الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب: [تمني الموت
(1)]
أقول: في التعريفات (2): التمني: طلب حصول الشيء ممكناً كان أو ممتنعاً، ذكره ابن الكمال (3).
وقال الراغب (4): تقدير شيء في النفس وتصويره فيها، وذلك قد يكون عن تخمين وظن (5)، لكن لما كان أكثره تخميناً صار الكذب له أملك، فأكثر التمني تصوُّرُ ما لا حقيقة له، والأمنية الصورة الحاصلة في النفس. انتهى.
وفي "الفتح (6) ": التمني إرادة معلقة بالمستقبل، فإن كان في خير من غير أن يعلق بجسد فهي مطلوبة، وإلا فهي مذمومة، وقد قيل: إن بين التمني والترجي عموماً وخصوصاً، فالترجي في الممكن والتمني في أعم من ذلك. وقيل: التمني يتعلق بما فات [483/ ب] وعبر عنه بطلب ما لا يمكن حصوله.
قوله: "باب تمني الموت" أي: باب النهي عن تمنيه أو حكم تمنيه، أو كيفية التلفظ بتمنيه كما يدل له حديث أنس.
= أخرجه مسلم رقم (14/ 1554) وأبو داود رقم (3470) والنسائي رقم (4527) وابن ماجه رقم (2219). وهو حديث صحيح.
انظر: "المغني"(6/ 177)، "الاستذكار"(19/ 112)، "شرح معاني الآثار"(4/ 35 - 36).
(1)
في (أ) التمني.
(2)
"التعريفات" للشريف الجرجاني (ص 69).
(3)
في تعريفات (ص 47).
(4)
في "مفردات ألفاظ القرآن"(ص 779 - 780).
(5)
وتمام العبارة: ويكون عن روية وبناء على أصل.
(6)
في "فتح الباري"(13/ 217).
1 -
عَنْ أَنَسِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ مِنْ ضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَاعِلاً فَلْيَقُلِ: اللهمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَياةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّني إِذَا كانَتِ الْوَفاةُ خَيْرًا لِي". أخرجه الخمسة (1). [صحيح]
قوله: "من ضر أصابه" هذا لا مفهوم له؛ لأنه لا يتمنى (2) الموت إلَاّ لذلك.
إن قلت: لم نهى عن تمني الموت؟
قلت: قد نبه صلى الله عليه وسلم على علة ذلك بقوله: "لا يتمنين أحدكم الموت إما محسناً فلعله يزداد، وإما مسيئاً فلعله يستعتب"، هذه رواية البخاري (3) والنسائي (4)؛ ولأنه إنما يتمناه تبرماً وتحرجاً مما نزل به من الضر، فهو تسخط لما قدره الله عليه:{وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ} (5) ما يفيد بأنه بنزول التفسير مأمور بالرجوع إلى من لا يكشف كل ضر غيره، وهو رب العالمين.
والمتمني للموت أراد خلاف ذلك؛ ولأن الموت مقدر بأجل إذا جاء لا يتأخر فتمنيه إرادة لإخراجه عما قدره الله من وقته.
قوله: "وإن كان لا بد فاعلاً".
(1) أخرجه البخاري رقم (5671) وطرفاه رقم (6351، 7233) ومسلم رقم (2680)، وأبو داود رقم (3108) والترمذي رقم (971)، والنسائي رقم (1820 - 1822).
(2)
انظر: "فتح الباري"(10/ 128).
(3)
في صحيحه رقم (5673). وأخرجه مسلم في صحيحه رقم (2682).
(4)
في "السنن" رقم (1819).
(5)
سورة الأنعام الآية (17).
أقول: كأن المراد لا فراق له عن التكلم بالتمني فلينتقل إلى غيره وهو سؤال الله عز وجل وتفويض (1) الأمر إليه.
وقوله: "لا بد" قال أهل اللغة (2): معناه: لا إنفكاك ولا فراق ولا مندوحة، أي: هو للثلاثة.
2 -
وَفِي رِوايَة لِلنِّسَائِي (3) عَنْ قَيْسٌ بْنِ أَبِي حَازِم قَالَ: "دَخَلْتُ عَلَى خَبَّابٍ وَقَدِ اكتَوَى فِي بَطْنِهِ سَبْعًا، وَقَالَ: لَوْلَا أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالْمَوْتِ لدَعَوْتُ بِهِ". [صحيح]
قوله حديث خباب: قدمه المصنف في البناء ونسبه إلى الشيخين (4)، وله ألفاظ أحدها: ما ذكره هنا، وفي رواية حارثة بن مُضِّرب عند الترمذي (5) والنسائي (6) قال: دخلت على خباب وقد اكتوى في بطنه فقال: ما أعلم أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي من البلاء ما لقيت، لقد كنت وما أجد درهماً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي ناحية بيتي أربعون ألفاً
…
الحديث [484/ ب].
(1) انظر: "فتح الباري"(10/ 128 - 129).
(2)
"لسان العرب"(3/ 81)، "تهذيب اللغة"(14/ 77).
(3)
في "السنن" رقم (1823).
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه رقم (5672) وأطرافه في (6349، 6350، 6430، 6431، 7234) ومسلم رقم (2681) وقد تقدم.
(5)
في "السنن" رقم (970).
(6)
في "السنن" رقم (1823).
وأخرجه البخاري رقم (5672) ومسلم رقم (2681) مختصراً، وابن ماجه في "السنن" رقم (4163).