الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم: "لَنْ يَبْقَى بَعْدِي مِنَ النُّبُوَّةِ إِلَاّ الْمُبَشِّرَاتُ" قَالُوا: وَمَا الْمُبَشِّرَاتُ؟ قَالَ: "الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ". أخرجه البخاري (1) متصلاً، ومالك (2) عن عطاء مرسلاً.
وزاد: يَرَاهَا الرَّجُلَ الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لُهُ.
الفصل الثاني: فيما جاء من الرؤيا المفسرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم
-
1 -
عَنْ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدَبٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه سلم - مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ لأَصْحَابِهِ: "هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رُؤْيَا؟ " فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ الله أَنْ يَقُصَّ، وَإِنَّهُ قَالَ لَنَا ذَاتَ غَدَاةٍ:"هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ رُؤْيَا؟ " مَا مِنَّا أَحَدٌ رَأَى شَيْئَاً، فَقَالَ: "لَكِنَّي أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي، فَقَالَا لِي: انْطَلِقْ، فانْطَلَقْتُ: فأتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ، فَإِذَا آخَرُ قائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ، فَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ، فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ فَيَتَهَدْهَدُ الْحَجَرُ هَا هُنَا، فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ، فَلَا يَرْجعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ ما فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى، قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا سُبْحَانَ الله مَا هَذَا؟ قَالَا لِي: انْطَلِقْ انْطَلِقْ، فانْطَلَقْنَا فَأتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ، فَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ؛ ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجانِبِ الآخَرِ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجانِبِ الأَوَّلِ، فَما يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الْجانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الْجَانِبُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ ما فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى، قُلْتُ: سُبْحانَ الله مَا هَذَا؟ قَالَا انْطَلِقْ انْطَلِقْ، فانْطَلَقْنا فأتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْواتٌ، فَاطَّلَعْنَا فِيهِ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، وإذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللهبُ ضَوْضؤُوْا قُلْتُ: ما هَؤُلَاءِ؟ قالَا: انْطَلِقِ
(1) في صحيحه رقم (6990) من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
في "الموطأ"(2/ 957 رقم 3) وهو حديث صحيح لغيره.
انْطَلِقْ، فانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ، وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ سَابِحٌ، وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ عِنْدَهُ حِجارَةً كَثيرَةً، وَإِذا ذَلِكَ السّابِحُ يَسْبَحُ ما سَبح، ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الَّذِي عِنْدَهُ الْحِجَارَةَ فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ، ثُمَّ يَرْجعُ إِلَيْهِ، كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ فَاهُ فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا، قُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالَا: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، قَالَ: فانْطَلَقْنا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ كَرِيهِ الْمَرْآةِ كَأَكْرَهِ مَا أنْتَ راءٍ فَإِذَا عِنْدَهُ نَارٌ يَحُشُّهَا وَيَسْعَى حَوْلَها، قُلْتُ: مَا هَذَا؟ قَالَا: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فانْطَلَقْنا فَأَتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ مُعْتَمَّةٍ فِيهَا مِنْ كُلِّ نَوْرِ الرَّبِيعِ، وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَيِ تِلْكَ الرَّوْضَةِ رَجُلٌ طَوِيلٌ لَا أَكَادُ أَرَى رَأْسَهُ طُولاً فِي السَّمَاءِ، وَإِذَا حَوْلَهُ مِنْ أَكْثَرِ وِلْدَانٍ رَأَيْتُهُمْ، قُلْتُ: ما هَؤُلَاءِ؟ قَالَا: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى دَوْحَةٍ عَظِيمَةٍ لَمْ أَرَ دَوْحَةً قَطُّ أَعْظَمَ مِنْهَا وَلَا أَحْسَنَ، فَقَالَا: ارْقَ فِيهَا، فارْتَقَيْنَا فِيهَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ وَلَبِنِ فِضَّةٍ، فَأتَيْنَا بَابَ الْمَدِينَةٍ فاسْتَفْتَحْنَا فَفُتِحَ لَنَا، فَدَخَلْنَاهَا فَتَلَقَّانَا فِيهَا رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ، وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ، فَقَالَا لَهُمُ: اذْهبُوا فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهَرِ، وَإِذَا نَهَرٌ مُعْتَرِضٌ كَأَنَّ ماءَهُ الْمحْضُ فِي الْبَيَاضِ، فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فِيهِ، ثُمَّ رَجَعُوا وَقَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ، فَصَارُوا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، فَقَالَا: هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ، وَهَذاكَ مَنْزِلُكَ، فَسَما بَصَرِي صُعُدًا، فَإِذَا قَصْرٌ مِثْلُ الرَّبابَةِ الْبَيْضاءِ، فَقُلْتُ: فذَرَانِي فَأَدْخُلَهُ، قالَا: أَمّا الآنَ فَلَا، وَأَنْتَ داخِلُهُ، فَقُلْتُ: فَإِنِّي رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَباً فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْتُ؟ قَالَا: إِنَّا سَنُخبرُكَ، أَمَّا الرَّجُلُ الأَوَّلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْقُرآنَ فُيرْفُضُهُ وَيَنامُ عَنِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفاهُ، وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفاهُ، وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ فَيَكْذِبُ الْكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ، وَأَمَّا الرِّجَالُ والنِّسَاءُ الْعُراةُ الَّذِينَ في مِثْلِ بِناءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ والزَّوَانِي، وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ في النَّهَرِ وَيُلْقَمُ الْحَجَرَ، فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا، وَأَمَّا الرَّجُلُ الْكَرِيهُ الْمَرْآةِ الّذِي عِنْدَ النّارِ يَحُشُّها وَيَسْعَى حَوْلَها، فَإِنَّهُ مالِكٌ خازِنُ النَّارِ، وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الَّذِي في الرَّوْضَةِ فَإِنَّهُ إِبْراهِيمُ عليه الصلاة والسلام، وَأَمَّا الْوِلْدانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ فَكُلُّ مَوْلُودٍ ماتَ عَلَى
الْفِطْرَةِ". فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ الله! وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم: "وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ، وَأَمَّا الْقَوْمُ الَّذِينَ كانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنًا وَشَطَرٌ مِنْهُمْ قَبِيحًا، فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلاً صالحِاً وآخَرَ سَيِّئًا، تَجاوَزَ الله عَنْهُمْ". أخرجه الشيخان (1) والترمذي (2). [صحيح]
"الضوضاء (3) " أصوات الناس وجلبتهم، "وحشَّ النار (4) " إذا أوقدها "والمعتمة (5) " طويلة النبات "والنور (6) " بفتح النون: الزهر "والدوحة" الشجرة "والمحض (7) " من كل شيء الخالص منه، والمراد به هنا اللبن الخالص "والربابة (8) " السحابة.
قوله: "ذات غداة" لفظ ذات زائد، وهو من إضافة الشيء إلى اسمه، قوله:"ابتعثاني" بموحدة ثم مثناة وعين مهملة بعدها مثلثة، والإنبعاث (9) افتعال من البعث، وهو الإنباه، والإثارة من النوم.
(1) أخرجه البخاري مطولاً ومختصراً رقم (845، 1143، 1386، 2085، 2719، 3236، 3354، 4674، 6069، 7047).
وأخرجه مسلم في صحيحه رقم (23/ 2275)، طرفاً منه وهو: عن سمرة بن جندب قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح أقبل عليهم بوجهه، فقال:"هل رأى أحدٌ منكم البارحة رؤيا".
(2)
في "السنن" رقم (2294) مختصراً على الطرف الذي أخرجه مسلم، وقد تقدم ذكره.
(3)
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 96)، "الفائق"(1/ 172).
(4)
من حشش النار، أي: أوقدها، "النهاية في غريب الحديث"(1/ 381).
(5)
انظر: "المعجم الوسيط"(ص 582).
(6)
انظر: "المعجم الوسيط"(ص 962).
(7)
"النهاية في غريب الحديث"(2/ 783)"الفائق" للزمخشري (2/ 278).
(8)
قال ابن الأثير في "النهاية"(1/ 623) الربابة بالفتح السحابة التي ركب بعضها بعضاً.
(9)
قاله ابن الأثير في "جامع الأصول"(2/ 535).
قوله: "فانطلقت معهما" في رواية: "إلى الأرض المقدسة" وعند أحمد (1): "إلى أرض فضاء أو أرض مستوية"، وفي حديث علي:"فانطلقا بي إلى السماء".
قوله: "يهوي" بفتح أوله وكسر الواو، أي:[474/ ب] يسقط.
قوله: "يثلغ (2) " بفتح أوله وسكون المثلثة وفتح اللام وبعدها غين معجمة.
أي: شدخه، والشدخ كسر الشيء الأجوف.
قوله: "فيتدهده (3) " بفتح المهملتين بينهما هاء ساكنة والمراد دفعه من علو إلى أسفل وتدهده إذا انحط.
قوله: "ها هنا" أي: إلى جهة الضارب فيتبع الحجر الذي يرمي به فيأخذه.
قوله: "حتى يصح رأسه" في رواية جرير: "حتى يلتئم" وعند أحمد (4): "عاد رأسه كما كان" وفي حديث علي (5): "فيقع دماغه جانباً وتقع الصخرة جانباً".
قوله: "بكلوب (6) " هو حديدة معوجة الرأس.
قوله: "فيشرشر (7) " أي: يقطع ويشق.
(1) في "المسند"(5/ 14) بإسناد صحيح.
(2)
قال ابن الأثير في "النهاية"(1/ 217) الثلغ: الشّدخ، وقيل: هو ضربك الشيء الرطب بالشيء اليابس حتى ينشدخ. "الفائق للزمخشري"(3/ 138)، "غريب الحديث" للخطابي (1/ 254).
