الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَحدهمَا: وَهُوَ الصَّحِيح أَنه كَانَ متعبدا بشرع من قبله، وَعَلِيهِ الْأَكْثَر؛ لِأَن كل وَاحِد من الْأَنْبِيَاء قبله دَعَا إِلَى شَرعه كل الْمُكَلّفين، وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم َ -
وَاحِد مِنْهُم، فيتناوله عُمُوم الدعْوَة.
ثمَّ اخْتلفُوا على هَذَا القَوْل، هَل كَانَ متعبدا بشرع معِين أَو لَا؟ فِيهِ قَولَانِ.
ثمَّ اخْتلف الْقَائِل بِأَنَّهُ متعبد بشرع معِين فِي الْمعِين:
فَقيل: آدم - صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ -، وَلم يذكرهُ فِي " جمع الْجَوَامِع
".
وَقيل: نوح.
وَقيل: إِبْرَاهِيم، اخْتَارَهُ جمع كثير مِنْهُم: ابْن عقيل، وَالْمجد، وَالْبَغوِيّ فِي تَفْسِير سُورَة الشورى، وَابْن كثير فِي " تَارِيخه " - قبل الْبعْثَة - وَغَيرهم، وَحَكَاهُ ابْن عقيل عَن الشَّافِعِيَّة.
وَقيل: مُوسَى.
وَقيل: عِيسَى، صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ.
وَالصَّحِيح من الْمَذْهَب: أَنه كَانَ متعبدا بشرع من قبله مُطلقًا، أَي: من غير تعْيين وَاحِد مِنْهُم بِعَيْنِه، وَهَذَا [اخْتَارَهُ] أَبُو يعلى، والحلواني، وَغَيرهمَا من أَصْحَابنَا، وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ الإِمَام أَحْمد، وَذكره القَاضِي عَن الشَّافِعِيَّة.
وَخَالف الْحَنَفِيَّة.
والمالكية، وَابْن الباقلاني، وَأَبُو الْحُسَيْن، وَذكره بعض أَصْحَابنَا عَن الْأَكْثَر: أَنه كَانَ غير متعبد بشرع لَا معِين وَلَا غير معِين، وَأَن عَن أَحْمد قَوْلَيْنِ، وَنَقله الباقلاني عَن أَكثر الْمُتَكَلِّمين.
وَتوقف أَبُو هَاشم، وَعبد الْجَبَّار، وَأَبُو الْخطاب، وَالْغَزالِيّ،
وَابْن الْأَنْبَارِي.
وَأَبُو الْمَعَالِي قَالَ هُوَ وَجَمَاعَة: لفظية.
وَعَن الْمُعْتَزلَة: أَنه تعبد بشريعة الْعقل. [قَالَه ابْن مُفْلِح.
وَقَالَ ابْن حمدَان: تعبد بِوَضْع شَرِيعَة اخْتَارَهَا.
وَقَالَ الطوفي: تعبد بالإلهام.
وَإِذا قُلْنَا: إِنَّه غير متعبد بشريعة أصلا.
فَقيل: لامتناعه عقلا، لما فِيهِ من التنفير عَنهُ.
وَقيل: شرعا، وَعَزاهُ القَاضِي عِيَاض لحذاق أهل السّنة، إِذْ لَو كَانَ كَذَلِك لنقل ولتداولته الْأَلْسِنَة، وَاخْتَارَهُ الباقلاني، والرازي، والآمدي، وَغَيرهم.
اسْتدلَّ من قَالَ: إِنَّه كَانَ متعبدا بشريعة من قبله بِمَا فِي مُسلم عَن عَائِشَة " أَنه كَانَ يَتَحَنَّث، وَهُوَ التَّعَبُّد فِي غَار حراء ".
وَفِي البُخَارِيّ أَيْضا: " كَانَ يَتَحَنَّث بِغَار حراء ".
رد: بِأَن مَعْنَاهُ التفكر وَالِاعْتِبَار، وَلم يثبت عَنهُ عبَادَة صَوْم وَنَحْوه.