المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أقول: روي عن جعفر الصادق (1) أنه قال: "ما في - التحبير لإيضاح معاني التيسير - جـ ٢

[الصنعاني]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثاني: في أسباب النزول

- ‌(فاتحة الكتاب)

- ‌(سورة البقرة)

- ‌(سورة آل عمران)

- ‌(سورة النساء)

- ‌سورة المائدة

- ‌(سورة الأنعام)

- ‌(سورة الأعراف)

- ‌(سورة الأنفال)

- ‌(سورة براءة)

- ‌(سورة يونس)

- ‌(سورة هود)

- ‌(سورة يوسف)

- ‌(سورة الرعد)

- ‌(سورة إبراهيم عليه السلام

- ‌(سورة الحجر)

- ‌(سورة النحل)

- ‌(سورة بني إسرائيل)

- ‌(سورة الكهف)

- ‌(سورة مريم)

- ‌(سورة الحج)

- ‌(سورة قد أفلح)

- ‌(سورة النور)

- ‌(سورة الفرقان)

- ‌(سورة الشعراء)

- ‌(سورة النمل)

- ‌(سورة القصص)

- ‌(سورة العنكبوت)

- ‌(سورة الروم)

- ‌(سورة لقمان عليه السلام

- ‌(سورة السجدة)

- ‌(سورة الأحزاب)

- ‌(سورة سبأ)

- ‌(سورة فاطر)

- ‌(سورة يس)

- ‌(سورة الصافات)

- ‌(سورة ص)

- ‌(سورة الزمر)

- ‌(سورة حم المؤمن)

- ‌(سورة حم السجدة

- ‌(سورة حم عسق

- ‌(سورة الزخرف)

- ‌(سورة الدخان)

- ‌(سورة حم الأحقاف)

- ‌(سورة الفتح)

- ‌(سورة الحجرات)

- ‌(سورة ق)

- ‌(سورة والذاريات)

- ‌(سورة والطور)

- ‌(سورة النجم)

- ‌(سورة القمر)

- ‌(سورة الواقعة)

- ‌(سورة الحديد)

- ‌(سورة المجادلة)

- ‌(سورة الحشر)

- ‌(سورة الممتحنة)

- ‌(سورة الصف)

- ‌(سورة الجمعة)

- ‌(سورة المنافقين)

- ‌(سورة التغابن)

- ‌(سورة الطلاق)

- ‌(سورة التحريم)

- ‌(سورة الملك)

- ‌(سورة "ن

- ‌(سورة نوح عليه السلام

- ‌(سورة الجن)

- ‌(سورة المزمل)

- ‌(سورة المدثر)

- ‌(سورة القيامة)

- ‌(سورة والمرسلات)

- ‌(سورة عم)

- ‌(سورة كورت)

- ‌(سورة المطففين)

- ‌(سورة انشقت)

- ‌(سورة سبح [اسم ربك الأعلى

- ‌(سورة الفجر)

- ‌(سورة الشمس)

- ‌(سورة الليل)

- ‌(سورة والضحى)

- ‌(سورة اقرأ)

- ‌(سورة القدر)

- ‌(سورة الزلزلة)

- ‌(سورة التكاثر)

- ‌(سورة أرأيت)

- ‌(سورة الكوثر)

- ‌(سورة النصر)

- ‌(سورة الإخلاص)

- ‌(سورة المعوذتين)

- ‌كتاب: تلاوة القرآن وقراءته

- ‌الباب الأول: (في التلاوة)

- ‌الفصل الأول: في الحث عليها

- ‌[الفصل الثاني: في آداب التلاوة

- ‌[الفصل الثالث: في تحزيب القرآن وأوراده

- ‌الباب الثاني: في القراءات

- ‌الفصل الثاني: فيما جاء من القراءات مفصلاً

- ‌كتاب: تأليف القرآن [وترتيبه وجمعه

- ‌كتاب: التوبة

- ‌كتاب: تعبير الرؤيا

- ‌الفصل الأول: في ذكر الرؤيا وآدابها

- ‌الفصل الثاني: فيما جاء من الرؤيا المفسرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم

- ‌كتاب: التفليس

- ‌كتاب: [تمني الموت

- ‌حرف الثاء [

- ‌[كتاب: الثناء والشكر]

الفصل: أقول: روي عن جعفر الصادق (1) أنه قال: "ما في

أقول: روي عن جعفر الصادق (1) أنه قال: "ما في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق منها". ووجهوه بأن الأخلاق ثلاثة بحسب القوى الإنسانية عقلية وشهوية وعصبية، فللعقل الحكمة، ومنها: الأمر بالمعروف، وللشهوة العفة، ومنها:{خُذِ الْعَفْوَ} ، وللعصبية الشجاعة، ومنها: الإعراض عن الجاهلين، يريدون أن دواء كل واحدة من هذه هو ما ذكر.

وأخرج الطبري (2) مرسلاً، وابن مردويه (3) موصولاً من حديث جابر وغيره: لما نزلت: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل فقال: "لا علم لي حتى أسأله، ثم رجع، فقال: إن ربك يأمرك أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك".

قلت: وأحسن من قال ملماً بالآية:

خذ العفو وأمر بعرف ولا

تجادل وأعرض عن الجاهلين

ولن في الكلام لكل الأنام

فمستحسن من ذوي الجاهلين

(سورة الأنفال)

في "النهاية"(4) النفل: بالتحريك الغنيمة، وجمعه: أنفال، والنفل: بالسكون وقد يحرك: الزيادة.

أقول: الأنفال لغة: العطايا من القسمة غير السهم المستحق بالقسمة، واحدها نفل بفتحتين على الأشهر، والتنفيل يكون لمن صنع جميلاً في الحرب.

(1) ذكره البغوي في "معالم السنن"(3/ 316) والقرطبي في "الجامع لأحكام القرآن"(7/ 344).

(2)

في "جامع البيان"(10/ 643 - 644).

(3)

عزاه إليه السيوطي في "الدر المنثور"(3/ 628).

(4)

"النهاية في غريب الحديث"(2/ 781).

ص: 148

وقال أبو عبيدة في كتاب "الأموال"(1): النفل: إحسان وتفضل من المنعم، فسميت الغنائم أنفالاً، لأن الله تفضل بها على هذه الأمة، ولم يجعلها لأحد قط.

1 -

عن ابن جبير قالَ: قُلْتُ لابنِ عبَّاس رضي الله عنهما: سُورة الأنفالِ قال: نَزَلَت في بَدْر. أخرجه الشيخان (2)[صحيح]

قوله في حديث ابن عباس: "في بدر": أي: في قصة بدر كما أن ما في سورة آل عمران في قوله: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ} (3) إلى قريب أخرها في قصة أحد.

2 -

وَعَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ جِئْتُ بِسَيْفٍ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! إِنَّ الله قَدْ شَفَى صَدْرِي مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَهَبْ لِي هَذَا السَّيْفَ. فَقَالَ: "هَذَا لَيْسَ لِي وَلَا لَكَ". فَقُلْتُ: عَسَى أَنْ يُعْطَى هَذَا مَنْ لَا يُبْلِى بَلَائي، فَجَاءَنِي الرَّسُولُ فَقَالَ:"إِنَّكَ سَأَلْتَنِي وَلَيْسَ لِي، وَإِنَّه قَدْ صَارَ لِي وَهُوَ لَكَ". قَالَ: فَنَزَلَتْ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} أخرجه مسلم (4) وأبو داود (5) والترمذي (6). [حسن]

قوله في حديث مصعب: "فهب لي هذا السيف":

أقول: كان هذا السيف للعاص بن سعيد بن العاص يقال له: ذو الكتيبة.

(1)(ص 279 - 280).

(2)

أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (4645) ومسلم رقم (3031).

(3)

سورة آل عمران الآية: (121).

(4)

في "صحيحه"(1748).

(5)

في "السنن" رقم (2740).

(6)

في "السنن" رقم (3079)، وهو حديث حسن.

ص: 149

قال القاضي عياض (1): يحتمل أن هذا كان قبل نزول قسمة (2) الغنائم، والحديث يدل عليه.

