الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَجْمَعُونَ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَمَا لَكُمْ وَلِهَذِهِ الْآيَةِ، إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ ثُمَّ تَلَا:{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} وتلا: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا} الآية، وَقَدْ سَأَلَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ شَيْءٍ فكَتَمُوهُ إِيَّاهُ، وَأَخْبرُوهُ بِغَيْرِهِ، فَأَرَوْهُ أَنْ قَدِ اسْتَحْمَدُوا إِلَيْهِ بِمَا أَخْبَرُوهُ عَنْهُ فِيمَا سَأَلَهُمْ، وَفَرِحُوا بِمَا أُوتُوا مِنْ كِتْمَانِهِمْ إِيَّاهُ مَا سَأَلَهُم عَنْهُ. أخرجه الشيخان (1) والترمذي (2). [صحيح]
22 -
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: مَا مِنْ بَرٍّ وَلَا فَاجِرٍ إِلَّا وَالْمَوْتُ خَيْرٌ لَهُ، ثُمَّ تلا:{إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا} ، وَتَلَا:{وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (198)} . أخرجه رزين (3).
23 -
وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! لَا أَسْمَعُ الله تَعَالَى ذَكَرَ النِّسَاءَ فِي الْهِجْرَةِ بِشَيْءٍ، فَأَنْزَلَ الله تَعَالَى:{أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} ، إلى قوله:{وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195)} . أخرجه الترمذي (4). [صحيح لغيره]
(سورة النساء)
1 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ رَجُلاً كَانَتْ لَهُ يَتِيمَةٌ فَنكحَهَا، وَكَانَ لهَا عَذْقٌ نَخْلٍ، وَكَانَتْ شَرِيْكَتُهُ فِيْهِ وَفِىِ مَالِهِ فَكَانَ يُمْسِكُهَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا مِنْ نَفْسِهِ شَيْءٌ فَنَزَلَتْ:{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} الآية.
(1) أخرجه البخاري رقم (4568) ومسلم رقم (2778).
(2)
في "السنن" رقم (3014).
(3)
لم يذكر ابن الأثير من خرجه.
وأخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(6/ 326) وعبد الرزاق في تفسيره (1/ 142) عن عبد الله بن مسعود.
(4)
في "السنن" رقم (3023) وهو حديث صحيح لغيره.
أخرجه الخمسة (1) إلا الترمذي. [صحيح]
قوله: "عَذق"، بفتح العين المهملة: النخلة، وهو المراد هنا، وبكسرها العنقود [274/ ب] بما فيه من الرطب (2).
قوله: "من نفسه شيء" أي: أنه لا يريد نكاحها.
قوله: "وإن خفتم ألا تقسطوا"، قسط الرجل إذا جار، اقتسط: عدل، والمراد هنا: العدل.
2 -
وفي رواية (3): هِيَ الْيَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حَجْرِ وَليِّهَا فَيَرْغَبُ فِي جَمَالِهَا وَمَالِهَا، وُيرِيدُ أَنْ يَنْقُصَ صَدَاقِهَا، فَنُهُوا عَنْ نِكَاحِهِنَّ إِلَاّ أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ فِي إِكْمَالِ الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا بِنِكَاحِ مَنْ سِوَاهُنَّ. [صحيح]
3 -
وفي أخرى (4): قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: وَالَّذِي ذَكَرَ الله تَعَالَى أنَّهُ يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ الآيَةُ الأُولَى الَّتِي قَالَ فِيهَا: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} قَالَتْ: وَقَوْلُ الله فِي الآيَةِ الأُخْرَى {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} رَغْبَةُ أَحَدِكُمْ يَتيمَتِهِ الَّتِي تَكُونُ فِي حَجْرِهِ، حِينَ تَكُونُ قَلِيلَةَ الْمَالِ وَالْجَمَالِ. [صحيح]
(1) أخرجه البخاري رقم (2494) ومسلم رقم (3018) وأبو داود رقم (2068) والنسائي رقم (3346).
(2)
قاله ابن الأثير في "جامع الأصول"(2/ 79).
(3)
أخرجها البخاري في صحيحه رقم (5131).
(4)
أخرجها البخاري في صحيحه رقم (4574).
4 -
وفي رواية (1) في قوله تعالى: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ، قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: هِيَ الْيَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حَجْرِ الرَّجُلِ، قَدْ شَرِكَتْهُ فِي مَالِهِ، فَيَرْغَبُ عَنْهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَيَكْرَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا غَيْرَهُ، فَيَدْخُلَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ، فَيَحْبِسُهَا، فَنَهَاهُمُ الله عَنْ ذَلِكَ. [صحيح]
زاد أبو داود (2) رحمه الله: وَقَالَ رَبِيعَةُ فِي قَوْلِ الله عز وجل: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} قَالَ يَقُولُ: اتْرُكُوهُنَّ إِنْ خِفْتُمْ فَقَدْ أَحْلَلْتُ لَكُمْ أَرْبَعًا. [صحيح]
5 -
وعنها رضي الله عنها في قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي وَالِي الْيَتِيمِ إِذَا كَانَ فَقِيرًا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ مَكَانَ قِيَامِهِ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ. أخرجه الشيخان (3). [صحيح]
وفي رواية (4): أَنَّهُ يُصِيبَ مِنْ مَالِهِ إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا بِقَدْرِ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ. [صحيح]
قوله: "بالمعروف"، المعروف هنا: القسط في الإنفاق، وترك الإسراف، وروي عن ابن عباس (5): يأكل بأطراف أصابعه، وعنه (6) من طريق عكرمة: يأكل ولا يكتسي، وعن إبراهيم (7): يأكل ما يسد الجوعة ويلبس ما وارى العورة.
(1) أخرجها البخاري في صحيحه رقم (6965).
(2)
في "السنن" رقم (2068).
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه رقم (2212) ومسلم رقم (10/ 3019).
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه رقم (2765) ومسلم رقم (11/ 3019).
(5)
أخرجه الطبري في "جامع البيان"(6/ 417) وابن أبي حاتم في تفسيره (3/ 869 رقم 4825).
(6)
أخرجه الطبري في "جامع البيان"(6/ 418).
(7)
أخرجه الطبري في "جامع البيان"(6/ 419). وابن أبي حاتم في تفسيره (3/ 870 رقم 8432).
6 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما في قوله تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} قَالَ: هِيَ مُحْكَمَةٌ وَلَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ، فَإِنَّ نَاسًا يَزْعُمُونَ أَنَّهَا نُسِخَتْ، وَلَا وَالله مَا نُسِخَتْ، وَلَكِنَّهَا مِمَّا تَهَاوَنَ بِهَا النَّاسُ، هُمَا وَالِيَانِ: وَالٍ يَرِثُ، وَذَاكَ الَّذِي يَرْزُقُ؛ وَوَالٍ لَا يَرِثُ، وَذَلِك الَّذِي يَقُولُ بِالْمَعْرُوفِ، يَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَكَ أَنْ أُعْطِيَكَ. أخرجه البخاري (1). [صحيح]
قوله. "هي محكمة [و] (2) ليست بمنسوخة"، زاد الإسماعيلي (3) من وجه آخر عن الأشجعي، وكان ابن عباس إذا ولي رضخ، وإذا كان في المال قلة اعتذر إليهم، فذلك القول بالمعروف.
واختلف [275/ ب] من قال بذلك هل الأمر على الوجوب أو الندب؟
فقال مجاهد (3) وطائفة: هو على الوجوب، وهو قول ابن حزم: إن على الوارث أن يعطي هذه الأصناف ما طابت به نفسه.
وقال آخرون (3): إنه على الندب قال: وهو المعتمد؛ لأنه لو كان على الوجوب لاقتضى استحقاقاً ومشاركةً في الميراث بجهة مجهولة فيفضي إلى التنازع والتقاطع.
7 -
وَعَن جَابِرَ رضي الله عنه قَالَ: مَرِضْتُ فَأَتَانِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يعُودُنِي وَأبُو بَكْرٍ رضي الله عنه وَهُمَا مَاشِيَانِ، فَوَجَدَانِي قَدْ أُغْمِيَ عَلَيَّ، فتوَضَّأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ صَبَّ وَضُوءَهُ عَلَيَّ، فَأَفَقْتُ، فَإِذَا النَّبِيُّ
(1) في صحيحه رقم (4576).
وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(6/ 432) والبيهقي في "السنن الكبرى"(6/ 266) وابن أبي شيبة في مصنفه (11/ 196).
(2)
زيادة من (أ).
(3)
ذكره الحافظ في "فتح الباري"(8/ 242).
- صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! كَيْفَ أَصْنَعُ فِي مَالِي؟ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ شَيْئَاً، حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الميرَاثِ:{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} . أخرجه (1) الخمسة إلا النسائي. [صحيح]
وَفِي رِوَايَة (2): فَنَزَلتْ آيَةُ الْفَرَائِضِ؛ وَفَي أخْرَى (3) فَنَزَلتْ: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} .
وفي رواية الترمذي (4): وَكَانَ لِي سَبْعُ أَخَوَاتٍ؛ وَعِنْد أَبي دَاوُد (5): {قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} ؛ مَنْ كَانَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أَخَوَاتٌ.
قوله: "حتى نزلت آية الميراث: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} ".
