الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِبُعْدِ تَأْوِيلِهِمْ لِاسْتِنَادِهِمْ فِيهِ لِجَهْلِهِمْ، وَسُوءِ ظَنِّهِمْ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
[مَسَائِلُ الْحَجِّ]
[مُعْتَمِر مَرِضَ وَسَافَرَتْ رُفْقَتُهُ مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ السَّعْيِ قَبْلَ الْحَلْقِ ثُمَّ صَحَّ فِي الطَّرِيقِ وَحَلَقَ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَسَائِلُ الْحَجِّ (مَا قَوْلُكُمْ) فِي مُعْتَمِرٍ مَرِضَ، وَسَافَرَتْ رُفْقَتُهُ مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ السَّعْيِ وَقَبْلَ الْحَلْقِ ثُمَّ صَحَّ فِي الطَّرِيقِ، وَحَلَقَ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إنْ صَحَّ بِقُرْبِ مَكَّةَ حَلَقَ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَصِلْ بَلَدَهُ فَإِنْ وَصَلَ بَلَدَهُ أَوْ تَبَاعَدَ حَلَقَ، وَأَهْدَى قَالَ الشَّيْخُ يَحْيَى الْحَطَّابُ فِي مَنَاسِكِهِ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْمَذْهَبِ فِي الْحِلَاقِ فِي الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ أَنَّهُ لَيْسَ بِرُكْنٍ، وَأَنَّهُ وَاجِبٌ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ، وَبِهِ قَالَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ فَمَنْ أَخَّرَهُ حَتَّى طَالَ أَوْ رَجَعَ لِبَلَدِهِ لَزِمَهُ الْهَدْيُ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ رُكْنٌ لَكِنْ لَا يَرْجِعُ لَهُ بَلْ يَفْعَلُهُ حَيْثُ هُوَ، وَلَا يَخْتَصُّ بِمَكَانٍ، وَلَا يَفُوتُ مَا دَامَ حَيًّا، وَلَا يَلْزَمُ بِتَأْخِيرِهِ شَيْءٌ انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ صَلَوَاتُ خَمْسٍ سِنِينَ، وَشَرَعَ يَقْضِي مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ حَاضِرَةٍ خَمْسًا مِنْ الْفَوَائِتِ بِحَيْثُ يُتِمُّ مَا فِي ذِمَّتِهِ فِي عَامٍ، وَنَوَى صِيَامَهُ تَطَوُّعًا، وَاسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى أَتَمَّ عَشْرَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ نَوَى حَجَّ الصَّرُورَةِ، وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ فِي حَالِ سَفَرِهِ قَضَاءً، وَلَا صَوْمًا فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْإِقَامَةُ حَتَّى يُتِمَّ عَامَهُ بِقَضَاءِ مَا بَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ، وَيُؤَخِّرَ الْحَجَّ لِعَامٍ آخَرَ أَوْ لَهُ السَّفَرُ لِحَجِّ الصَّرُورَةِ، وَيُؤَخِّرُ قَضَاءَ مَا بَقِيَ مِنْ الْفَوَائِتِ حَتَّى يَرْجِعَ أَفِيدُوا الْجَوَابَ، وَلَكُمْ الثَّوَابُ؟
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ تَلْزَمُهُ الْإِقَامَةُ لِقَضَاءِ مَا بَقِيَ بِذِمَّتِهِ مِنْ الْفَوَائِتِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي شَاذٌّ، وَالْقَوْلُ بِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى التَّرَاخِي لِخَوْفِ الْفَوَاتِ رَاجِحٌ، وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ أَرْجَحُ، وَأَيْضًا فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَصَاحِبُ التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ، وَغَيْرُهُمْ أَنَّ مَنْ ذَكَرَ مَنْسِيَّةً فِي لَيْلَةِ النَّحْرِ قُرْبَ الْفَجْرِ، وَعَارَضَ قَضَاؤُهَا الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ، وَهُوَ مُحْرِمٌ بِالْحَجِّ قَدَّمَ قَضَاءَهَا عَلَى الْوُقُوفِ، وَلَوْ فَاتَهُ الْحَجُّ، وَحَكَوْا فِيهَا أَقْوَالًا أُخُرَ، وَحَمَلَ عَلَيْهَا بَهْرَامُ قَوْلَ الْمُخْتَصَرِ، وَصَلَّى، وَلَوْ فَاتَ، وَانْتَقَدَهُ الْحَطَّابُ بِأَنَّهُ لَمْ يَرَ الْقَوْلَ بِتَقْدِيمِ
الْفَائِتَةِ عَلَى الْوُقُوفِ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ إنَّمَا ذَكَرُوهُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلَةِ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ، وَبِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ فِي الْحَاضِرَةِ وُجُودُهُ فِي الْفَائِتَةِ بِالْأَوْلَى لِتَقْدِيمِ الْفَائِتَةِ عَلَى الْحَاضِرَةِ، وَإِنْ خَرَجَ وَقْتُهَا.