قال: وقد اختلفوا (3) في هذه الآية، فقيل: هي بقوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} فإن مقتضى الآية الأولى أن الغنائم كانت للنبي صلى الله عليه وسلم كلها خاصة، ثم إنه تعالى جعل أربعة أخماسها للغانمين بالآية الأخرى، وهذا قول ابن عباس وغيره، قيل: هي محكمة، والتنفيل من [315/ ب] الخمس، وقيل: هي محكمة [وللإمام](4) أن ينفل من الخمس ما شاء لمن شاء حسبما يراه. انتهى باختصار.

[قوله: "جئت بسيف" أي: أخذه من سلاح الأعداء، وقاتلهم به لقوله: قد شفى صدري من المشركين](5).

[قوله: "وليس لي ولا لك":

أقول: لفظه في "الجامع"(6) بزيادة بعد قوله: "لي" فقلت: "عسى أن يعطى هذا من لا يبلى بلائي، وقد صار لي فهو لك" فحذفه "المصنف"، وما كان يحسن حذفه، إذ هو من أعلام النبوة إخبار بما في نفس سعد] (7).

(1) في "إكمال المعلم بفوائد مسلم"(6/ 55 - 56).

(2)

انظر "المغني"(13/ 53) و"الاستذكار"(14/ 104).

(3)

انظر "البيان" للعمراني (12/ 198)"التمهيد"(10/ 82)"فتح الباري"(6/ 240).

(4)

زيادة من (أ).

(5)

زيادة من (أ).

(6)

في "جامع الأصول"(2/ 146).

(7)

زيادة من (أ).

ص: 150

قوله: "من لا يبلى بلائي":

يقال: أبليت بلاءً حسنًا، أي: صنعت، والأصل فيه: الابتلاء الاختبار، أي: فعلت فعلاً اختبر فيه، ويظهر به خيري وشري.

قوله: "فجاءني الرسول" ظاهره أن المراد به رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله: "سألتني". وقوله: "ليس لي".

[قوله: "أخرجه مسلم": لفظ الجامع: أخرجه مسلم في جملة حديث طويل يأتي في فضائل سعد، ثم قال:"والترمذي".

قلت: وقال: حسن صحيح] (1).

3 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: نَزَلَتْ فِي يَوْمِ بَدْرٍ: {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} أخرجه أبو داود (2). [صحيح]

قوله في حديث أبي سعيد: "في يوم بدر":

أقول: [ونزولها في يوم بدر](3).

(1) في هامش (ب).

ما نصه: قوله: أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي.

أقول: عبارة "الجامع" أخرجه الترمذي وأبو داود، وأخرجه مسلم في جملة حديث طويل يجيء في فضائل سعد في كتاب الفضائل من حرف الفاء. قلت: وقال بعد إخراجه: حسن صحيح.

ما بين المعكوفتين موجود في (أ) المنظمة، وهو متقدم عن هذا الموضع، وهو الصواب.

(2)

في "السنن" رقم (2648) وهو حديث صحيح.

(3)

زيادة من (أ).

ص: 151

قال الحسن (1): [ليس الفرار](2) بكبيرة إلا في يوم بدر [ويوم](3) الملحمة الكبرى التي تأتي آخر الزمان.

وقال غيره: هو من الكبائر إذا حضر الإمام، ولم يتحيز إلى فئة، وأما إذا كان الفرار إلى الإمام فهو متحيز، والعذر الذي يحرم معه الفرار أن يفر الواحد مع الواحد، والواحد مع الاثنين، وإذا كان الواحد مع الثلاثة لم يعب على الفار فراره سواءً كان متحيزاً إلى فئة أم لا. قاله السهيلي (4).

وقال في الإتحاف حاشية "الكشاف"(5): قوله: {إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا} الآية عامة لكل ملاقاة بشرطها وبعيد ما ذكر عن بعض السلف - يريد الحسن - أنها في بدر خاصة لكثرة الأحاديث في أن الفرار من الزحف من الكبائر، ونحو ذلك بحيث يعلم المفهوم من مجموع الأحاديث قطعاً، وأيضاً لم يكونوا زحفاً من الزحوف يوم بدر، وأيضاً الظاهر أن الآية نزلت بعد الفراغ من حرب بدر، وإنما نزلت للترهيب، ولم يقع منهم يوم بدر ما يلامون عليه بحمد الله.