قال الحافظ (6): هكذا وقع في رواية ابن جريج، وقيل: إنه وهم في ذلك وأن الصواب أن الآية التي نزلت في قصة جابر هي الآية الأخيرة في سورة النساء وهي قوله: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} ؛ لأن جابر يومئذٍ لم يكن له ولد ولا والد، والكلالة من لا ولد له ولا والد (7).
(1) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (5651، 6723، 7309) ومسلم رقم (5/ 1616) وأبو داود رقم (2886) والترمذي رقم (2097، 3015) والنسائي رقم (138) وابن ماجه رقم (2728).
(2)
البخاري في صحيحه (5651، 6723) ومسلم رقم (5/ 1616).
(3)
البخاري رقم (4577) ومسلم رقم (6/ 1616).
(4)
في "السنن" رقم (2097).
(5)
في "السنن"(3/ 308 الباب رقم 3).
(6)
في "الفتح"(8/ 243).
(7)
وإليك تمام كلام الفتح (8/ 243): وقد أخرجه مسلم عن عمرو الناقد، والنسائي عن محمد بن منصور، كلاهما عن ابن عيينة، عن ابن المنكدر، فقال في هذا الحديث: حتى نزلت عليه آية الميراث: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ =
8 -
وقال في أخرى (1): اشْتَكَيْتُ وَعِنْدِي سَبْعُ أَخَوَاتٍ فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَنَفَخَ فِي وَجْهِي فَأَفَقْتُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ الله؛ أَلَا أُوصِى لأَخَوَاتِي بِالثُّلُثَينِ؟ قَالَ: "أَحْسِنْ". قُلْتُ فَبِالشَّطْرَ؟ قَالَ: "أَحْسِنْ". ثُمَّ خَرَجَ وَتَرَكَنِي وَقَالَ: "يَا جَابِرُ لَا أُرَاكَ مَيِّتًا مِنْ وَجَعِكَ هَذَا، وَإِنَّ الله تَعَالَى قَدْ أَنْزَلَ فَبَيَّنَ الَّذِي لأَخَوَاتِكَ فَجَعَلَ لَهُنَ الثُّلُثَيْنِ". فكَانَ جَابِرٌ رضي الله عنه يَقُولُ: أُنْزِلَتْ فِيَّ هَذِهِ الآيَةُ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} . [صحيح]
9 -
وعنه رضي الله عنه: جَاءَتِ الْمَرْأَةُ بِابْنَتَيْنِ لَهَا فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله! هَاتَانِ بِنْتَا ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ قُتِلَ مَعَكَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَقَدِ اسْتَفَاءَ عَمُّهُمَا مَالَهُمَا وَمِيرَاثَهُمَا كُلَّهُ فَلَمْ يَدَعْ لَهُمَا مَالاً إِلَاّ أَخَذَهُ، فَمَا تَرَى يَا رَسُولَ الله! فَوَالله لَا تُنْكَحَانِ أَبدًا إِلَاّ وَلَهُمَا مَالٌ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"يَقْضِي الله فِي ذَلِكَ". فَنَزَلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} الآيَةَ. فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ادْعُوا لِيَ الْمَرْأَةَ وَصَاحِبَهَا". فَقَالَ لِعَمِّهِمَا: "أَعْطِهِمَا الثُّلُثَيْنِ، وَأَعْطِ أُمَّهُمَا الثُّمُنَ، وَمَا بَقِىَ فَلَكَ". أخرجه أبو داود (2)، وهذا لفظه، والترمذي (3). [حسن، دون قوله: ثابت بن قيس]
= اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} ومسلم أيضاً من طريق شعبة، عن ابن المنكدر، قال في آخر هذا الحديث: فنزلت آية الميراث، فقلت لمحمد بن المنكدر:{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} ؟
قال هكذا أنزلت، وقد تفطن البخاري بذلك فترجح في أول الفرائص قوله:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} إلى قوله: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12)} ثم ساق حديث جابر
…
".
(1)
أخرجه أبو داود في "السنن" رقم (2887). وهو حديث صحيح.
(2)
أخرجه أبو داود في السنن رقم (2891) حسن، دون قوله ثابت بن قيس.
قال أبو داود في "السنن"(3/ 316) أخطأ بشر فيه، إنما هما ابنتا سعد بن الربيع، وثابت قتل يوم اليمامة.
(3)
في "السنن" رقم (2092). =
وفي أخرى لأبي داود (1): أَنَّ امْرَأَةَ سَعْد بْن الرَّبيعِ، وَذَكَرَ الْحَدِيْثَ، وَقَالَ: هَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة التِّرمذِيِّ.
قوله: "استفاء عمهما مالهما"، أي: اتخذه فيئاً لنفسه.
قوله: "وقال (2): هذا هو الصواب"[276/ ب]، إنما كان هو الصواب؛ لأن ثابتاً قتل يوم اليمامة في خلافة أبي بكر، وهذا أول مال قسم في الإسلام.
10 -
وَعَنِ عَبَادَة بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ نَبِيُّ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ كَرَبَ لِذَلِكَ وَتَرَبَّدَ وَجْهُهُ، فَأَنْزَلَ الله تبارك وتعالى عَلَيْهِ ذَاتَ يَوْمٍ، فَلَقِي كَذَلِكَ، فَلَمَّا سُرِّىَ عَنْهُ قَالَ:"خُذُوا عَنِّي، فَقَدْ جَعَلَ الله لَهُنَّ سَبِيلاً، الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْىُ سَنةٍ، والثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ والرجم". أخرجه مسلم (3) وأبو داود (4) والترمذي (5). [صحيح]
ومعنى: "تربد" أي: تغير (6).
قوله: "نزل عليه": أي: نزل الله تعالى صلى الله عليه وسلم الوحي: "كرب [71/ أ] لذلك وتربد"، لونه أي: تغير [و](7) صار كلون الرماد.
= قلت: وابن ماجه رقم (2720) وأبو داود في "السنن"(2892) وفيه أن امرأة سعد بن الربيع قالت: يا رسول الله! إن سعداً هلك وترك ابنتين، وساق نحوه.
قاله أبو داود في "السنن"(3/ 316).
(1)
في "السنن" رقم (2892).
(2)
أبو داود في "السنن"(3/ 316).
(3)
في "صحيحه" رقم (1690).
(4)
في "السنن" رقم (4415، 4416).
(5)
في "السنن" رقم (1434) وابن ماجه رقم (2550).
(6)
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(1/ 625).
(7)
في (أ) حتى.
والربدة: لون بين السواد والغبرة (1).
قوله: "سُري عنه": بضم المهملة وتشديد الراء، أي: كشف ما نزل به من شدة الوحي.
قوله: "أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي": لم ينسبه ابن الأثير (1) هنا إلا في مسلم، وقال (2): في الحدود بعد نسبته إلى الثلاثة: إن في رواية أبي داود والترمذي تقديم الثيب على البكر، وفي أخرى لأبي داود ورمى بالحجارة دون الرجم، انتهى. فكان على "المصنف" أن يقول: وهذا لفظ مسلم [277/ ب].
11 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي قَوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} قَالَ: كَانُوا إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ كَانَ أَوْلِيَاؤُهُ أَحَقَّ بِامْرَأَتِهِ، إِنْ شَاءَ بَعْضُهُمْ تَزَوَّجَهَا، وإِنْ شَاءُوا زَوَّجُوهَا، وإنْ شَاءُوا لَمْ يُزَوِّجُوهَا، فَهُمْ أَحَقُّ بِهَا مِنْ أَهْلِهَا، فنزَلَتْ هَذهِ الآيَةُ فِي ذَلِكَ. أخرجه البخاري (3) وأبو داود (4). [صحيح]
12 -
وفي أخرى لأبي داود (5): إِنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَرِثُ امْرَأَةَ ذي قَرَابَتِهِ، فَيَعْضُلُهَا حَتَّى تَمُوتَ، أَوْ تَرُدَّ إِلَيْهِ صَدَاقَهَا، فَأَحْكَمَ الله عَنْ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْ ذَلِكَ. [صحيح]
13 -
وعَنْه رضي الله عنه فِي قَولِه: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} لَمَّا نَزَلَت قَالَ: فَكَانَ الرَّجُلُ يتحَرَّجُ أَنْ يَأْكُلَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ
(1) في "جامع الأصول"(2/ 85).
(2)
في "جامع الأصول"(3/ 498).
(3)
في "صحيحه" رقم (4575 و6948).
(4)
في "السنن" رقم (2089).
(5)
في "السنن" رقم (2090) وهو حديث صحيح.
بَعْدَ مَا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: فَنَسَخَ الله ذَلِكَ بالآيَةُ الأُخْرَى الَّتِي فِي سُورة النور فَقَالَ: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنَّ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ إِلَى قوْلِهِ: {أَشْتَاتًا} الآية. فَكَانَ الرَّجُل الغَنِىُّ يَدْعُو الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِهِ إِلَى الطَّعَامِ فيَقُول: إِنَّي لأَجَّنَّحُ أَنْ آكُلَ مِنهُ. وَالتَّجَنُّحُ الْحَرَجُ ويَقُولُ: الْمِسْكِينُ أحَقُّ بِهِ مِنِّى. فَأُحِلَّ فِي ذَلِكَ أَنْ يَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ الله عَلَيْهِ وَأُحِلَّ طَعَامُ أَهْلِ الْكِتَابِ. أخرجه أبو داود (1). [حسن]
14 -
وعَن ابن مَسْعود رضي الله عنه قَالَ: خمسُ آيات مَا يَسُرُّني أن لي بهنَّ الدنيا ومَا فيهَا، إحداهنَّ:{إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} الآية: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} الآية، {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ} الآية، {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} الآية؛ {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110)} أخرجه رزين.
