الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُكَنَّى «أبا عبد الله» . كان سفيان الثوري يقدمه على إبراهيم النخعي ويقول: «خُذُوا التَّفْسِيْرَ عَنْ أَرْبَعَةٍ: عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَالضَّحَّاكِ» .
كان ابْنُ جُبَيْرٍ يكتب لعبد الله بن عتبة بن مسعود حين كان على قضاء الكوفة، ثم أصبح يكتب بعد ذلك لأبي بُرْدَةَ بن أبي موسى، ثم قتله الحجاج سنة 95 هـ لخروجه مع ابن الاشعث.
وقد روى سعيد بن جبير عن عبد الله بن الزبير، وأنس بن مالك، وأبي سعيد الخدري، وأحاديثه مسندة عن هؤلاء. إلا أنه لم يسمع من أبي هريرة وأبي موسى الأشعري، وعلي، والسيدة عائشة، فكل مروياته عن هؤلاء مرسلة. ويقول يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ في مرسلاته هذه:«مُرْسَلَاتُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مُرْسَلَاتِ عَطَاءٍ» .
وروى عنه الأعمش، ومنصور بن المعتمر، وَيَعْلَى بن حكيم الثقفي، وسِماك بن حرب وغيرهم.
وَقَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: «مَاتَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمَا عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ رَجُلٌ إِلَاّ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى عِلْمِهِ» (1).
6 - الإمام أبو حنيفة:
أبو حنيفة هي الكنية التى اشتهر بها، أما اسمه فهو النعمان بن ثابت بن زُوطَى، وهو تَيْمِيٌّ بالولاء، إذ كان مولى لِتَيْمٍ الله بن ثعلبة الكوني، ولكن أصله من فارس. وهو تابعي لأنه رأى من الصحابة
(1) انظر في ترجمته " طبقات ابن سعد ": 6/ 178، و" تهذيب التهذيب ": 4/ 11، وقارن بالطبري " 8/ 13.
أنس بن مالك، وسهل بن سعد الساعدي، وعبد الله بن أبي أوفى، وأبا الطفيل عامر بن واثلة، وروى عن بعض هؤلاء، ويقول بعض العلماء إنه روى عنهم جميعًا.
أخذ أبو حنيفة الفقه والحديث عن عطاء، ونافع، وابن هرمز، وحماد بن أبي سليمان، وعمرو بن دينار وغيرهم، وروى عنه أصحابه: أبو يوسف، وَزُفَرْ، وأبو مطيع البلخي، وابن المبارك، والحسن بن زياد، وداود الطائى، ووكيع، وآخرون.
وقد شهد له العلماء بسعة المعرفة، والفقه، وقوة الحجة. قال الشافعي:«النَاسُ فِي الفِقْهِ عِيَالٌ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ» .
وهو بلا ريب فقيه أكثر منه مُحَدِّثًا، ولكن معرفته بالحديث لم تكن قليلة إلى الحد الذي يصوره به بعضهم، فقد جمع له محمد بن محمود الخوارزمي خمسة عشر مسندًا، وفي كتاب " الآثار " لصاحبه محمد بن الحسن كثير من الأحاديث التي أخذها محمد عنه. ولكن الفقه ظل الصفة البارزة فيه، وحسبه أنه مؤسس المذهب الحنفي المُسَمَّى باسمه، وإمام أهل الرأي.
ولقد كان أبو حنيفة تَقِيًّا وَرِعًا، يكسب حياته من عمل يده، ولا يقبل جوائز العلماء، إِبَاءً وَأَنَفَةً وَتَرَفُّعًا بكرامة العلماء أن تذل
أَوْ تُهَانَ. أراد أبو جعفر أن يكرهه على القضاء، وحبسه وضربه مائة سوط وعشرة أسواط كل يوم عشرة، ليحمله على قبول ذلك المنصب، ولكنه أبى، وتوفي بالسجن سنة 150هـ في بغداد. وفيه يقول ابن المبارك:«أَفْقَهُ النَّاسِ أَبُو حَنِيفَةَ، مَا رَأَيْتُ فِي الفِقْهِ مِثْلَهُ، وَلَوْلَا أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَغَاثَنِي بِأَبِي حَنِيفَةَ لَكُنْتُ كَسَائِرِ النَّاسِ، كَانَ وَرِعًا سَخِيًّا صَاحِبَ غَوْصٍ عَلَى المَسَائِلِ» (1)
(1) ترجمة أبي حنيفة في " تاريخ بغداد ": 13/ 323 - 423، و" الوفيات ": 2/ 163، و" الجواهر المضيئة ": 1/ 26.