(3)
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 898).
(4)
في "المسند"(5/ 14).
(5)
انظر: "فتح الباري"(12/ 442 - 443).
(6)
انظر: "الفائق"(1/ 171)"غريب الحديث" للهروي (2/ 25).
(7)
انظر: "غريب الحديث" للهروي (2/ 26)، "النهاية في غريب الحديث"(1/ 855).
قوله: "لغط (1) " اللغطُ الفجة والجلبة.
قوله: "ضوضاء (2) "[الضوضاء](3) أصوات الناس وغلبهم يقال فيه: ضَوْضوْ بلا همز.
قوله: "فغرفاه (4) " أي: فتحه.
قوله: "كريه المرآة (4) " بفتح الميم وسكون الراء، وهمزة ممدوداً، أي: قبيح المنظر.
قوله: "يحثها (5) " بفتح أوله وضم المهملة، وتشديد المعجمة، أي: يوقدها.
قوله: "معتمة (6) " بضم الميم وسكون المهملة، وكسر المثناة وتخفيف الميم بعدها (تاء) تأنيث، ولبعضهم بفتح المثناة وتشديد الميم، أي: طويلة النبات يقال: اعتم النبات [475/ ب] إذا طال: "والنّور" بفتح النون الزهر.
قوله: "ظهري (7) " يقال: قعدت بين ظهري القوم وظهرانيهم، أي: بينهم.
قوله: "دوحة (8) " بالمهملتين الشجر العظام.
قوله: "المحض (9) " هو الخالص من كل شيء.
(1)"النهاية في غريب الحديث"(2/ 604).
(2)
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 96)، "الفائق" للزمخشري (1/ 172).
(3)
زيادة من (أ).
(4)
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 383).
(5)
انظر: "الفائق في غريب الحديث"(3/ 255).
(6)
انظر: "المعجم الوسيط"(ص 582).
(7)
"المجموع المغيث"(2/ 393)، "النهاية في غريب الحديث"(2/ 148).
(8)
قاله ابن الأثير في "جامع الأثير"(2/ 536).
(9)
"النهاية في غريب الحديث"(2/ 638)، "الفائق" للزمخشري (2/ 278).
قوله: "صُعُدا (1) " بضم المهملتين يقال لما أثبت صعدا، أي: ازداد طولاً يريد ارتفع بصره [إلى](2) فوق.
قوله: "الربابة (3) " بفتح الرآء السحابة وجمعها رباب، وتكون بيضاء وسوداء والمراد بها في الحديث البيضاء.
قوله: "وينام عن الصلاة المكتوبة" قال ابن العربي (4): جعلت العقوبة في رأس هذا لنومه عن الصلاة والنوم موضعه الرأس.
قوله: "فيكذب الكذبة" قال ابن العربي (5): شرشرة شدق الكاذب إنزال للعقوبة بمحل المعصية [476/ ب].
2 -
وَعَنْهُ (6) رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "نَحْنُ الْآَخِرُونَ السَّابِقُونَ، وَبَيْنا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أُوتِيتُ خَزَائِنَ الأَرْضِ، فَوُضِعَ في يَدَيَّ سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَكَبُرَا عَلَيَّ وَأَهَمَّانِي، فَأُوحِىَ إِلَيَّ أَنِ انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا، فَأَوَّلْتُهُمَا الْكَذَّابَيْنِ اللَّذَيْنِ أَنَا بَيْنَهُمَا: صَاحِبَ صَنْعَاءَ، وَصاحِبَ الْيَمَامَةِ". أخرجه الشيخان (7) والترمذي (8). [صحيح]
(1) قاله ابن الأثير في "جامع الأصول"(2/ 537).
(2)
زيادة من (أ).
(3)
تقدم، وانظر "النهاية في غريب الحديث"(1/ 623).
(4)
ذكره الحافظ في "الفتح"(12/ 441).
(5)
ذكره الحافظ في "الفتح"(12/ 441).
(6)
بل هو من حديث أبي هريرة رضي الله عنه كما في مصادر التخريج.
(7)
أخرجه البخاري في صحيحه رقم (3621، 4375، 7034، 7035) ومسلم في صحيحه رقم (22/ 2274).
(8)
في "السنن" رقم (2292).
قوله: "وعنه" أي: سمره إذ هو المتقدم ذكره، ولكن [137/ أ] الذي في "الجامع الكبير"(1) وفي "صحيح البخاري (2) " نسبته إلى أبي هريرة فنسبة المصنف به إلى سمرة غلط.
قوله: "أوتيت" قال الحافظ (3): أنه وجده في نسخة معتمدة من طريق أبي ذر، أتيت بدون واو، أو من الإتيان بمعنى المجيء، ويحذف الباء من خزائن وهي مقدرة، وعند غيره "أوتيت" بزيادة واو من الإتيان، بمعنى الإعطاء ولا إشكال في حذف الباء على هذه الرواية.
قوله: "خزائن الأرض" قال الخطابي (4): المراد ما فتح الله على الأمة من الغنائم من ذخائر كسرى وقيصر وغيرهما، ويحتمل معادن الأرض التي فيها الذهب والفضة.
وقال غيره [بل](5) يحتمل على أعم من ذلك.
قوله: "فوضع" بفتح أوله وثانيه (6)، وفي رواية بضم (7) أوله وفتح ثانيه وهو الموافق لقوله سواران، وفي رواية "سوارين" وهي تناسب لأوله.
وقوله: "كبرا علي" أي: عظما علي، قال القرطبي (8): إنما عظما عليه لكون الذهب من حلية النساء ومما حرم على الرجال.
(1)(2/ 537).
(2)
في صحيحه رقم (3621، 4079
…
) إلى آخر ما تقدم.
(3)
في "الفتح"(12/ 423).
(4)
ذكره الحافظ في "الفتح"(12/ 423).
(5)
زيادة من (أ).
(6)
ذكره الحافظ في "الفتح"(12/ 424).
(7)
وهي من رواية إسحاق بن نصر. "فتح الباري"(12/ 424).
(8)
في "المفهم"(6/ 43).
قوله: "فطارا" زاد في رواية: فوقع واحد باليمامة والآخر باليمن، وفي ذلك إشارة إلى حقارتهما؛ لأن الذي ينفخ فيذهب بالنفخ إنما يكون في غاية الحقارة، وفي طيرانهما إشارة إلى حقارة أمرهما واضمحلال شأنهما.
قوله: "فأولتهما الكاذبين اللذين أنا بينهما" قال القرطبي (1): ما ملخصه: مناسبة هذا التأويل لهذه الرؤيا أن أهل صنعاء وأهل اليمامة كانوا قد أسلموا وكانوا كالساعدين للإسلام، فلما ظهر فيهما الكذابان [477/ ب] وبهرجا على أهلهما زخرفا أقوالهما، ودعواهما الباطلة، فانخدع أكثرهم بذلك، فكان اليدان بمنزلة البلدين، والسواران بمنزلة الكذابين، وهو ظاهر أنهما كانا حين قص الرؤيا موجودين، ووقع في صحيح مسلم (2) يخرجان بعدي.
قال القاضي (3): أي: يظهر أمرهما وشأنهما بعده [صلى الله عليه وسلم](4) وإلا فقد كانا موجودين في عصره، فإن الأسود العنسي ظهر بصنعاء في حياته صلى الله عليه وسلم، وادعى النبوة، وعظمت شوكته، وحارب المسلمين، وفتك فيهم وغلب على البلد، وآل أمره إلى أن قتل في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما مسيلمة فادعى النبوة في حياته صلى الله عليه وسلم لكن لم تعظم شوكته ولم تقع محاربته إلا في عهد أبي بكر، قال ابن العربي (5): يحتمل أن التأويل منه صلى الله عليه وسلم كان بوحي، ويحتمل أن يكون تفاءل بذلك عليهما دفعاً لحالهما، وأخرج المنام عليهما؛ لأن الرؤيا إذا عبرت وقعت.
3 -
وَعَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنَّي أُهاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِها نَخْلٌ، فَذَهَبَ وَهِلي إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ أَوْ هَجَرُ، فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ، وَرَأَيْتُ
(1) في "المفهم"(6/ 44).
(2)
في صحيحه رقم (2274).
(3)
في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(7/ 234) للقاضي عياض.
(4)
زيادة من (أ).
(5)
في "العارضة"(9/ 159).
فِي رُؤْيَايَ هَذِهِ أَنِّي هَزَزْتُ سَيْفًا فانْقَطَعَ صَدْرُهُ، فَإِذا هُوَ ما أُصِيبَ مِنَ الْمُؤْمِنينَ يَوْمَ أحُدٍ، ثُمَّ هَزَزْتُهُ أُخْرَى فَعادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ، فَإِذَا هُوَ مَا جَاءَ الله بِهِ مِنَ الْفَتْحِ واجْتَمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ، وَرَأَيْتُ فِيهَا أَيْضًا بَقَرًا والله خَيْرٌ، فَإِذَا هُمُ النَّفَرُ مِنَ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَإِذا الْخَيْرُ ما جاءَ الله تَعَالَى بِهِ مِنَ الْخَيْرِ، وَثَوابِ الصِّدْقِ الَّذِي آتَانَا الله تَعَالَى بَعْدَ يَوْمِ بدْرٍ". أخرجه الشيخان (1). [صحيح]
"وَالْوَهَلُ (2) " بالتحريك الوهم.
قوله في حديث أبي موسى: "وهلي" بفتح الهاء، وقيل: بسكونها، أي: وهمي واعتقادي.
قوله: "اليمامة" هي مدينة معروفة، وهي قاعدة بالبحرين.
قوله: "يثرب" جاء في حديث النهي عن تسميتها يثرب لكراهة يثرب، ولأنه من أسماء الجاهلية وسمَّاها هنا؟
فقيل: يحتمل أن هذا قبل النهي.
وقيل: إنه لبيان الجواز وأن النهي للتنزيه.
وقيل: سمَّاها لمن يعرفها به، ولهذا جمع بينه وبين اسمها الشرعي فقال:"المدينة يثرب".
قوله: "ورأيت
…
" إلى آخره.
قال المهلب (3): هذه الرؤيا من ضرب المثل، ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصول بأصحابه عبر عن السيف بهم وبهزه عن أمره لهم بالحرب وعن القطع فيه بالقتل فيهم [478/ ب] وبالهزة
(1) أخرجه البخاري رقم (3622، 3987، 4081، 7035، 7041) ومسلم في صحيحه رقم (20/ 2272).
(2)
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 885)، "الفائق" للزمخشري (4/ 85).
(3)
ذكره الحافظ في "الفتح"(12/ 427).
الأخرى، فعاد إلى حالة من الاستواء عبر به عن اجتماعهم، والفتح عليهم، ولأهل التعبير في السيف تصرف على أوجه (1) وسردها.
قوله: "ورأيت بقراً" زاد البخاري (2)"تنحر" قاله في الفتح (3): واجتماع المؤمنين - إلى قوله -: "يوم بدر" في البخاري (4) رواية بعد يوم بدر.
قال الحافظ (5): والمراد بما بعد يوم بدر فتح خيبر ثم مكة، ووقع في رواية بعد بالضم أي: بعد أحد، ونصب يوم، أي: ما جاء الله به بعد بدر الثانية من تثبيت قلوب المؤمنين.
4 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَقُوْلُ: "رَأَيْتُ الَّليْلَةَ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنَّي فِي دَارِ عُقْبَةَ بْنِ رافِعٍ، وَأُتِيتُ بِرُطَبٍ مِنْ رُطَبِ ابْنِ طَابٍ فَأَوَّلْتُهُ أَنَّ الرِّفْعَةَ لَنَا فِي الدُّنْيَا، وَالْعاقِبَةَ فِي الآخِرَةِ، وَأَنَّ دينَنَا قَدْ طَابَ". أخرجه مسلم (6) وأبو داود (7). [صحيح]
قوله في حديث أنس: "رطب ابن طاب" وعذق ابن طاب، وعرجون ابن طاب، هو مضاف إلى ابن طاب رجل في المدينة، قاله النووي (8).
(1) منها: أن من نال سيفاً فإنه ينال سلطاناً إما ولاية، وإما وديعة، وإما زوجة وإما ولداً، فإن سله من غمده، فانثلم سلمت زوجته وأصيب ولده، فإن أنكر الغمد وسلم السيف فبالعكس، وإن سلما أو عطبا فكذلك، وقائم السيف يتعلق بالأب والعصبات ونصله بالأم وذوي الرحم، وإن جرد السيف وأراد قتل شخص فهو لسانه يجرده في خصومه، وربما عبر السيف بسلطان جائر.
(2)
في صحيحه (12/ 421 الباب رقم 39).
(3)
"فتح الباري"(12/ 421).
(4)
في صحيحه رقم (7035).
(5)
في "فتح الباري"(12/ 422).
(6)
في صحيحه رقم (2270).
(7)
في "السنن" رقم (5025). وهو حديث صحيح.
(8)
في شرحه لصحيح مسلم (15/ 31).
قوله: "ون ديننا قد طاب" أي: كمل واستقرت أحكامه، وتمهدت قواعده، والرفعة أخذها من رافع كأخذ العاقبة من عقبة، وفيه أن التعبير يؤخذ من ألفاظ الرؤيا.
5 -
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "رَأَيْتُ امْرَأةً سَوْدَاءَ ثَائِرَةَ الرَّأْسِ خَرَجَتْ مِنَ الْمَدِينَةِ حَتَّى نَزَلَتْ بِمَهْيَعَةَ وَهِيَ الْجُحْفَةُ؛ فَأَوَّلْتُ أَنَّ وَبَاءَ الْمَدِينَةِ نُقِلَ إِليْهَا. أخرجه البخاري (1) والترمذي (2). [صحيح]
قوله في حديث ابن عمر: "رأيت امرأة سوداء ثائرة الرأس" أي: شعر (3) الرأس زاد في رواية: "تفلة (4) " بفتح المثناة وكسر الفاء، أي: كريهة الرائحة.
قوله: "مهيعة (5) " بفتح الميم، وسكون الهاء بعدها مثناة تحتية، ثم عين مهملة، وقيل بوزن عظيمة وهي الجحفة، هذه اللفظة مدرجة (6) من قول موسى بن عقبة.
قوله: "فأولت أن وباء المدينة نقل إلى الجحفة".
قال [ابن التين (7)]: هذه الرؤيا من قسم المعبرة، وهي مما ضرب به المثل ووجه التمثيل أنه اشتق من لفظ السوداء السوء والذل، فتأول خروجها بما جمع اسمها، وتأول من ثوران شعر راسها أن الذي يسوء ويثير الشرّ يخرج من المدينة.
(1) في صحيحه رقم (7038) وطرفاه رقم (7039، 7040).
(2)
في "السنن" رقم (2290).
(3)
ذكره الحافظ في "الفتح"(12/ 425).
(4)
انظر: "غريب الحديث" للهروي (1/ 264)، "الفائق" للزمخشري (1/ 151).
(5)
انظر: "غريب الحديث" للخطابي (1/ 206)، "النهاية في غريب الحديث"(2/ 693).
(6)
ذكره الحافظ في "فتح الباري"(12/ 425 - 426).
(7)
كذا في المخطوط، والذي في "فتح الباري"(12/ 426)، قال المهلب.
6 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ فِي حَياةِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إذَا رَأَى رُؤْيَا قَصَّهَا عَلَيْه، وَكُنْتُ غُلَامًا شَابًّا عَزَبًا أَنَامُ في الْمَسْجِدِ، فَرَأَيْتُ فِي النَّوْمِ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَخَذَاني فَأَتَيَا بِي إِلَى النَّارِ، فَإِذَا هِيَ مَطْويَّةٌ كَطَيِّ الْبِئْرِ، وَإِذَا لَهَا قَرْنَانِ كَقَرْنَيِ الْبِئْرِ، فَإِذَا فِيهَا نَاسٌ قَدْ عَرَفْتُهُمْ فَجَعَلْتُ أَقُولُ: أَعُوذُ بِالله مِنَ النَّارِ ثلاثًا، فَلَقِيَهُمَا مَلَكٌ آَخَرُ فَقَالَ لِي: لَمْ تُرَعْ؟ فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"نِعْمَ الرَّجُلُ عبد الله لَوْ كانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ"، قَالَ سالِمٌ. فَكَانَ عبد الله بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلَاّ قَلِيلاً. أخرجه الشيخان (1). [صحيح]
7 -
وَفِي رِوَايَة (2) قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ فِي كَفِّي سَرَقَةً مِنْ حَرِير لا أُرِيدُ بِها مَكانَاً فِي الْجَنَّةِ إِلَاّ طارَتْ بِي إِلَيْهِ فَقَصَصْتَهَا عَلَى حَفْصَةَ فَقَصَّتْها عَلَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ أَخَاكِ رَجُلٌ صَالِحٌ. [صحيح]
"السرقة (3) " بتحريك الراء: قطعة من جَيِّد الحرير.
قوله: "مطوية" أي: مبنية "والفرنان" الخشبتان [479/ ب] القائمتين تمد عليهما الخشبة العارضة التي تعلق فيها الحديدة التي فيها البكرة.
قوله: "لم ترع" أي: لا تخف، قال القرطبي (4): إنما فسر الشارع من رؤيا عبد الله ما هو محمود؛ لأنه عرض على النار ثم عوفي منها، وقيل له: لا روع عليك، وذلك لصلاحه.
(1) في صحيحه رقم (440) وأطرافه (1121، 1156، 3738، 3740، 7015، 7028، 7030). ومسلم في صحيحه رقم (139/ 2478).
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه رقم (3895) وأطرافه (5078، 5125، 7011، 7012) ومسلم في صحيحه رقم (2438).
(3)
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(1/ 772)"الفائق" للزمخشري (2/ 174).
(4)
في "المفهم"(6/ 410).
8 -
وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: ذَاتَ يَوْمٍ: "مَنْ رَأَى مِنْكُمْ رُؤْيَا؟ " فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا رَأَيْتُ كَأَنَّ مِيزانًا نَزَلَ مِنَ السَّماءِ فَوُزِنْتَ أَنْتَ وَأَبُو بَكْرٍ فَرُجِحْتَ أَنْتَ بِأَبِي بَكْرٍ، وَوُزِنَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَرُجِحَ أَبُو بَكْرٍ، وَوُزِنَ عُمَرُ وَعُثْمانُ فَرُجِحَ عُمَرُ، ثُمَّ رُفِعَ الْمِيزَانُ فَرَأَيْنَا الْكَرَاهَةَ فِي وَجْهِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه أبو داود (1) والترمذي (2). [صحيح]
قوله في حديث أبي بكرة: "من رأى منكم رؤيا".
قال القاضي عياض (3): في هذا الحديث الحث على علم الرؤيا، والسؤال عنها وتأويلها، قال العلماء: وسؤالهم محمول على أنه صلى الله عليه وسلم أراد تعليمهم تأويلها، وفضيلتها واشتمالها على ما شاء الله من الإخبار بالغيب.
