الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْله: {وَلم يكن صلى الله عليه وسلم َ -
على مَا كَانَ عَلَيْهِ قومه عِنْد الْأَئِمَّة، قَالَ أَحْمد: من زَعمه فَقَوْل سوء} .
قَالَ ابْن مُفْلِح: " وَلم يكن
صلى الله عليه وسلم َ - على مَا كَانَ عَلَيْهِ قومه عِنْد أَئِمَّة الْإِسْلَام، كَمَا تَوَاتر عَنهُ، قَالَ الإِمَام أَحْمد: من زَعمه فَقَوْل سوء " انْتهى.
وَهَذَا مِمَّا لَا يشك مُسلم بِهِ، وقر الْإِيمَان فِي قلبه، وَتقدم هَل هُوَ مَعْصُوم من الصَّغَائِر والكبائر؟ وَأما أَنه كَانَ على مَا كَانَ عَلَيْهِ قومه فحاشا وكلا.
قَالَ فِي " نِهَايَة المبتدئين ": وَلم يكن على دين قومه قطّ بل ولد مُسلما مُؤمنا، قَالَه ابْن عقيل.
وَقيل: بل على دين قومه، حَكَاهُ ابْن حَامِد عَن بَعضهم، وَهُوَ غَرِيب بعيد، انْتهى.
قلت: الَّذِي نقطع بِهِ أَن هَذَا القَوْل خطأ.
قَالَ ابْن عقيل: لم يكن قبل الْبعْثَة على دين سوى الْإِسْلَام، وَلَا كَانَ على دين قومه قطّ، بل ولد مُؤمنا نَبيا صَالحا على مَا كتبه الله وَعلمه من حَاله وخاتمته لَا بدايته.
قَوْله: {وَبعدهَا - أَي: بعد الْبعْثَة - تعبد بشرع من قبله عِنْد أَحْمد، وَالشَّافِعِيّ، وَأكْثر أصحابهما، وَالْحَنَفِيَّة، والمالكية، ثمَّ
مِنْهُم من خصّه بشرع كَمَا سبق، وَلم يَخُصُّهُ أَصْحَابنَا والمالكية} .
إِذا قُلْنَا: إِنَّه قبل الْبعْثَة غير متعبد بشرع من قبله فَبعد الْبعْثَة بطرِيق أولى.
وَإِن قُلْنَا: إِنَّه كَانَ متعبدا فَاخْتَلَفُوا هَل كَانَ بعد الْبعْثَة متعبدا؟ فِيهِ خلاف.
وَالصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُور الْعلمَاء أَنه متعبد بِمَا لم ينْسَخ من شريعتهم.
فعلى هَذَا القَوْل من الْعلمَاء من خصّه بشرع نَبِي من الْأَنْبِيَاء، كَمَا تقدم بَيَانه.
وَلم يَخُصُّهُ أَصْحَابنَا والمالكية، فعلى هَذَا هُوَ شرع لنا مَا لم ينْسَخ، وَهُوَ الصَّحِيح، وَعَلِيهِ أَكثر أَصْحَابنَا وَغَيرهم.
قَالَ القَاضِي: " من حَيْثُ صَار شرعا لنبينا، لَا من حَيْثُ صَار شرعا لمن قبله ".
قَالَ الْبرمَاوِيّ: " على معنى أَنه مُوَافق لَا متابع ".
وَذكر القَاضِي - أَيْضا - كَمَا ذكر أَبُو مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ - من أَصْحَابنَا -: أَنه شرع لم ينْسَخ فيعمنا لفظا.
وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين: فيعمنا عقلا لتساوي الْأَحْكَام، وَهُوَ الِاعْتِبَار الْمَذْكُور فِي قصصهم، فيعمنا حكما.
ثمَّ اعْتبر القَاضِي، وَابْن عقيل، وَغَيرهمَا ثُبُوته قطعا.
قَالَ القَاضِي: وَإِنَّمَا يثبت كَونه شرعا لَهُم مَقْطُوع بِهِ، إِمَّا بِكِتَاب، أَو بِخَبَر الصَّادِق، أَو بِنَقْل متواتر، فَأَما الرُّجُوع إِلَيْهِم، أَو إِلَى كتبهمْ فَلَا.
وَقد أَوْمَأ أَحْمد إِلَى هَذَا.
وَمَعْنَاهُ فِي " الْمقنع " لِابْنِ حمدَان فَقَالَ: كَانَ هُوَ وَأمته متعبدين بشرع من تقدم بِالْوَحْي إِلَيْهِ، فِي الْكل أَو الْبَعْض، لَا من كتبهمْ المبدلة وَنقل أَرْبَابهَا، مَا لم ينْسَخ.
وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين، وَغَيره:" وَيثبت - أَيْضا - بأخبار الْآحَاد عَن نَبينَا، وَأما بِالرُّجُوعِ إِلَى مساءلة أهل الْكتاب فَفِيهِ الْكَلَام " انْتهى.