزم تقدم ما في صلة المضاف إليه على المضاف.
قال شارحه: بينا وبينما، ظرفان متضمنان لمعنى الشرط، فلذلك اقتضيا جوابًا. والقياس أن لا يكون (إذْ) في جوابه، فعلى هذا يكون (أتانا) عاملاً في (بينا) مع أنه مضاف إليه لا يتقدم على المضاف، وفيه نظر.
وقال الطيبي: فيقال لا ريب أن عمر وأبا هريرة رضي الله عنهما كانا أفصح من الشاعر، وقد أتيا بـ (إذْ) في الحديث، فحينئذ يكون العامل معنى المفاجأة في (إذا) كما قدره صاحب الكشاف في قوله تعالى:(وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون)[الزمر: 45]،
العامل في (إذا) المفاجأة تقديره: وقت ذكر الذين من دونه فاجئوا وقت الاستبشار، فمعنى الحديث: وقت حضورنا في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجأنا وقت طلوع ذلك الرجل، فحينئذ (بينا) ظرف لهذا المقدر، و (إذا) مفعول بمعنى الوقت، فلا يلزم إذا تقدم معمول المضاف إليه على المضاف. وقد ساعد هذا قول صاحب اللباب بعد ذلك بقوله: والعامل فيهما الجواب إذا كان مجردًا من كلمتي المفاجأة وإلا فمعنى المفاجأة المتضمنة هما إياه قوله: (هما) أي إذ وإذا، و (إياه) أي ذلك المعنى، ويدل على تضمنهما معنى الشرط، الإتيان بصريح الفاء في الجواب في قوله: (بينا يضحكهم فطعنه النبي صلى الله عليه وسلم – رواه أبو داود عن أسيد بن حضير.
قوله: (الإيمانُ أن تؤمن بالله). قال الطيبي: هذا يوهم التكرار وليس كذلك، فإن قوله: أنْ تؤمن بالله مضمّن معنى أن تعترف به، ولهذا عدّاه بالباء.
وقوله: (وتصوم رمضان)، قال ابن العربي: تقديره تصوم فيه أو تصوم صومه فهو مفعول فيه أو مفعول مطلق.
وقوله: (وتحجّ البيت إن استطعت إليه) أي: إلى البيت، أو إلى الحج، لدلالة تحجّ عليه، وهو متعلق بـ (سبيلاً) لأنه بمعنى موصل ومبلغ و (سبيلاً) مفعول به لا تمييز.
قوله: (أن تعبد الله كأنك تراه)، قال الكرماني: فإن قلت ما محلّ كأنك من الإعراب، قلت: حال من الفاعل، أي: تعبد الله مشبهًا بمن تراه.
قوله: (فإنك إن لا تراه فإنه يراك)، قال أبو البقاء: كذا وقع في هذه الرواية (إنْ لا تراه) بالألف والوجه حذفها لأن (إن) لا تحتمل هنا من وجوه (إن) المكسورة إلاّ
الشرطية وهي جازمة، ويمكن تأويله على أنه أشبع فتحة الراء فنشأت الألف، وليست من نفس الكلمة، ويجوز أن يكون جعل الألف في الرفع عليها حركة مقدرة، فلما دخل الجازم حذف تلك الحركة فبقيت الألف ساذجة من الحركة، كما يكون الحرف الصحيح ساكنًا في الجزم، وعلى هذين الوجهين حمل قوله تعالى:(إنه من يتقي ويصبر)[يوسف: 90] بإثبات الياء على قراءة ابن كثير. وكذلك قول الشاعر:
إذا العجوز غضبت فطلق
…
ولا ترضاها ولا تملق
وقال ابن هشام في تذكرته: جاء في باب الجوازم إما أنه حملاً على (إذا) نحو قراءة طلحة: (فإما تريْنَ من البشر أحدًا)[مريم: 26]، حكاها في المحتسب (ومنه الحديث).
وقال ابن مالك في توضيحه في حديث البخاري في قول أبى جهل لعنه الله لصفوان: (متى يراك الناس قد تخلفت، وأنت سيد أهل الوادي، تخلفوا معك). تضمن هذا الخطاب ثبوت ألف (يراك) بعد (متى) الشرطية. وكان حقها أن تحذف فيقال: (متى يرَكَ)، كما قال الله تعالى:(إنْ ترنِ)[الكهف: 39] وفي ثبوتها أربعة أوجه:
أحدها أن يكون مضارع (راء) بمعنى (رأى) كقوله:
إذا راءنى أبدى بشاشة وجهه
…
ومضارعه (يرَاءُ) فجزم فصار (يرا)، ثم أبدلت همزته ألفًا، فثبتت في موضع الجزم، كما ثبتت الهمزة التي هي بدل منها. ومثله (أم لم ينبا) [النجم: 36]، في وقف حمزة وهشام.