قوله: "أخرجه رزين":
أقول: صوابه لم يخرجه، ولكنه أخرجه أبو عبيد في فضائله (2) وسعيد بن منصور (2)، وعبد بن حميد (2)، وابن جرير (3)، وابن المنذر (2)، والطبراني (4)، والحاكم (5)، والبيهقي في
(1) في "السنن" رقم (3753)، وهو حديث حسن.
(2)
عزاه إليه السيوطي في "الدر المنثور"(2/ 498).
(3)
في "جامع البيان"(6/ 660).
(4)
في "المعجم الكبير" رقم (9069).
(5)
في "المستدرك" رقم (2/ 305).
الشعب (1) عن ابن مسعود الحديث، ولكني بحثت في الجامع الكبير لابن الأثير فلم أجد فيه هذا الحديث المنسوب إلى ابن مسعود أصلاً في المقام، فيبحث عنه.
15 -
وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قُلْتُ: يا رسولُ الله! يَغْزُو الرِّجَالُ وَلَا تغْزُو النِّسَاءُ، وإنَّمَا لَنَا نِصْفُ الْمِيرَاثِ. فَأَنْزَلَ الله تعالى:{وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} . قَالَ مُجَاهِدٌ: وأنْزَلَ الله تَعَالَى فِيهَا: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} ، وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ أَوَّلَ ظَعِينَةٍ قَدِمَتِ الْمَدِينَةَ مُهَاجِرَةً. أخرجه الترمذي (2). [صحيح]
قال ابن الأثير (3): وقال: هو مرسل. انتهى.
وقد راجعت الترمذي فرأيته نسختين:
إحداهما: ما قاله ابن الأثير (3): والنسخة الأخرى لفظها: سمعت محمداً يقول: هو عندي حديث مرسل محمد بن زيد بن مهاجر لم يدرك أبا أمامة الأنصاري، قال أبو عيسى - يعني: الترمذي -: أبو أمامة هو أبو ثعلبة، ولا يعرف اسمه. انتهى.
16 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما في قَولَه تَعَالَى: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} قَالَ: وَرَثَةً: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} كَانَ الْمُهَاجِرُونَ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَرِثُ الْمُهَاجِرُ إلأَنْصَارِيَّ دُونَ ذَوِى رَحِمِهِ لِلأُخُوَّةِ الَّتِي آخَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمْ، فَلَمَّا نَزَلَتْ:{وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} نَسَخَتْهَا. ثُمَّ قَالَ: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} إِلَاّ النَّصْرَ وَالرِّفَادَةَ وَالنَّصِيحَةَ، وَقَدْ ذَهَبَ الْمِيرَاثُ وَيُوصِى لَهُ.
(1) رقم (2425) بإسناد رجاله ثقات.
(2)
في "السنن" رقم (3022) وهو حديث صحيح.
(3)
في "جامع الأصول"(2/ 87).
أخرجه البخاري (1) وأبو داود (2). [صحيح]
17 -
وفي أخرى لأبي داود (3): {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} كَانَ الرَّجُلُ يُحَالِفُ الرَّجُلَ لَيْسَ بَيْنَهُمَا نَسَبٌ، فَيَرِثُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ، فَنَسَخَ ذَلِكَ فِي الأَنْفَالُ فَقَالَ:{وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} الآية. [حسن]
قوله: "للأخوة التي آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم":
أقول: قال الحافظ ابن حجر (4): [هكذا](5) حملها ابن عباس على من آخى بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحمله غيره على أعم من ذلك: فأسند الطبري (6) عنه قال: كان الرجل يحالف الرجل ليس بينهما نسب فيرث أحدهما الآخر، فنسخ ذلك، ومثله عن سعيد بن جبير (7).
قوله: "ولكل جعلنا موالي":
أقول: هكذا في هذه الرواية أن ناسخ ميراث الحليف هذه الآية وروى الطبري (8) من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أن الناسخ [278/ ب] قوله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} الآية. وروي من طرق شتى عن جماعة من العلماء كذلك.
(1) في "صحيحه" رقم (2292)، (4580) و (6747).
(2)
في "السنن" رقم (2922).
(3)
في "السنن" رقم (2921)، وهو حديث حسن.
(4)
في "فتح الباري"(2/ 249).
(5)
زيادة من (أ).
(6)
في "جامع البيان"(6/ 677 - 679).
(7)
أخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(6/ 678).
(8)
في "جامع البيان"(6/ 676).
قوله: "من النصر والرفادة" بكسر الراء بعدها فاء خفيفة الإعانة (1) بالعطية.
قال الحافظ ابن حجر (2): إنه يسقط منه شيء بينه الطبري في روايته عن أبي كريب عن أبي أسامة بهذا الإسناد ولفظه: ثم قال: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ} فآتوهم نصيبهم من النصر إلى آخره. فقوله: "من النصر": يتعلق بآتوهم لا بالعاقدين، ولا بإيمانكم، وهو وجه الكلام.
18 -
وَعَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ: كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَى أُمِّ سَعْدٍ بِنْتِ الرَّبِيعِ، وَكَانَتْ يَتيمَةً فِي حِجْرِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيق رضي الله عنه فَقَرَأْتُ:{وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} فَقَالَتْ: لَا تَقْرَأْ هَكَذَا. فَقَالَت: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ وَابْنِهِ عبد الرَّحْمَنِ حِينَ أَبَى الإِسْلَامَ فَحَلَفَ أَبُو بَكْرٍ أَلَاّ يُوَرِّثَهُ، فَلَمَّا أَسْلَمَ أَمَرَ الله تَعَالَى أَنْ يُوَرَّثهُ نَصِيبَهُ. أخرجه أبو داود (3). [ضعيف]
وزاد في رواية (4): فَمَا أسْلَمَ حَتَّى حُمِلَ عَلَى الإسْلَامِ بِالسَّيفِ.
19 -
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه فِي قَولُه تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} الآية. قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الله لَا يَظْلِمُ مُؤْمِنًا حَسَنةً يُعْطَى بِهَا فِي الدُّنْيَا وَيُجْزَى بِهَا فِي الآخِرَةِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتِ مَا عَمِلَ بِهَا لله فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا أَفْضَى إِلَى الآخِرَةِ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجْزَى بِهَا". أخرجه مسلم (5). [صحيح]
(1) قاله ابن الأثير في "جامع الأصول"(2/ 89).
(2)
في "فتح الباري"(8/ 249).
(3)
في "السنن" رقم (2923) وهو حديث ضعيف.
(4)
في إثر الحديث رقم (2923) وزاد عبد العزيز: فما أسلم حتى حمل على الإسلام.
(5)
في "صحيحه" رقم (56/ 2808).
قوله: "مثقال ذرة" أي: زنة ذرة، يقال: هذا مثقال هذا أي وزنه، وهو مثقال من الثقل، والذرة: النملة الصغيرة، ويقال: واحدة الهباء، والذرة يقال: وزنها ربع وزن نخالة ورقة النخالة وزن ربع خردلة وزنة الخردلة ربع سمسمة، ويقال (1): إن الذرة لا وزن لها.
قوله: "يجزى بها":
أقول: فيهما، أي: المؤمن والكافر مثلان في الجزاء في الدنيا، ويختص المؤمن بالجزاء في الآخرة، وذلك لأنه كان مؤمناً بها، وأنها دار الجزاء، والكافر كان منكراً قائلاً:{إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (29)} (2) فكأنه أجيب عليه بالفور ليس له من جزاء في الآخرة لعدم إيمانه بها.
20 -
وَعَنْ مَالِكٍ (3): أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَلىَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ فِي الْحَكَمَيْنِ اللَّذَيْنِ قَالَ الله تَعَالَى فِيهمَا: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} الآية. إِنَّ إِلَيْهِمَا الْفُرْقَةَ بَيْنَهُمَا وَالِاجْتِمَاعَ. [موقوف ضعيف]
قوله: "الاجتماع": أي: يقضيان بأن الرجل والمرأة مقيمان لحدود الله فيما أمرا به في الأمور الزوجية [279/ ب] فلا فرقة بينهما أو بأنهما غير مقيمين لحدود الله فيها فيقضيان بالفرقة.
(1) قال ابن الأثير في "النهاية"(1/ 602): الذّرّ: النمل الأحمر الصغر، واحدتها: ذرَّة، وسئل ثعلب عنها فقال: إن مائة غلة وزنُ حبة، والذّرة واحدةٌ منها.
وقيل: الذَّرة ليس لها وزن، ويراد بها ما يُرى في شعاع الشمس الداخل في النافذة. "المجموع المغيث"(1/ 697).
(2)
سورة الأنعام الآية: (29).
(3)
في "الموطأ"(2/ 584 رقم 72) وهو موقوف ضعيف.