قوله: "فرأينا الكراهة في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم" كأنه كره رفع الميزان أو لغير ذلك.
قوله: "والترمذي".
قلت: وقال (4): حسن، وفي نسخة "صحيح".
9 -
وَعَنِ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَتَى رَجُلٌ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ كَأَنَّ ظُلَّةً تَنْظِفُ السَّمْنَ والْعَسَلَ، وَأَرَى النَّاسَ يَتكَفَّفُونَ مِنْهَا فالْمُسْتَكْثِرُ والْمُسْتَقِلُّ، وَإذَا سَبَبٌ وَاصِلٌ مِنَ الأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ، وَأَرَاكَ أَخَذْتَ بِهِ فَعَلَوْتَ، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ رَجُلٌ بَعْدَكَ فَعَلَا، ثُمَّ أَخَذَ بِهِ آخَرُ فَعَلَا، ثُمَّ آخَرُ فَانْقَطَعَ بِهِ، ثُمَّ وُصِلَ لَهُ فَعَلَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يا رَسُولَ الله! بأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، وَالله لَتَدَعَنِّي فَأُعَبِّرُهَا، فَقَالَ:"اعْبُرْهَا"، فَقَالَ: أَمَّا الظُّلَّةُ فَظُلَّةُ الإِسْلَامِ، وَأَمَّا الَّذِي يَنْظِفُ مِنَ السَّمْنِ والْعَسَلِ فالْقُرْآنُ حَلَاوَتُهُ وَلِينُهُ، وَأَمَّا ما يَتَكَفَّفُ النَّاسُ مِنْ ذَلِكَ فَالمُسْتَكْثِرُ مِنَ
(1) في "السنن" رقم (4634).
(2)
في "السنن" رقم (2287). وهو حديث صحيح.
(3)
في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(7/ 227).
(4)
في "السنن"(4/ 543).
الْقُرْآنِ والْمُسْتَقِلُّ، وَأَمَّا السَّبَبُ الْوَاصِلُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ فالْحَقُّ الَّذِي أنَتَ عَلَيْهِ تَأْخُذُ بِهِ فَيُعْلِيكَ الله، ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَعْدِكَ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ بِهِ رَجُلٌ فَيَنْقَطِعُ بِهِ، ثُمَّ يُوصَلُ لَهُ فَيَعْلُو بِهِ. فَأَخْبِرْنِي يَا رَسُولَ الله! بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي؛ أَصَبْتُ أَمْ أَخْطَأْتُ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"أَصَبْتَ بَعْضًا وَأَخْطَأْتَ بَعْضًا"، فقَالَ: وَالله لَتُحَدِّثَنِّي بِالَّذِي أَخْطَأْتُ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: "لا تُقْسِمْ". أخرجه الخمسة (1) إلا النسائي. [صحيح]
"الظلة (2) " شبه السحابة "والسبب (3) " الحبل.
قوله في حديث ابن عباس: "أتى رجل".
قال ابن حجر (4): لم أقف على اسمه.
قوله: "ظلة" بضم الظاء المعجمة [480/ ب] أي: سحابة لها ظل، وكلما أظل من سقيفة ونحوها يسمى ظلة، قال الخطابي (5).
قوله: "تنطف (6) " بنون وطاء مكسورة يقال: نطف الماء إذا سال.
قوله: "يتكففون منها" أي: يأخذون بأكفهم، قال الخليل (7): تكفف بسط كله فالمستكثر والمستقل، أي: الآخذ كثيراً والآخذ قليلاً.
(1) أخرجه البخاري رقم (700، 7046) ومسلم رقم (2269) وأبو داود رقم (4632) والترمذي رقم (2293) وابن ماجه رقم (3918).
(2)
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(2/ 143).
(3)
"المجموع المغيث"(2/ 46).
(4)
في "فتح الباري"(12/ 433).
(5)
في "معالم السنن"(5/ 27 - السنن).
(6)
انظر: "غريب الحديث" للخطابي (3/ 214)"الفائق" للزمخشري (3/ 265).
(7)
في "كتاب العين"(ص 846).
قوله: "وإذا سبب" أي: حبل.
قوله: "لا تقسم" نهي لأبي بكر عن القسم وقد وقع، فالمراد لا تعيد الإقسام، والعجب أنه صلى الله عليه وسلم طوى عن أبي بكر موضع خطائه ونهاه عن الإقسام بأنه يخبره به، ولم يسكت العلماء عن البحث عن موضع الخطأ، فساق في "فتح الباري (1) " عدة أقوال في ذلك في تعيين محل خطأ أبي بكر وقد كتبنا على هامش "الفتح" ما فيه غنية، على أن ذلك لا يحسن التعرض له بل لا يجوز.
