الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال في الكشاف: ضمّن (حافظون) معنى النفي، كما ضمن في قولهم: نشدتك بالله إلا فعلت، معنى ما طلبت منك إلا فعلك.
1210 - حديث: "كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم
".
قال الكرماني: (كلمتان)، أي: كلامان، والكلمة تطلق على الكلام كما يقال: كلمة الشهادة، و (الحبيبتان) المحبوبتان بمعنى المفعول، لا بمعنى الفاعل.
فإن قلت: الفعيل بمعنى المفعول، لا سيما إذا كان موصوفه مذكورًا معه، يستوي فيه المذكر والمؤنث، فما وجه لحوق علامة التأنيث؟
قلت: التسوية بينهما جائزة لا واجبة، لوجوبها في المفرد لا في المثنى، أو أنثها لمناسبة الخفيفة والثقيلة، لأنهما بمعنى الفاعلة لا المفعولة، وهذه التاء لنقل اللفظ من الوصفية إلى الاسمية، وقد يقال: هي فيما لم تقع بعد، تقول: خذ ذبيحتك - للشاة التي لم تذبح – وإذا وقع عليها الفعل فهي ذبيح.
و (سبحان) مصدر لازم النصب بإضمار الفعل وهو للتسبيح، والعلم على نوعين: علم شخص، وعلم جنس الذي للمعنى.
فإن قلت: قالوا لفظ (سبحان) واجب الإضافة، فكيف الجمع بين العلمية والإضافة؟
قلت: ينكر ثم يضاف، كما قال الشاعر:
علا زيدنا يوم النقا رأس زيدكم
فإن قلت: (وبحمده) معطوف، فما المعطوف عليه؟
قلت: الواو للحال، وتقديره: سبحت الله متلبِّسًا بحمدي له من أجل توفيقه لي للتسبيح، ونحوه.
ويحتمل أن يكون (الحمد) مضافًا إلى الفاعل، والمراد من الحمد لازمه مجازًا، وهو ما يوجب الحمد من التوفيق ونحوه، أو لعطف الجملة على الجملة، نحو: والتشبث بحمده. انتهى.
وقال الزركشي: (كلمتان) خبر مقدم، و (خفيفتان) و (ثقيلتان) صفة له، والمبتدأ قوله:(سبحان الله وبحمده) وما بعده، وإنما قدم الخبر على المبتدأ لقصد تشويق السامع إلى المبتدأ كقوله:
ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها
…
شمس الضحى وأبو إسحاق والقمر
قال السكاكي: وكون التقديم يفيد التشويق حقه تطويل الكلام في الخبر. وإلا لم يحسن ذلك الحسن، لأنه كلما كثر بذكر أوصافه الجارية عليه ازداد شوق السامع إلى المبتدأ. انتهى.
وقال القرطبي: (سبحان الله) علم لمصدر سبح، وقع موقعه فنصب نصبه، وهو لا ينصرف للتعريف، والألف والنون الزائدتين، كعثمان، ومعناه البراءة لله من كل نقص وسوء، وهو في الغالب مما لا ينفصل عن الإضافة، وقد جاء منفصلاً عنها في قول الأعشى شاذًّا:
أقول لما جاءني فخره
…
سبحان من علقمة الفاخر
وقد أشربه في هذا البيت معنى التعجب، فكأنه قال: تعجبًا من علقمة، هذا قول حذاق النحويين وأئمتهم.
وقد ذهب بعضهم إلى أن (سبحان) جمع (سباح) من سبّح في الأرض إذا ذهب فيها سبحًا وسبحانًا، وهذا كحساب وحسبان، وقيل جمع سبيح للمبالغة من التسبيح كقضيب وقُضبان، وهذان القولان باطلان، بدليل عدم صرفه، كما ذكرناه من بيت الأعشى.
وقوله: (وبحمده) متعلق بفعل محذوف دل عليه التسبيح، أي: بحمده سبحته. أي: بتفضله وهدايته، هذا قولهم، وكأنهم لاحظوا أن الحمد هنا بمعنى الشكر.
