الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قُلْنَا: هَذِه الْأَحَادِيث لَفظهَا على الْعُمُوم، وَالْمرَاد مِنْهَا الْخُصُوص، فَمَعْنَاه: لَا تقوم على أحد يوحد الله إِلَّا بِموضع كَذَا؛ إِذْ لَا يجوز أَن تكون الطَّائِفَة الْقَائِمَة بِالْحَقِّ الَّتِي توَحد الله إِلَّا بِموضع كَذَا، فَإِن بِهِ طَائِفَة قَائِمَة على الْحق، وَلَا تقوم السَّاعَة إِلَّا على شرار النَّاس بِموضع كَذَا.
إِذْ لَا يجوز أَن تكون الطَّائِفَة الْقَائِمَة بِالْحَقِّ الَّتِي توَحد الله هِيَ شرار الْخلق.
وَقد جَاءَ ذَلِك مُبينًا فِي حَدِيث أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ، أَنه صلى الله عليه وسلم َ -
قَالَ: " لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي ظَاهِرين على الْحق، لَا يضرهم من خالفهم "، قيل: وَأَيْنَ هم يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " بِبَيْت الْمُقَدّس، أَو أكناف بَيت الْمُقَدّس ") . انْتهى
.
فَاخْتَارَ مَا اخْتَارَهُ القَاضِي عبد الْوَهَّاب.
وَقَالَ الْبرمَاوِيّ: (وَاخْتَارَ ابْن دَقِيق الْعِيد فِي " شرح العنوان " مَذْهَب الْحَنَابِلَة، وَكَذَا فِي أول " شرح الْإِلْمَام "، بل أَشَارَ إِلَى ذَلِك إِمَام
الْحَرَمَيْنِ فِي " الْبُرْهَان "، وَكَذَا ابْن برهَان فِي " الْأَوْسَط "، لَكِن كَلَامهم مُحْتَمل الْحمل على عمَارَة الْوُجُود بالعلماء لَا على خُصُوص الْمُجْتَهدين) انْتهى.
قَالَ ابْن الْعِرَاقِيّ: (قَالَ فِي " شرح العنوان ": الْمُخْتَار عدم خلو الْعَصْر عَن مُجْتَهد، لَكِن إِلَى الْحَد الَّذِي تنْتَقض بِهِ الْقَوَاعِد بِسَبَب زَوَال الدُّنْيَا فِي آخر الزَّمَان.
وَيُوَافِقهُ قَوْله فِي " شرح خطْبَة الْإِلْمَام ": وَالْأَرْض لَا تَخْلُو من قَائِم لله بِالْحجَّةِ وَالْأمة الشَّرِيفَة لَا بُد لَهَا من سالك [إِلَى الْحق] إِلَى أَن يَأْتِي أَمر الله فِي أَشْرَاط السَّاعَة الْكُبْرَى وتتابع بعده مَا لَا يبْقى مَعَه إِلَّا قدوم الْأُخْرَى) انْتهى.
وَاخْتَارَ صَاحب " جمع الْجَوَامِع ": جَوَاز ذَلِك إِلَّا أَنه لم يَقع.
وَقَالَ الْآمِدِيّ: يجوز خلو الْعَصْر عَن مُجْتَهد عِنْد جمَاعَة، قَالَ: وَهُوَ الْمُخْتَار؛ لِأَنَّهُ لَو امْتنع لَكَانَ بِغَيْرِهِ، وَالْأَصْل عَدمه.
وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ ": " إِن الله لَا يقبض الْعلم انتزاعا ينتزعه، وَلَكِن يقبض الْعلمَاء حَتَّى إِذا لم يبْق عَالم اتخذ النَّاس رُؤَسَاء جُهَّالًا، فسئلوا فأفتوا بِغَيْر علم، فضلوا وأضلوا ".