الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(قَوْله: {فصل} )
سبقت الْمصَالح الْمُرْسلَة فِي المسلك الرَّابِع بأقسامها، وتفاريعها، وأحكامها، وَالْخلاف فِيهَا، محررة مستوفاة فليعاود.
وَذَلِكَ إِن شهد الشَّرْع باعتبارها: كاقتباس الحكم من مَعْقُول دَلِيل شَرْعِي فَقِيَاس، أَو ببطلانها: كتعيين الصَّوْم فِي كَفَّارَة وَطْء رَمَضَان على الْمُوسر كالملك وَنَحْوه فلغو.
قَالَ بعض أَصْحَابنَا: " أنكرها متأخرو أَصْحَابنَا من أهل الْأُصُول، والجدل، وَابْن الباقلاني، وَجَمَاعَة من الْمُتَكَلِّمين ".
وَقَالَ بهَا مَالك، وَالشَّافِعِيّ فِي قَول قديم، وَحكي عَن أبي حنيفَة.
وَقَالَ ابْن برهَان: الْحق مَا قَالَه الشَّافِعِي: إِن لاءمت أصلا كليا أَو جزئيا قُلْنَا بهَا وَإِلَّا فَلَا.
وَقَالَ: مَالك لَا يُخَالف هَذَا الْمَذْهَب.
وَذكر أَبُو الْخطاب فِي تَقْسِيم أَدِلَّة الشَّرْع: أَن الاستنباط قِيَاس، واستدلال بأمارة أَو عِلّة، وبشهادة الْأُصُول.
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين: الِاسْتِدْلَال بأمارة أَو عِلّة هُوَ الْمصَالح.
وَأنكر بعض أَصْحَابنَا مذهبا ثَالِثا فِيهَا وَالله أعلم.
قَوْله: {فَائِدَة:}
هَذِه كالأدلة وَالْقَوَاعِد للفقه ذَكرنَاهَا هُنَا من كتب أَصْحَابنَا وَغَيرهم،
فَإِن هَذَا الْبَاب مَوْضُوع الِاسْتِدْلَال، وَلذَلِك ذكرُوا هُنَا الإلهام هَل هُوَ دَلِيل أم لَا؟ وَكَذَلِكَ أقل مَا قيل: كدية الْكِتَابِيّ.
فَهَذِهِ قَوَاعِد تشبه الْأَدِلَّة وَلَيْسَت بأدلة لَكِن ثَبت مضمونها بِالدَّلِيلِ، وَصَارَت يقْضى بهَا فِي جزئياتها كَأَنَّهَا دَلِيل على ذَلِك الجزئي، فَلَمَّا كَانَت كَذَلِك ناسب أَن نذْكر هُنَا شَيْئا من مهمات مَذْهَب أَحْمد وَأَصْحَابه الَّتِي صَارَت مَشْهُورَة بَين الْأَصْحَاب، وَهِي فِي الْحَقِيقَة رَاجِعَة إِلَى قَوَاعِد أصُول الْفِقْه، فنذكرها ونشير إِلَى مَا يرجع كل مِنْهَا إِلَيْهِ من قَوَاعِد أصُول الْفِقْه بِاخْتِصَار.
وَقد ذكر الْعَلامَة ابْن رَجَب قَوَاعِد جليلة عَظِيمَة لَكِنَّهَا فِي الْفِقْه.
وَبعده تِلْمِيذه القَاضِي عَلَاء الدّين ابْن اللحام البعلي، ذكر قَوَاعِد فِي أصُول الْفِقْه، كل مِنْهُمَا أَتَى بأَشْيَاء كَثِيرَة حَسَنَة جدا نافعة لطَالب الْعلم.
وَكَذَلِكَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين [ذكر] قَوَاعِد كَثِيرَة فِي الْمَذْهَب، وَكَذَلِكَ ابْن الْقيم وَغَيره.
إِذْ يحب على كل من أَرَادَ إحكام علم أَن يضْبط قَوَاعِده ليرد إِلَيْهَا مَا ينتشر من الْفُرُوع، ثمَّ يُؤَكد ذَلِك بالاستكثار من حفظ الْفُرُوع ليرسخ فِي الذِّهْن؛ فيتميز على نظرائه بِحِفْظ ذَلِك واستحضاره.
وَاعْلَم أَن قَوَاعِد مَذْهَب الإِمَام أَحْمد وَأَصْحَابه كَثِيرَة جدا لَا تَنْحَصِر، كَمَا تقدم ذكر بَعْضهَا عَن ابْن رَجَب وَغَيره، وَكَذَلِكَ جَمِيع الْمذَاهب الْأَرْبَعَة لكل أَصْحَاب مَذْهَب قَوَاعِد كَثِيرَة جليلة عَظِيمَة.
وَقد رد الْعَلامَة أَبُو الطَّاهِر الدباس الْحَنَفِيّ إِمَام الْحَنَفِيَّة بِمَا وَرَاء النَّهر جَمِيع مَذْهَب أبي حنيفَة رحمه الله إِلَى سبع عشرَة قَاعِدَة، وَكَانَ يضن بتعليمها.
وَلما بلغ ذَلِك الإِمَام الْعَلامَة القَاضِي الْحُسَيْن أحد أَئِمَّة الشَّافِعِيَّة رد جَمِيع مَذْهَب الشَّافِعِي إِلَى أَربع قَوَاعِد، وَهِي: الْيَقِين لَا يزَال بِالشَّكِّ، وَالضَّرَر يزَال، وَالْمَشَقَّة تجلب التَّيْسِير، وَالْعَادَة محكمَة.
قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: فِي كَون هَذِه الْأَرْبَع دعائم الْفِقْه نظر، فَإِن غالبه لَا يرجع إِلَيْهَا إِلَّا بوسائط وتكلف.
قَالَ الْحَافِظ العلائي: (وَرَأَيْت فِيمَا علقت بِالْقَاهِرَةِ، وَعَن بعض الْفُضَلَاء أَنه ضم إِلَى الْأَرْبَع خَامِسَة وَهِي: الْأُمُور بمقاصدها، لحَدِيث: " إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ "، وَقَالَ: بني الْإِسْلَام على خمس، وَالْفِقْه على خمس، وَهُوَ حسن) .
وَقَالَ الإِمَام أَحْمد: أصُول الْإِسْلَام ثَلَاثَة أَحَادِيث:
" الْأَعْمَال بِالنِّيَّةِ "، و " الْحَلَال بَين وَالْحرَام بَين " و " من أحدث فِي أمرنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رد ".
وَقَالَ أَبُو دَاوُد تلميذ الإِمَام أَحْمد: الْفِقْه يَدُور على خَمْسَة أَحَادِيث: