الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ».
لم يشهد أنس غزوة بدر الكبرى، لحداثة سنه، ولكنه شهد كثيرًا من الغزوات بعد ذلك، وحين استشار أبو بكر عمر في استعمال أنس على البحرين أثنى عليه عمر وقال:«إِنَّهُ فَتًى لَبِيبٌ كَاتِبٌ» . وهو مشهود له بالتقوى والورع، لطول معاشرته الرسول صلى الله عليه وسلم. قال أبو هريرة فيه:«مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ ابْنِ أُمِّ سُلَيْمٍ» (يعني أنسًا). وقال فيه ابن سيرين: «أَحْسَنُ النَّاسِ صَلَاةً فِي الحَضَرِ وَالسَّفَرِ» .
انتقل أنس في أخريات أيامه إلى البصرة، ويقول بعضهم: إن سبب انتقاله إليها أنه امتحن في فتنة ابن الأشعث، فآذاه الحجاج، فلم يجد بُدًّا مِنَ الهجرة إلى البصرة، حيث كان الصحابي الوحيد فيها، ولذلك يقولون: إنه آخر الصحابة مَوْتًا بالبصرة. توفي عام 93 هـ. بعد أن جاوز المائة. وقال فيه مُوَرِّقٌ يوم وفاته: «ذَهَبَ نِصْفُ العِلْمِ، كَانَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الأَهْوَاءِ إِذَا خَالَفَنَا قُلْنَا لَهُ تَعَالَ إِلَى مَن سَمَِع مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم» .
أما أسانيده فأصحها ما رواه: مالك عن الزهري عنه. وأضعفها ما رواه: داود بن المحبر عن أبيه المحبر عن أبان بن أبي عياش عنه (1).
4 - السيدة عائشة أم المؤمنين:
هي زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وبنت صديقه وأحب الناس إليه أبي بكر
(1) انظر ترجمة أنس في " طبقات ابن سعد: 7/ 10، و" تهذيب ابن عساكر ": 3/ 139.
الصديق. أسلمت صغيرة بعد ثمانية عشر شخصًا، وتزوجها عليه السلام في العام الثاني من الهجرة، ولم يتزوج بِكْرًا سواها. وكان يؤثرها بالحب ويتابعها على هواها: ولا غرو، فإن الخصال الكريمة التي اجتمعت فيها يندر أن تتوافر لسواها، فهي تعلم اللغة والشعر والطب والأنساب وأيام العرب. قَالَ الزُّهْرِيُّ:«لَوْ جُمِعَ عِلْمُ عَائِشَةَ إِلَى عِلْمِ جَمِيعِ أَزوَاجِ النَّبِيِّ وَعِلْمِ جَمِيعِ النِّسَاءِ، لَكَانَ عِلْمُ عَائِشَةَ أَفْضَلَ» .
وقال عروة: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْلَمَ بِطِبٍّ وَلَا بِشِعْرٍ وَلَا بِفِقْهٍ مِنْ عَائِشَةَ» .
وهي من المكثرات في الرواية، تلي في ذلك أنس بن مالك، فقد روت 2210 أحاديث. ومن مزاياها أنها كانت أحيانًا تنفرد باستنباط بعض المسائل، فتجتهد فيها اجتهادًا خَاصًّا وتستدرك بها على علماء الصحابة، حتى إن الزركشي ألف كتابًا خاصا في هذا المعنى سماه:" الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ".
أما ما ينسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنه قال فيها: «خُذُوا شَطْرَ دِينِكُمْ عَنِ هَذِهِ الحُمَيْرَاءِ» . - أي البيضاء لأن العرب تسمي الأبيض أحمر - فإنه حديث لا سند له، وقد صَرَّحَ ابن حجر وَالمِزِّي والذهبي وابن كثير بأنه مكذوب مصنوع. إلا أن القارئ يقول:«لكن معناه صحيح» .
روت عن أبيها أبي بكر، وعن عمر، وسعد بن أبي وقاص وَأُسَيْدِ بن حُضَيْرٍ (*) وغيرهم.
أما الصحابة الذين رَوَوْا عنها فهم أبو هريرة وأبو موسى الأشعري وزيد بن خالد الجُهَنِيِّ، وصفية بنت شيبة وغيرهم. وأما كبار
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) ورد بالكتاب المطبوع خطأ في الطباعة (أسيد بن خُضَيْرٍ) والصواب (أُسَيْدِ بن حُضَيْرٍ)، انظر " تقريب التهذيب " لابن حجر، تحقيق الشيخ محمد عوامة: ص 112 ترجمة رقم 517. طبعة دار الرشيد سوريا - حلب، طبعة ثالثة منقحة: 1411 هـ - 1991 م.