(1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(11/ 78) والنحاس في ناسخه (ص 460) وابن أبي شيبة في مصنفه (14/ 386).

(2)

في (أ): إن الفرار من الزحف ليس.

(3)

في (أ). وفي.

(4)

في "الروض الأنف"(3/ 81 - 82).

(5)

وهي قيد التحقيق ط: دار الجيل ناشرون.

ص: 152

ولا يشترط في الفئة القرب كما قال صلى الله عليه وسلم لمن قال من جيش مؤتة: نحن الفرارون. قال: "بل أنتم العكارون" وأنا فئتكم مع بعد المسافة [315/ ب] انتهى وهو حسن (1).

4 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي قَولِه تَعَالَى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ} الآية. قَالَ: هُمْ نَفَرٌ مِنْ بَنِي عبد الدَّارِ. أخرجه البخاري (2). [صحيح]

قوله في حديث ابن عباس: "من بني عبد الدار":

أقول: أي: ابن قصي. قال ابن عباس (3): كانوا يقولون: نحن صم بكم [عميّ](4) عما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فقتلوا جميعاً بأحد، وكانوا أصحاب اللواء، ولم يسلم منهم إلا رجلان مصعب بن عمير، وسونيط بن حرملة.

"والصم": جمع: الأصم، وهو الذي لا يسمع (5).

"والبكم": جمع: الأبكم، وهو الذي لا يتكلم خرساً (6).

(1) قال ابن جرير في "جامع البيان"(11/ 81 - 82): وأول التأويلين في هذه الآية بالصواب عندي: قول من قال: حكمها محكم، وأنها نزلت في أهل بدر، وحكمها ثابت في جميع المؤمنين، وأن الله حرم على المؤمنين إذا لقوا العدو أن يولوهم الدبر منهزمين إلا لتحريف لقتال، أو لتحيز إلى فئة من المؤمنين حيث كانت من أرض الإسلام، وأن من ولاهم الدبر بعد الزحف لقتال منهزماً بغير نية إحدى الخلتين اللتين أباح الله التولية بهما، فقد استوجب من الله وعيده إلا أن يتفضل الله عليه بعفوه.

(2)

في "صحيحه" رقم (4646).

وأخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(11/ 101) وابن أبي حاتم في "تفسيره"(5/ 1677).

(3)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(11/ 100) عن عكرمة.

(4)

زيادة من (أ).

(5)

زيادة من (أ).

(6)

قاله ابن الأثير في "جامع الأصول"(2/ 146).

ص: 153

وإنما سماهم الله بذلك لعدم انتفاعهم بالأسماع في قبول الدعوة إلى الإيمان، وعدم النطق بكلمة التوحيد؛ لا أنهم كذلك حقيقة إذ لو كانوا كذلك حقيقة لم يكلفوا ولا ذموا.

5 -

وَعَن أَنَسَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ: {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ} الآية. فَنَزَلَتْ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} الآية. فَلمَّا أخْرَجُوهُ نَزَلَتْ: {وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} الآيَةَ. أخرجه الشيخان (1). [صحيح]

قوله في حديث أنس: "قال: قال أبو جهل: [اللهم!

إلخ"] (2).

أقول: قال الحافظ في "الفتح"(3): ظاهره أنه القائل، وقد نسب إلى جماعة فلعله بدأ به ورضي الباقون فنسب إليهم. وقد روى الطبراني (4) من طريق ابن عباس: أن قائل ذلك هو النضر بن الحارث قال: فأنزل الله: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1)} . وكذا قال مجاهد (5) وعطاء (6).

(1) أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (4648) وطرفه (4649) ومسلم في "صحيحه" رقم (2796).

(2)

زيادة من (أ).

(3)

(8/ 309).

