الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجمع، و (هاؤم)، وللمؤنثة (هاءِ) بكسر الهمزة، وبجمعها (هاؤنّ) وهذه أجود لغاتها وبها ورد القرآن.
الثالثة: منهم من يكسر الهمزة مثل عاط والأصل (هائي) مثل: فاعل ثم تقول: هائيا وهاؤا.
الرابعة: يجمعون بين الهمزة والكاف كأنه جمع بين العوض والمعوض منه، فيصرفون الكاف ويبقون الهمزة مفتوحة على كل حال فيقول هاءَك إلى هاءَكُنَّ.
الخامسة: (هَا) بسكون الهمزة مثل خف، وللاثنين هاءا، وللجماعة: هاؤُا.
818 - حديث عمر: "ليس بي إيّاكم أيها الرهط
".
قال ابن جرير في "تهذيب الآثار": أخشى أن يكون غلطًا من الراوي، لأنه غير معروف من كلام العرب نصب الاسم بليس، وإنما المعروف نصب الخبر ورفع الاسم بها، والصواب في ذلك: ليس بي أنتم أيها الرهط، ولكنا تركنا ذلك اتباعًا لرواية الحديث. انتهى.
قلت: يخرج على أن اسم ليس ضمير الشأن مستتر فيها والجار والمجرور لغو و (إياكم) الخبر على حد قول الشاعر:
ليس إيّايَ وإياكَ ولا أخشى رقيبًا
819 - حديث: "النية
".
قوله: (إنما الأعمال) قال زين العرب: (إنما) لحصر الحكم في المذكور
بعدها، ونفيه عما عداه، فهي بمعنى ما النافية المذكور بعدها إلا نحو:(إنما إلهكم الله)[طه: 98]، أي: ما إلهكم إلا الله، فهي بحرف إنّ التي للتحقيق تثبت الحكم للمذكور، وبلفظة (ما) تنفيه عما عداه. واعترض عليه بمنع كون ما للنفي، وإلا لصدرت، وأيضًا "إنّ" لها الصدر، فكيف يجتمعان؟ فالأولى أن تجعل ما زائدة للتأكيد كهي في ليتما وأخواتها. وإنّ لتأكيد الإثبات، وتضاعف التأكيد يفيد القصر، والمعنى: ليست الأعمال حاصلة إلا بالنية. ولا بد هنا من إضمار، لأنه لم يرد نفي ذات الإعمال، لثبوتها حتمًا وصورة من غير اقتران النية بها، وإنما المراد نفي صحتها أو نفي فضيلتها، وكمالها، لكن إضمار الصحة أولى لأنه أقرب إلى نفي الذات، من إضمار الفضيلة، لأن نفي الصحة مستلزم لنفي جميع الصفات التي للذات. كما أن نفي الذات مستلزم لذلك. ولا كذلك نفي الفضيلة، والتقدير: إنما صحة الأعمال واعتبارها بالنيات.
واللام في (الأعمال) إما للعموم، ويكون قد خصّ بالبعض (بالإجماع)(أو) للمعهود من الشرع، قيل: وهي العبادات لعدم اقتصار غيرها إلى النية. انتهى.
وقال الطيبي: قول الشيخ محيي الدين (إنما) موضوعة للحصر تثبت المذكور وتنفي ما عداه مستقيم، إذا لم يتعرض في قوله أنّ (إنّ) للإثبات، و (ما) للنفي، كما صرح به الأكثرون، وهو غير مستقيم، لأن (ما) ليست نافية بل هي كافة مؤكدة.
روى صاحب "المفتاح" عن علي بن عيسى الربعي أن إفادة الحصر من (إنّما) كانت لتأكيد إثبات المسند للمسند إليه، ثم لما اتصلت بما المؤكدة لا النافية على
ما يظنه من لا وقوف له بعلم النحو، ضاعف تأكيد (ما) فناسب أن يضمن معنى القصر.
قوله: (بالنيات).
قال الكرماني: الباء للمصاحبة وقيل للاستعانة.
وقال ابن فرحون: في "إعراب العمدة": هي للسبب. أي: إنّما الأعمال ثابت ثوابها بسبب النيات، ويحتمل الإلصاق، لأن كل عمل يلتصق به نيته.
وقال الحافظ ابن حجر: يحتمل أن تكون المسببة بمعنى أنها مقومة للعمل، فكأنها سبب في إيجاده، ولا بد من محذوف يتعلق به الجار والمجرور فقيل: تكمل، وقيل: تصح، وقيل تستقر.
وقال شيخ الإسلام سراج الدين البُلْقيني: الأحسن تقدير ما يقتضي أنّ الأعمال تتبع النية لقوله في الحديث: فمن كانت هجرته إلى الله .. الخ. وعلى هذا يقدر المحذوف كونًا مطلقًا من اسم فاعل أو فعل.
