الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يكرر (لا) ويقال: لا كلب ولا تصاوير، ولكن لما وقع في سياق النفي جاز كقوله تعالى:(ما أدري ما يُفْعَل بي ولا بكم)[الأحقاف: 9]، وفيه من التأكيد أنه لو لم يذكر (لا) لاحتمل أن المنفي الجمع بينهما، نحو قولك: ما كلمت زيدًا ولا عمرًا، ولو حذفت لجاز أن تكلم أحدهما، لأن الواو للجمع وإعادة (لا) لإعادة الفعل.
1136 - حديث: "أقرئ السلام فإنهم ما علمتُ أعِفَّةٌ صُبُرٌ
".
قال الطيبي: (أعفّة) خبر (إنّ) و (ما علمت) معترضة، و (ما) موصولة والخبر محذوف، أي: الذي علمت منهم أنهم كذلك.
مسند أبي عياش الزُّرَقي رضي الله عنه
1137 - حديث: "من قال إذا أصبح: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. كعدل رقبة .. الحديث
".
قال الشيخ أكمل الدين: أداة الحصر في كلمة التوحيد لقصر الصفة على الموصوف قصر إفراد، لأن معناه: الألوهية منحصرة على الله الواحد في مقابلة من يدعي إشراك غيره معه. وليس بقصر قلب لأن أحدًا من الكفرة لم ينفها عن الله، وإنما أشركوا غيره معه في الألوهية.
وقوله: (وحدَه) حال مؤكدة بمعنى: منفردًا في الألوهية.
قوله: (لا شريكَ له)، بيان لذلك.
وقال في موضع آخر: حال يجوز أن تكون منتقلة ومؤكدة، وهي أولى.
وقوله: (لا شريك) بيان أن ليس المراد بالوحدة التي تقابل الكثرة، بل المراد الوحدة التي تقابل نفي الشركة، هي مبدأ الوحدة المقابل للكثرة، فتأمل. فإنه معنى غريب، انتهى.
وقال ابن دقيق العيد عن بعض المشهورين في عصره: اتفقت النحاة على أن محل (إلاّ) في هذه الكلمة محل (غير)، والتقدير: لا إله غير الله. كقول الشاعر:
وكلُّ أخٍ مفارقُه أخوه
…
لعمرُ أبيك إلا الفرقدان
أي: غير الفرقدين. وقال تعالى: (لو كان فيهما آلهةٌ إلا اللهُ لفسدتا).
قال: والذي يدل على الصحة أنّا لو حملنا (إلاّ) على الاستثناء لم يكن قولنا: (لا إله إلا الله) توحيدًا محضًا، فإن تقدير الكلام: لا إلهَ مستثنى عنهم، ولا يكون نفيًا لآلهة لا يستثنى عنهم الله، بل عند من يقول بدليل الخطاب يكون إثباتًا لذلك، وهو كفر، ولما أجمعت العقلاء على أنه يفيد التوحيد المحض وجب حمل (إلاّ) على معنى (غير). انتهى.
وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في أماليه: للنحاة في (وحدَه) مذهبان:
أحدهما: أنه مصدر فيكون العامل فيه فعلاً مضمرًا تقديره: نوحده.
الثاني: أنه حال، فيكون العامل أيضًا مضمرًا تقديره: نعبده وحده، كما يقال: لا إله إلا الله مخلصين.
وللشيخ تقي الدين السبكي تأليف يسمى (الوحدَة في معنى (وحْدَهُ))، قال فيه: مذهب جمهور النحويين منهم سيبويه والخليل: أنه اسم موضوع الحال، كأنه قال: إيحادًا، وإيحادًا موضع موحَّدًا، واختلف هؤلاء إذا قلت: رأيت زيدًا وحده، فالأكثرون يقدرونه في حال إيحادي له بالرؤية، ويعبرون عن هذا بأنه حال من الفاعل.
والمبرد يقدّره: حالاً من المفعول (لا) الفاعل.
وقال: إنه حال من المفعول ليس إلاّ، لأنهم إذا أرادوا الفاعل قالوا: مررت به وحدي.
ومنهم من يقول: (وحدَه) مصدر موضوع موضع الحال وهؤلاء يخالفون الأولين في كونه اسم مصدر.
فمن هؤلاء من يقول: إنه مصدر على حذف حروف الزيادة، أي: إيحاده، ومنهم من يقول: إنه مصدر لم يوضع له فعل.
وذهب يونس وابن هشام: إلى أنه منتصب انتصاب الظروف، فجرى مجرى (عنده)، فجاء زيد وحده، تقديره: جاء زيد على وحده، ثم حذف الحرف، ونصب على الظرف. فقولنا:(لا إله إلا الله وحده)، معناه أنا أفردناه بالوحدانية، وإذا قلت: حمدت الله وحده، أو ذكرت ربك وحده، فمعناه وتقديره عند سيبويه: موحِّدًا إياه بالحمد والذكر على أنه حال من الفاعل، والحاء في (موحّدًا) مكسورة، وعلى رأي ابن طلحة (موحِّدًا) هو، والحاء مفتوحة. وعلى رأي هشام معناه: حمدت الله وذكرته على انفراده. فهذه التقادير الصناعية الثلاثة، والمعنى لا يختلف إلاّ اختلافًا يسيرًا.