(4)

قال الحافظ في "الفتح"(8/ 309): وقد روى الطبراني من طريق ابن عباس أن القائل ذلك هو النضر بن الحارث قال: فأنزل الله تعالى: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1)} ، وكذا قال مجاهد، وعطاء، والسدي: ولا ينافي ذلك ما في الصحيح لاحتمال أن يكونا قالاه، ولكن نسبته إلى أبي جهل أولى.

(5)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(11/ 144).

(6)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(11/ 145).

ص: 154

والسدي (1) ولا ينافي ذلك ما في الصحيح لاحتمال أن يكونا قالاه، لكن نسبته إلى أبي جهل أولى، وعن قتادة (2) قال: قال ذلك سفهةُ هذه الأمة وجهلتها.

قوله: "وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم":

أقول: لما طلبوا العذاب بإنزال الحجارة، أو إتيان العذاب الأليم أجاب الله عنهم: بأنه لا يفعل ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم إكراماً له ودفعاً لوجوده بين أظهرهم أن يصابوا بالعذاب، ولذا قيل:

لعين تغذي ألف عين وتفتدي

ويكرم ألف للحبيب المكرم

[316/ ب] وجرت حكمته تعالى إذا أراد إنزال العذاب بمن كذبت رسله أن يخرج (3) الرسل من بينهم كما قال في نوح: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ} وفي لوط: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ} (4)، وغير ذلك مما قصه في أخبار رسله.

قوله: " {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)} ":

[روى ابن جرير (5) من طريق زيد بن رومان أنهم لما قالوا ذلك ثم أمسوا ندموا فقال: غفرانك اللهم! فأنزل الله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)}](6).

أقول: اختلف في المراد بالمستغفرين:

(1) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(11/ 145) وابن أبي حاتم في "تفسيره"(5/ 1690).

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(11/ 145).

(3)

انظر "جامع البيان"(11/ 157 - 158).

(4)

سورة الأعراف الآية: (83).

(5)

في "جامع البيان"(11/ 151).

(6)

زيادة من (أ).

ص: 155

فروى ابن أبي حاتم (1) من طريق علي بن طلحة عن ابن عباس أن معنى قوله: {وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (33)} أي: من سبق له من الله أنه سيؤمن.

وقيل: من كان بين أظهرهم حينئذ من المؤمنين. قاله الضحاك (2) وأبو مالك (3).

قلت: يؤيد أنه تعالى قال: {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (25)} (4).

وأخرج الطبراني (5) من طريق ابن أبزى قال: كان من بقي بمكة من المسلمين يستغفرون، فلما خرجوا أنزل الله:{وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} (6) الآية.

فأذن الله في فتح مكة، وهو العذاب الذي وعدهم الله به.

(1) في "تفسيره"(5/ 1692).

قلت: وأخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(11/ 155) والبيهقي في الدلائل (3/ 76).

(2)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(11/ 149) والنحاس في الناسخ (ص 465) وابن أبي حاتم في "تفسيره"(5/ 1691).

(3)

أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(11/ 149).

(4)

سورة الفتح الآية: (25).

(5)

عزاه إليه السيوطي في "الدر المنثور"(4/ 59).

(6)

سورة الأنفال آية: (34).

ص: 156

وأخرج الترمذي (1) من حديث أبي موسى يرفعه قال: "أنزل الله عليَّ أمانين لأمتي" وذكر هذه الآية. قال: فإذا مضيت [82/ أ] تركت فيهم الاستغفار، وهذا الذي يقوي القول الأول والحمل عليه أولى أن العذاب حل بهم لما تركوا الندم على ما وقع منهم وبالغوا في معاندة المسلمين ومحاربتهم وصدهم عن المسجد الحرام.

6 -

وَعَن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ- يَقُولُ: " {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ ثَلَاَثاً

" أخرجه مسلم (2) وأبو داود (3) والترمذي (4). [صحيح]

7 -

وزاد مسلم والترمذي: "أَلَا إِنَّ الله سَيَفْتَحُ لَكُمُ الأَرْضَ، وَسَتكْفَوْنَ الْمُؤْونَةَ، فَلَا يَعْجِزَنَّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَلْهُوَ بِأَسْهُمِهِ".

قوله في حديث عقبة [بن عامر](5): "ألا إن القوة الرمي":

أقول: تفسير لمجمل الآية، وأنه أريد بالقوة الرمي.

قال النووي في شرح مسلم (6): هذا تصريح بتفسيرها، أي: القوة بالرمي، ورد لما يذكره المفسرون من الأقوال سوى هذا. وقال القرطبي (7): إنما فسرت القوة بالرمي، وإن كان القوة

(1) في "السنن" رقم (3082) وهو حديث ضعيف مرفوعاً، والموقوف أصح.

(2)

في "صحيحه" رقم (1917).

(3)

في السنن رقم (2514).

(4)

في "السنن" رقم (3083).

(5)

زيادة من (أ).

(6)

(13/ 64).

(7)

في "المفهم" لا أشكل من تلخيص كتاب مسلم (3/ 759).

ص: 157

تظهر بإعداد غيره [317/ ب] من آلات الحرب لكون الرمي أشد نكاية في العدو، وأسهل مؤنه لأنه قد يرمي في رأس الكتيبة منهم فينهزم من خلفه.

قوله: "ثلاثاً": لفظه في مسلم: "ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي".

قوله: "أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي":

قلت: هكذا عبارة ابن الأثير (1) والذي في الترمذي (2) بعد أن رواه عن رجل لم يسمِّه عن عقبة قال (3): وقد روى بعضهم هذا الحديث عن أسامة بن زيد عن صالح بن كيسان عن عقبة بن عامر، وحديث وكيع أصح يريد به الذي فيه الرجل المجهول. قال: وصالح ابن كيسان لم يدرك عقبة بن عامر [وأدرك ابن عمر](4).

وأما مسلم فإنه رواه عن أبي علي ثمامة بن شفي أنه سمع عقبة .. الحديث. وثمامة مثلثته مضمومة، وشفي بشين معجمة وفاء مصغراً.

قال في "التقريب"(5): أن ثمامة ثقة مات في خلافة هشام.

قال ابن الأثير (6): إلا أن مسلماً (7) أفرد هذه الزيادة حديثاً برأسه.

(1) في "جامع الأصول"(2/ 147).

(2)

في "السنن" رقم (3083).

(3)

في "السنن"(5/ 270).

(4)

زيادة من (ب).

(5)

رقم (852).

(6)

في "جامع الأصول"(2/ 148).

(7)

رقم (1918).

ص: 158

[قوله: "وزاد مسلم والترمذي" أقول](1):

واللفظ الذي ساقه لفظ الترمذي ولفظ مسلم: "سيفتح عليكم أرضون فيكفيكم الله فلا يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه".

وكان حق العبارة أن يقال: أخرجه مسلم وأبو داود، وأخرجه الترمذي من طريق فيها مجهول، ومن طريق مرسلاً وقال: إن طريق رواية المجهول أصح.

فإن قلت: كيف تصحح رواية المجهول.

قلت: يحتمل أنه أراد أصح من المرسلة، وإن كانت في نفسها غير صحيحة، ويحتمل أنه يريد لأنها قد رويت من طريق صحيحة وهي طريق مسلم.

8 -

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} ؛ كُتِبَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَفِرَّ وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ، وَلَا عِشْرُونَ مِن مَائَتَيْنِ. ثُمَّ نَزَلَتِ:{الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ} الآيَةَ، فَكَتَبَ أَنْ لَا يَفِرَّ مِائَةٌ مِنْ مِائَتَيْنِ. أخرجه البخاري (2) وأبو داود. [صحيح]

9 -

وفي أخرى (3): لَمَّا نَزَلَتْ {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَنَزَلَتْ: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ} الآية. فَلَمَّا خَفَّفَ الله تَعَالَى عَنْهُمْ مِنَ الْعِدَّةِ نَقَصَ مِنَ الصَّبْرِ بِقَدْرِ مَا خُفِّفَ عَنْهُمْ. [صحيح]

قوله في حديث ابن عباس: "فكتب أن لا تفر مائة من مائتين".

(1) زيادة من (أ).

(2)

أخرجه بهذا اللفظ البخاري في "صحيحه" رقم (4652).