قلت: مع أن الأصل والغالب أنه لا يقدر إلا الكون المطلق.
وقال الطيبي: كل من (الأعمال والنيات) جمع محلّى باللام الاستغراقية فإما أن يحملا على عرف اللغة فيكون الاستغراق حقيقيًا، أو على عرف الشرع، لا سبيل إلى اللغوي، لأنه ما بعث إلا لبيان الشرع، فكيف يتصدى لما لا جدوى له فيه، فحينئذ عمل: إنما الأعمال بالنيات على ما اتفق عليه أصحابنا، أي: ما الأعمال محسوسة بشيء من الأشياء كالشروع فيها والتلبس فيها بالنيات. فإن قيل: لم خصصت متعلق الخبر، والظاهر العموم كمستقر أو حاصل. فالجواب: إنه حينئذٍ يكون بيانًا للغة، لا إثباتًا لحكم الشرع، وقد سبق بطلانه.
وقال الحافظ ابن حجر في "شرح البخاري": الظاهر أنّ الألف واللام في النيات معاقبة للضمير، والتقدير: إنما الأعمال بنياتها.
وقال ابن فرحون: (الألف واللام) في (الأعمال) للعهد في العبارات المفتقرة إلى نية، وفي (النيات) للعهد أيضًا لأن المراد ما يختص بتلك الأعمال دون غيرها).
(وقال الراغب: النية تكون مصدرًا أو اسمًا من نويت).
قوله: (وإنّما لكل امرئٍ ما نوى).
(الامرئ) الرجل، وفيه لغتان: امرِئ نحو زبرج، ومَرْء نحو فَلْس. ولا جمع له من لفظه، وهو من الغريب، لأن عينه تابع للامه في الحركات دائمًا. وإنما قال الله تعالى:(إن امرؤٌ هلك)[النساء: 176](ما كان أبوك امْرَأَ سوء)[مريم: 18](لكل امرئ منهم)[النور: 11][عبس: 37]، وفي مؤنثه أيضًا لغتان امرأة ومَرْأة.
وفي هذا الحديث استعمال اللغة الأولى منهما في كلا النوعين إذْ قال: (لكل امرئ)، و (إلى امرأة) وهما من الأسماء العشرة التي بدئت بهمزة وصل.
وقال ابن فرحون: (ما) في قوله: (ما نوى). موصولة و (نوى) صلتها، والعائد محذوف، أي: ما نواه. ومحل الصلة مع الموصول مبتدأ، والخبر في المجرور. ويجوز أن يكون موصوفة، أي شيء نواه. ويجوز أن تكون مصدرية والتقدير: لكل امرئ جزاء نيته.
قوله: (فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله).
قيل: القاعدة تَغايُرُ الشرطِ والجزاءِ، فلا يقال مثلاً: من أطاع (الله) أطاع (الله). وإنما يقال: من أطاع نجا. وقد وقعا في هذا الحديث متّحدين.
وأجيب: بأن التغاير يقع تارة باللفظ، وهو الأكثر، وتارة بالمعنى، ويفهم ذلك من السياق. ومن أمثلته قوله تعالى:(ومن تاب وعمل صالحًا فإنّه يتوب إلى الله متابًا)[الفرقا،: 71] و (هو مؤول) على إرادة المعهود المستقر في النفس، كقولهم: أنت أنت أي: الصديق الخالص. وهم هم، أي: الذين لا يقدر قدرهم. أو (هو مؤول) على إقامة السبب مقام المسبب لاشتهار السبب.
وقال ابن مالك: قد يقصد بالخبر المفرد بيان الشهرة وعدم التغير، فيتّحد بالمبتدأ لفظًا كقول الشاعر:
خليلي خليلي دون ريبٍ وربّما
وقوله: أنا أبو النجم وشعري شعري
أي: خليلي من لا أشك في صحة خلته، ولا يتغير في حضوره وغيبته. وشعري على ما ثبت في النفوس من جزالته والتوصل به من (المراد) إلى غايته.
قال: وقد يفعل مثل هذا بجواب الشرط كقولك: من قصدني فقد قصدني. أي: فقد قصد من عرف بإنجاح قاصده. ومنه قوله عليه السلام: (فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله).
وقال غيره: إذا اتحد لفظ المبتدأ والخبر، أو الشرط والجزاء، علم منهما المبالغة إمّا في التعظيم، وإما في التحقير.
وقال الرضي: الخبر إمّا أن يغاير المبتدأ لفظًا أو لا. والثاني يذكر للدلالة على الشهرة أو عدم التغير كقوله:
أنا أبو النجم وشعري شعري
أي: هو المشهور المعروف بنفسه لا بشيء آخر كما يقال مثلاً: شعري مليح. وتقول: أنا أنا. أي ما تغيرت عما كنت.
