الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرواة في كل طبقة، فندرس
طبقة الصحابة
، وطبقة التابعين، وطبقة أتباع التابعين.
طَبَقَةُ الصَّحَابَةِ:
اصطلحوا على أن الصحابي هو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنًا به ومات وهو مسلم. فاللقاء ولو ساعة من نهار لا بد منه (1)، لذلك لم يعدوا أصحمة النجاشي صحابيًا، لأنه آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم من غير أن يلقاه.
والتمييز كاف في الصحبة، فالصبي الذي «يفهم الخطاب ويرد الجواب» ، - كما يقول النووي والعراقي - يعد صحابيًا، كالحسن والحسين ابني عَلِيٍّ، ومحمود بن الربيع.
وقد نص العلماء على أمور إذا توفر أحدها كان دليلاً على الصحبة، أهمها (2):
أولاً - تواتر العلم بذلك، كصحبة العشرة المبشرين بالجنة، وهم الخلفاء الأربعة، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة عامر بن الجراح. ومن المعلوم أن صحبة أبي بكر ثابتة بالقرآن في قوله تعالى:{إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} (3) ثانيا- استفاضة العلم بذلك من غير تواتره، كصحبة ضِمام بن ثعلبة وعكاشة بن محصن.
(1) قارن بـ " الكفاية ": ص 51. وانظر " الإصابة ": 1/ 4، 5.
(2)
قارن بـ " اختصار علوم الحديث ": ص 231.
(3)
[التوبة: 40]
ثالثًا - تأكيد صحابي مشهور أن لفلان صحبة، كما قال أبو موسى الأشعري بصحبة حَمَمَةَ بْنِ أَبِي حَمَمَةَ الدَّوْسِيِّ (1).
رابعًا - ادعاء الصحبة من شخص معلوم العدالة ضمن الإطار الزمني الممكن، وقد اصطلحوا على أن هذا الزمن الممكن لا ينبغي أن يجاوز سنة 110 هـ (مائة سنة وعشر سنين للهجرة) واستنبطوا ذلك من قوله عليه السلام كما في رواية مسلم والترمذي- " «مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ اليَوْمَ، تَأْتِي عَلَيْهَا مِائَةُ سَنَةٍ، وَهِيَ حَيَّةٌ يَوْمَئِذٍ» (2). ولذلك كان طبيعيًا أن يرفض العلماء صحبة جعفر بن نسطور الرومي الذي ادعاها بعد سنة 200هـ، وَسَرَبَاتِكْ الهندي المُتَوَفَّى سَنَةَ 333 هـ.
ومما يستأنس به على ثبوت الصحبة، ولم ينص العلماء عليه: أن الأوس والخزرج كانوا جميعًا مسلمين في عهده عليه السلام، فكل من لاقاه منهم فهو صحابي، وأن كل من كان بالمدينة أو بالطائف سنة عشر قد أسلم وشهد حجة الوداع مع النبي عليه السلام، فثبتت له بذلك الصحبة. وأنه عليه السلام لَمْ يُؤَمِّرْ في الفتوحات إلا أصحابه، فَقُوَّادِ الفُتُوحَاتِ في عهده صحابة كلهم (3).
وقد حكى ابن الصلاح وابن عبد البر والنووي الإجماع على عدالة جميع الصحابة. وفي القرآن والسنة إشارة إلى فضل الصحابة وعدالتهم، فالله يقول:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} (4)، ويقول {وَكَذَلِكَ
(1) " الباعث الحثيث: ص 321 ح 3.
(2)
" الإصابة ": 1/ 6.
(3)
" المختصر ": ص 27.
(4)
[سورة آل عمران، الآية: 110].
جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (1). والنبي عليه السلام يقول: «طُوبَى لِمَنْ رَآنِي وَآمَنَ بِي» ، ويقول:«خَيْرُ القُرُونِ قَرْنِي» ، ويقول:«اللَّهَ اللَّهَ فِي أَصْحَابِي، لَا تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضًا بَعْدِي، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ، وَمَنْ آذَاهُمْ فَقَدْ آذَانِي، وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللَّهَ، وَمَنْ آذَى اللَّهَ يُوشِكُ أَنْ يَأْخُذَهُ» (2).
وأول الصحابة إيمانًا على الإطلاق زوج النبي عليه السلام السيدة خديجة بنت خويلد، ومن الشيوخ ورقة بن نوفل ابن عم خديجة، ومن الرجال الأحرار أبو بكر الصديق، ومن الموالي زيد بن حارثة، ومن الصبيان عَلِيٌّ، ومن الأرقاء بلال، ومن الفُرْسِ سلمان (3).