10 -
وَعَنْ عائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: رَأَيْتُ ثَلَاثَةَ أَقْمَارٍ سَقَطْنَ فِي حُجْرَتِي فَقَصَصْتُ رُؤْيَايَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصّدِّيقِ، فَسَكَتْ، فَلَمَّا تُوُفِّىَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَدُفِنَ فِي بَيْتِي قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا أَحَدُ أَقْمَارِكِ وَهُوَ خَيْرُهَا. أخرجه مالك (2). [موقوف صحيح]
11 -
وعنها رضي الله عنها قَالَتْ: سُئِلَ رَسُولُ الله عَنْ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ فَقالَتْ خَدِيجَةُ رضي الله عنها: إِنَّهُ قَدْ صَدَّقَكَ، وَإِنَّهُ ماتَ قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"أُرِيتُهُ فِي الْمَنَامِ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ بَيَاضٌ، وَلَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَكَانَ عَلَيْهِ لِبَاسٌ غَيْرُ ذَلِكَ". أخرجه الترمذي (3). [ضعيف]
قوله في حديث عائشة [عن](4) ورقة: "أخرجه الترمذي".
قلت: ثم قال (5): هذا حديث غريب.
(1)(12/ 436 - 438).
(2)
في "الموطأ"(1/ 232 رقم 30) وهو موقوف صحيح.
(3)
في "السنن" رقم (2288) وهو حديث ضعيف.
(4)
في (أ) في.
(5)
في "السنن"(4/ 541).
وعثمان (1) بن عبد الرحمن [481/ ب] ليس عند أهل الحديث بالقوي. انتهى.
قلت: وعثمان المذكور هو راويه عن الزهري.
12 -
وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِي إِلَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي حَلَمْتُ أَنَّ رَأْسِي قُطِعَ فأَنَا أَتَّبِعُهُ، فَزَجَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ:"لَا تُخبرْ بِتَلَعُّبِ الشَّيْطَانِ بِكَ فِي الْمَنَامِ". أخرجه مسلم (2). [صحيح]
قوله في حديث جابر: "إني حلمت" إلى قوله: "ولا تخبر بتلعب الشيطان بك"، هذا نهي عن الإخبار بالرؤيا المكروهة [ومعرفة كراهة مثل هذه واضح وقد ثبت النهي عن الإخبار بالرؤية المكروهة] (3) قال النووي (4): سبب النهي أنه ربما فسرها سامعها بتفسير مكروه على ظاهر صورتها، وكان ذلك مجملاً فوقع ذلك بتقدير الله.
قال المازري (5): قيل إن النبي صلى الله عليه وسلم علم أن منامه هذا من الأضغاث بوحي أو بدلالة في المنام دلته على ذلك، أو على أنه من تحزين الشيطان، وأما العابرون فتكلموا في كتبهم على قطع الرأس، ويجعلونه دلالة على مفارقة الرآئي ما هو معه من النعم، ومفارقة من فوقه، وبتغير حاله في جميع أموره إلا أن يكون عبداً، فيدل على عتقه، أو مريضاً فعلى شفائه، أو
(1) انظر: "التقريب"(2/ 11 رقم 87) فقد قال ابن حجر: عثمان بن عبد الرحمن بن عمر بن سعد بن أبي وقاص الزهري الوقاصي أبو عمرو المدني، ويقال له المالكي
…
متروك، وكذبه ابن معين، من السابعة مات في خلافة الرشيد.
(2)
في صحيحه رقم (2268).
(3)
زيادة من (أ).
(4)
في شرحه لصحيح مسلم (15/ 27).
(5)
في "المعلم بفوائد مسلم"(3/ 120).
مديوناً فعلى قضاء دينه، أو لم يحج فعلى أن يحج، أو مغموماً فعلى فرحه، أو خائفاً فعلى أمنه، انتهى.
13 -
وَعَنْ أُمِّ الْعَلَاءِ الْأَنْصَارِيَّة رضي الله عنها قَالَتْ: لَمَّا قَدِمَ الْمَهَاجِرُونَ طَارَ لَنا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ فِي السُّكْنَى، فاشْتَكَى فَمَرَّضْنَاهُ حَتَّى تُوُفِّيَ، قالَتْ: فَرَأَيْتُ لِعُثْمَانَ فِي النَّوْمِ عَيْنًا تَجْرِي، فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: ذَاكِ عَمَلُهُ يَجْرِى لَهُ". أخرجه البخاري (1). [صحيح]
قوله: "وعن أم العلاء" هي: أم خارجة (2) بن زيد [بن ثابت واسمها كنيتها، وأبوها الحارث بن زيد بن](3) خارجة الخزرجي.
قوله: "فاشتكى" أي: مرض وأصله لصدور الشكوى، ثم استعمل لكل مرض لأن الشكوى تلزم عنه غالباً.
(1) في صحيحه رقم (1243) وأطرافه في (2687، 3929، 7003، 1804، 7018).
(2)
انظر: "الاستيعاب"(رقم 647)، "فتح الباري"(1/ 210).
(3)
زيادة من (أ).