المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ وأصول الإيمان، لجاز له الاجتهاد في الفروع.قال: والقدر الواجب من ذلك: اعتقاد جازم إذ به يصير مسلما، والإسلام شرط المفتي لا محالة.قال الطوفي: " قلت: المشترط في الاجتهاد بالجملة معرفة كل ما يتوقف حصول ظن الحكم الشرعي عليه، سواء - التحبير شرح التحرير - جـ ٨

[المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌(بَاب الِاسْتِدْلَال)

- ‌(قَوْله: {بَاب الِاسْتِدْلَال} )

- ‌ فَلَيْسَ بِحرَام.مِثَال آخر: صيد الْمحرم إِمَّا حَلَال أَو حرَام، لكنه حرَام؛ لِأَنَّهُ نهي عَنهُ فَلَيْسَ بحلال.وَقد تقدم بَيَان ذَلِك فِي أَوَائِل الشَّرْح فَليُرَاجع، وَلِهَذَا تفاريع كَثِيرَة لَيست مَقْصُودَة تركناها خوف الإطالة

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ أُمَامَة فِي الصَّلَاة "، وَكَانَت بِحَيْثُ لَا تحترز عَن نَجَاسَة.قلت: وَهَذَا لَا يطرد فِي مَذْهَبنَا وَلَا فِي مَذْهَبهم، وَيَأْتِي قبيل التَّقْلِيد هَل يلْزم نافي الحكم الدَّلِيل عَلَيْهِ أم لَا؟قَوْله: {وَلَيْسَ اسْتِصْحَاب حكم الْإِجْمَاع فِي مَحل الْخلاف حجَّة عِنْد

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ هَل يكون شرعنا لنا حَتَّى يسْتَدلّ بِهِ فِي أَحْكَام شرعنا، إِذا لم نجد لَهُ دَلِيلا يقرره، وَلَا ورد مَا ينسخه، أَو لَيْسَ بشرع لنا حَتَّى يَأْتِي فِي شرعنا مَا يُقرر ذَلِك الحكم؟ فِيهِ قَولَانِ يأتيان قَرِيبا.قَوْله: {يجوز تعبد نَبِي بشريعة [نَبِي] قبله عقلا وَمنعه قوم}

- ‌ قبل الْبعْثَة متعبدا فِي الْفُرُوع بشرع من قبله مُطلقًا عِنْد القَاضِي، والحلواني، وَغَيرهمَا، وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَحْمد، وَقيل: معِين، فَقيل: أَدَم، أَو نوح، أَو إِبْرَاهِيم، اخْتَارَهُ ابْن عقيل، وَالْمجد، وَالْبَغوِيّ، وَابْن كثير، وَجمع، أَو مُوسَى، أَو عِيسَى، وَمنع الْحَنَفِيَّة

- ‌ وَاحِد مِنْهُم، فيتناوله عُمُوم الدعْوَة.ثمَّ اخْتلفُوا على هَذَا القَوْل، هَل كَانَ متعبدا بشرع معِين أَو لَا؟ فِيهِ قَولَانِ.ثمَّ اخْتلف الْقَائِل بِأَنَّهُ متعبد بشرع معِين فِي الْمعِين:فَقيل: آدم - صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِ -، وَلم يذكرهُ فِي " جمع الْجَوَامِع

- ‌ فِي أُمُور:مِنْهَا: انصراف همم النَّاس عَن أَمر دينه والبحث عَنهُ " انْتهى.قَالَ ابْن مُفْلِح وَغَيره: وَجه الْمَنْع أَنه لَو كَانَ متعبدا بشرع لخالط أَهله عَادَة.رد: بِاحْتِمَال مَانع

- ‌ على مَا كَانَ عَلَيْهِ قومه عِنْد الْأَئِمَّة، قَالَ أَحْمد: من زَعمه فَقَوْل سوء} .قَالَ ابْن مُفْلِح: " وَلم يكن

- ‌ مِمَّن أَمر أَن يقْتَدى بهم " رَوَاهُ البُخَارِيّ

- ‌ قضى بِالْقصاصِ فِي السن، وَقَالَ: " كتاب الله الْقصاص "، وَإِنَّمَا هَذَا فِي التَّوْرَاة.وَسِيَاق قَوْله تَعَالَى: {فاعتدوا عَلَيْهِ} ، فِي غَيره، وَلِهَذَا لم يُفَسر لَهُ.وللترمذي، وَالنَّسَائِيّ، عَن عمرَان: " أَن رجلا عض يَد رجل فنزعها من فِيهِ، فَوَقَعت ثنيتاه، فَقَالَ

- ‌ إِلَى التَّوْرَاة فِي الرَّجْم

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ أَنه قَالَ: " نَحن نحكم بِالظَّاهِرِ، وَالله يتَوَلَّى السرائر "، كَمَا اسْتدلَّ بِهِ الْبَيْضَاوِيّ وَغَيره.لكنه حَدِيث لَا يعرف، لَكِن رَوَاهُ الْحَافِظ أَبُو طَاهِر إِسْمَاعِيل بن عَليّ بن إِبْرَاهِيم بن أبي الْقَاسِم الجنزوي فِي كِتَابه: " إدارة الْأَحْكَام " فِي

- ‌ وأصل حَدِيثهمَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ " فَقَالَ الْمقْضِي عَلَيْهِ: قضيت عَليّ وَالْحق لي، فَقَالَ رَسُول الله

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ "، رَوَاهُ عُثْمَان الدَّارمِيّ، وَابْن عدي