الثاني: أن يكون متى شبهت بإذا فأهملت، كما شبهت إذا بمتى فأعملت، كقوله صلى الله عليه وسلم لعلي وفاطمة رضي الله عنهما:(إذا اتخذتما مضجعكما فكبرا أربعًا وثلاثين، وسبحا ثلاثًا وثلاثين، وتحمّدا ثلاثًا وثلاثين) وهو في النثر نادر، وفي الشعر كثير.
ومن تشبيه متى بإذا وإهمالها قول عائشة رضي الله عنها: (إن أبا بكر رجل أسيف، وإنه متى يقوم مقامك لا يسمع الناس). ونظير حمل متى على إذا وحمل إذا على متى حملهم إنْ على لوْ في رفع الفعل بعده، وحملهم لوْ على إنْ في الجزم بها. فمِنْ رفع الفعل بعد إنْ حملاً على لوْ، قراءة طلحة:(فإما تريْنَ من البشر أحدا)[مريم: 26]، بسكون الياء وتخفيف النون، فأثبت نون الرفع من فعل الشرط بعد إنْ مؤكدة، حملاً لها على لو.
ومن الجزم بلو حملاً على إنْ قوله:
لو يشأ طار به ذو ميعة
وقوله:
تامت فؤادك لو يحزنْك ما صنعت
زالوجه الثالث: أن يكون أجرى المعتل مجرى الصحيح، فأثبت الألف واكتفى بتقدير حذف الضمة التي كان ثبوتها منويًا في الرفع. ونظيره قول الشاعر:
وتضحك مني شيخة عبشمية
…
كأنْ لم ترى قبلي أسيرًا يمانيَا
وقوله:
ولا ترضاها ولا تملق
ومن هذا على الأظهر، قوله صلى الله عليه وسلم:"من أكل من هذه الشجرة فلا يغشانا"، وجعل الكلام بمعنى النهى جائز. وأكثر من يجرى المعتل مجرى الصحيح فيما في آخره ياء أو واو كقراءة قنبل:(إنه من يتقي ويصبر)[يوسف: 90]، وقول الشاعر:
ألم يأتيك والأنباء تنمي
وقول عائشة رضي الله عنها: (إن يقمْ مقامك يبكي).
وقوله صلى الله عليه وسلم في إحدى الروايتين: (مروا أبا بكر فلْيصلي بالناس).
وقول الشاعر:
هجوت زبان ثم جئت معتذرا
…
من هجو زبان لمْ تَهْجُو ولم تدع
والوجه الرابع: أن يكون من باب الإشباع، فتكون الألف متولدة عن إشباع فتحة الراء بعد سقوط الألف الأصلية جزمًا، وهي لغة معروفة، أعني إشباع الحركات الثلاث وتوليد الأحرف الثلاثة بعدها.
كقراءة أبي جعفر: (سواء عليهم آستغفرت لهم)[المنافقون: 6] بمد الهمزة، ومثله رواية أحمد بن صالح عن ورش (مالكي يوم الدين إياك نعبدو) [الفاتحة: 4] بإشباع ضمة الدال، وقراءة
الحسن: (سأوريكم دار الفاسقين)[الأعراف: 145]، بإشباع ضمة الهمزة، وقول الشاعر:
ومن ذم الرجال بمنتزاح
وقوله:
فظلا يخيطان الوراق عليهما
وحكى الفراء عن بعض العرب: (أكلت لحمًا شاةٍ)، يريد: لحمَ شاةٍ، فأشبع فتحة الميم وتولدت الألف من إشباع الفتحة.
وقال الكرماني: فإن قلت: (فإنه يراك)، لا يصح جزاء الشرط لأنه ليس مسبّبًا عنه. قلت: إما أن يقدر: فإن لم تكن تراه فاعتبر، أو اعتبر أنت، أو أخبرنا بأنه يراك. كما يقال في: أكرمتني فقد أكرمتك أمس. أن المراد: إنْ تعتدّ بإكرامك فاعتدّ بإكرامي، أو فإن تخبر بذلك فأخبر بهذا وهو قول النحوي، و (إمّا) أن تقدر: فإن لم تكن تراه فلا تفعل، فإنه يراك من رؤيته مستلزمة لأن لا تفعل عنه، يعني أنه مجاز في كونه جزاء والمراد لازمه وهو قول البيانيّ.