قال: والذي يظهر لي وجه آخر، وهو إبقاء معنى الحمد على أصله، وتكون الباء باء السبب، ويكون معناه: إنك موصوف بصفات الكمال والجلال، سبحك المسبحون، وعظمك المعظمون. انتهى.
وقال القاضي عياض: يقال: إن التسبيح مأخوذ من قولهم: سبح الرجل في الأرض، إذا ذهب، ومنه قيل للفرس الجواد سابح. قال تعالى:(كل في فلك يسبحون)[الأنبياء: 33] فكان التسبيح على هذا المعنى بمعنى التعجب من المبالغة في الجلال والعظمة، والبعد عن النقائص. انتهى.
وقد ألف أستاذنا شيخ الإسلام كمال الدين بن الهمام رحمه الله في إعراب هذا الحديث رسالة وهي هذه:
الحمد لله، اللهم صل على سيدنا محمد عبدك ونبيك ورسولك محمد وآله وسلم.
وبعد: فقد دخلت علي امرأة بورقة ذكرت أن رجلاً دفعها إليها، يسأل الجواب عما فيها، فإذا فيها:
سؤال عن إعراب قوله صلى الله عليه وسلم: "كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم".
هل (كلمتان) مبتدأ، و (سبحان الله) الخبر، أو قلبه؟
وهل قول من عيّن (سبحان الله) للابتداء لتصرفه صحيح أم لا؟
وهل الحديث مما تعدد فيه الخبر أم لا؟
فكتب العبد الضعيف على قلة البضاعة، وطول الترك، وعجلة الكتابة في الوقت ما نصه:
الوجه الظاهر أن (سبحان الله)
…
إلى آخره، الخبر لأنه مؤخر لفظًا، والأصل عدم مخالفة اللفظ محله، إلا لموجب يوجبه، وهو من قبيل الخبر المفرد بلا تعدد، لأن كلاًّ من (سبحان الله) مع عامله المحذوف الأول، والثاني مع معموله الثاني، إنما أريد لفظه، والجمل الكثيرة إذا أريد لفظها فهي من قبيل المفرد الجامد، ولذا لا تتحمل ضميرًا ولأنه محطّ الفائدة بنفسه بخلاف عكسه، فإنه إنما يكون محطًّا باعتبار وصفه.
ألا ترى في عكسه يكون الخبر (كلمتان)، ومن البيّن أن ليس متعلق الغرض الإخبار من النبي صلى الله عليه وسلم عن (سبحان الله) .. إلى آخره، بأنهما (كلمتان). بل بملاحظة وصفه، أعني:(خفيفتان)، (ثقيلتان)، (حبيبتان)، فكان اعتبار (سبحان الله) .. إلى آخره خبرًا أولى. فهو مثال هجّيرى أبي بكر لا إله إلا الله، ونحوه، ما أوردوه مثالاً للإخبار بالجملة التي أريد لفظها.
وأما منع كونه خبرًا أو مبتدأ بسبب لزوم نصب (سبحان الله) فإنما يصدر ممن لم يفهم معنى قوله: إنما أريد بالجملة لفظها، وعلامة إعراب الخبر في مثله ورد، وهو الرفع في محله.
فالحاصل أن كلاًّ من حيث العربية يجوز، وأما من حيث الأولوية بالنظر إلى
المعنى، فـ (كلمتان) مبتدأ موصوف بالأوصاف المختصة، ولفظ (سبحان الله) وما بعده، خبر.
وأما جعل (سبحان الله) معرفة، فإن أراد به حال كونه مرادًا به معناه، فصحيح، وتعريفه بالإضافة، وهو ما إذا كان المتكلم ذاكرًا مسبحًا، وإن أراد به حال كونه أريد به مجرد لفظه، على معنى أن الكلمتين الموصوفتين بتعلق حب الله تعالى بهما، هاتان اللفظتان اللتان هما (سبحان الله) صادرتان من مريد معناهما، وهو تنزيه الله تعالى فلا. فإن أنواع المعارف محصورة وليس هو منها، إذ لم يرد على هذا التقدير معنى الإضافة، ولا خصوص النسبة التي باعتبارها يحصل التعريف، فإن ادعى أنه من قبيل العلم، بناء على أن كل لفظ وضع ليدل على نفسه كما وضع ليدل على غيره، كما ذكره ابن الحاجب فليسلم أنه على صحة تقرير هذه الدعوى، لم يعط لهذا الوضع حكم الوضع للدلالة على غيره، ولذا لم يقل أحد بأن كل لفظ مشترك، وهو لازم من جعل كل لفظ وضع ليدل على نفسه، كما وضع ليدل على غيره.