- ‌ بِالظَّنِّ.رد: يمْنَع ذَلِك كَخَبَر الْوَاحِد

- ‌ لِئَلَّا يكون كَاتِما للْعلم.رد: يحْتَمل أَنه نَقله وَلم يبلغنَا، أَو ظن نقل غَيره لَهُ، فَاكْتفى بذلك الْغَيْر عَن نَقله، أَو كره الرِّوَايَة.قلت: كل هَذِه الِاحْتِمَالَات بعيدَة، بل يُقَال: لَا يلْزم أَنه إِذا [روى] ذَلِك وَكَانَ توقيفا أَن يُصَرح بِرَفْعِهِ.قَوْله:

- ‌ لَا يلْزم الْأَخْذ بِهِ.وَنقل الْمَرْوذِيّ: ينظر مَا كَانَ عَن النَّبِي

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ فَهُوَ ثَابت بِالسنةِ، أَو فِي زمانهم من غير إِنْكَار فَهُوَ إِجْمَاع، وَإِلَّا فَهُوَ مَرْدُود

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ خمس مائَة ألف حَدِيث، انتخبت مِنْهُ مَا ضمنته كتابي السّنَن، جمعت فِيهِ أَرْبَعَة آلَاف وَثَمَانمِائَة حَدِيث، ذكرت الصَّحِيح وَمَا يُشبههُ ويقاربه، وَيَكْفِي الْمُسلم لدينِهِ من ذَلِك أَرْبَعَة أَحَادِيث:

- ‌ الرجل يخيل إِلَيْهِ: أَنه يجد الشَّيْء فِي الصَّلَاة؟ قَالَ: " لَا ينْصَرف حَتَّى يسمع صَوتا أَو يجد ريحًا " مُتَّفق عَلَيْهِ.وَلمُسلم: " إِذا وجد أحدكُم فِي بَطْنه شَيْئا فأشكل عَلَيْهِ: أخرج مِنْهُ شَيْء فَلَا يخْرجن من الْمَسْجِد حَتَّى يسمع صَوتا أَو يجد ريحًا

- ‌ الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي، وَالْيَمِين على الْمُدعى عَلَيْهِ "، وَفِي رِوَايَة: " على من أنكر ".قَوْله: {وَالضَّرَر يزَال}

- ‌ لَا ضَرَر وَلَا ضرار "، وَفِي رِوَايَة: " وَلَا إِضْرَار " بِزِيَادَة همزَة فِي أَوله وَألف بَين الراءين.وَقد علل أَصْحَابنَا بذلك فِي مسَائِل كَثِيرَة جدا.وَقد تقدم قَرِيبا أَن أَبَا دَاوُد قَالَ: الْفِقْه يَدُور على خَمْسَة أَحَادِيث، مِنْهَا: قَوْله

- ‌ لهِنْد: " خذي مَا يَكْفِي وولدك بِالْمَعْرُوفِ

- ‌ لحمنة بنت جحش: " تحيضي فِي علم الله سِتا أَو سبعا كَمَا تحيض النِّسَاء، وكما يطهرن لميقات حيضهن وطهرهن "، رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ، وَصَححهُ الْحَاكِم.وَحَدِيث أم سَلمَة: أَن امْرَأَة كَانَت تهراق الدَّم على عهد رَسُول الله

- ‌ فَقَالَ: " لتنظر عدد اللَّيَالِي وَالْأَيَّام الَّتِي كَانَت تحيضهن من الشَّهْر قبل أَن يُصِيبهَا ذَلِك فلتترك الصَّلَاة " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيّ، وَابْن خُزَيْمَة، وَابْن حبَان فِي " صَحِيحَيْهِمَا

- ‌ من عمل عملا لَيْسَ عَلَيْهِ أمرنَا فَهُوَ رد " رَوَاهُ مُسلم بِهَذَا اللَّفْظ، فَإِنَّهُ دَلِيل على اعْتِبَار مَا الْمُسلمُونَ عَلَيْهِ إِمَّا من جِهَة الْأَمر الشَّرْعِيّ، أَو من جِهَة الْعَادة المستقرة، لشمُول قَوْله: لَيْسَ عَلَيْهِ أمرنَا ذَلِك.وَمِنْهَا حَدِيث: " الْمِكْيَال مكيال أهل الْمَدِينَة، وَالْوَزْن

- ‌ على أهل الْحَائِط حفظهَا بِالنَّهَارِ، وعَلى أهل الْمَوَاشِي حفظهَا بِاللَّيْلِ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَصَححهُ جمَاعَة

- ‌ التَّضْمِين على مَا جرت بِهِ الْعَادة.وَقيل: وَيَنْبَنِي على هَذِه الْقَاعِدَة مَا اعْتَمدهُ إمامنا وأصحابنا فِي أقل سنّ الْحيض للْمَرْأَة، وَأَقل الْحيض وَالطُّهْر، وأكثرهما، وَثمن الْمثل، وكفء النِّكَاح، وَأكْثر مُدَّة الْحمل وأقلها، وَسن الْيَأْس، وَمهر الْمثل.وَضَابِط كل فعل

- ‌(بَاب الِاجْتِهَاد)

- ‌(قَوْله: {بَاب الِاجْتِهَاد} )

- ‌ فَإِنَّهُ لَا يُسمى فِي الْعرف فَقِيها وَلعدم الْإِذْن فِيهِ.إِلَّا أَن يُقَال: المُرَاد بِالْحَدِّ اجْتِهَاد الْفَقِيه لَا مُطلق الِاجْتِهَاد " قَالَه الْبرمَاوِيّ

- ‌ فِي الْأَحَادِيث؛ ليعرف المُرَاد من ذَلِك، وَمَا يتَعَلَّق بهما من تَخْصِيص أَو تَعْمِيم.وَأَن يعرف - أَيْضا - شُرُوط الْمُتَوَاتر والآحاد؛ ليقدم مَا يجب تَقْدِيمه عِنْد التَّعَارُض.وَأَن يعرف الصَّحِيح من الحَدِيث والضعيف سندا ومتنا؛ لِيطْرَح الضَّعِيف حَيْثُ لَا يكون فِي فَضَائِل الْأَعْمَال

