الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْله: {وَلَو بَين عَاميْنِ فِي الْأَصَح} .
يَعْنِي أَنه يجوز تعَارض عَاميْنِ عِنْد أَكثر الْعلمَاء، بل غالبهم أطلق الْعبارَة فِي التَّعَارُض، فَشَمَلَ العامين وَغَيرهمَا مِمَّا يُمكن التَّعَارُض فِيهِ.
وَذكر بعض أَصْحَابنَا عَن قوم منع تعَارض عمومين بِلَا مُرَجّح.
وَقد خص الإِمَام أَحْمد " نَهْيه صلى الله عليه وسلم َ -
عَن الصَّلَاة بعد الصُّبْح وَالْعصر " بقوله
صلى الله عليه وسلم َ -: " من نَام عَن صَلَاة أَو نَسِيَهَا فليصلها إِذا ذكرهَا ".
وَذكر القَاضِي، وَأَصْحَابه، والموفق، وَالشَّافِعِيَّة، تعارضهما؛ لِأَن كلا مِنْهُمَا عَام من وَجه وخاص من وَجه.
وَقدم الْحَنَفِيَّة النَّهْي لذكر الْوَقْت فِيهِ، وَتقدم ذَلِك فِي أَوَاخِر التَّخْصِيص.
إِذا لم [يُمكن] الْجمع بَين الدَّلِيلَيْنِ المتعارضين، فَذَلِك مَحل التعادل والتراجيح.
فالتعادل: عبارَة عَن تَسَاوِي الدَّلِيلَيْنِ المتعارضين بِحَيْثُ لَا يكون فِي أَحدهمَا مَا يرجحه على الآخر، وَيَأْتِي التَّرْجِيح وتعريفه وَأَحْكَامه قَرِيبا.
إِذا علم ذَلِك فالتعادل بَين قطعيين مُمْتَنع قطعا سَوَاء كَانَا عقليين أَو نقليين، أَو أَحدهمَا عقليا وَالْآخر نقليا؛ إِذْ لَو فرض ذَلِك لزم اجْتِمَاع النقيضين، أَو ارتفاعهما، وترجيح أَحدهمَا على الآخر محَال فَلَا مدْخل للترجيح فِي الْأَدِلَّة القطعية؛ لِأَن التَّرْجِيح فرع التَّعَارُض وَلَا تعَارض فِيهَا فَلَا تَرْجِيح.
لَكِن إِن علم التَّارِيخ وَكَانَ الْمَدْلُول قَابلا للنسخ، فالمتأخر نَاسخ للمتقدم إِذا علم تَأَخره بِالْقطعِ، فَإِن كَانَ مَنْقُولًا بالآحاد عمل بِهِ أَيْضا على الْأَصَح؛ لِأَنَّهُ انْضَمَّ إِلَى ذَلِك أَن الأَصْل فِيهِ الدَّوَام والاستمرار.
وَقَالَ الْأَنْبَارِي فِي " شرح الْبُرْهَان ": هَذَا الْأَظْهر، وَذكر احْتِمَالا بِالْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى إِسْقَاط الْمُتَوَاتر بالآحاد.
وَمثل ذَلِك الْقطعِي والظني، أَعنِي أَنه لَا تعادل بَينهمَا وَلَا تعَارض لانْتِفَاء الظَّن، لِأَنَّهُ يَسْتَحِيل وجود ظن فِي مُقَابلَة يَقِين خِلَافه، فالقاطع هُوَ الْمَعْمُول بِهِ وَالظَّن لَغْو، وَكَذَلِكَ لَا يتعارض حكم مجمع عَلَيْهِ مَعَ حكم آخر لَيْسَ مجمعا عَلَيْهِ.
اخْتلف الْعلمَاء فِي تعادل دَلِيلين ظنيين على أَقْوَال:
أَحدهَا: أَنه محَال، وَهَذَا الصَّحِيح عندنَا، وَعَلِيهِ الإِمَام أَحْمد، وَالْأَصْحَاب، وَأكْثر الشَّافِعِيَّة، والكرخي، والسرخسي، وَحَكَاهُ الإِسْفِرَايِينِيّ عَن أَصْحَابه، وَحَكَاهُ ابْن عقيل عَن الْفُقَهَاء، وَيَأْتِي كَلَام الْخلال، وَابْن خُزَيْمَة.