الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نِسْبَةً لِلأَثَرِ» (1). فلا مسوغ لتخصيص الأثر بما أضيف للسلف من الصحابة والتابعين، إذ أنَّ الموقوف والمقطوع روايتان مأثورتان كالمرفوع، إلَاّ أَنَّ الموقوف يُعْزَى إلى صحابي، والمقطوع يُعْزَى إلى التابعين، بينما ينتهي المرفوع إلى الرسول الكريم - صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ -. وهنالك اصطلاحات في بيان الفرق بين كل من الخبر والأثر لن تخوض فيها، ولن نماري فيها أصحابها (2)، فقد أخذنا برأي الجمهور في تساوي هذه المصطلحات جَمِيعًا في إفادة التحديث والإخبار، وعليهما مدار البحث في علم أصول الحديث.
الحَدِيثُ القُدْسِيُّ:
وكان رسول صلى الله عليه وسلم يُلْقِي أَحْيَانًا على أصحابه مواعظ يحكيها عن ربه عز وجل ليست وَحْيًا مُنَزَّلاً فَيُسَمُّوهَا قُرْآنًا، ولا قولاً صَرِيحًا يسنده عليه السلام إلى نفسه إسنادًا مباشرًا فَيُسَمُّوهَا حَدِيثًا عَادِيًّا، وإنما هي أحاديث يحرص النَّبِيُّ على تصديرها بعبارة تدل على نسبتها إلى الله، لكي يشير إلى أَنَّ عمله الأوحد فيها حكايتها عن الله بأسلوب يختلف اختلافًا ظَاهِرًا عن أسلوب القرآن، ولكن فيه - مع ذلك - نفحة من عالم القدس، ونورًا من عالم الغيب، وهيبة من ذوي الجلال والإكرام.
تلك هي الأحاديث القدسية، التي تُسَمَّى أَيْضًا إِلَهِيَّةً وَرَبَّانِيَّةً.
(1)" التقريب ": ص 4.
(2)
من تلك الاصطلاحات أنَّ المُحَدِّثِينَ يُسمُّون المرفوع والموقوف بالأثر، وأنَّ فقهاء خُرَاسَانَ يُسَمُّونَ الموقوف بالأثر والمرفوع بالخبر: انظر " التدريب ": ص 4.
والصيغة التي صدر بها النَّبِي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث القدسي هي - كما لاحظنا - «قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ» وهي العبارة التي آثرها السلف في رواية هذه الأحاديث. أما الخلف فلهم طريقة خاصة في التعبير عن هذه الأقوال القدسية الربانية، إذْ يَقُولُونَ:«قَالَ اللهُ تَعَالَى، فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم» .
(1) المخيط: الإبرة، ما يخاط به.
(2)
" رياض الصالحين " للنووي: ص 73.
وَالمُؤَدَّى واحد من كلتا العبارتين، وكل ما بينهما من فرق إنما هو تمييز بين اصطلاحين.
وحكاية النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عن ربه في هذا الضرب من الأحاديث القدسية اتخذت حُجَّةً للعلماء القائلين: إنَّ اللفظ في الحديث القدسي من الله عز وجل. غير أنَّ كَثِيرًا من العلماء يرون أَنَّ الصياغة في «القدسي» لِلْنَّبِيِّ وَأَنَّ المعنى للهِ وإلى هذا الرأي جنح أبو البقاء حين قال بصراحة ووُضوح: «إِنَّ القُرْآنَ مَا كَانَ لَفْظُهُ وَمَعْنَاهُ مِنْ عِنْدِ اللهِ بِوَحْيٍ جَلِيٍّ، وَأَمَّا الحَدِيثَ القُدْسِيَّ فَهُوَ مَا كَانَ لَفْظُهُ مِنْ عِنْدِ الرَّسُولَ، وَمَعْنَاهُ مِنْ عِنْدِ اللهِ بِالإِلْهَامِ أَوْ بِالمَنَامِ» (1).
(1)" كليات أبي البقاء ": ص 288.