- ‌ على مَا هُوَ الرَّاجِح، وَإِن جَازَ غَيره فِي كَلَام الْعَرَب.قَالَ الطوفي: " وَيشْتَرط أَن يعرف من النَّحْو واللغة مَا يَكْفِيهِ فِي معرفَة مَا يتَعَلَّق بِالْكتاب وَالسّنة من نَص، وَظَاهر، ومجمل، وَحَقِيقَة ومجاز، وعام وخاص، وَمُطلق ومقيد، وَدَلِيل الْخطاب، وَنَحْوه: كفحوى الْخطاب

- ‌ وَبِمَا جَاءَ بِهِ من الشَّرْع الْمَنْقُول، كل بدليله من جِهَة الْجُمْلَة لَا من جِهَة التَّفْصِيل

- ‌ وأصول الْإِيمَان، لجَاز لَهُ الِاجْتِهَاد فِي الْفُرُوع.قَالَ: وَالْقدر الْوَاجِب من ذَلِك: اعْتِقَاد جازم إِذْ بِهِ يصير مُسلما، وَالْإِسْلَام شَرط الْمُفْتِي لَا محَالة.قَالَ الطوفي: " قلت: الْمُشْتَرط فِي الِاجْتِهَاد بِالْجُمْلَةِ معرفَة كل مَا يتَوَقَّف حُصُول ظن الحكم الشَّرْعِيّ عَلَيْهِ، سَوَاء

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ فِي أَمر الدُّنْيَا، وَوَقع إِجْمَاعًا قَالَه ابْن مُفْلِح} .وَذَلِكَ " لقصته

- ‌ أَن ينزل ببدر دون المَاء قَالَ لَهُ: " إِن كَانَ هَذَا بِوَحْي فَنعم، وَإِن كَانَ الرَّأْي والمكيدة فَأنْزل بِالنَّاسِ

- ‌ لَا يسألني الله عَن سنة أحدثتها فِيكُم لم يَأْمُرنِي بهَا "، وَاحْتج أَبُو الْقَاسِم بن مندة فِي ذمّ من فعل

- ‌ يجوز أَن يتعبد بِالِاجْتِهَادِ.قَالَ الْبرمَاوِيّ: قَالَ أَكْثَرهم إِذا اجْتهد يكون دَائِما مصيبا، وَلَيْسَ كَغَيْرِهِ فِي أَنه تَارَة يُصِيب فِي نفس الْأَمر، وَتارَة يخطيء، بل اجْتِهَاده لَا يخطيء أبدا لعصمته، ولمنصب النُّبُوَّة عَن الْخَطَأ فِي الِاجْتِهَاد.قَالَ القَاضِي فِي " الْعدة

- ‌ يتَصَرَّف بالفتيا، والتبليغ، وَالْقَضَاء، وَالْإِقَامَة}

- ‌ أَتَاهُ رجلَانِ يختصمان فِي مَوَارِيث وَأَشْيَاء قد درست فَقَالَ: " إِنِّي إِنَّمَا أَقْْضِي بَيْنكُم برأيي فِيمَا لم ينزل عَليّ فِيهِ ".وَله أَيْضا

- ‌ آثارها مُخْتَلفَة، فإقامة الْحُدُود، وترتيب الجيوش وَغير ذَلِك، من منصب الإِمَام، وَلَيْسَ لأحد

- ‌ من أَحْيَا أَرضًا ميتَة فَهِيَ لَهُ

- ‌ لهِنْد بنت عتبَة امْرَأَة أبي سُفْيَان بن حَرْب: " خذي من مَاله مَا يَكْفِيك وَيَكْفِي ولدك بِالْمَعْرُوفِ ".قَالَ الشَّافِعِي: هُوَ تصرف بالفتوى، فَمن ظفر بِجِنْس حَقه أَو بِغَيْر جنسه عِنْد التَّعَذُّر جَازَ أَن يَسْتَوْفِي مِنْهُ حَقه، وَهَذَا أحد الْقَوْلَيْنِ للموفق فَإِنَّهُ تَارَة قطع بِأَنَّهُ فَتْوَى، وَتارَة

- ‌ من قتل قَتِيلا فَلهُ سلبه

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ وَأمته فِي أَنه كَانَ يجوز لَهُ أَن يجْتَهد وَيحكم بِالْقِيَاسِ من جِهَة الْعقل.وَقَالَ بَعضهم: لَا يجوز ذَلِك عقلا.ثمَّ قَالَ: لنا أَنه إِذا جَازَ أَن يتعبد غَيره بِالنَّصِّ تَارَة، وبالاجتهاد أُخْرَى، جَازَ أَن يتعبد هُوَ بذلك، وَلَيْسَ فِي الْعقل مَا يحيله فِي حَقه ويصححه فِي حَقنا

- ‌ وَيَأْتِي فِي الدَّلِيل على الْمَسْأَلَة.وَأما الثَّانِي: وَهُوَ الْوُقُوع فَفِيهِ - أَيْضا - مَذَاهِب:أَحدهَا: وَهُوَ الْأَصَح أَنه وَقع، وَسَيَأْتِي الْحَوَادِث بذلك.وَالثَّانِي: أَنه لم يَقع، إِذْ لَو وَقع لاشتهر.وَالثَّالِث: أَنه لم يَقع بَين الْحُضُور.وَالرَّابِع: الْوَقْف

- ‌ فِي غَزْوَة حنين إِنَّه قتل قَتِيلا، فَقَالَ رجل: صدق، وسلبه عِنْدِي فأرضه فِي حَقه، فَقَالَ أَبُو بكر: لَا هَا الله إِذا لَا يعمد إِلَى أَسد من أَسد الله يُقَاتل عَن الله وَرَسُوله فيعطيك سلبه، فَقَالَ: صدق " مُتَّفق عَلَيْهِ.وَالْمَعْرُوف لُغَة: لَا هَا الله ذَا، أَي: يَمِيني، وَقيل:

- ‌ إِلَيْهِ فجَاء فَقَالَ: " نزل

- ‌ رجلَانِ فَقَالَ لعَمْرو بن الْعَاصِ: " اقْضِ بَينهمَا، فَقَالَ: وَأَنت هُنَا يَا رَسُول الله؟ قَالَ: [نعم]

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ تفترق أمتِي على ثَلَاث وَسبعين فرقة، فرقة نَاجِية وَالْبَاقِي فِي النَّار "، وَقد تقدم قَرِيبا الْخلاف بَين الْعلمَاء فِي تَكْفِير المبتدعة، وَقد ذكر هُنَا أَقُول تقشعر مِنْهَا الْجُلُود وتنفر

- ‌ فَإنَّا نعلم قطعا: أَن النَّبِي

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ كَانَ إِذا أَمر أَمِيرا على جَيش أَو سَرِيَّة قَالَ: إِذا حاصرت أهل حصن، وأرادوك أَن تنزلهم على حكم الله فَلَا تنزلهم على حكم الله، وَلَكِن أنزلهم على حكمك، فَإنَّك لَا تَدْرِي تصيب مِنْهُم حكم الله أم لَا

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ تَعَارضا ".وَكَذَا جزم الْآمِدِيّ: يمْتَنع الْعَمَل بِأَحَدِهِمَا لاحْتِمَال [رُجُوعه] كنصين.وَإِن علم أسبقهما فَالصَّحِيح من الْمَذْهَب أَن الثَّانِي مذْهبه وَهُوَ نَاسخ للْأولِ، وَعَلِيهِ الْأَكْثَر مِنْهُم: أَبُو الْخطاب فِي " التَّمْهِيد "، والموفق فِي " الرَّوْضَة "، وَالْقَاضِي فِي " الْعدة

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ وَمَا تفرع عَن ذَلِك من إِجْمَاع أَو قِيَاس وَغَيرهمَا من الاستدلالات، وطرقها بِالِاجْتِهَادِ وَلَو من النَّبِي

- ‌ وَقَالَهُ الشَّافِعِي، وَأكْثر أَصْحَابه، وَجُمْهُور أهل الحَدِيث، فَيكون حكمه من جملَة المدارك الشَّرْعِيَّة، فَإِذا قَالَ: هَذَا حَلَال، عرفنَا أَن الله تَعَالَى فِي الْأَزَل حكم بحله، أَو هَذَا حرَام، أَو نَحْو ذَلِك، لَا أَنه ينشيء الحكم؛ لِأَن ذَلِك من خَصَائِص الربوبية.قَالَ ابْن

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌(بَاب التَّقْلِيد)

- ‌(قَوْله: {بَاب التَّقْلِيد} )

- ‌ وَإِلَى الْمُفْتِي وَإِلَى الْإِجْمَاع، وَالْقَاضِي إِلَى الْعُدُول لَيْسَ بتقليد، وَلَو سمي تقليدا سَاغَ.وَفِي " الْمقنع ": الْمَشْهُور أَن أَخذه بقول الْمُفْتِي تَقْلِيد، وَهُوَ أظهر، وَقدمه فِي " آدَاب الْمُفْتِي " فِي الْإِجْمَاع أَيْضا، وَقيل: وَالْقَاضِي.قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين فِي " المسودة

- ‌ وَالْإِجْمَاع.وَاحْترز بالنافي: عَن قبُول القَاضِي الْبَيِّنَة وَنَحْو ذَلِك.وَمَا قَالَه الرَّافِعِيّ أرجح.ومثلوا على قَول الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب ذَلِك: بِأخذ الْعَاميّ والمجتهد بقول مثله كَمَا تقدم.قَالَ الْعَضُد: " فَلَا يكون الرُّجُوع إِلَى الرَّسُول

- ‌ بالمعجز، وَالْإِجْمَاع بِمَا تقدم فِي حجيته، وَقَول الشَّاهِد والمفتي بِالْإِجْمَاع

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ عَن الْكَلَام فِي الْقدر " وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة من رِوَايَة صَالح المري وَهُوَ ضَعِيف، وَرَوَاهُ أَحْمد

- ‌ يخاصمونه فِي الْقدر ".قَالُوا: لَو كَانَ، فعله الصَّحَابَة وَنقل كالفروع.رد: هُوَ كَذَلِك؛ لِئَلَّا يلْزم نسبتهم إِلَى الْجَهْل وَهُوَ بَاطِل لِأَنَّهُ غير ضَرُورِيّ، وَلم ينْقل لعدم الْحَاجة. قَالُوا: لَو كَانَ أنْكرت على الْعَامَّة تَركه

- ‌ طلب الْعلم فَرِيضَة على كل مُسلم

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي ظَاهِرين " إِلَى آخِره.(قَالَ ابْن بطال: لِأَن أمته آخر الْأُمَم وَعَلَيْهَا تقوم السَّاعَة، وَإِن ظَهرت أشراطها وَضعف الدّين فَلَا بُد أَن يبْقى من أمته من يقوم بِهِ.قَالَ: فَإِن قيل: قَالَ النَّبِي

- ‌ قَالَ: " لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي ظَاهِرين على الْحق، لَا يضرهم من خالفهم "، قيل: وَأَيْنَ هم يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " بِبَيْت الْمُقَدّس، أَو أكناف بَيت الْمُقَدّس ") . انْتهى

- ‌ لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي ظَاهِرين على الْحق ".رد: الْخَبَر الأول أدل على الْمَقْصُود، وَلَو تَعَارضا سلم الأول.وَأَيْضًا: التفقه فرض كِفَايَة، فَفِي تَركه اتِّفَاق الْأَمر على بَاطِل.رد: مَنعه الْآمِدِيّ إِن أمكن تَقْلِيد الْعَصْر السَّابِق، ثمَّ فرض عِنْد إِمْكَانه، فَإِذا