وقال الطيبي: وأما تقدير الشرط والجزاء فهو أن يقال: إن لم تعبد الله كأنك تراه فاعبد الله كأنك تراه. وتحرير المعنى: فإن لم تكن تراه كذلك أي مثل تلك الرؤية المعنوية فكن بحيث أنه يراك. وقيل: التقدير فإن لم تكن تراه فلا تغفل فإنه يراك. والأولى أن نضرب عن هذا المجال صفحًا، ونأخذ في منهل آخر، فنقول:(كأنك) إما مفعول مطلق، أو حال من الفاعل، والثاني أوجه، لأنه يحصل به للعابد حالات ثلاث،
كما إذا قلت: كأن زيدا قائم، وتصور له حالات القعود والانتصاب والقيام، فتشبه حالة الانتصاب بالقيام، لأنك بإدخال (كأن) توهم أن له حالة غير القيام، كما إذا رأى الناظر شخصًا من بعيد مترددًا بين قيامه وقعوده، ثم خيل له أنه إلى القيام أقرب فقال: كأنه قائم، أي شبه انتصابه بالقيام. كذلك في الحديث: للعبد بين يدي مولاه حالات ثلاث إحداها: حالة اشتغاله بالعبادة على سنن يسقط القضاء، من حفظ شرائطها وأركانها وهيئاتها. وحالة تمكنه من الإخلاص في القصد، وأنه بمرأى من مولاه، وهو مراقب لحركاته وسكناته، وحالة مشاهدته واستغراقه في بحار المكاشفة، وإليه لمح قوله صلى الله عليه وسلم:(وجعلت قرة عيني في الصلاة) و (أرحنا بها يا بلال)، فشبه الحالة الثانية التي هي المراقبة بحال المكاشفة التي هي من خواص سيد المرسلين في الدنيا، ووجه التشبيه حصول الاستلذاذ بالطاعة، والراحة بالعبادة، وانسداد مسالك الالتفات إلى الغير باستيلاء أنوار الكشف عليه. فقوله: فإن لم تكن تنزل من مقام المكاشفة إلى مقام المراقبة، فينبغى أن يقدر: فاعلم قولي: إنه يراك.
قوله: (متى الساعةُ) مبتدأ وخبر.
قال المظهري: (ما) نافية، بمعنى لست أنا أعلم منك ياجبريل بعلم القيامة.
قال الطيبي: فإن قلت: من حق الظاهر أن يقول: فالمسؤول عنه ليرجع الضمير إلى اللام. قلت: كما يقال: سألت عن زيد المسألة، يقال: سألته عن المسألة، فالضمير المرفوع راجع إلى اللام، والمجرور إلى الساعة.
واعلم أن الضمير في (عنها) راجع إلى الساعة، فلا بد من تقدير مضاف في السؤال والجواب، نحو وقت وأيان.
وقوله: (في خمس لا يعلمهن إلا الله).
قال الطيبي: أي علم وقت الساعة داخل في جملة خمس، وحذف متعلق الجار سائغ، كما في قوله تعالى:(في تسع آيات)[النمل: 12]، أي: اذهب إلى فرعون بهذه الآية في جملة تسع آيات، ويجوز أن يتعلق بـ (أعلم) يعني: ما المسئول عنه بأعلم من السائل فى خمس أي في علم الخمس.
وقال الكرماني: هو خبر مبتدأ محذوف، أي علم وقت الساعة في جملة خمس أو متعلق (بأعلم).
قال وقوله: ثم تلا (إن الله عنده علم الساعة)، الآية بالنصب بفعل محذوف نحو أعني الآية أو أقرأ، وبالرفع مبتدأ وخبره محذوف، أي: الآية مقروءة إلى آخرها (وبالجر) أي: إلى الآية إلى مقطعها وتمامها.
وقال زين العرب: قوله: "في خمس" قيل (في) بمعنى مع، واضطرب في وجه تعلقه بما قبله، فقيل هو جملة مستأنفة، أي: الساعة في خمس، أي: حاصلة في خمس. أو من جملة خمس أو هي معدودة في خمس. وقيل التقدير: تجد علم الساعة في خمس، أو ذكر الله ذلك في خمس. والمراد بخمس:(خمس كلمات) أي (جمل). إذ الكلمة قد تطلق على الكلمات. وقوله: (الآية) منصوبة بتقدير أعني وهو قول المؤلف. وأما الرسول عليه السلام فقد قرأ الآية.
وقوله: (فإنه جبريل)، الفاء جواب شرط مقدر، أي: إذا كنت كذلك، أي غير دار فإنه الخ.
وقوله: (أتاكم) جملة مستأنفة، و (يعلمكم) جملة حالية، أي على عزم التعليم،