الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(قَوْله: {فصل} )
{قَول صَحَابِيّ غير الْخُلَفَاء على صَحَابِيّ غير حجَّة اتِّفَاقًا} .
ذكر الْآمِدِيّ أَن مَذْهَب الصَّحَابِيّ لَيْسَ بِحجَّة على صَحَابِيّ إِجْمَاعًا.
وَكَذَا نقل ابْن عقيل وَزَاد: وَلَو كَانَ أعلم أَو إِمَامًا أَو حَاكما.
وَفِي نقل الْإِجْمَاع فِي ذَلِك نظر، فقد تقدم لنا فِي الْإِجْمَاع: رِوَايَة عَن أَحْمد أَن قَول الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة حجَّة وَإِجْمَاع، وَاخْتَارَهُ ابْن الْبَنَّا من أَصْحَابنَا، وَأَبُو خازم من أَعْيَان الْحَنَفِيَّة الْمُتَقَدِّمين.
وَرِوَايَة: أَن قَوْلهم [لَيْسَ بِإِجْمَاع وَلَا] حجَّة.
وَرِوَايَة: أَن قَول الشَّيْخَيْنِ حجَّة.
وَرِوَايَة: أَن قَوْلهمَا إِجْمَاع.
وَرِوَايَة: أَنه يحرم مُخَالفَة أحد الْأَرْبَعَة، اخْتَارَهُ الْبَرْمَكِي من أَصْحَابنَا وَبَعض الشَّافِعِيَّة.
فَكيف نحكي الْإِجْمَاع مَعَ هَذَا الْخلاف؟
وَكَذَلِكَ قَالَ الْبرمَاوِيّ عَن حِكَايَة ابْن الْحَاجِب الِاتِّفَاق على ذَلِك فَقَالَ: (فِي حكايته الِاتِّفَاق نظر.
فقد قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ - بعد تَقْرِير أَنه إِنَّمَا يكون حجَّة على قَول من يرَاهُ إِذا لم يخْتَلف الصَّحَابَة، وَلَكِن نقل عَن وَاحِد مِنْهُم وَلم يظْهر خِلَافه: أَن الشَّافِعِي قَالَ فِي مَوضِع: إِذا اخْتلف الصَّحَابَة فالتمسك بقول الْخُلَفَاء أولى،
قَالَ: فَهَذَا كالدليل على أَنه لَا يسْقط الِاحْتِجَاج بأقوال الصَّحَابَة من أجل الِاخْتِلَاف انْتهى.
وَفِي " الْمَحْصُول " فِي مَسْأَلَة الْإِجْمَاع السكوتي مَا يشْعر بِالْخِلَافِ فِي كَونه حجَّة على صَحَابِيّ آخر.
وَفِي " اللمع " للشَّيْخ أبي إِسْحَاق أَن الصَّحَابَة إِذا اخْتلفُوا على قَوْلَيْنِ يَنْبَنِي على الْقَوْلَيْنِ فِي أَنه حجَّة أم لَا؟ فَإِن قُلْنَا لَيْسَ بِحجَّة لم يكن قَول بَعضهم حجَّة على بعض، وَلم يجز تَقْلِيد وَاحِد مِنْهُمَا، بل يرجع إِلَى الدَّلِيل، وَإِن قُلْنَا إِنَّه حجَّة فهما دليلان تَعَارضا يرجح أَحدهمَا على الآخر بِكَثْرَة الْعدَد من أحد الْجَانِبَيْنِ، أَو يكون فِيهِ إِمَام انْتهى.
قَوْله: {فَإِن انْتَشَر وَلم يُنكر فَسبق} .
فِي الْإِجْمَاع السكوتي محررا.
نَقله ابْن مُفْلِح، وَنَقله - أَيْضا - عَن مَالك، وَإِسْحَاق، فَمن
أَصْحَابنَا أَبُو بكر، [و] ابْن شهَاب، وَالْقَاضِي، والموفق، والطوفي، وَغَيرهم، وَنَقله أَبُو يُوسُف، وَغَيره عَن أبي حنيفَة.
فعلى هَذَا القَوْل إِن اخْتلف صحابيان فكدليلين تَعَارضا على مَا يَأْتِي.
وَقيل: إِن انْضَمَّ إِلَيْهِ قِيَاس تقريب كَانَ حجَّة مقدما على الْقيَاس وَإِلَّا فَلَا، وَحَكَاهُ الْمَاوَرْدِيّ قولا للشَّافِعِيّ، وَذَلِكَ: كَقَوْل عُثْمَان رضي الله عنه فِي البيع بِشَرْط الْبَرَاءَة من كل عيب " أَن البَائِع يبرأ بِهِ مِمَّا لم يعلم فِي الْحَيَوَان دون غَيره ".
قَالَ الشَّافِعِي رضي الله عنه: لِأَنَّهُ يغتذي بِالصِّحَّةِ والسقم، أَي: فِي حالتيهما وتحول طبائعه.
وقلما يَخْلُو من عيب ظَاهر أَو خَفِي، بِخِلَاف غَيره، فَيبرأ البَائِع فِيهِ من خَفِي لَا يُعلمهُ بِشَرْط الْبَرَاءَة الْمُحْتَاج هُوَ إِلَيْهِ ليثق [باستقرار] العقد.
فَهَذَا قِيَاس تقريب، قرب قَول عُثْمَان الْمُخَالف لقياس التَّحْقِيق، وَالْمعْنَى من أَنه لَا يبرأ من شَيْء للْجَهْل بالمبرأ مِنْهُ.
وَقيل: حجَّة دون الْقيَاس فَيقدم الْقيَاس عَلَيْهِ إِذا تَعَارضا.
وَقيل: إِجْمَاع.
قَالَ ابْن مُفْلِح فِي " أُصُوله " فِي الْإِجْمَاع: " وَإِن لم ينتشر القَوْل فَلَا إِجْمَاع لعدم الدَّلِيل.
وَعند بَعضهم إِجْمَاع؛ لِئَلَّا يَخْلُو الْعَصْر عَن الْحق.
رد: بِجَوَازِهِ لعدم علمهمْ " انْتهى.
وَعَن أَحْمد لَيْسَ بِحجَّة كَأبي حنيفَة نَقله عَنهُ ابْن برهَان، وَالشَّافِعِيّ
فِي الْجَدِيد، وَأكْثر أَصْحَابه، والأشعرية، وَأبي الْخطاب، وَابْن عقيل، وَالْفَخْر إِسْمَاعِيل، وَجمع.
قَالَ الْبرمَاوِيّ: " وَإِلَيْهِ ذهب الأشاعرة والمعتزلة، والكرخي من الْحَنَفِيَّة، والرازي وَأَتْبَاعه، والآمدي، وَابْن الْحَاجِب وَغَيرهم ".