- ‌ لَا يَخْلُو عصر من حجَّة لله "، وَذكره القَاضِي أَيْضا.وَقَوله: " لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي ظَاهِرين على الْحق حَتَّى يردوا عَليّ " فَلَا يَصح

- ‌ يَنْبَغِي أَن تكون ألفا أَو ألفا وَمِائَتَيْنِ ".وَذكر القَاضِي أَن ابْن شاقلا اعْترض عَلَيْهِ بِهِ، فَقَالَ: " إِن كنت لَا أحفظ، فَإِنِّي أُفْتِي بقول من يحفظ أَكثر مِنْهُ ".قَالَ القَاضِي: لَا يَقْتَضِي هَذَا أَنه كَانَ يُقَلّد أَحْمد لمَنعه الْفتيا بِلَا علم.قَالَ بعض أَصْحَابنَا: ظَاهره

- ‌ أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ "، وَفِيهِمْ الْأَفْضَل من غَيره.وَأَيْضًا: الْعَاميّ لَا يُمكنهُ التَّرْجِيح لقصوره، وَلَو كلف بذلك لَكَانَ تكليفا بِضَرْب من الِاجْتِهَاد.لَكِن زيف ابْن الْحَاجِب بِأَن ذَلِك يظْهر بِالتَّسَامُعِ وَرُجُوع الْعلمَاء إِلَيْهِ وَغَيره، لِكَثْرَة

- ‌ فِي كل أمره وَنَهْيه وَهُوَ خلاف الْإِجْمَاع، وَتوقف أَيْضا فِي جَوَازه.وَقَالَ أَيْضا: إِن خَالفه لقُوَّة الدَّلِيل، أَو زِيَادَة علم، أَو تقوى، فقد

- ‌(قَوْله: {فصل} )

- ‌ ينْهَى عَن قيل وَقَالَ، وإضاعة المَال، وَكَثْرَة السُّؤَال ".وَفِي لفظ: " إِن الله كره لكم ذَلِك "، مُتَّفق عَلَيْهِمَا.وَفِي حَدِيث اللّعان: " وَكره

- ‌ وَأَصْحَابه

- ‌(بَاب تَرْتِيب الْأَدِلَّة والتعادل والتعارض وَالتَّرْجِيح)

- ‌(قَوْله: {بَاب} {تَرْتِيب الْأَدِلَّة والتعادل والتعارض وَالتَّرْجِيح} )

- ‌ الْمَشْهُود لَهُم بالخيرية فِي قَوْله: " خير الْقُرُون قَرْني ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ ".فَإِن فرض فِي عصر وَاحِد إجماعان، فَالثَّانِي بَاطِل؛ لِأَن كل من اجْتهد من الْمُتَأَخر فَقَوله بَاطِل لمُخَالفَته الْإِجْمَاع السَّابِق.فَإِن كَانَ أحد الإجماعين مُخْتَلفا فِيهِ وَالْآخر مُتَّفق عَلَيْهِ، فالمتفق

- ‌ عَن الصَّلَاة بعد الصُّبْح وَالْعصر " بقوله

- ‌ وَرَضي رَسُول الله

- ‌ على مَا رَوَاهُ الْجَمَاعَة عَن النَّبِي

- ‌ على كِتَابَة، قَالَه الْجِرْجَانِيّ، وَابْن عقيل، وَالْمجد، والآمدي.وَقَالَ أَحْمد: سَوَاء.فَيحْتَمل فِي الْحجَّة، وَيحْتَمل لَا تَرْجِيح كَالْقَاضِي، وَابْن الْبَنَّا.وَمَا سمع مِنْهُ على مَا سكت عَنهُ مَعَ حُضُوره

- ‌ على فعله.وثالثتها سَوَاء.وَمَا لَا تعم بِهِ الْبلوى فِي الْآحَاد.وَمَا لم يُنكره الْمَرْوِيّ عَنهُ

- ‌ ينْطق بالفصيح وبالأفصح، فَلَا فرق بَين ثبوتهما عَنهُ، وَالْكَلَام فِي سوى ذَلِك

- ‌ مَا اجْتمع الْحَلَال وَالْحرَام إِلَّا غلب الْحَرَام " لِأَنَّهُ أحوط

- ‌ الْبَيْت، قَالَ بِلَال:

- ‌ لم يصل فِي الْبَيْت؛ لِأَنِّي كنت مَعَه فِيهِ، وَلم يغب على نَظَرِي طرفَة عين فِيهِ، وَلم أره صلى فِيهِ، أَو قَالَ: أَخْبرنِي رَسُول الله

- ‌ لَا ضَرَر وَلَا ضرار فِي الْإِسْلَام

- ‌ عَلَيْكُم بِسنتي وَسنة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين من بعدِي، عضوا عَلَيْهَا بالنواجذ ".وَلِأَن الظَّاهِر أَنهم لم يتْركُوا النَّص الآخر إِلَّا لحجة عِنْدهم، فَلذَلِك قدم

- ‌ اقتدوا باللذين من بعدِي أبي بكر وَعمر ".قَالَ أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ: إِذا بلغك اخْتِلَاف عَن النَّبِي

- ‌ ظَاهرا وَبَاطنا، كامتناعه من الصَّلَاة، حَتَّى قَالَ عَليّ: " هما عليّ "، وَأَنه ابْتِدَاء ضَمَان

- ‌ فِي الظَّاهِر وَالْبَاطِن على مَا يتَضَمَّن إِصَابَته فِي الظَّاهِر وَالْبَاطِن، على مَا يتَضَمَّن إِصَابَته فِي الظَّاهِر فَقَط.فَالْأول مقدم ومرجح، لِأَنَّهُ بعيد عَن الْخَطَأ وَهُوَ اللَّائِق بِهِ وبحاله