فعلم أن إعطاء اسم المعرفة والنكرة والمشترك، وسائر الألقاب الاصطلاحية باعتبار الوضع للدلالة على غيره، والله سبحان أعلم، ثم دفعت الرقعة للمرأة، ثم بعد أن مضى على (هذا) نحو خمسة أشهر، سمعت أن بعض الإخوان ذهب بجوابي هذا مقترنًا بثلاثة أجوبة لأهل العصر، مخالفة لجوابي وجواب رابع للذاهب، إلى بعض ملوك الدنيا، لما كان من أهل العلم والفهم في الاصطلاحات، ليوقفه خطأ المخطئ، وإصابة المصيب.
وحاصل ذلك اتفاقهم على أن الوجه الذي رجحوه جعلوه متعينًا، بناء على أن محط الفائدة يتعين أن يكون (سبحان الله)
…
إلى آخره.
ومنهم من ذكر أوجهًا لإبطال قلبه، منها أن (سبحان الله) لزم الإضافة إلى مفرد فجرى مجرى الظروف، والظرف لا يقع إلا خبرًا، ولأنه ملزوم النصب، ولأنه مركب من معطوف ومعطوف عليه.
وهذه الأوجه الثلاثة يستثقل بدفعها على ما في بعضها من التحكم ما ذكرناه، من أن الكلام الواقع خبرًا إنما أريد به لفظه، ومن أمثلتهم في ابتدائية المتعاطفين إذا أريد مجرد اللفظ:(لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة).
ومنها أن (سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم) كلمة، إذ المراد بالكلمة في الحديث اللغوية، فلو جعل مبتدأ لزم
المراد اعتبار (سبحان الله وبحمده) كلمة، و (سبحان الله العظيم) كلمة بالمجموع كما يصح أن يعبر عنه بكلمة، كذلك يصح أن أعني:(سبحان الله وبحمده) و (سبحان الله العظيم) مما يستقل ذكرًا تامًّا، ويفرد بالقصد إليه، وبقوله، اعتبر كلمة، وعبر عنها بكلمتين، على أن ما ذكره غير لازم على تقدير جعل (سبحان الله) الخبر، كما هو لازم على تقدير جعله مبتدأ، لأنه كما لا يصح أن يخبر عما هو بكلمة بأنه كلمتان، كذلك لا يخبر عما هو كلمتان بما هو كلمة.
فإن الحاصل على تقدير كون (كلمتان) المبتدأ، أن الكلمتين (اللتين) هما: كذا وكذا، هما الكلمة التي هي:(سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم). وبجوابنا اندفع عن الشقين، لا بما قيل في جوابه أن (سبحان الله
…
) الخ، تضمن عطفًا فيقوم مقام المعدد، ويخبر عنه بكلمتين، وهذا إن أريد به الكائن في (وبحمده) فهو على تقدير كونه خبرًا محضًا، وإلا فإن جعل (سبحان الله) نقل إلى الإنشاء، وإن كان
إخبارًا، صيغ كصيغة العقود، كبعث، و (بحمده) مع متعلقة خبرًا لم يكن عطفًا عليه، لأن إنشاء على تقدير حذف المضاف، أي: العاطف، أي:(وسبحان الله)، وهو قليل، ومختلف فيه. وعلى تقدير صحتهما لا يندفع السؤال، فإن السائل قال: المراد بالكلمة اللغوية. فالمجموع من (سبحان الله
…
الخ) آخر لكل كلمة، ومعلوم أن وجود العطف في أثناء الكثير، لا يمنع من إطلاق لفظ كلمة عليه.