(3)

أخرجه البخاري رقم (4653) وأبو داود رقم (2646).

ص: 159

أقول: استدل بالحديث على وجوب ثبات الواحد المسلم لرجلين من الكفار، وتحريم الفرار عليه منهما، سواء كان طالباً لهما أو مطلوباً لهما، وسواءً وقع وهو واقف في الصف مع العسكر أو لم يكن هناك عسكرُ، لكن المنفرد لو طلباه وهو على غير أهبة جاز له التولي عنهما جزماً، كان طلبهما فهو يحرم؟ (1) على ظاهر تفسير [318/ ب] ابن عباس.

قوله: "نقص عنهم من الصبر".

أقول: هذا لفظ البخاري، وعند الإسماعيلي (2) "من النصر" قال الحافظ (3): وهذا قاله ابن عباس توقيفاً، ويحتمل أن يكون قاله بطريق الاستقراء.

10 -

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لأَحَدٍ سُودِ الرُّءُوسِ مِنْ قَبْلِكُمْ، إِنَّمَا كَانَتْ تَنْزِلُ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ فَتَأْكُلُهَا". فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ وَقَعُوا فِي الْغَنَائِمِ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ، فَأَنْزَلَ الله تَعَالَى:{لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (68)} أخرجه الترمذي (4) وصححه. [صحيح]

قوله: "في حديث أبي هريرة: سود الرؤوس من قبل".

هو حكاية للواقع لا قيد لمن تحلّ له، وهذه الخصيصة إحدى الخمس التي أحلت له صلى الله عليه وسلم:"وأحلت لي الغنائم"، في حديث (5):"أعطيت خمساً" أخرجه الترمذي.

(1) كذا في المخطوط، ولعل العبارة اعتراها نقص، وهي في الفتح (8/ 313): وجهان أصحهما عند المتأخرين لا، لكن ظاهر هذه الآثار المتضافرة عن ابن عباس يأباه، وهو ترجمان القرآن، وأعرف الناس بالمراد

(2)

ذكره الحافظ في "الفتح"(8/ 313).

(3)

في "الفتح"(8/ 313).

(4)

في "السنن" رقم (3085) وهو حديث صحيح.

(5)

أخرجه البخاري رقم (335 و438) ومسلم رقم (521) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.

ص: 160

وقال (1): حسن صحيح، وهذا إحدى الروايات في سبب نزول الآية، والمشهور أنها في أخذ الفداء من الأسارى، كما تفيده رواية ابن عمر الآتية.

قوله في حديث أبي هريرة: "فتأكلها".

أقول: لفظ الترمذي (2) بعد تأكلها: قال سليمان الأعمش: فمن يقول هذا إلا أبو هريرة الآن، فلما كان الحديث وسليمان الأعمش أحد رواته، وهكذا ساقه ابن الأثير (3) فحذفه المصنف. أعني قول سليمان الأعمش.

قوله: "وصححه".

قلت (4): قال: هذا حديث حسن صحيح.

11 -

وَعَن عُمَرُ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ وَأَخَذَ - يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم الْفِدَاءَ، فَأَنْزَلَ الله - عزوجل -:{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا} إِلَى قَوْلِهِ: {لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ} مِنَ الْفِدَاءِ: {عَذَاب عَظِيمٌ (7)} ثُمَّ أَحَلَّ لَهُمُ الله الْغَنَائِمَ. أخرجه أبو داود (5). [صحيح]

(1) في "السنن"(5/ 272).

(2)

في "السنن"(5/ 271 - 272).

(3)

في "جامع الأصول"(2/ 149).

(4)

في "السنن"(5/ 272).

وقد أخرج البخاري في "صحيحه" رقم (3124، 5157) ومسلم رقم (1747) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "غزا نبيٌّ من الأنبياء فقال لقومه: لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة وهو يريد أن يبني بها ولما يبن بها، ولا أحد بنى بيوتاً ولم يرفع سقوفها .... حتى فتح الله عليه فجمع الغنائم

فجاءت النَّار فأكلتها، ثم أحل الله لنا الغنائم رأى ضعفنا وعجزنا، فأحلها لنا".