- ‌ امْتنع من الصَّلَاة "، وَكَانَ وَقت

- ‌(قَوْله: {خَاتِمَة} )

الفصل: ‌ وأصول الإيمان، لجاز له الاجتهاد في الفروع.قال: والقدر الواجب من ذلك: اعتقاد جازم إذ به يصير مسلما، والإسلام شرط المفتي لا محالة.قال الطوفي: " قلت: المشترط في الاجتهاد بالجملة معرفة كل ما يتوقف حصول ظن الحكم الشرعي عليه، سواء

وَقَالَ الْغَزالِيّ: لَيْسَ معرفَة الْكَلَام بالأدلة المحررة فِيهِ، على عَادَة الْمُتَكَلِّمين شرطا فِي الِاجْتِهَاد، بل هُوَ من ضَرُورَة منصب الِاجْتِهَاد، إِذْ لَا يبلغ رُتْبَة الِاجْتِهَاد فِي الْعلم، إِلَّا وَقد قرع سَمعه أَدِلَّة الْكَلَام فيعرفها حَتَّى لَو تصور مقلد مَحْض فِي تَقْلِيد الرَّسُول صلى الله عليه وسلم َ -،‌

‌ وأصول الْإِيمَان، لجَاز لَهُ الِاجْتِهَاد فِي الْفُرُوع.

قَالَ: وَالْقدر الْوَاجِب من ذَلِك: اعْتِقَاد جازم إِذْ بِهِ يصير مُسلما، وَالْإِسْلَام شَرط الْمُفْتِي لَا محَالة.

قَالَ الطوفي: " قلت: الْمُشْتَرط فِي الِاجْتِهَاد بِالْجُمْلَةِ معرفَة كل مَا يتَوَقَّف حُصُول ظن الحكم الشَّرْعِيّ عَلَيْهِ، سَوَاء

انحصر ذَلِك فِي جَمِيع مَا ذكرُوا، أَو خرج عَنهُ شَيْء لم يذكر فمعرفته مُعْتَبرَة " انْتهى.

قَوْله: {لَا تفاريع الْفِقْه وَعلم الْكَلَام، وَلَا معرفَة أَكثر الْفِقْه فِي الْأَشْهر} .

هَذِه أُمُور أُخْرَى رُبمَا يتَوَهَّم أَنَّهَا شُرُوط فِي الْمُجْتَهد، وَلكنهَا لَيست بِشُرُوط لَهُ.

مِنْهَا: معرفَة تفاريع الْفِقْه لَا يشْتَرط؛ لِأَن الْمُجْتَهد هُوَ الَّذِي يولدها ويتصرف فِيهَا، لَو كَانَ ذَلِك شرطا فِيهَا للَزِمَ الدّور، لِأَنَّهَا نتيجة الِاجْتِهَاد، فَلَا يكون الِاجْتِهَاد نتيجتها.

وَالْخلاف فِي ذَلِك مَنْقُول عَن الْأُسْتَاذ أبي إِسْحَاق الإِسْفِرَايِينِيّ شَرط فِي الْمُجْتَهد معرفَة الْفِقْه.

ص: 3878

قيل: وَلَعَلَّه أَرَادَ ممارسته.

وَإِلَيْهِ ميل الْغَزالِيّ فَقَالَ: " إِنَّمَا يحصل الِاجْتِهَاد فِي زَمَاننَا بممارسة الْفِقْه فَهُوَ طَرِيق تَحْصِيل [الدربة] فِي هَذَا الزَّمَان، وَلم يكن الطَّرِيق فِي زمن الصَّحَابَة ذَلِك " انْتهى.

وَتقدم كَلَام أبي مُحَمَّد الْجَوْزِيّ فِي ذَلِك.

وَمِنْهَا: معرفَة علم الْكَلَام، أَي: علم أصُول الدّين، قَالَه الأصوليون، لَكِن الرَّافِعِيّ قَالَ: إِن الْأَصْحَاب عدوا من شُرُوط الِاجْتِهَاد معرفَة أصُول العقائد.

قَالَ الْبرمَاوِيّ: " وَالْجمع بَين الْكَلَامَيْنِ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْغَزالِيّ حَيْثُ قَالَ: وَعِنْدِي أَنه يَكْفِي اعْتِقَاد جازم، وَلَا يشْتَرط مَعْرفَتهَا على طَرِيق الْمُتَكَلِّمين ومادتهم الَّتِي يجرونها " انْتهى.

ص: 3879

وَقد تقدم: كَلَامه.

قَالَ ابْن مُفْلِح كَمَا تقدم: " وَاعْتبر بعض أَصْحَابنَا وَبَعض الشَّافِعِيَّة معرفَة أَكثر الْفِقْه، وَالْأَشْهر: لَا؛ لِأَنَّهُ نتيجته " انْتهى.

وَقدم فِي " آدَاب الْمُفْتِي " من شَرطه أَن يحفظ أَكثر الْفِقْه.

وَمِنْهَا: لَا يشْتَرط فِي الْمُجْتَهد أَن يكون ذكرا وَلَا حرا وَلَا عدلا، بل يجوز أَن يكون امْرَأَة، ورقيقا، وفاسقا، لَكِن لَا يستفتى الْفَاسِق وَلَا يعْمل بقوله بِخِلَاف الْمَرْأَة وَالرَّقِيق، فالعدالة شَرط فِي الْمُفْتِي لَا فِي الْمُجْتَهد؛ لِأَن الْمُفْتِي أخص فشروطه أغْلظ، أما مَسْتُور الْعَدَالَة فَتجوز فتواه فِي أحد الْقَوْلَيْنِ.