وقد تفرق الصحابة في القرى والأمصار فأصبح إحصاء عددهم مُتَعَذِّرًا، ويقول أبو زرعة (4): إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قُبِضَ عن مائة ألف وأربعة عشر ألفا (114000)، وقد انقرض عصرهم بوفاة آخرهم أبي الطفيل عامر بن واثلة الليثي الكناني عام مائة على
الأرجح.
وَيُعَدُّ مُكْثِرًا من الرواية بين الصحابة كل من زاد منهم على ألف حديث، وهؤلاء المكثرون سبعة (5) هم أبو هريرة روى له (5374)، ابن عمر روى له (2630)، أنس بن مالك، روى له (2286)،
(1)[سورة البقرة، الآية: 143].
(2)
" المختصر ": ص 29.
(3)
قارن بـ "علوم الحديث " لابن الصلاح: ص 226.
(4)
" اختصار علوم الحديث ": ص 224.
(5)
" تلقيح فهوم أهل الأثر "(لابن الجوزي)، طبعة الهند: ص 184.
السيدة عائشة لها (2210) عبد الله بن عباس له (1660)، جابر بن عبد الله له (1540)، أبو سعيد الخُدري (1170)، ولذلك سنترجم لكل منهم ترجمة خاصة، ثم نتبعهم بمن هو أقل رواية منهم، ونكتفي بذكر كلمات موجزة عنهم.
وابن سعد في " طبقاته " اكتفى بتقسيم الصحابة إلى خمس طبقات، إلا أن بعضهم فَصَّلَ وَوَضَّحَ فجعلها اثنتى عشرة تَبَعًا للسبق في الإسلام والهجرة وحضور المشاهد (1):
الأولى: السابقون بالإسلام ممن آمن بمكة، كالعشرة المبشرين بالجنة، وخديجة وبلال.
الثانية: أصحاب دار الندوة الذين أسلموا بعد إسلام عمر.
الثالثة: من هاجر إلى الحبشة في السَّنَةِ الخَامِسَةِ من البعثة، وكانوا أحد عشر رجلاً وأربع نسوة، منهم عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وجعفر بن أبي طالب، ورقية زوج عثمان وابنة النبي صلى الله عليه وسلم، وسهلة بنت سهل امرأة أبي حذيفة. ومثل هذه الطبقة من هاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية، وكانوا نحو ثلاثة وثمانين، منهم جعفر بن أبي طالب، وامرأته أسماء بنت عُميس، وَعُبَيْدَ اللهِ بن جحش، وامرأته أم حبيبة وأخوه عبد الله وأبو موسى وابن مسعود.
الرابعة: أهل العقبة الأولى، وفيهم اثنا عشر من الأنصار، ومنهم جابر بن عبد الله، وعقبة بن عامر، وأسعد بن زُرارة، وعبادة بن الصامت.
(1) قارن بـ " تدريب الراوي ": ص 207.
الخامسة: أهل العقبة الثانية الذين أسلموا بعد عام العقبة الأولى، وكانوا سبعين من الأنصار ومعهم امرأتان. ومنهم البراء بن معرور، وسعد بن عبادة، وكعب بن مالك.
السادسة: المهاجرون الذين وصلوا إلى المدينة والنبي صلى الله عليه وسلم في قباء قبل أن يدخل المدينة.
السابعة: أهل بدر الذين قال فيهم عليه السلام: «اطَّلَعَ اللَّهُ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» . رواه أبو داود، وكانت عدتهم بضعة وثلاث مائة رجل.
الثامنة: من هاجر بين بدر والحديبية.
التاسعة: الذين بايعوا تحت الشجرة بالحديبية بيعة الرضوان. وفيهم يقول عليه السلام: «لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ» .
العاشرة: المهاجرون قبل فتح مكة وبعد الحديبية، ومنهم خالد بن الوليد.
الحادية عشرة: الذين أسلموا في فتح مكة، وهم يزيدون عن الألف، ومنهم أبو سفيان بن حرب، وحكيم بن حزام.
الثانية عشرة: الصبيان الذين رأوا النبي يوم الفتح وحجة الوداع، ومنهم الحسن والحسين ابنا عَلِيٍّ، والسائب بن يزيد الكلبي، وعبد الله بن الزبير.