الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(سورة الحديد)
1 -
عَن ابْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: مَا كَانَ بَيْنَ إِسْلَامِنَا، وَبَيْنَ أَنْ عاتَبَنَا الله تَعَالَى بِقَوْلِه:{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} إِلَاّ أَرْبَعُ سِنِينَ. أخرجه مسلم (1). [صحيح]
قوله: "إلا أربع سنين":
قلت: وأخرج ابن المبارك (2) وعبد الرزاق (3) وابن المنذر (4) عن الأعمش قال: لما قدم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فأصابوا من لين العيش ما أصابوا بعد ما كان بهم من الجهد، فكأنهم فتروا عن بعض ما كانوا عليه، فعوتبوا، فنزلت:{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا} (5).
2 -
وَعَن ابن عبَّاس رضي الله عنهما فِي قوْلِهِ تَعَالَى: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} (6). قَالَ: يُلينُ القُلُوب بعدَ قسْوَتَهَا، فيجعلها مخبتةً مُنيبَة يحي القُلوب الميتة بالعِلْم والحِكْمَة. وإلا فقد علم إحياء بالمطر مشاهدة. أخرجه رزين.
قوله في حديث ابن عباس: "أخرجه رزين": في "الجامع": أخرجه وبيض الاسم مخرجه على قاعدته فيما وجدته في كتاب رزين غير منسوب.
(1) في "صحيحه" رقم (3027)، وانظر "تفسير ابن كثير"(13/ 421).
(2)
في "تفسيره"(2/ 223 رقم 3163).
(3)
عزاه إليه السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 58).
(4)
في "تفسيره"(2/ 223 رقم 3163).
(5)
سورة الحديد آية: (16).
(6)
سورة الحديد آية: (17).
وفي "الدر المنثور"(1) أخرج ابن المبارك عن ابن عباس: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} : يلين القلوب بعد قسوتها.
3 -
وَعَنه رضي الله عنه قَالَ: كَانَتْ مُلُوكٌ بَعْدَ عِيسَى عليه الصلاة والسلام بَدَّلُوا التَّوْرَاةَ والإِنْجِيلَ، وَكانَ بَينهمْ مُؤْمِنُونَ يَقْرَءُونَ التَّوْراةَ والإِنْجِيْلِ، فَقِيلَ لِمُلُوكِهِمْ: ما نَجِدُ شَتْمًا أَشَدَّ مِنْ شَتْمٍ يَشْتِمُونَّا هَؤُلَاءِ، إِنَّهُمْ يَقْرَءُونَ:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44)} (2) مَعَ مَا يَعِيبُوننَا بِهِ فِي أَعْمَالِنَا فِي قِرَاءَتِهِمْ، فادْعُهُمْ فَلْيَقْرَءُوا كَمَا نَقْرَأُ، وَلْيُؤْمِنُوا كَمَا نُؤمِنْ، فَدَعَاهُمْ، فَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلَ، أَوْ يتْرُكُوا قِراءَةَ التَّوْراةِ والإِنْجِيلِ إِلَاّ مَا بَدَّلُوا مِنْهَا فَقَالُوا: مَا تُرِيدُونَ إِلَى ذَلِكَ؟ دَعُونَا، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ: ابْنُوا لَنَا أُسْطُوَانَاً، ثُمَّ ارْفَعُونَا إِلَيْهَا، ثُمَّ أعْطُونَا شَيْئًا نَرْفَعُ بِهِ طَعامَنَا وَشَرَابَنَا، وَلا نَرِدُّ عَلَيْكُمْ. وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ: دَعُونَا نَسِيحُ فِي الأَرْضِ وَنَهِيمُ وَنَشْرَبُ كَمَا يَشْرَبُ الْوَحْشُ، فَإِنْ قَدَرْتُمْ عَلَيْنا فِي أَرْضِكُمْ فَاقْتُلُونَا. وَقالَتْ طَائِفَةٌ: ابْنُوا لَنَا دُورًا فِي الْفَيَافِي وَنَحْتَفِرُ الآبَارَ، وَنَحترِثُ الْبُقُولَ، فَلا نَرِدُ عَلَيْكُمْ، وَلا نَمُرُّ بِكُمْ، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْقَبائِلِ إِلَاّ وَلَهُ فِيهِمْ حَمِيمٌ. فَفَعَلُوا ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ الله تَعالَى:{وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} (3) والآخَرُونَ قَالُوا: نَتَعَبَّدُ كَمَا تَعَبَّدَ فُلَانٌ، وَنَسِيحُ كَمَا سَاحَ فُلَانٌ، وَنَتَّخِذُ دُورًا كَمَا اتَّخَذَ فُلَانٌ، وَهُمْ عَلَى شِرْكِهِمْ لا عِلْمَ لَهُمْ بِإِيمَانِ الَّذِينَ اقْتَدَوْا بِهِم، فَلَمَّا بُعِثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَاّ قَلِيلٌ، انْحَطَّ رَجُلٌ مِنْ صَوْمَعَتِهِ وَجاءَ سائِحٌ مِنْ سِياحَتِهِ وَصاحِبُ الدَّيْرِ مِنْ دَيْرِهِ، فَآمَنُوا بِهِ، وَصَدَّقُوهُ فَقَالَ الله
(1)(8/ 57) وانظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير (13/ 421).
(2)
سورة المائدة آية: (44).
(3)
سورة الحديد آية: (27).
تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ} (1) يَعْنِي: أَجْرَيْنِ بِإِيمَانِهِمْ بِعِيسَى، وَبِالتَّوْراةِ والإِنْجِيلِ، وَبِإِيمَانِهِمْ بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وتَصْدِيقِهِمْ بِه، {وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ} (2) الْقُرْآنَ واتَّبَاعَهُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:{لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} يَتَشَبَّهُونَ بِكُمْ {أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} (3) الآيَةَ. أخرجه النسائي (4). [صحيح الإسناد موقوف]
قوله في حديث ابن عباس: "اسطواناً"[421/ ب] الاسطوانة (5): بضم الهمزة والطاء بينهما مهملة ساكنة والغالب أنها تكون في بناء بخلاف العمود، فإنه من حجر واحد.
قوله: "رهبانية ابتدعوها": الرهبانية (6)[هي](7): المبالغة في العبادة والرياضة والانقطاع (8) عن الناس منسوبة إلى الرهبان، وهو المبالغ من رهب كالخشيان من خشي، وقرئت بالضم كأنها منسوبة إلى الرهبان، وهو جمع راهب كراكب وركبان.
(1) سورة الحديد آية: (28).
(2)
سورة الحديد آية: (28).
(3)
سورة الحديد آية: (29).
(4)
في "السنن" رقم (540) وفي "الكبرى" رقم (11567) بسند صحيح الإسناد موقوف.
(5)
انظر: "القاموس المحيط"(ص 1555).
(6)
انظر: "مفردات ألفاظ القرآن"(ص 367).
(7)
زيادة من (أ).
(8)
قال ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث"(1/ 705 - 706): هي من رهْبنة النصارى، وأصلها من الرهبة: الخوف، كانوا يترهبون بالتخلي من أشغال الدنيا، وترك ملاذها، والزهد فيها، والعزلة عن أهلها، وتعمد مشاقها، حتى إن منهم من كان يخصي نفسه، ويضع السلسلة في عنقه، وغير ذلك من أنواع التعذيب =