وَقيل: اشْترط فِي الْمُجْتَهد الْعَدَالَة حَتَّى إِذا أَدَّاهُ اجْتِهَاده إِلَى حكم لَا يَأْخُذ بِهِ من علم صدقه بقرائن، وَيَأْتِي ذَلِك فِي التَّقْلِيد محررا.

قَوْله: {والمجتهد فِي مَذْهَب إِمَامه الْعَارِف بمداركه، الْقَادِر على تَقْرِير قَوَاعِده، وَالْجمع وَالْفرق، وَفِي آدَاب الْمُفْتِي لَهُ أَربع صِفَات} .

ص: 3880

أَي: مَا سبق من الشُّرُوط فِي الِاجْتِهَاد إِنَّمَا ذَلِك فِي الْمُجْتَهد الْمُطلق الَّذِي يُفْتِي فِي جمع أَبْوَاب الشَّرْع.

أما مُجْتَهد الْمَذْهَب، وَهُوَ: من ينتحل مَذْهَب إِمَام من الْأَئِمَّة فَلَا يعْتَبر فِيهِ مَا تقدم بل يعْتَبر فِيهِ بعض ذَلِك.

قَالَ فِي " الْمقنع ": فَأَما الْمُجْتَهد فِي مَذْهَب إِمَامه: فنظره فِي بعض نُصُوص إِمَامه وتقريرها، وَالتَّصَرُّف فِيهَا كاجتهاد إِمَامه فِي نُصُوص الْكتاب وَالسّنة.

وَقَالَ فِي " آدَاب الْمُفْتِي ": أَحْوَال الْمُجْتَهد فِي مَذْهَب إِمَامه أَو غَيره أَرْبَعَة:

الْحَالة الأولى: أَن يكون غير مقلد لإمامه فِي الحكم وَالدَّلِيل، لَكِن سلك طَرِيقه فِي الِاجْتِهَاد وَالْفَتْوَى، ودعا إِلَى [مذْهبه] ، وَقَرَأَ كثيرا مِنْهُ على أَهله، فَوَجَدَهُ صَوَابا، وَأولى من غَيره، وَأَشد مُوَافقَة فِيهِ وَفِي طَرِيقه.

وَقد ادّعى هَذَا منا القَاضِي أَبُو عَليّ ابْن أبي مُوسَى الْهَاشِمِي فِي " شرح الْإِرْشَاد " الَّذِي لَهُ، وَالْقَاضِي أَبُو يعلى وَغَيرهمَا.

وَمن الشَّافِعِيَّة خلق كثير.

وَاخْتلف الشَّافِعِيَّة وَالْحَنَفِيَّة فِي أبي يُوسُف، والمزني، وَابْن سُرَيج، هَل

ص: 3881

كَانُوا مجتهدين مستقلين، أَو فِي مَذْهَب الْإِمَامَيْنِ؟

وفتوى الْمُجْتَهد الْمَذْكُور كفتوى الْمُجْتَهد الْمُطلق فِي الْعَمَل بهَا والاعتداد بهَا فِي الْإِجْمَاع وَالْخلاف.

الْحَالة الثَّانِيَة: أَن يكون مُجْتَهدا فِي مَذْهَب إِمَامه، مُسْتقِلّا فِي تَقْرِيره بِالدَّلِيلِ، لَكِن لَا يتَعَدَّى أُصُوله وقواعده، مَعَ إتقانه للفقه وأصوله، وأدلة مسَائِل الْفِقْه، عَارِفًا بِالْقِيَاسِ وَنَحْوه، تَامّ الرياضة، قَادِرًا على التَّخْرِيج والاستنباط وإلحاق الْفُرُوع بالأصول وَالْقَوَاعِد الَّتِي لإمامه.

وَقيل: وَلَيْسَ من شَرطه معرفَة هَذَا علم الحَدِيث، واللغة، والعربية، لكَونه يتَّخذ بنصوص إِمَامه أصولا يستنبط مِنْهَا الْأَحْكَام كنصوص الشَّارِع، وَقد يرى حكما ذكره إِمَامه بِدَلِيل فيكتفي بذلك من غير بحث عَن معَارض أَو غَيره، وَهُوَ بعيد.

وَهَذَا شَأْن أهل الْأَوْجه والطرق فِي الْمذَاهب، وَهُوَ حَال أَكثر عُلَمَاء الطوائف الْآن، فَمن عمل بِفُتْيَا هَذَا فقد قلد إِمَامه دونه؛ لِأَن معوله على صِحَة إِضَافَة مَا يَقُول إِلَى إِمَامه، لعدم استقلاله بتصحيح نسبته إِلَى الشَّارِع بِلَا وَاسِطَة إِمَامه، وَالظَّاهِر مَعْرفَته بِمَا يتَعَلَّق بذلك من حَدِيث، ولغة، وَنَحْوه.

وَقيل: إِن فرض الْكِفَايَة لَا يتَأَدَّى بِهِ؛ لِأَن تَقْلِيده نقص وخلل فِي الْمَقْصُود.

وَقيل: يتَأَدَّى بِهِ فِي الْفَتْوَى لَا فِي إحْيَاء الْعُلُوم الَّتِي يستمد مِنْهَا الْفَتْوَى؛ لِأَنَّهُ قد قَامَ فِي فتواه مقَام إِمَام مُطلق، وَقد يُوجد مِنْهُ اسْتِقْلَال بِالِاجْتِهَادِ،

ص: 3882

وَالْفَتْوَى فِي مَسْأَلَة خَاصَّة، أَو بَاب خَاص، وَأطَال فِي ذَلِك.

