الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ الْحسن: أثني لصوابه، وَعذر بِاجْتِهَادِهِ.
وَلمُسلم عَن بُرَيْدَة: " أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -
كَانَ إِذا أَمر أَمِيرا على جَيش أَو سَرِيَّة قَالَ: إِذا حاصرت أهل حصن، وأرادوك أَن تنزلهم على حكم الله فَلَا تنزلهم على حكم الله، وَلَكِن أنزلهم على حكمك، فَإنَّك لَا تَدْرِي تصيب مِنْهُم حكم الله أم لَا
؟ ".
وَاحْتج القَاضِي وَغَيره بالْخبر السَّابِق " وَإِن أَخطَأ فَلهُ أجر ".
فَقيل لَهُم آحَاد.
فَقَالُوا: قبلته الْأمة، وأجمعت على صِحَّته فَصَارَ كمتواتر، وَمَعْنَاهُ فِي " التَّمْهِيد "، وَغَيره.
فَدلَّ أَن الْمَسْأَلَة عِنْدهم قَطْعِيَّة، وزعمه بعض المصوبة.
وَقيل - لِابْنِ عقيل - يحمد على جَهله بكذب الشُّهُود، وَنَحْوه كإقرار الْخصم تهزؤا.
فَقَالَ: هَذَا لَا يُضَاف إِلَى الْحَاكِم بِهِ، هَذَا خطأ، وَلِهَذَا من تَوَضَّأ مِمَّا جهل نَجَاسَته، وَأَخْطَأ جِهَة الْقبْلَة، لَا ينقص ثَوَابه وَأجر عمله.
وَلِهَذَا قَالَ عمر: " يَا صَاحب الْمِيزَاب لَا تعلمهمْ ".
أَن اللَّفْظ عَام.
وَأَيْضًا: أطلق الصَّحَابَة كثيرا الْخَطَأ فِي الِاجْتِهَاد وشاع وَلم يُنكر.
وَأَيْضًا: لَو كَانَ كل مُجْتَهد مصيبا لاجتمع النقيضان، للْقطع بالحكم عِنْد ظَنّه، لعلمه [بإصابته] ، ودوام قِطْعَة مَشْرُوط بِبَقَاء ظَنّه؛ لِأَنَّهُ لَو تغير ظَنّه لزمَه الرُّجُوع إِلَى الثَّانِي إِجْمَاعًا، فَيلْزم علمه بِشَيْء وظنه لَهُ مَعًا.
لَا يُقَال: يَنْتَفِي الظَّن بِالْعلمِ، لأَنا نقطع بِبَقَائِهِ لدوام الْقطع، وَإِلَّا كَانَ يَسْتَحِيل ظن النقيض مَعَ ذكر الحكم؛ لأجل الْعلم بالحكم وَلَا يَسْتَحِيل إِجْمَاعًا.
فَإِن قيل: اجْتِمَاع النقيضين مُشْتَرك الْإِلْزَام؛ لِأَنَّهُ يجب الْفِعْل أَو يحرم قطعا عِنْد ظَنّه أَحدهمَا لاتباعه ظَنّه.
رد: الظَّن مُتَعَلق بِالْوُجُوب أَو الْحُرْمَة وَالْعلم بِتَحْرِيم مُخَالفَته.
فَإِن قيل: متعلقهما مُتحد لزوَال الْعلم بتحريمها بتبدل الظَّن.
رد: لِأَن الظَّن شَرطه.
فَإِن قيل: لَا يلْزم اجْتِمَاع النقيضين لتَعلق الظَّن بِكَوْن الدَّلِيل وَالْعلم بِثُبُوت مَدْلُوله وَهُوَ الحكم، وَزَوَال الْعلم بتبدل الظَّن لَا يُوجب اتحادهما؛ لِأَن الظَّن شَرطه.
رد: كَونه دَلِيل حكم، فَإِذا ظَنّه علمه، وَإِلَّا جَازَ تعبده بِغَيْرِهِ، فَلَا يكون كل مُجْتَهد مصيبا.
وَأَيْضًا: الأَصْل عدم التصويب وَدَلِيله، وَصوب غير معِين للْإِجْمَاع، وَلم يحْتَج الْآمِدِيّ بِغَيْرِهِ.
وَاسْتدلَّ: إِذا اخْتلف اجتهادهما، فَإِن كَانَ بدليلين تعين أرجحهما وَإِلَّا تساقطا.
رد: الدَّلِيل الظني من الْأُمُور الإضافية، يتَرَجَّح بِالنِّسْبَةِ إِلَى من يرَاهُ.
وَاسْتدلَّ: بشرع المناظرة إِجْمَاعًا، وفائدتها إِصَابَة الْحق.
رد: أَو تبين تَرْجِيح دَلِيل على الآخر، أَو تساويهما، أَو تمرين النَّفس.
وَاسْتدلَّ: الْمُجْتَهد طَالب، ويستحيل طَالب وَلَا مَطْلُوب، فَلَا بُد من ثُبُوت حكم قبل طلبه، فَمن أخطأه فمخطيء.