21 -
وَعَنْ أَبِي حُرَّةَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ عَمِّهِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي قَوله تَعَالَى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} قَالَ حَمَّادٌ: يَعْنِي النَّكَاحَ. أخرجه أبو داود (1). [حسن]
قوله: "أبو حُرَّة": بضم الحاء المهملة وتشديد الراء، مشهور بكنيته اسمه: حنيفة (2) وقيل: حكيم، وعمه قيل: اسمه: حذلم بن خيثمة، وقيل: عمر بن حمزة كما في "التقريب"(3).
قوله: "يعني النكاح": تفسير للهجر في المضاجع، وأنه أريد به الوطء، وهذا تفسير حمَّاد، ولغيره تفاسير (4) أخر.
22 -
وَعَنْ عَلِىِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ: صَنَعَ لَنَا ابْنُ عَوْفٍ رضي الله عنه طَعَامًا، فَدَعَانَا فَأكَلْنَا، وَسَقَانَا خَمْراً قَبْلَ أَنَّ تحرم، فأخذت مِنَّي، وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَقَدَّمُونِي، فَقَرَأْتُ:{قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2)} وَنَحْنُ نَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ. فَخَلطَتْ فَنَزلَت: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} . أخرجه أبو داود (5) والترمذي (6) وصححه. [حسن]
(1) في "السنن" رقم (2145) وهو حديث حسن.
(2)
انظر "التقريب" رقم (28).
(3)
رقم (5091).
(4)
انظر "جامع البيان"(6/ 708 - 709).
(5)
في "السنن" رقم (3671).
(6)
في "السنن" رقم (3026)، وهو حديث حسن.
23 -
وعند أبي داود (1): أن رجلاً من الأنصار دعاه وعبد الرحمن بن عوف، وفيه فأتاهم علي رضي الله عنه فأمهم في المغرب، وذكر الحديث. [حسن]
قوله: في حديث علي عليه السلام: "أخرجه الترمذي وأبو داود":
قلت: وقال الترمذي (2): حسن صحيح غريب، وهذا سبب نزول الآية، والرواية هذه بينت الإمام في الصلاة، وأن الداعي عبد الرحمن بن عوف، والرواية التي انفرد بها أبو داود أبهم فيها الداعي، وأنه من الأنصار، وأن عبد الرحمن بن عوف كان هو وعلي اللذين دعيا، وكل هذا لا ضير فيه شرب الخمر كان مباحاً بنص القرآن، ثم حرم.
وعلي عليه السلام يقول في روايته: "قبل أن تحرم" بيان لأنهم إنما فعلوا شيئاً حلالاً، وفاعل الحلال لا يلام شرعاً ولا عقلاً، وتفرع عليه سكر من سكر منهم، والسكر جائز منه سكر الخمرة (3) وحضره رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سكران لا يعقل في قصة الشاربين، وتكلم فقال للرسول صلى الله عليه وسلم ولعلي ولمن معهما: وهل أنتم إلا عبيد لأبي، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم[له شيء بعد ذلك] (4) وحاصله: أن كثيراً مما حرمه الله كان حلالاً، وقد استفهم أقوام من الصحابة حال من مات، وقد شرب الخمر من المؤمنين حتى أنزل الله:{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} (5) الآية.
(1) في "السنن" رقم (3671)، وقد تقدم.
(2)
في "السنن" رقم (5/ 238).
(3)
يشير إلى الحديث الذي أخرجه البخاري رقم (2089، 2375، 3091، 4003، 5793) ومسلم رقم (1979) وأبو داود رقم (2986) من حديث علي رضي الله عنه.
(4)
لم أقف على هذه العبارة في ألفاظ الحديث. ولعله يشير إلى قول الراوي: فعرف النبي صلى الله عليه وسلم أنه ثمل فنكص رسول الله على عقبيه القهقرى، فخرج وخرجنا معه.
(5)
سورة المائدة الآية: (93).
واستنكروا صلاتهم إلى غير الكعبة قبل تحويلها، وأنزل الله:{وَمَا كَانَ [280/ ب] اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} (1).
وإنما عجبت أنه نقل عن السيد محمد بن إبراهيم الوزير الإمام الكبير أنه كتب على هامش "الجامع الكبير" ما لفظه: رواية الترمذي (2) وأبي داود (3) للخبر على هذه الكيفية باطلة، وقد رواها الحاكم [علامة الشيعة](4) من أهل الحديث صاحب المستدرك على الصحيحين، وخرجه من حديث سفيان عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن عن علي عليه السلام:"دعانا رجل من الأنصار قبل تحريم الخمر، فحضرت صلاة المغرب، فتقدم رجل فقرأ: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} والتبس عليه فنزلت: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} " صحيح. قال الحاكم: وفي هذا الحديث فائدة [كبيرة](5)، وهي: أن الخوارج تنسب هذا السكر، وهذه القراءة إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب دون غيره، وقد برأ الله منها فإنه راوي الحديث. انتهى كلام الحاكم ولله الحمد. انتهى المنقول عن السيد محمد رحمه الله.
ولا يخفى أن الحاكم كأنها خفيت عليه رواية أبي داود، فإن فيها الإبهام في تعيين القارئ الذي لبس في القراءة حتى يقول: إن فيما رواه فائدة كبيرة، وهو الرد على الخوارج (6)، فالخوارج ليسوا بأهل لرد ما يفوهون به، فإنهم قائلون بكفر أمير المؤمنين فضلاً عن شربه
(1) سورة البقرة الآية: (143).
(2)
في "السنن" رقم (3026).
(3)
في "السنن" رقم (3671)، وهو حديث حسن.
(4)
سيأتي الرد عليه.
(5)
زيادة من (أ).
(6)
تقدم تعريف الخوارج.
الحلال والتباس القراءة، فإنها لو التبست عليه وهو صاحٍ لكان معذوراً، فقد قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه المصلين خلفه:"لبستم عليَّ"(1) لما جهروا خلفه، ثم الإبهام في رواية والتعيين في أخرى عن راوٍ واحد في قصة واحدة لا يقتضي على رواية التعيين بالإبطال سيما علي، فالقاعدة أن زيادة العدل مقبولة، فهذه زيادة بينت الإجمال ورفعت الإبهام، ثم قول [281/ ب] السيد محمد: علامة الشيعة (2) من باب قول يعقوب عليه السلام: {وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ} فإنه تلقين للعذر لإخوة يوسف عليه السلام فيما فعلوه كذلك قوله: علامة الشيعة تلقين للقدح في الحاكم ممن ليس له إنصاف [72/ أ] وقد قدح فيه بأنه شيعي، وهو جهل من القادح كما بيناه في "ثمرات الأنظار"(3).
ثم قوله: "ينسب هذا السكر
…
إلى آخره".
(1) أخرج أبو داود رقم (827) والنسائي رقم (919) والترمذي رقم (312) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة فقال: "هل قرأ معي أحدٌ منكم آنفاً؟ " فقال رجل: نعم. يا رسول الله! قال: "فإني أقول: ما لي أنازع القرآن" قال: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يجهر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(2)
ورد الذهبي على من وصف الحاكم بالرفض بقوله: ليس رافضياً، بل يتشيع، وقال أيضاً في وصف الحاكم: صنف، وخرج، وجرَّح، وعدَّل، وصحح، وعلَّل، وكان من بحور العلم على تشيع قليل منه.
"سير أعلام النبلاء"(17/ 162 - 163).
وقال السبكي في "طبقات الشافعية"(4/ 167): أوقع الله في نفسي أن الرجل كان عنده ميل إلى علي رضي الله عنه يزيد على الميل الذي يطلب شرعاً، ولا أقول أنه ينتهي به إلى أن يضع من أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، ولا أنه يفضل علياً على الشيخين، بل استبعد أن يفضله على عثمان رضي الله عنه.
(3)
"ثمرات النظر في علم الأثر". وهي الرسالة رقم (50) من عون القدير من فتاوى ورسائل ابن الأثير ط ابن كثير - دمشق.
يقال: الروايات كلها عن علي عليه السلام دالة أنهم شربوا، ولذا ذكر قوله قبل تحريم الخمر، وأن سبب نزولها قربانهم الصلاة حال سكرهم لا أنهم لا يسكرون، فليست هي آية تحريم السكر.
24 -
وَعَنْ عَليِّ أيْضَاً رضي الله عنه أنَّه قَالَ: مَا فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ هَذِهِ الآيَةِ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} أخرجه الترمذي (1). [ضعيف]
قوله: "أخرجه الترمذي":
قلت: وقال (2): هذا حديث حسن غريب، وأبو فاختة (3) اسمه: سعيد بن علاقة.
وثويرٌ: يكنى أبا جهم، وهو رجل كوفي، وقد سمع من ابن عمر، وابن الزبير، وابن مهدي.
كان يغمزه قليلاً. انتهى [282/ ب].
25 -
وَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قال: نزل قوله تعالى: {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} فِي عبد الله بن حُذَافَةَ بن قَيْسِ بن عَديَّ السَّهمي إذْ بَعَثَهُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في سَريَّة. أخرجه الخمسة (4). [صحيح]
(1) في "السنن" رقم (3037)، وهو حديث ضعيف.
(2)
في "السنن"(5/ 247).
(3)
انظر "التقريب" رقم (54).
(4)
البخاري في "صحيحه" رقم (4584) ومسلم رقم (1834) وأبو داود رقم (2624) والترمذي رقم (1672) والنسائي رقم (4194).
