الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنْوَاعٌ تَخْتَصُّ بِالضَّعِيفِ:
الأَوَّلُ - المُرْسَلُ:
المشهور في تعريفه أنه ما سقط منه الصحابي كقول نافع: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كذا، أو فعل كذا، أو فُعِلَ بحضرته كذا، ونحو ذلك (1).
فهو إذن مرفوع التابعي مطلقًا، صغيرًا كان أو كبيرًا (2). وسبب ضعفه فقد الاتصال في السند، وإنما سُمَّيَ «مُرْسَلاً» لأن رَاوِيهِ أرسله وأطلقه فلم يُقَيِّدْهُ بالصحابي الذي تَحَمَّلَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (3).
والمرسل ليس حُجَّةً فِي الدِّينِ. وهذا هو الرأي الذي «اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ حُفَّاظُ الحَدِيثِ وَنُقَّادُ الأَثَرِ، وَتَدَاوَلُوهُ فِي تَصَانِيفِهِمْ» (4) وأشار مسلم في مقدمة " صحيحه " إلى أَنَّ «المُرْسَلَ فِي أَصْلِ قَوْلِنَا وَقَوْلِ أَهْلِ العِلْمِ بِالأَخْبَارِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ» .
وأكثر أهل العلم يحتجون بمراسيل الصحابة، فلا يرونها ضعيفة، لأن الصحابي الذي يروي حديثًا لم يتيسر له سماعه بنفسه مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم غالبًا ما تكون روايته عن صحابي آخر قد تحقق أَخْذُهُ عَنْ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، فسقوط الصحابي الآخر من السند لا يضر كما أن جهل حاله لا يضعف الحديث، فثبوت شرف الصحبة له كاف في تعديله. قال السيوطي في " التدريب ":
(1)" قواعد التحديث ": ص 114.
(2)
" شرح النخبة ": ص 17.
(3)
" توضيح الأفكار ": 1/ 284.
(4)
" اختصار علوم الحديث ": ص 52.
ويتعذر إنكار مراسيل الصحابة، فأكثر الرواية عن ابن عباس مرسلة لِصِغَرِ سِنِّهِ في حياة رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فقد تُوُفِّيَ عليه السلام وسن ابن عباس لا تزيد عن ثلاث عشرة سَنَةً (2).
والمرسل مراتب، أعلاها ما أرسله صحابي ثبت سماعه، ثم صحابي له رؤية فقط ولم يثبت سماعه، ثم المخضرم، ثم المتقن كسعيد بن المسيب؛ ويليها من كان يتحرى في شيوخه، كالشعبي ومجاهد؛ ودونها مراسيل من كان يأخذ عن كل أحد، كالحسن. وأما مراسيل صغار التابعين كقتادة، والزهري، وحميد الطويل، فإن غالب رواية هؤلاء عن التابعين (3).
(1)" التدريب ": ص 71. وقارن بـ " شرح التنقيح " للقرافي: ص 164 (القاهرة. المطبعة الخيرية سَنَةَ 1306 هـ). وقد أخذ على ابن الصلاح تعليله مراسيل الصحابة برواية بعضهم عن بعض (إطلاقًا). والصواب أن يقال: «إِنَّ غَالِبَ رِوَايَتَهُمْ عَنْ الصَّحَابَةِ لَا كُلَّهَا» راجع " توضيح الأفكار ": 1/ 317. ومن العلماء من يُشَدِّدُ في «مَرَاسِيلِ الصَّحَابَةِ» ويرى في هذا التعبير تَجَوُّزًا وَتَسَامُحًا، إذ لا مرسل للصحابة على الحقيقة: انظر " التوضيح ": 1/ 295.
(2)
" التوضيح ": 1/ 291. ولقد تساهل بعض العلماء فقبلوا مراسيل أئمة الحديث، الموثوق بهم المعروف تَحَرِّيهِمْ. (انظر " التوضيح " أَيْضًا: 1/ 287).
(3)
" قواعد التحديث ": ص 125، 126 نقلاً عن السخاوي في " فتح المغيث " على هامش " ألفية العراقي " الهند - دلهي. طبع حجر. وقد اعترض على ذكر الزُّهْرِي بين صغار التابعين، لأنه لقي من الصحابة ثلاثة عشر فأكثر. وقال ابن خِلِّكَانْ:«أَنَّهُ رَأَى عَشْرَةً مِنَ الصَّحَابَةِ» : (انظر " التوضيح ": 1/ 285).