أترى قولنا: له كلمة شاعر، يعنون القصيدة، لا يصح إلا أن يكون قصيدة لم يقع في مجموعها عطف؟ أنى يكون هذا!
وحينئذ فالمجموع من المتعاطفين كلمة، فلا يخبر عنه بأنه كلمتان، ويعود السؤال، فلا يفيد إلا أن يعود إلى جواب الفقير إن شاء الله تعالى.
ومنها أن جعل المبتدأ (سبحان الله .. الخ) يفوت نكتة، وهي إرادة حصر الخبر في المبتدأ، وأنت لا يخفى عنك أن الحصر إما أن يكون بالأداة، أو بتقديم الخبر أو المعمول، والتقديم إنما هو في جعل (سبحان الله وبحمده) المبتدأ، وكلمتان الخبر، فيصير من قبيل: تميمي أنا، لا في جعل (كلمتان) المبتدأ، و (سبحان الله) الخبر، وهو مراده، إذ لا تقديم فيه، وإذا لم يكن تقديم، فإنما يجيء الحصر في المعرف بلام الجنس للاستغراق لزومًا عقليًا كقولنا: العالم زيد، إذا جعلنا (العالم) مبتدأ، واليمين على المدّعى عليه، فيفيد أنه لا يمين على غيره، بسبب جعل الكل عليه، لأنه ليس وراء الكل شيء.
وكأنه ذهب عليه أن المذكور في الحديث: الكلمتان الخفيفتان الحبيبتان: سبحان الله .. الخ. وليس بمثله بعجيب على الإنسان، كما ذهب على الذاهب بجوابي ليرى غلطه، وأني جعلت كون الفائدة في جعل (سبحان الله) مبتدأ، باعتبار
وصف الخبر لا نفسه وجهًا كرد ابتدائية (سبحان الله .. الخ)، ما ورد عليه لزوم عدم صحة: زيد رجل صالح، وأنا لست من هذا، وإنما جعلته، كما هو صريح في كتابي وجه مرجوحيته، وأولوية كونه خبرًا فليرجع إلى نظر الكتابة، غير أن النفس إذا ملئت بقصد الرد، يقع لها نحو هذا السهو في الحس.
وإذا كان المذكور في الحديث (كلمتان) بلا تعريف جنس استغراقي لم يكن حصر، بل المراد الإخبار (سبحان الله وبحمده .. الخ) عن الكلمتين الموصوفتين، كما ارتضاه الكاتبون، وجعله العبد الضعيف أولى الوجهين، أو عن (سبحان الله وبحمده) بأنهما حبيبتان إلى الرحمن، ثقيلتان في الميزان، والمعنى: أن اللفظ الذي عهدتموه وتقولونه: وهو (سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم) له من المقدار عند الله أنهما كلمتان ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن.
ولا يخفى أنه لم يرد مطلق ثقل ما ومحبة ما، لأن ذلك معلوم للمؤمنين، غير مجهول لهم في كل ذكر لله، هذا وغيره أنه كذلك، فلو أريد ذلك لم يكف الجملة الخبرية كلها مجددة فائدة عند السامعين، سواء جعلت (سبحان الله) مبتدأ، أو خبرًا بل هي حينئذ بمنزلة: النار حارة، ونحوه، ومثله يجب صون كلام البلغاء عنه. فكيف بالنبي صلى الله عليه وسلم، سواء جعلت زيادة الفائدة شرطًا لكون الجملة كلامًا، أو لم تجعله، فإن الذي لا يشترطه لا يقول إنه قد حصل فائدة زائدة، إلا أنه لا يشترطها في مسمى الكلام اصطلاحًا، وحينئذ وجب كون المراد زيادة ثقل وزيادة محبة، مما يلزم علم كل مؤمن يعلم أن للذكر ثوابًا.