وقال الزركشي في "التنقيح": لا بد في الحديث من تقدير، لأن الشرط والجزاء، والمبتدأ لا بد من تغايرهما. وهنا قد اتّحدا، فالتقدير: فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله نية وقصدًا فهجرته إلى الله ورسوله حكمًا وشرعًا. قاله ابن دقيق العيد في "شرح العمدة": وفيه نظر فإن المقدر حينئذ حال مبيّنة، فكيف تحذف ولهذا منع الزيدي في "شرح الجمل" جعل (بسم الله) متعلقًا بحال محذوفة، أي: ابتدئ متبرّكًا (كما قاله).
قال: لأن حذف الحال لا يجوز فالأولى أن يكون نيّة وقصدًا، نصبًا على التمييز. ويجوز حذفه إذا دلّ عليه دليل كقوله تعالى:(إن يكن منكم عشرون صابرون)[الأنفال: 65] أي: رجلاً. ويمكن تأويله على إرادة المعهود المستقر في النفوس من غير ملاحظة حذف كقولك: أنت أنت، أي: الصديق الذي لا يتغير. وقول الشاعر:
أنا أبو النجم وشعري شعري
أو أنه مؤول على إقامة السبب مقام المسبب لاشتهار السبب، أي: فقد استحق الثواب العظيم المستقر للمهاجرين.
وفيه وضع الظاهر موضع المضمر، فإن الأصل: فهجرته إليهما، وفيه وجهان: أحدهما: قصد (الالتذاذ) بذكره، ولهذا لم يعد في الجملة الثانية وهو قوله:(ومن كانت هجرته إلى دنيا) إعراضًا عن تكرير لفظ (الدنيا).
وثانيهما: عدل عن ذلك لئلا يجمع بينهما في ضمير واحد.
وقال زين العرب: الفاء في قوله: (فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله)، أي: من قصد بالهجرة القربة إلى الله تعالى لا يخلطها بشيء من أعراض الدنيا فهجرته إلى الله ورسوله، قيل: فهجرته مقبولة عندهما، وأجره واقع على الله تعالى.
فإن قلت: الشرط سبب للجزاء، والسبب غير المسبب وقد اتّحدا هنا.
قلت: الخبر في الجزاء محذوف، كما مرّ آنفًا من أن التقدير:(مقبولة) ونحو ذلك. وفيه نظر إذ لا دلالة على الخبر المحذوف، والأولى في الجواب ما قال الفاضل ابن مالك وساق كلامه المتقدم ثم قال: واعلم أن (إلى الله) في الشرط يجوز كونه خبر كان، ويجوز تعلقه بهجرته، فـ"كان" حينئذ تامة. فأما الجزاء فإلى الله، لا يتعلق بهجرته.
قوله: (ومن كانت هجرته إلى دنيا).
قال التميمي في "شرح البخاري": هي تأنيث الأدنى ليس بمنصرف، لاجتماع الوصفية ولزوم حرف التأنيث.
وقال ابن مالك في "التوضيح": (دنيا) في الأصل مؤنث أدنى، وأدنى أفعل
تفضيل، وأفعل التفضيل إذا ذكر لزم الإفراد، والتذكير، وامتنع تأنيثه وتثنيته وجمعه، ففي استعمال (دنيا) بتأنيث، مع كونه منكرًا إشكال، (فكان حقها أن تستعمل باللام كالكبرى والحسنى).
قال: إلا أنها خلعت عنها الوصفية، وأجريت مجرى ما لم تكن وصفًا قط: مما وزنه فعلى كرجعى و (بهمى)، ومن وروده منكرًا مؤنثًا قوله:
لا تعجبنك دنيا أنت تاركها
…
كم نالها من أناس ثم قد ذهبوا
ومما عومل معاملة (دنيا) في الجمع بين التنكير والتأنيث، والأصل أن لا يكون، قول الشاعر:
وإن دعوت إلى جلى ومكرمة
…
يومًا سراة كرام الناس فادعينا
فإن الجلّى في الأصل مؤنث الأجلّ، ثم خلعت عنه الوصفية، وجعل اسمًا للحادثة العظيمة، فجرى مجرى الأسماء التي لا وصفية لها في الأصل.
قال الكرماني: والدليل على جعل (الدنيا) اسمًا قلب الواو ياء، لأنه لا يجوز القلب إلا في فُعْلى الاسمية.
وقال بعضهم المشهور في (دنيا) القصر بلا تنوين، وحكي تنوينها. قال ابن جني: وهي نادرة، وعزاه ابن دحية إلى رواية الكشميهني وضعفها، وحكى عن ابن مغول أن أبا ذر الهروي في آخر أمره كان يحذف كثيرًا من رواية الكشميهني حيث ينفرد، لأنه لم يكن من أهل الكتاب أي: العلم.