26 -
وعَنه رضي الله عنه في قوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ} إلى قوله تعالى: {الظَّالِمِ أَهْلُهَا} . قال: كنت أنا وأمي من المستضعفين. أخرجه الشيخان (1). [صحيح]
27 -
وفِي رُواية للبُخَارِي (2): تَلَا ابْنَ عَبَّاسٍ {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ} فَقَالَ: كُنْتُ أنَّا وَأُمِّي مِمَّنْ عَذَرَ الله تَعَالى. أنَا مِن الولَدّان، وأمَّي منَ النساء. [صحيح]
28 -
وعنه رضي الله عنه: أَنَّ عبد الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَأَصْحَابًا لَهُ أَتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله! إِنَّا كُنَّا فِي عِزٍّ وَنَحْنُ مُشْرِكُونَ، فَلَمَّا آمَنَّا صِرْنَا أَذِلَّةً. فَقَالَ:"إِنِّي أُمِرْتُ بِالْعَفْوِ فَلَا تُقَاتِلُوا" فَلَمَّا حَوَّلَه الله إِلَى الْمَدِينَةِ، أَمَرَه بِالْقِتَالِ، فَكَفُّوا، فَأَنْزَلَ الله عز وجل:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} إلى قوله: {وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (77)} . أخرجه النسائي (3). [إسناده صحيح]
(1) البخاري في "صحيحه" رقم (1357، 4587، 4588، 4597).
قلت: ولم يخرجه مسلم. والله أعلم. وعزاه ابن الأثير في "جامع الأصول"(2/ 93) للبخاري فقط.
(2)
في "صحيحه" رقم (4588) باب: رقم (14) قوله: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} إلى قوله: {الظَّالِمِ أَهْلُهَا} .
ورقم (4597) باب: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98)} . وفيه: قال: كانت أمي ممن عذر الله.
(3)
في "المجتبى" رقم (3086) وفي "السنن الكبرى" رقم (11047).
29 -
وعَن خَارِجَة بنِ يَزيْد قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رضي الله عنه يَقُولُ: أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} بَعْدَ الَّتي فِي الفرقان: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ. أخرجه أبو داود (1) والنسائي (2). [منكر]
وزاد النسائي رحمه الله في أخرى (3): فَلَمَّا نَزَلَتْ أَشْفَقْنَا مِنْهَا. فَنَزَلَتِ الآيَةُ: الَّتِي فِي الْفُرْقَانِ.
30 -
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَلِمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا مِنْ تَوْبَةٍ قَالَ: لَا. قَالَ: فتَلَوْتُ عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَةَ الَّتِي فِي الْفُرْقَانِ فَقَال: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} إِلى آخِرِ الآيَةِ. قَالَ: هَذِهِ آيَةٌ مَكَّيَّةٌ نَسَخَتْهَا آيَةٌ مَدَنِيَّةٌ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} أخرجه الخمسة (4) إلا الترمذي. [صحيح]
قوله: في حديث ابن عباس: "فلا توبة له":
أقول في "فتح الباري"(5): حاصل ما في هذه الروايات أن ابن عباس كان تارةً يجعل الآيتين في محل واحد، فلذلك يجزم بنسخ إحداهما، وتارة يجعل محلهما مختلفاً، ويمكن الجمع بين كلاميه: بأن عموم الآية التي في الفرقان خص فيها مباشرة المؤمن بالقتل معتمداً، وكثير
(1) في "السنن" رقم (4272).
(2)
في "السنن" رقم (4006).
(3)
في "السنن" رقم (4008)، وهو حديث منكر.
(4)
أخرجه البخاري رقم (4855) ومسلم رقم (3023) وأبو داود رقم (4273) والنسائي في "السنن" رقم (4001 ، 4002).
(5)
(8/ 496).
من السلف يطلقون النسخ على التخصيص، وهذا أولى من حمل كلامه على التناقض وأولى من دعوى أنه قال بالنسخ، ثم رجع عنه.
وقول (1) ابن عباس: "فإن المؤمن إذا قتل مؤمناً متعمداً لا توبة له" مشهور عنه، وقد جاء عنه في ذلك ما هو أصح مما تقدم روى أحمد (2) و [الطبري (3)](4) من طريق يحيى الجابر، والنسائي (5) وابن ماجه (6) من طريق عمار كلاهما عن سالم بن أبي الجعد قال: كنت عند ابن عباس بعد ما كف بصره فأتاه رجل فقال: ما ترى في رجل قتل مؤمناً متعمداً؟ قال: {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} وساق الآية إلى: {عَظِيمًا (93)} فقال: "لقد نزلت في آخر ما نزل ما نسخها شيء حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال: أفرأيت إن تاب وآمن، وعمل صالحاً، تم اهتدى؟ قال:"وأنى له التوبة والهدى" لفظ يحيى والآخر بنحوه، وجاء على وفق ما ذهب إليه ابن عباس أحاديث كثيرة.
(1) انظر "فتح الباري"(8/ 496).
(2)
في "المسند"(4/ 44، 420).
(3)
في "جامع البيان"(7/ 343).
قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"(9/ 356) وسعيد بن منصور في "سننه"(166 - تفسير) والحميدي (488).
(4)
في (ب) الطبراني.
(5)
في "السنن" رقم (4010).
(6)
في "السنن" رقم (2621).
قلت: وأخرجه أحمد (3/ 413) والطبري في "جامع البيان"(7/ 343) وابن أبي حاتم في تفسيره (3/ 1036 رقم 5813) والطبراني في "الكبير" رقم (12597).
منها ما أخرجه أحمد (1) والنسائي (2) من طريق إدريس الخولاني عن معاوية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يكون كافراً أو الرجل يقتل مؤمناً متعمداً".
وقد حمل جمهور السلف وجميع أهل السنة [283/ ب] ما ورد من ذلك على التغليظ، وصححوا توبة القاتل كغيره، وقالوا: معنى قوله: {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} أي: إن شاء أن يجازيه تمسكاً بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (3).
ومن الحجة في ذلك حديث الإسرائيلي الذي قتل تسعة وتسعين نفساً، ثم أتى تمام المائة فقال له: لا توبة لك، فقتله، فأكمل به المائة، ثم جاء آخر فقال له: ومن يحل بينك وبين التوبة .. الحديث. وهو مشهور، وإذا ثبت ذلك لمن قتل في غير هذه الأمة، فمثله لهم أولى لما خفف الله عليهم من الأثقال التي كانت على من قبلهم. انتهى.
31 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: نَزَلَتْ هَذ الآيَةُ بِمَكَّةَ: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} إِلَى قَوْلِهِ: {مُهَانًا (69)} فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: وَمَا يُغْنِى عَنَّا الإِسْلَامُ، وَقَدْ عَدَلْنَا بِالله تَعالَى، وَقَدْ قَتَلْنَا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ الله تَعَالَى، وَأَتَيْنَا الْفَوَاحِشَ فَأَنْزَلَ الله عز وجل:{إِلَّا مَنْ تَابَ} الآية. أخرجه الخمسة (4) إلا الترمذي. [صحيح]
(1) في "المسند"(4/ 99).
(2)
في "السنن" رقم (7/ 81)، وهو حديث صحيح لغيره.
(3)
سورة النساء الآية: (48 - 116).
(4)
أخرجه البخاري رقم (4855) وله أطراف رقم (4590 و4762 و4763، 4764، 4765، 4766) ومسلم رقم (1222، 3023) وأبو داود رقم (4373) والنسائي رقم (4001، 4002) وابن ماجه رقم (2621).
وزاد في رواية: قَالَ فَأَمَّا مَنْ دَخَلَ فِي الإِسْلَامِ وَعَقَلَهُ، ثُمَّ قَتَلَ، فَلَا تَوْبَةَ لَهُ.
32 -
وفي رواية لأبي داود (1): {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} ما نَسَختها شيء.
33 -
وفي رواية للنسائي (2) والترمذي (3) رحمهما الله: سُئِلَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَمَّنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا، ثُمَّ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَنَّى لَهُ التَّوْبَةُ سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "يَجِيءُ المَقْتُول مُتَعَلِّقًا بِالْقَاتِلِ تَشْخُبُ أَوْدَاجُهُ دَمًا، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ! سَلْ هَذَا فِيمَ قَتَلَنِي". ثُمَّ قَالَ: وَالله لَقَدْ أَنْزَلَهَا الله تَعالَى، وَلَمْ يَنْسَخَهَا. [صحيح]
34 -
وعن أبي مجلز في قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} قال: هِي جَزَاؤُهُ، فَإِنْ شَاءَ الله تَعَالَى أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنْ جَزَائِهِ فَعَلَ. أخرجه أبو داود (4). [حسن مقطوع]
35 -
وعن ابن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ: لَقِيَ ناسٌ مِنْ المُسْلِمين رَجُلاً فِي غُنَيْمَةٍ لَهُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَأخَذوه فَقَتَلُوهُ، وَأَخَذُوا تِلْكَ الْغُنَيْمَات فَنَزَلَتْ:{وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} وَقَرأها ابن عباس رضي الله عنهما السلام. أخرجه الخمسة (5) إلا النسائي، وهذا لفظ الشيخين. [صحيح]
(1) انظر التعليقة المتقدمة.
(2)
في "السنن" رقم (3599، 4000).
(3)
في "السنن" رقم (3029)، وهو حديث صحيح.
(4)
في "السنن" رقم (4376) حسن مقطوع.
(5)
في "السنن" رقم (3030)، وهو حديث صحيح.
36 -
وعند الترمذي (1) رحمه الله قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ غَنَمٌ لَهُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ قَالُوا: مَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَاّ لِيَتَعَوَّذَ مِنْكُمْ فَقَامُوا فَقَتَلُوهُ، وَأَخَذُوا غَنَمَهُ، وأَتَوْا بِهَا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَأَنْزَلَ الله تَعَالَى الآية. [صحيح]
قوله: "على رجل من بني سليم":
قلت: القاتل له أسامة بن زيد، والمقتول مرداس بن نهيك كما في "فتح الباري"(2).
37 -
وعنه رضي الله عنه: أَنَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلْمِقْدَادِ: "إِذَا كَانَ رَجُل مُؤْمِنٌ يُخْفِى إِيَمانَهُ مَعَ قَوْمٍ كُفَّارٍ، فَأَظْهَرَ إِيمَانَهُ، فَقَتَلْتَهُ فَكَذَلِكَ كُنْتَ أَنْتَ تُخْفِى إِيمَانَكَ بِمَكَّةَ مِنْ قَبْلُ" أخرجه البخاري (3).
38 -
وعنه رضي الله عنه أيضاً قَالَ: (لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ بَدْرٍ وَالْخَارِجُونَ إِلَيهَا). أخرجه البخاري (4)، وهذا لفظه، والترمذي (5).
وزَادَ: لَمَّا نَزَلَتْ غَزْوَةُ بدر. قال عبد الله بن جَحْش وابنُ مَكْتوم: إنَّا أعْمَيان يا رسولُ الله، يَا رَسُولَ الله! فَهَلْ لَنَا رُخْصَةٌ فَنَزَلَتْ: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَ (وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً) فَهَؤُلَاءِ الْقَاعِدُونَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ
(1) أخرجه البخاري رقم (4591) ومسلم رقم (3025) والترمذي رقم (3030) وأبو داود رقم (3974).
(2)
(8/ 258).
(3)
في "صحيحه" رقم (6866).
وقال الحافظ في "الفتح"(12/ 168): وهذا التعليق وصله البزار والدارقطني في "الأفراد" والطبراني في "الكبير" من رواية أي بكر بن علي بن عطاء بن مقدم والد محمد بن أبي بكر المقدمي عن حبيب ..
(4)
في "صحيحه" رقم (3954).
(5)
في السنن رقم (3032).
وَفَضَّلَ الله الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا دَرَجَاتٍ مِنْهُ عَلَى الْقَاعِدِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرِ أُولِي الضَّرَرِ. [صحيح]
39 -
وللخمسة (1) إلا أبا داود عن البراء رضي الله عنه: لَمَّا نَزَلَت: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 95] دعا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم زيْدًا، فَجَاءَ بِكَتِفٍ يَكْتُبُهَا فَشَكَا إِلَيْهِ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ضَرَارَتَهُ فَنَزَلَتْ:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} . [صحيح]
قوله: "عبد الله جحش": هكذا وقع في "الجامع الكبير" وفي سنن الترمذي (2) والصواب عبد بن جحش غير مضاف، ذكره ابن عبد البر في "الاستيعاب" (3) قال: وقال يحيى ابن معين: اسمه عبد الله بن جحش، ولم يصنع شيئاً، أي: ليس قول يحيى بشيء، وكنيته: أبو أحمد وهو الشاعر الأعمى، وأخوه عبد الله بن جحش، وعبيد الله بن جحش مات عبيد الله بأرض الحبشة نصرانياً، وعبد الله: هو المجدع في سبيل الله رضي الله عنه. انتهى. [284/ ب].
قوله: "فهؤلاء القاعدون غير أولي الضرر" هكذا في الترمذي (4) وصوابه: فهؤلاء القاعدون أولوا الضرر بدون فضل المجاهدون على القاعدين من غير أولي الضرر درجات،
(1) أخرجه البخاري رقم (4594) ومسلم رقم (1898) والترمذي رقم (3031) والنسائي رقم (3101، 3102).
(2)
في "السنن"(5/ 241).
(3)
رقم (2828).
(4)
في "السنن"(5/ 241).
قال الحافظ في "فتح الباري"(8/ 280) هو من كلام ابن جريج بيَّنهُ الطبري، فأخرج من طريق حجاج نحو ما أخرجه الترمذي إلى قوله:"درجة".
وفضلهم على أولي الضرر درجة [73/ أ] واحدة، والمراد: أن الله سوى في الأجر بين المجاهدين والقاعدين أولي الضرر في الأجر، ولذا كان الصواب أن يقول الترمذي: أولي الضرر في عبارته الثانية.
قوله: "الترمذي وزاد":
قلت: ثم قال في آخره (1): هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث ابن عباس.
ومقسم يقال: مولى عبد الله بن الحارث، ويقال: مولى عبد الله بن عباس، ومقسم يكنى: أبا القاسم.
40 -
وَعَن مُحَمَّدُ بْنُ عبد الرَّحْمَنِ قَالَ: قُطِعَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَعْثٌ فَاكْتُتِبْتُ فِيهِ، فَلَقِيتُ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فَأَخبرْتُهُ، فَنَهَانِي أَشَدَّ النَّهْي، ثُمَّ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ نَاسًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا مَعَ الْمُشْرِكِينَ يُكَثَّرُونَ سَوَادَهُمْ يَأْتِي السَّهْمُ فَيُرْمَى بِهِ، فَيُصِيبُ أَحَدَهُمْ فَيَقْتُلُهُ أَوْ يُضْرَبُ فَيُقْتَلُ، فَأَنْزَلَ الله:{إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} (2) الآيَةَ. [صحيح]
قوله: "وعن محمد بن عبد الرحمن": هو أبو الأسود الأسدي يتيم عروة بن الزبير كما في "فتح الباري"(3).
(1) أي: الترمذي في "السنن"(5/ 241 - 242).
(2)
أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (4596) وطرفه رقم (7085).
(3)
(8/ 263).
قوله: "بعث"(1): أي: جيش، والمعنى. أنهم ألزموا بإخراج جيش لقتال أهل الشام، وكان ذلك في خلافة عبد الله بن الزبير على مكة [285/ ب].
41 -
وَعَن ابن عبَّاس رضي الله عنهما فِي قَولَه تَعالَى: {إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى} قال: نَزَلَتْ فِي عبد الرحمنِ بن عَوْف رضي الله عنه وكان جريحاً (2). أخرجهما البخاري. [صحيح]
42 -
وَعَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} فَقَدْ أَمِنَ النَّاسُ فَقَالَ: عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ:"صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ الله تَعَالَى بِهَا عَلَيْكُمْ فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ" أخرجه الخمسة (3) إلا البخاري. [صحيح]
43 -
وَعَن عبد الله بْنِ خَالِدِ بْنِ أَسِيدٍ أَنَّهُ قَالَ لِابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: كَيْفَ تَقْصُرُ الصَّلَاةَ، وَإِنَّمَا قَالَ الله تَعَالى:{فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: يَا ابْنَ أَخِي! إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أَتَانَا وَنَحْنُ ضُلَاّلٌ، فَعَلَّمَنَا فكَانَ فِيمَا عَلَّمَنَا أَنَّهُ أَمَرَنَا أَنْ نُصَلّيَ رَكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ. أخرجه النسائي (4). [صحيح]
(1) انظر "النهاية" في غريب الحديث (1/ 144).
(2)
في "صحيحه" رقم (4599).
قلت: وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(7/ 445) وابن أبي حاتم في "تفسيره"(4/ 1055 رقم 4903) والبيهقي في "السنن الكبرى"(3/ 255) والحاكم في المستدرك (2/ 308).
(3)
أخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (686) وأبو داود رقم (1199) وابن ماجه رقم (1065) والترمذي رقم (3034) والنسائي رقم (1433).
(4)
في "السنن الكبرى" رقم (1905). =
44 -
وَعَن قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنَّا يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو أُبَيْرِقٍ بِشْرٌ وَبَشِيرٌ وَمُبَشِّرٌ، وَكَانَ بَشِيرٌ رَجُلاً مُنَافِقًا يَقُولُ الشِّعْرَ يَهْجُو بِهِ أَصْحَابَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ يَنْحَلُهُ بَعْضَ الْعَرَبِ، يَقُولُ: قَالَ فُلَانٌ: كَذَا وَكَذَا، قَالَ فُلَانٌ: كَذَا وَكَذَا، وَكَانُوا أهْلَ بَيْتٍ حَاجَةٍ وَفَاقَةٍ فِي الجاهِلِيِّة وَالإسْلَام، وَكَانَ النَّاسُ إِنَّمَا طَعَامُهُمْ بِالْمَدِينَةِ التَّمْرُ وَالشَّعِيرُ، وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا كَانَ لَهُ يَسَارٌ فَقَدِمَتْ ضَافِطَةٌ مِنَ الشَّامِ مِنَ الدَّرْمَكِ ابْتَاعَ الرَّجُلُ مِنْهَا فَخَصَّ بِهَا نَفْسَهُ، وَأَمَّا الْعِيَالُ فَإِنَّمَا طَعَامُهُمُ التَّمْرُ وَالشَّعِيرُ، فَقَدِمَتْ ضَافِطَةٌ مِنَ الشَّامِ فَابْتَاعَ عَمِّي رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ حِمْلاً مِنَ الدَّرْمَكِ، فَجَعَلَهُ فِي مَشْرَبَةٍ لَهُ، وَفي الْمَشْرَبَةِ سِلَاحٌ وَدِرْعٌ وَسَيْفٌ، فَعُدِىَ عَلَيْهِ مِنْ الليل، فَنُقِبَتِ الْمَشْرَبَةُ، وَأُخِذَ الطَّعَامُ وَالسِّلَاحُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَانِي عَمِّي رِفَاعَةُ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي! إِنَّهُ قَدْ عُدِىَ عَلَيْنَا فِي لَيْلَتِنَا فَنُقِبَتْ مَشْرَبَتُنَا وَذُهِبَ بِطَعَامِنَا وَسِلَاحِنَا. قَالَ: فتحَسَّسْنَا فِي الدَّارِ وَسَأَلْنَا. فَقِيلَ لَنَا: قَدْ رَأَيْنَا بَنِي أُبيْرِقٍ اسْتَوْقَدُوا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، وَلَا نُرَى فِيمَا نُرَى إِلَاّ عَلَى بَعْضِ طَعَامِكُمْ. وَكَانَ بَنُو أُبيْرِقٍ قَالُوا: وَنَحْنُ نَسْأَلُ فِي الدَّارِ، وَالله! مَا نُرَى صَاحِبَكُمْ إِلَاّ لَبِيدَ بْنَ سَهْلٍ رَجُلاً مِنَّا لَهُ صَلَاحٌ وَإِسْلَامٌ، فَلَمَّا سَمِعَ لَبِيدٌ اخْتَرَطَ سَيْفَهُ، وَقَالَ: أَنَا أَسْرِقُ فَوَالله! لَيُخَالِطَنَّكُمْ هَذَا السَّيْفُ أَوْ لَتُبَيِّنُنَّ هَذِهِ السَّرِقَةَ. فَقَالُوا: إِلَيْكَ عَنْهَا أَيُّهَا الرَّجُلُ! فَمَا أَنْتَ بِصَاحِبِهَا. فَسَأَلْنَا فِي الدَّارِ حَتَّى لَمْ نَشُكَّ أَنَّهُمْ أَصْحَابُهَا، فَقَالَ لِي عَمِّي: يَا ابْنَ أَخِي! لَوْ آتَيْتَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتَ ذَلِكَ لَهُ. فَأتَيْتُه فَقُلْتُ: إِنَّ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَّا أَهْلَ جَفَاءٍ عَمَدُوا إِلَى عَمِّي رِفَاعَةَ فَنَقَبُوا مَشْرَبَته وَأَخَذُوا سِلَاحَهُ وَطَعَامَهُ، فَلْيَرُدُّوا عَلَيْنَا سِلَاحَنَا؛ فَأَمَّا الطَّعَامُ فَلَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"سَآمُرُ فِي ذَلِكَ". فَلَمَّا سَمِعَ بَنُو أُبيْرِقٍ أَتَوْا رَجُلاً مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: أَسِيرُ بْنُ عُرْوَةَ فَكَلَّمُوهُ فِي ذَلِكَ، فَاجْتَمَعَ فِي ذَلِكَ أنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ.
= قلت: وأخرجه ابن ماجه رقم (1066) وابن حبان في "صحيحه" رقم (1451، 2735)، وهو حديث صحيح.
فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله! إِنَّ قَتَادَةَ بْنَ النُّعْمَانِ وَعَمَّهُ عَمَدَا إِلَى أَهْلِ بَيْتٍ مِنَّا أَهْلِ إِسْلَامٍ وَصَلَاحٍ يَرْمُونَهُمْ بِالسَّرِقَةِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا ثَبْتٍ. قَالَ قَتَادَةُ: فَأَتيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَكَلَّمْتُهُ فَقَالَ: "عَمَدْتَ إِلَى أَهْلِ بَيْتٍ ذُكِرَ مِنْهُمْ إِسْلَامٌ وَصَلَاحٌ تَرْمِيهِمْ بِالسَّرِقَةِ عَلَى غَيْرِ ثَبْتٍ وَلَا بَيِّنَةٍ". قَالَ: فَرَجَعْتُ وَلَوَدِدْتُ أَنَّي خَرَجْتُ مِنْ بَعْضِ مَالِي وَلَمْ أُكَلِّمْ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم في ذَلِكَ فَأَتَانِي عَمِّي رِفَاعَةُ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي! فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ لِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: الله الْمُسْتَعَانُ! فَلَمْ نلْبَثْ أَنْ نَزَلَ الْقُرآنُ: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105)} بَنِي أُبَيْرِقٍ {وَاستَغفِرِ اللهَ} مِمَّا قُلْتَ لِقَتَادَةَ: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (106) وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108)} إِلَى قَوْلِ الله - عزوجل -: {غَفُورًا رَّحِيمًا} أَيْ: لَوِ اسْتَغْفَرُوا لَغَفَرَ لَهُمْ: {وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ} إِلَى قَوْلِهِ: {إِثْمًا مُبِينًا (50)} قَوْلُهُمْ لِلَبِيدٍ: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (74)} فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ أُتِىَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِالسِّلَاحِ، فَرَدَّهُ إِلَى رِفَاعَةَ فَقَالَ قَتَادَةُ: لَمَّا أَتَيْتُ عَمِّى بِالسِّلَاحِ وَكَانَ شَيْخًا قَدْ عَسِىَ أَوْ قَد عَشِيَ الشَّك مِنْ أبي عيسَى فِي الجَاهِليَّةِ، وَكُنْتُ أُرَى إِسْلَامَهُ مَدْخُولاً، قَالَ يَا ابْنَ أَخِي! هُوَ فِي سَبِيلِ الله تَعَالَى، فَعَرَفْتُ أَنَّ إِسْلَامَهُ كَانَ صحِيحًا، فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ لحِقَ بَشِير بِالْمُشْرِكِين، فَنَزَلَ عَلَى سُلَافَةَ بِنْتِ سَعْدِ ابْنِ سُمَيَّةَ فَأَنْزَلَ الله:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115) إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} فَلَمَّا نَزَلَ عَلَى سُلَافَةَ رَمَاهَا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ بِأَبْيَاتٍ مِنْ
الشَّعْر، فَأَخَذَتْ رَحْلَهُ فَوَضعَتْهُ عَلَى رَأْسِهَا، ثُمَّ خَرَجَتْ بِهِ فَرَمَتْ بِهِ فِى الأَبْطَحِ، ثُمَّ قَالَتْ: أَهْدَيْتَ إليَّ شِعْرَ حَسَّانَ مَا كُنْتَ تَأْتِينِي بِخَيْرٍ. أخرجه الترمذي (1). [حسن]
"والضافطة"(2): ناس يحلبون الدهن والزيت ونحوهما، وقيل: هم الذين يُكْرون من منزل إلى منزل.
و"المشربة"(3) بضم الراء وفتحها الغرفة.
و"عسى"(4): بالمهملة كبر وأسن، وبالمعجمة قل بصره وضعف.
قوله في حديث قتادة بن النعمان: "ثم ينحله"(5): بالحاء المهملة يعطيه [و](6) ينسبه إليه.
زاد الترمذي (7) في روايته: "فإذا سمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الشعر قالوا: والله! ما يقول هذا الشعر إلا هذا الخبيث، أو كما قال الرجل، وقالوا: ابن الأبيرق قالها".
(1) في "السنن" رقم (3036).
قلت: وأخرجه الطبري في "جامع البيان"(7/ 458 - 462) وابن أبي حاتم في تفسيره (4/ 1059 - 1060 رقم (5933)، وهو حديث حسن.
(2)
قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(2/ 109).
ضافطةٌ بضاد معجمة وقال ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث"(2/ 87): الضافط والضّفّاط: الذي يجلب المسيرة والمتاع إلى المدن.
والمكاري: الذي يكري الأحمال، وكانوا يومئذ قوماً من الأنباط يحملون إلى المدينة الدقيق والزيت وغيرهما.
وانظر الفائق في غريب الحديث (2/ 343).
(3)
قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(2/ 109).
(4)
قاله ابن الأثير في "غريب الجامع"(2/ 109) وفي "النهاية"(2/ 208).
(5)
انظر غريب الحديث للخطابي (2/ 161)"النهاية" في غريب الحديث (2/ 719).
(6)
زيادة من (ب).
(7)
في "السنن" رقم (3036).
قوله: في "ضافطة": بالضاد المعجمة كما في "النهاية"(1).
قوله: "الدرمك" بفتح الدال المهملة: دقيق الحنطة (2).
قوله: "عدي عليه" أي: سرق ماله من العدوان والظلم (3).
قوله: "المشربة": بضم الراء وفتحها: الغرفة (3).
قوله: "في الدار" أي: في المدينة (3)[286/ ب].
قوله: "أهل جفاء" فيه جواز تكلم المتظلم عن غيره بالغيبة في القرينة.
قوله صلى الله عليه وسلم: "سآمر في ذلك": الظاهر أن مراده صلى الله عليه وسلم سأنظر في أمركم إن أقمتم البينة.