وإذن ظهر أن كلاًّ من (ثقيلتان حبيبتان) و (سبحان الله وبحمده) يصلح محطّ فائدة تكون بها خبرًا، ويزداد جعل (سبحان الله) مبتدأ قدم خبره بنكتة بلاغية، لأجلها قدم الخبر، وهي التشويق إلى المبتدأ، وكلما طال الخبر حسن هذا النوع، لأنه كلما أطال
الحديث بذكر الأوصاف، ازداد الشوق إلى المحدث عنه بها، كما هو في الحديث الكريم، حيث قال:(كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن). فإن النفس كثر شوقها بذلك إلى سماع المحدَّث عنه بها، فلم يجئ (سبحان وبحمده سبحان الله العظيم)، إلا والنفس في غاية الشوق إلى سماعه، فهو مثل قوله:
ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها
…
شمس الضحى وأبو إسحاق والقمر
وهذا ما ذكره السلف الذين أعربوا (سبحان الله) مبتدأ، ولم يرتضِ من وجّه سمعَه من أهل عصرنا بمثل ما أسمعتك، وأستغفر الله من شغلي سمعك بمثله، ولولا ما فيه من كون محط الفائدة فيه يكون باعتبار الوصف الخبر كما أسلفته في الجواب، لكان أولى من جعل (كلمتان) مبتدأ. وعسى أن يكون رجوعي عنه أولى لأن مراعاة مثل هذه النكتة البلاغية هو الظاهر من تقديم الخبر حينئذ، فلا يعدل عنه بعد ظهور بطلان انحصار محطّ الفائدة في (سبحان الله)[وبهذا تم ما يتعلق بالحديث. بقي أنه وقع في نفي كون (سبحان الله)] إذا أريد لفظه معرفة، لأن المعارف أنواعها محصورة، وليس هو منها، كما هو مسطور في أصل جوابي، فارجع إليه.
ثم قلت: فإن ادعى أنه يكون من قبيل العلم بناء على أن كل لفظ وضع ليدل على نفسه، كما وضع ليدل على غيره، فليعلم أنه على تقدير صحة هذه الدعوى، لم يعط بهذا الوضع حكم الوضع لغيره. وكذا صرح بأنه لا يصيّر كل لفظ مشتركًا، وهو لازم من وضع كل لفظ ليدل على نفسه، ووضع ليدل على غيره، فاعترض ذلك الأخ عليه بأنه من قبيل العلم.
قال الرضي: وهو عندهم من قبيل المنقول، لأنه نقل من مدلول هو معنى إلى مدلول اللفظ، ولا يخفى عليك أن حاصل هذا الاعتراض لم يزد على نسبة ما ذكرت أنه مما يقال. وخفي عليه أنني أنقله عن خلق، غير أن لي فيه بحثًا مكتتبًا من نحو عشرين سنة، مع القائلين به، فبناء عليه ذكرت.
وحاصل ذلك البحث كتبته عند نقل المحققين قول ابن الحاجب في المنتهى: أكثر ما يطلق اللفظ على مدلول مغاير، وقد يطلق والمراد اللفظ، نحو: زيد مبتدأ، و (ز ي د) لأنهم لو وضعوا له أدى إلى (سيب التسلسل، ولو سلم فنفسه أولى، يعني لو سلم التسلسل أن لا يلزم) التسلسل لو وضعوا له، فإذا أمكن أن يطلق والمراد به نفسه كان أولى. انتهى.
وذكر هنا أن موضوع فخلق لي فيه هذا، وهو أن الحاجة هنا ليست إلا مجرد التعبير عن اللفظ، وقد حصل بنفسه، فإن أمكن بطريق المجاز كان أولى، لأنه بطريق الوضع يثبت به معنى الاشتراك، والمجاز خير منه.
ويناقش هذا بأنا إذا قلنا: زيد كذا وكذا، قبل ذلك الخبر يبادر إرادة معنى غير لفظ، إلى أن يذكر المسند، فيرى غير صالح إلا للفظ فيحكم به حينئذ للقرينة الملازمة للمسند، فتبادر معنى على التعيين من مجرد الإطلاق ظاهر في عدم تعدد الوضع للمعاني المتعددة، لأن لازم ذلك بحسب الأصل والغالب التردد والتوقف. وقد أمكن جعله مجازًا علاقة الاشتراك في الصورة، فيكون كإطلاق لفظ الفرس عل المثال المنقوش في الحائظ، فبناء على بحثي هذا معهم، قلت في أصل جوابي: