الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بيوتكم)، أي اجعلوا بعض صلاتكم التي هي النوافل مؤداة في بيوتكم فقدم الثاني للاهتمام بشأن البيوت، إذ من حقها أن يجعل لها نصيب من الطاعات.
621 - حديث "لبّيك إن الحمدَ لك
".
قال أبو البقاء: الكسر أجود لأنه يحصل منه عموم استحقاق الحمد لله سبحانه سواء لبّى أم لم يلبّ. ويجوز الفتح على تقدير: (لبيك) لأن الحمد لك – وهذا ضعيف لوجهين، أحدهما: أنّ تعليل التلبية بالحمد غير مناسب لخصوصها، والثاني: أنه يصير الحمد مقصورًا على التلبية. انتهى.
وقال الخطابي: الاختيار في "إنّ" الكسرة لأنه أعم وأوسع.
وقال ثعلب: من كسر فقد عمّ، ومن فتح فقد خصّ.
وقال الكرماني: أي معنى الكسر، إن الحمد والنعمة لك على كل حال، ومعنى الفتح لبيك لهذا السبب.
قوله (والنعمة) المشهور فيه النصب، وجوّز القاضي فيه الرفع على الابتداء والخبر محذوف.
قال ابن الأنباري: وإن شئت جعلت خبر (إنّ) محذوفًا تقديره: إنّ الحمد لك والنعمة مستقرة لك.
قال الكرماني: وحاصله أن النعمة، والشكر على النعمة كليهما لله تعالى. وكذا يجوز في "الملك" أيضًا وجهان.
622 - حديث "لبَّيْك وسَعْدَيْك
".
قال القاضي عياض: معنى (لبّيك) إجابة لك بعد إجابة. وقيل: لزومًا لطاعتك وطوعًا بعد لزوم، و (سعديك) أي: إسعادًا لك بعد إسعاد. وقيل: لبيك مداومة لك على طاعتك و (وسعديك) أي: مساعدة أوليائك عليها.
وقال سيبويه: معناه: قربًا منك ومتابعة لك، ومن ألبّ فلان على كذا، إذا داوم عليه ولم يفارقه، وأسعد فلان فلانًا على أمره وساعده، قال: وإذا استعمل في حق الله تعالى فمعناه لا أنأى عنك في شيء تأمرني به وأنا متابع أمرك وإرادتك.
وقال غيره: (لبيك) لفظ مثنى عند سيبويه ومن تبعه.
وقال يونس: هو اسم مفرد، وألفه إنما انقلبت بالضمير كـ (لدى) و (على)، ورُدَّ بأنها قُلِبت ياءً مع المظهر، وعن الفراء: هو منصوب على المصدر وأصله: لَبًّا لك، فثنى على التأكيد. أي: إلْبابًا بعد إلْباب – وهذه التثنية ليست حقيقية – بل هي للتكثير والمبالغة ومعناها: إجابة بعد إجابة لازمة.
قال الأنباري: ومثله (حنانيك) أي: تحنينًا بعد تحنين وقيل: (لبيك) اتجاهي ومقصدي إليك، مأخوذ من قولهم: داري تلبّ دارك أي: اتجاهها. وقيل معناه محبين لك.
مأخوذ من قولهم: امرأة لبة، أي محبة – وقيل: إخلاصي لك- من قولهم: حب لباب. أي خالص، وقيل: أنا مقيم على طاعتك – من قولهم: لبّ الرجل بالمكان، إذا أقام به، وقيل: قربًا منك – من الإلباب وهو القرب – وقيل: خاضعًا.
وقال أبو حيان في "الارتشاف": ذهب سيبويه والجمهور إلى أن (لبيك) تثنية (لبّ) كما أن (حنانيك) تثنية (حنان). وذهب يونس إلى أنه اسم مفرد، قلبت ألفه بالإضافة إلى المضمر، كما في عليك. ولم يسمع لبًا وسمع لب، ونصبه نصب المصدر كأنه قال: إجابة.
وزعم ابن مالك إلى أنه اسم فعل وهو فاسد لإضافته، ويضاف إلى الظاهر نحو: لبى زيد، سعدى زيد، وإلى ضمير الغائب، قالوا: لبيه، ودعوى الشذوذ فيهما باطلة. والناصب في لبيك من غير لفظه، أي: أجب إجابتك. وكأنه من ألب بالمكان، إذا أقام به. وأما (سعديك) فلا يستعمل وحده بل تابعًا للبيك، ويجوز استعمال (حنانيك) وحده، والتقدير: سعد إسعادًا لأمرك. وأما (حنانيك) فالتقدير: تحنن حنانيك، أي تحنن بعد. والناصب في هذين من لفظهما، بخلاف (لبيك). والجمهور على أن هذه تثنية يراد بها التكثير، ومزاولة الفعل لا شفع الواحد. وذهب بعض النحاة إلى أنها تثنية تشفع الواحد. والكاف في (لبيك) و (سعديك) و (حنانيك) الواقع موقع الفعل.
وقال الرضي: أصل (لبيك) ألبّ لك إلْبابين، أي: أقيم لخدمتك وامتثال أمرك، ولا أبرح عن مكاني، كالمقيم في الموضع، والتثنية للتكرير كما في قوله تعالى:(ثم ارجع البصر كرّتين)[الملك: 4]، والمعنى إلْبابًا كثيرًا متتاليًا، فحذف الفعل، وأقيم المصدر مقامه، وحذف زوائده، ورد إلى الثلاثي، ثم حذف حرف الجر من المفعول، وأضيف المصدر إليه، كل ذلك ليفرغ المجيب بالسرعة من التلبية، فيتفرغ الإسماع حتى تمتثله. ويجوز أن يكون من لبّ بالمكان، بمعنى ألب، فلا يكون محذوف الزوائد. وأما قولهم: لبى يلبي، فهو مشتق من (لبيك) لأن معنى لبى: قال: لبيك – كما أن معنى سبّح، قال: سبحان الله، وسلّم وبَسْمَل، قال: سلام عليك، وبسم الله. و (سعديك) مثل (لبيك) أي: أسعدك، أي: أعينك إسعادين –إلا أن أسعد يتعدى بنفسه بخلاف ألبّ.
وقال ابن يعيش في "شرح المفصل": وأما (لبيك) و (سعديك) فهما مثنيان ولا يفرد منهما شيء، ولا يستعملان إلا مضافين لما فيهما من إرادة معنى التكثير، فكل ما تضمن لفظ التثنية ما ليس له في الأصل من معنى التكثير لزم طريقة واحدة لينبئ عن ذلك المعنى فلبيك