(5)

في "السنن" رقم (2690). =

ص: 161

قوله في حديث عمر: "حتى يثخن في الأرض".

أقول: أي: يكثر القتل ويبالغ فيه من أثخنه (1) المرض إذا أثقله.

وأخرج أحمد (2) عن أنس قال: "استشار النبي صلى الله عليه وسلم الناس في الأسرى يوم بدر فقال: "إن الله قد أمكنكم منهم، فقام عمر بن الخطاب فقال: يا رَسُولُ الله! اضرب أعناقهم، فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: يا أيها الناس! إن الله قد أمكنكم منهم، وإنما هم إخوانكم بالأمس، فقام عمر فقال: يا رَسُولُ الله! اضرب أعناقهم، فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم عاد فقال مثل ذلك، فقام أبو بكر فقال: يا رسول الله! [نرى](3) أن تعفو عنهم، وتقبل منهم الفداء، فعفا عنهم وقبل منهم الفداء، فأنزل الله:{لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ} ".

وأخرج أبو نعيم في "الحلية (4) " من طريق مجاهد، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أسر الأسرى يوم بدر استشار أبو بكر فقال: قومك وعشيرتك، فخل سبيلهم، فاستشار عمر [319/ ب] فقال: اقتلهم، ففاداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله:{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى} الآية، فلقي رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر فقال:"كاد أن يصيبنا في خلافك شر".

وأخرج ابن جرير (5)، وابن أبي حاتم (6).

= قلت: وأخرجه مسلم في صحيحه (1763). وهو حديث صحيح.

(1)

قاله ابن الأثير في "جامع الأصول"(2/ 150).

(2)

في "المسند"(3/ 243) وهو حديث حسن لغيره.

(3)

زيادة من (ب).

(4)

(4/ 207، 208). وانظر "جامع البيان"(11/ 247 - 278).

(5)

في "جامع البيان"(11/ 272).

(6)

في تفسيره (5/ 1732).

ص: 162

والنحاس (1)، وابن مردويه (2)، والبيهقي (3) [في ناسخه] (4) عن ابن عباس في قوله تعالى:{مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى} قال: ذلك يوم بدر والمسلمون يومئذٍ قليل، فلما كثروا واشتد سلطانهم أنزل الله بعد هذا في الأسارى:{فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} فجعل الله النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين في أمر الأسارى بالخيار، إن شاءوا قتلوا، وإن شاءوا استعبدوهم، وإن شاءوا فادوهم.

12 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا} وقوله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا} قَالَ: كَانَ الأَعْرَابِيُّ لَا يَرِثُ الْمُهَاجِرَ، وَلَا يَرِثُهُ الْمُهَاجِرُ، فَنُسِخَتْ فَقَالَ:{وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} . أخرجه أبو داود (5). [حسن]

قوله في حديث ابن عباس: "كان الأعرابي لا يرث المهاجر".

أقول: الأعراب سكان البادية (6)، وقالوا في النسبة إليه: أعرابي، على لفظه إذْ لو ردوه إلى مفرده على القاعدة التصريفية لقالوا عربي، لكنه يلتبس بمن ينسب إلى الحضارة، إذ عربي يعم الحاضر والبادي.

(1) في ناسخه (ص 472).

(2)

عزاه إليه السيوطي في "الدر المنثور"(4/ 108).

(3)

في "السنن الكبرى"(6/ 321 - 322).

(4)

كذا في المخطوط وهو خطأ. انظر "الدر المنثور"(4/ 108).

(5)

في "السنن" رقم (2924) وهو حديث حسن.

(6)

قال ابن الأثير في "النهاية"(2/ 178) والأعراب ساكنو البادية من العرب الذين لا يقيمون في الأمصار يدخلونها إلا لحاجة، والعرب اسم لهذا الجيل المعروف من الناس، ولا واحد له من لفظه، وسواء أقام بالبادية أو المدن، والنسب إليهما أعرابي وعربي. انظر "غريب الحديث" للخطابي (2/ 99).

ص: 163