الْحَالة الثَّالِثَة: أَن لَا يبلغ بِهِ رُتْبَة أَئِمَّة الْمذَاهب أَصْحَاب الْوُجُوه والطرق، غير أَنه فَقِيه النَّفس، حَافظ لمَذْهَب إِمَامه، عَارِف بأدلته، قَائِم بتقريره، ونصرته، يصور وَيُحَرر، ويمهد ويقرر، ويزيف ويرجح، لكنه قصر عَن دَرَجَة أُولَئِكَ إِمَّا لكَونه لم يبلغ فِي حفظ الْمَذْهَب مبلغهم، وَإِمَّا لكَونه غير متبحر فِي أصُول الْفِقْه وَنَحْوه، غير أَنه لَا يَخْلُو مثله فِي ضمن مَا يحفظه من الْفِقْه ويعرفه من أدلته عَن أَطْرَاف من قَوَاعِد أصُول الْفِقْه وَنَحْوه، وَإِمَّا لكَونه مقصرا فِي غير ذَلِك من الْعُلُوم الَّتِي هِيَ أدوات الِاجْتِهَاد الْحَاصِل لأَصْحَاب الْوُجُوه والطرق.

وَهَذِه صفة كثير من الْمُتَأَخِّرين الَّذين رتبوا الْمذَاهب وحررورها، وصنفوا فِيهَا تصانيف بهَا يشْتَغل النَّاس غَالِبا، وَلم يلْحقُوا من يخرج الْوُجُوه ويمهد الطّرق فِي الْمذَاهب، وَأما فِي فتاويهم فقد كَانُوا يتبسطون فِيهَا كبسط أُولَئِكَ أَو نَحوه، ويقيسون غير الْمَنْقُول والمسطور على الْمَنْقُول والمسطور فِي الْمَذْهَب، غير مقتصرين فِي ذَلِك على الْقيَاس الْجَلِيّ، وَقِيَاس لَا فَارق، نَحْو: قِيَاس الْمَرْأَة على الرجل فِي رُجُوع البَائِع إِلَى عين مَاله عِنْد تعذر الثّمن، وَلَا تبلغ فتاويهم فَتَاوَى أَصْحَاب الْوُجُوه، وَرُبمَا تطرق بَعضهم إِلَى تَخْرِيج قَول، واستنباط وَجه وإجمال، وفتاويهم مَقْبُولَة أَيْضا.

الْحَالة الرَّابِعَة: أَن يقوم بِحِفْظ الْمَذْهَب وَنَقله وفهمه، فَهَذَا يعْتَمد نَقله وفتواه بِهِ فِيمَا يحكيه من مسطورات مذْهبه من منصوصات إِمَامه، أَو تفريعات أَصْحَابه الْمُجْتَهدين فِي مَذْهَبهم وتخريجاتهم.

ص: 3883

وَأما مَا يجده مَنْقُولًا فِي مذْهبه فَإِن وجد فِي الْمَنْقُول مَا هَذَا فِي مَعْنَاهُ بِحَيْثُ يدْرك من غير فضل فكر وَتَأمل أَنه لَا فَارق بَينهمَا، كَمَا فِي الْأمة بِالنِّسْبَةِ إِلَى العَبْد الْمَنْصُوص عَلَيْهِ فِي إِعْتَاق الشَّرِيك، جَازَ لَهُ إِلْحَاقه بِهِ وَالْفَتْوَى بِهِ، وَكَذَا مَا يعلم اندراجه تَحت ضَابِط ومنقول [ممهد] من الْمَذْهَب، وَمن لم يكن كَذَلِك فَعَلَيهِ الْإِمْسَاك عَن الْفتيا بِهِ.

وَمثل هَذَا يَقع نَادرا فِي حق مثل الْفَقِيه الْمَذْكُور، إِذْ يبعد أَن تقع وَاقعَة لم ينص على حكمهَا فِي الْمَذْهَب، وَلَا هِيَ فِي معنى بعض الْمَنْصُوص عَلَيْهِ فِيهِ، من غير فرق وَلَا مندرجة تَحت شَيْء من ضوابط الْمَذْهَب المحررة فِيهِ.

ثمَّ إِن هَذَا الْفَقِيه لَا يكون إِلَّا فَقِيه النَّفس؛ لِأَن تصور الْمسَائِل على وَجههَا، وَنقل أَحْكَامهَا بعده لَا يقوم بِهِ إِلَّا فَقِيه النَّفس، وَيَكْفِي استحضار أَكثر الْمَذْهَب مَعَ قدرته على مطالعة بَقِيَّته قَرِيبا. انْتهى كَلَامه فِي " آدَاب الْمُفْتِي ".

وَقَالَ الْبرمَاوِيّ وَغَيره: " هُوَ أَن يعرف قَوَاعِد ذَلِك الْمَذْهَب وأصوله، ونصوص صَاحب الْمَذْهَب، بِحَيْثُ لَا يشذ عَنهُ شَيْء من ذَلِك، فَإِذا سُئِلَ عَن حَادِثَة، فَإِن عرف نصا لصَاحب الْمَذْهَب فِيهَا أجَاب بِهِ، وَإِلَّا اجْتهد فِيهَا على مذْهبه، وخرجها على أُصُوله.

قَالَ ابْن أبي الدَّم: وَهَذَا - أَيْضا - يَنْقَطِع فِي زَمَاننَا بِهَذِهِ الْمرتبَة دون مرتبَة الِاجْتِهَاد الْمُطلق، ومرتبة ثَالِثَة دون الثَّانِيَة وَهِي مرتبَة مُجْتَهد الْفتيا، أَي:

ص: 3884

الَّذِي يسوغ لَهُ الْفتيا على مَذْهَب إِمَامه الَّذِي هُوَ مقلده، فَلَا يشْتَرط فِيهِ مَا يشْتَرط فِي مُجْتَهد الْمَذْهَب، بل يعْتَبر أَن يكون متبحرا فِي الْمَذْهَب مُتَمَكنًا من تَرْجِيح قَول على قَول، وَهَذَا أدنى الْمَرَاتِب، وَلم يبْق بعده إِلَّا الْعَاميّ، وَمن فِي مَعْنَاهُ " انْتهى.

ص: 3885