رد: مَطْلُوب كل مَا يَظُنّهُ، فَلَيْسَ معينا.
وَأَيْضًا: يلْزم الْمحَال لَو قَالَ مُجْتَهد شَافِعِيّ لمجتهدة حنفية: أَنْت بَائِن، ثمَّ قَالَ رَاجَعتك، أَو تزوج امْرَأَة بِغَيْر ولي، ثمَّ تزَوجهَا بعده آخر بولِي.
رد: مُشْتَرك الْإِلْزَام لوُجُوب اتِّبَاع ظَنّه فيرفع إِلَى حَاكم فَيتبع حكمه، ذكره القَاضِي، وَابْن برهَان، والآمدي، وَغَيرهم.
وَفِي انتصار أبي الْخطاب يعْمل بَاطِنا بظنه.
قَالَ الباقلاني: وَمِنْهُم من قَالَ تسلم الْمَرْأَة إِلَى الزَّوْج الأول فَإِنَّهُ نَكَحَهَا نِكَاحا يعْتَقد صِحَّته وَهُوَ السَّابِق، فَلَا يبعد أَن يكون هَذَا هُوَ الحكم.
قَالَ أَبُو الْمَعَالِي فِي " التَّلْخِيص ": وَالَّذِي عندنَا أَنه يجْتَهد فيهمَا الْمُجْتَهد وَمَا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده فَهُوَ حكم الله من وقف أَو تَقْدِيم أَو غَيرهمَا.
قَالُوا: {وكلا آتَيْنَا حكما وعلما} [الْأَنْبِيَاء: 79] ، وَلَو أَخطَأ أَحدهمَا لم يجز.
رد: بِمَا سبق، وَبِأَنَّهُ غير مَانع ويحمله على الْعَمَل.
قَالُوا: " بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ "، وَلَا هدى مَعَ خطأ.
رد: بِالْمَنْعِ لفعله مَا يلْزمه.
قَالَ ابْن عقيل: أَو يحمل مُرَاده الْأَخْذ بالرواية والإمامة، لصلاحيتهم لَهَا، أَو تَقْلِيد من شَاءَ فِي حكم اتَّفقُوا عَلَيْهِ.
قَالُوا: لَو كَانَ لم يتَّفق الصَّحَابَة على تسويغ الْخلاف، وتولية الْحُكَّام مَعَ مخالفتهم لَهُم.
رد: لاتفاقهم أَن كل مُجْتَهد يتبع ظَنّه، وَلم يتَعَيَّن المخطيء فَلَا إِنْكَار.
قَالُوا: لَو كَانَ لزم النقيضان إِن بَقِي الحكم الْمَطْلُوب على الْمُجْتَهد، وَإِن سقط عَنهُ لزم الْخَطَأ.
رد: يلْزم الْخَطَأ لَا لَو كَانَ فِي الْمَسْأَلَة نَص أَو إِجْمَاع وَبدل، وسعة، فَلم يجد لزم مُخَالفَته فَهُنَا أولى لأَمره بالحكم بظنه فَحكم بِمَا أنزل الله) .
إِذا كَانَ فِي الْجُزْئِيَّة نَص قَاطع فالمصيب فِيهَا وَاحِد بالِاتِّفَاقِ، وَإِن دق مَسْلَك ذَلِك الْقَاطِع.
وَقيل: على الْخلاف فِي الَّتِي قبلهَا وَهُوَ شَاذ غَرِيب.
قَالَ ابْن مُفْلِح: لَا إِثْم على مُجْتَهد فِي حكم شَرْعِي اجتهادي، ويثاب عِنْد أهل الْحق مِنْهُم الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة.
[وَيَأْثَم عِنْد المريسي] ، وَابْن علية، والأصم، والظاهرية، وَلَا يفسق عِنْدهم، ذكره الْآمِدِيّ، وَغَيره.
وَذكر ابْن برهَان: يفسق.
وَاسْتدلَّ للْأولِ وَهُوَ الصَّحِيح: بِإِجْمَاع الصَّحَابَة، وَالتَّابِعِينَ، فَإِنَّهُم اخْتلفُوا فِي كثير من الْمسَائِل، وتكرر وشاع من غير نَكِير وَلَا تأثيم، مَعَ الْقطع بِأَنَّهُ لَو خَالف أحد فِي أحد أَرْكَان الْإِسْلَام الْخمس أَنْكَرُوا: كمانعي الزَّكَاة، والخوارج.
وَلَا يَأْثَم من بذل وَسعه وَلَو خَالف قَاطعا وَلَا إِثْم لتَقْصِيره.
أما عدم إثمه إِذا بذل وَسعه؛ فَلِأَنَّهُ مَعْذُور، وَلَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا، وَقد أَتَى بِمَا يقدر عَلَيْهِ.
وَأما إِذا لم يبْذل وَسعه فَإِنَّهُ يَأْثَم لكَونه قصر فِي بذل الوسع.