قوله صلى الله عليه وسلم: "عمدت إلى أهل بيت ذكر منهم إسلام وصلاح ترميهم بالسرقة من غير بينة ولا ثَبْت": أي: أمر تثبت به السرقة منهم.
إن قلت: كيف صدقهم صلى الله عليه وسلم بأنهم أهل بيت إسلام وصلاح، وقد اتهموا بالسرقة؟
قلت: اتهامهم بالسرقة ما يخرجهم عن ظاهر إسلام وصلاح، لأن إسلامهم قد تيقن فبقي صلى الله عليه وسلم عليه، وأصل من تلبس بالإسلام أنه على صلاح.
فإن قلت: هذا يدل على لوم من يتهم من ليس أهلاً للتهمة.
قلت: هذا تولى الله جوابه وعاتب فيه رسوله بالآية. وأمره بالاستغفار وعاتبه على جداله عن الذين يختانون أنفسهم، وهم بنو أبيرق كما صرح به في رواية الترمذي، وفيه: واستغفر الله، مما قلت لقتادة.
(1)(2/ 87) وقد تقدم بنصه.
(2)
قال ابن الأثير في "جامع الأصول"(2/ 109) و"النهاية"(1/ 565) هو الدقيق الخوازي.
(3)
قاله ابن الأثير في "جامع الأصول"(2/ 109).
قوله: "عسى أو عشى":
قال ابن الأثير (1)[287/ ب]: عسى - بالسين غير المعجمة - أي: كبر وأسن. وعشى - بالمعجمة - أي: قل بصره وضعف.
قوله: "من أبي عيسى": أي: الترمذي في رواية أحد اللفظين.
قوله: "مدخول"(2): الدخل العيب والغش يعني: إيمانه متزلزل فيه نفاق.
قوله: "أخرجه الترمذي":
قلت: ثم قال (3): هذا حديث غريب لا نعلم أحداً أسنده إلا محمد بن سلمة الحرَّاني.
وروى يونس بن بكير وغيره هذا الحديث عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة مرسلاً، لم يذكروا فيه عن أبيه عن جده، وقتادة بن النعمان هو أخو أبي سعيد الخدري لأمه، وأبو سعيد اسمه: سعد بن مالك بن سنان. انتهى.
45 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} بَلَغَتْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَبْلَغًا شَدِيدًا. فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "قَارِبُوا وَسَدِّدوا فَفِي كُلِّ مَا يُصَابُ بِهِ الْمُسْلِمُ كفَّارَةٌ، حَتَّى النَكبَةِ يُنْكَبُهَا، أَوِ الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا". أخرجه مسلم (4)، وهذا لفظه، والترمذي (5) ولفظه: شق ذلك على المسلمين فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: وذكر الحديثَ. [صحيح]
(1) في "جامع الأصول"(2/ 109) وفي "النهاية في غريب الحديث"(2/ 208).
(2)
قاله ابن الأثير في "جامع الأصول"(2/ 109).
(3)
أي: الترمذي في "السنن"(5/ 247).
(4)
في "صحيحه" رقم (2574).
(5)
في "السنن" رقم (3038). =
"النكبة"(1): ما يصيب الإنسان من الحوادث.
قوله: "والترمذي":
قلت: إلا أن لفظه فيه تقديم الشوكة على [288/ ب] النكبة، ولفظه:"حتى الشوكة يشاكها، أو النكبة ينكبها"، وأتى بكلمة:"أو" ولذا قال المصنف كابن الأثير: وهذا لفظه.
ثم قال الترمذي (2): هذا حسن غريب، وابن محيصن عمر بن عبد الرحمن بن محيصن. انتهى.
46 -
وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فقَالَ: "أَلَا أُقْرِئُكَ آيَةً أُنْزِلَتْ عَلَيَّ" قُلْتُ: بَلَى. فَأَقْرَأَنِيهَا، فَلَا أَعْلَمُ إِلَاّ أَنِّي قَدْ كُنْتُ وَجَدْتُ فِي ظَهْرِي انْقِصَامًا فتمَطَّأْتُ لَهَا. فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:"مَا شَأنكَ يَا أَبا بَكْرٍ؟! ". قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي! وَأَيُّنَا لَمْ يَعْمَلْ سُوءًا وَإِنَّا لمَجْزِيُّونَ بِمَا عَمِلْنَا؟ فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَمَّا أنتَ يَا أَبا بَكْرٍ! وَالْمُؤْمِنُونَ فَتُجْزَوْنَ بِذَلِكَ فِي الدُّنْيَا حَتَّى تَلْقَوُا الله تَعَالى، وَلَيْسَ لكُمْ ذُنُوبٌ، وَأَمَّا الآخَرُونَ فَيُجْمَعُ ذَلِكَ لَهُمْ حَتَّى يُجْزَوْا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامةِ". أخرجه الترمذي (3). [ضعيف]
= قلت: وأخرجه أحمد (12/ 341) وسعيد بن منصور في "السنن"(664 - تفسير) وابن أبي شيبة في مصنفه (3/ 229، 230) والنسائي في الكبرى رقم (11122) والبيهقي في "السنن الكبرى"(3/ 373) وابن جرير في "جامع البيان"(7/ 520)، وهو حديث صحيح.
(1)
ذكره ابن الأثير في "النهاية"(2/ 792).
(2)
في "السنن"(5/ 248).
(3)
في "السنن" رقم (3039) وهو حديث ضعيف.
قلت: وأخرجه ابن جرير في "جامع البيان"(7/ 521) وابن أبي حاتم في تفسيره (4/ 1071 رقم 5992) والحاكم (3/ 74) والبيهقي في شعب الإيمان رقم (9805) وأحمد (1/ 229، 232).
"والانقصام"(1): بالقاف: الانكسار: "والتمطي"(2) هنا: التمدد الذي هو من مقدمات المرض.
قوله: "انقصاماً"(3): الانقصام: بالنون فقاف فصاد مهملة: الكسر.
"فتمطأت لها": التمطي (4): التمدد الذي هو من مقدمات الحمى لا التبختر.
قوله: "أخرجه الترمذي":
قلت: وقال (5): هذا حديث غريب، وفي إسناده مقال، وموسى بن عبيدة (6) يضعف في الحديث ضعفه يحيى بن سعيد، وأحمد بن حنبل، ومولى بن سباع مجهول، وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه عن أبي بكر، وليس له إسناد صحيح. انتهى كلامه.
وفي هامش الجامع الكبير منسوباً إلى السيد محمد بن إبراهيم، لكنه قوي جيد لكثرة شواهده وتوابعه.
أما شواهده عن أبي بكر خاصة فذكر ابن عبد البر في "التمهيد"[أنَّه روي عنه من وجوه شتى، وأمَّا توابعه من غيره فذكر ابن عبد البر في "التمهيد" (7)](8) أنها كثيرة جداً، وأنه أمر مجمع عليه ولله الحمد. وقد قال الله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ
(1) قاله ابن الأثير في "جامع الأصول"(2/ 111).
(2)
انظر "النهاية في غريب الحديث"(2/ 665).
(3)
قاله ابن الأثير في "جامع الأصول"(2/ 111).
(4)
انظر "النهاية في غريب الحديث"(2/ 665).
(5)
أي: الترمذي في السنن (5/ 248).
(6)
انظر "تهذيب التهذيب"(4/ 181 - 182).
(7)
(15/ 357). والاستذكار (27/ 23).
(8)
زيادة من (أ).
أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30)} (1)، وكذا قوله بعدها:{أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (34)} (2) انتهى.
قلت: وقال تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} (3)، وهو شيء كثير:{إِنَّ الَّذِينَ [289/ ب] تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ} (4).
47 -
وَعَنْ عَليِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أُمه: أَنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ قَوْلِ الله تَعَالَى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} وَعَنْ قَوْلِهِ: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} فَقَالَتْ: مَا سَألنِي عَنْ هَذَا أَحَدٌ مُنْذُ سَأَلْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "هَذِهِ مُعَاتَبَةُ الله تَعَالَى الْعَبْدَ بمَا يُصِيبُهُ مِنَ الْحُمَّى وَالنَّكْبَةِ، حَتَّى الْبِضَاعَةُ يَضَعُهَا فِي يَدْ قَمِيصِهِ فَيَفْقِدُهَا فَيَفْزَعُ لهَا، حَتَّى إِنَّ الْعَبْدَ لَيَخْرُجُ مِنْ ذُنُوبِهِ كَما يَخْرُجُ التِّبْرُ الأَحْمَرُ مِنَ الْكِيرِ"(5). [ضعيف]
48 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: خَشِيَتْ سَوْدَةُ رضي الله عنها أَنْ يُطَلِّقَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فقَالَتْ: لَا تُطَلِّقْنِي وَأَمْسِكْنِي، وَاجْعَلْ نَوْبَتِي لِعَائِشَةَ فَفَعَلَ فَنَزَلَتْ:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} ، فَمَا اصْطَلَحَا عَلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ (6). أخرجهما الترمذي.
(1) سورة الشورى الآية: (30).
(2)
سورة الشورى الآية: (34).
(3)
سورة آل عمران الآية: (165).
(4)
سورة آل عمران الآية: (155).
(5)
في "السنن" رقم (2991)، وهو حديث ضعيف.
(6)
في "السنن" رقم (3040)، وهو حديث حسن.