الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
978 - حديث: "يا نبي الله ما الشيءُ الذي لا يحلُّ منعه قال: أن تفعل الخير خيرٌ لك
".
قال أبو البقاء: (أنْ) مفتوحة الهمزة مصدرية، وموضعها رفع بالابتداء، و (خير) خبره، ومثله قوله تعالى:(وأن تصوموا خيرٌ لكم) انتهى.
وقال الطيبي: (أنْ) المصدرية، أي: إنّ فعل الخير خير لك. وتطبيقه على السؤال: ما الشيء الذي لا يحل منعه أن يقال: هو فعل الخير الذي تدعو إليه نفسك الزكية، فإنه لا يحل لك منعه.
مسند أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه
979 - حديث: "إنّ أحبَّكم إليّ وأقربَكم مني في الآخرة محاسنُكم أخلاقًا
".
قال أبو البقاء: أكثر ما يجيء في الحديث: (أحاسنكم أخلاقًا)، وهو جمع
أحسن، مثل: أبطح وأباطح، وقد جعل أفعل هنا صفة غالبة فجمعت جمع الأسماء مثل: أفكل وأفاكل، وأما في هذا الحديث فقد ورد (محاسنكم)، وفيه أوجه:
أحدها: أنه جمع محسن، فـ (أخلاقًا) على هذا يجوز أن يكون مفعولاً به، كما تقول: فلان يحسّن خلقه، ويجوز أن يكون تمييزًا مثل: المحسنين أعمالاً، ومنه قوله تعالى:(هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً)[الكهف: 103]، ويجوز أن يكون (محاسنكم) جمعًا لا واحد له من لفظه، كما قالوا: مشابه وليس واحده مشبهًا بل: شبه، كذا ههنا يكون، الواحد (أحسن)، وجعل الميم في الجمع عوضًا من الهمزة، ويكون (أخلاقًا) تمييزًا لا غير، وكذلك:(مساوئكم أخلاقًا). انتهى.
وقال ابن مالك في "شرح الكافية": لأفعل التفضيل ثلاثة أحوال:
الأول: حال تجرده من الإضافة واللام، وحقه ملازمة الإفراد والتذكير.
والثاني: حال تعريف بالألف واللام، ولا بد له حينئذ من مطابقة ما هو له، فيقال: زيد الأفضل، والزيدان الأفضلان، والزيدون الأفضلون، وهند الفضلى، والهندات الفضليات أو الفضل.
والثالث: حال الإضافة إلى معرف1، وهو فيها على ضربين:
أحدهما: أن يضاف مرادًا به معنى المجرد.
والثاني: أن يضاف مراداً به معنى المعرف بالألف واللام. فالمراد به معنى المجرد يجوز أن يوافقه في ملازمة الإفراد والتذكير وأن يوافق المعرف بالألف واللام في ملازمة المطابقة لما هو له. وقد اجتمع الأمران في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني مجالسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا). انتهى.
وقال الأندلسي في "شرح المفصل"، قوله عليه السلام (بأحبكم) من ترك الجمع، و (أحاسنكم) من الجمع و (مجالس) منصوب على التمييز (يوم القيامة) على الظرف، والعامل فيه إمّا فعل، وإما معنى الفعل المفهوم من هذا الكلام من رفع الدرجة.
قال: واعلم أن لفظة أفعل تستعمل على معنيين:
أحدهما: هي فيه بمنزلة فاعل، نحو: الناقصُ والأشجُّ أعدلا بني مروان. أي: عادلا بني مروان.
والآخر: المقصود منه التفضيل على من يشاركه في أصل تلك الصفة التي جرى التفضيل فيها.
قال: وقد اجتمع الأمران في هذا الحديث، فقوله:(ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم) من المعنى الثاني.
وقوله في بقية الحديث: (ألا أخبركم بأبغضكم إلي وأبعدكم مجالس مني مساوئكم أخلاقًا). من المعنى الأول.
فإن الظاهر أنه أراد غير المفاضلة كأنه قال: بغيضكم، فإنه عليه السلام ما كان يبغض أحدًا من أصحابه وأمته، وهم المخاطبون بهذا الكلام، فالأولى أن يحمل هذا الشطر من الحديث على أن (أفعل) فيه من المعنى الأول. وجاء به لازدواج الكلام، ومقابلة الشطر الثاني بالأول كقوله تعالى:(وهو خادعهم)[النساء: 142] انتهى.
وقال البيضاوي: أفعل التفضيل إذن بمعنى أن المراد به زائد على المضاف
إليهم في الخصلة التي هو وهم متشاركون فيها، جاز فيه الإفراد والتذكير في الحالات كلها وتطبيقها لما هو وصف له لفظًا ومعنى. وقد جمع الوجهان في الحديث، فأفرد (أحبّ)(أبغض) وجمع (أحاسن) و (مساوئ) في رواية من روى (أساوئكم) بدل (مساوئكم) وهو جمع (مسوء) كمحاسن جمع (محسن)، وهو إما مصدر ميمي نعت به ثم جمع، أو اسم مكان يعني الأمر الذي فيه السوء، فأطلق على المنعوت به مجازًا، و (أخلاقًا) نصب على التمييز.
قال الطيبي: قال الدار الحديثي: وأراد بغيضكم وبأحبكم التفضيل و (إلاّ) يكون المخاطبون بأجمعهم مشتركين في البغض والمحبة.
قال الحاجبي: تقديره: بأحب المحبوبين منكم، وأبغض المبغوضين منكم. ويجوز إطلاق العام وإرادة الخاص للقرينة.
وقال الطيبي: إذا جعل الخطاب خاصا بالمؤمنين، فكما لا يجوز (أبغضكم) لا يجوز (بغيضكم) لاشتراكهم في المحبة. والقول ما ذهب إليه ابن الحاجب لأن الخطاب عام يدخل في البر والفاجر.
وقوله: (الثرثارون) إما بدل من (مساوئكم أخلاقًا)، فيلزم أن تكون في الأوصاف أسوأ الأخلاق، لأن المبدل كالتمهيد، والتوطئة، وإما رفع على الذم على أنه خبر مبتدأ محذوف، فيكون أشنع وأبلغ.
وقال ابن الصائغ في "تذكرته": يلزم على الحديث أن يكون المخاطبون