وَحُكْمُ مَسْأَلَةِ السُّؤَالِ يُعْلَمُ مِنْ حُكْمِ هَذِهِ بِالْأَوْلَى لِكَثْرَةِ الْفَوَائِتِ، وَتَقَدُّمِ اشْتِغَالِ الذِّمَّةِ بِهَا، وَعَدَمِ التَّلَبُّسِ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ، وَصَلَّى، وَلَوْ فَاتَ قَالَ الْحَطَّابُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ جَاءَ إلَى عَرَفَةَ فَذَكَرَ صَلَاةً مَنْسِيَّةً إنْ اشْتَغَلَ بِهَا فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ، وَإِنْ ذَهَبَ إلَى الْوُقُوفِ لَمْ يُمْكِنْهُ فِعْلُ الصَّلَاةِ فَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ لِعِظَمِ أَمْرِهَا فِي الشَّرْعِ، وَاسْتِحْقَاقِهَا لِلْوَقْتِ بِالذِّكْرِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ عَرَفَةَ مَضَى، وَوَقَفَ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا صَلَّى، وَإِنْ فَاتَهُ الْحَجُّ لِحُصُولِ الشَّكِّ فِي إدْرَاكِ عَرَفَةَ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَمَا حَوْلَهَا فَيُصَلِّي، وَإِنْ كَانَ آفَاقِيًّا فَيَمْضِي لِعَرَفَةَ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يُقَدِّمُ عَرَفَةَ مُطْلَقًا لِمَا فِي فَوَاتِ الْحَجِّ مِنْ الْمَشَاقِّ وَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ يُصَلِّي إيمَاءً كَالْمُسَايِفِ اهـ. تَنْبِيهَاتٌ (الْأَوَّلُ) لَمْ أَرَ مَنْ شَهَرَ الْقَوْلَ بِتَقْدِيمِ الصَّلَاةِ مَعَ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ فِي مَنْسِيَّةٍ فَائِتَةٍ بَلْ، وَلَا مَنْ ذَكَرَهُ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ مَنْ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْحَاضِرَةِ إلَّا مَا فِي كَلَامِ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ بَعْضِ نُقُولِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَلَمْ يَذْكُرْ صَاحِبُ النَّوَادِرِ وَابْنُ يُونُسَ إلَّا قَوْلَيْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ مَعَ أَنَّ عِبَارَتَهُمَا مُحْتَمِلَةٌ لِفَرْضِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمَنْسِيَّةِ، وَالْحَاضِرَةِ، وَظَاهِرُهَا أَنَّهَا مَنْسِيَّةٌ، وَنَصُّهُمَا قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: مَنْ أَتَى قُرْبَ الْفَجْرِ وَقَدْ ذَكَرَ صَلَاةً فَإِنْ صَلَّاهَا طَلَعَ الْفَجْرُ، وَفَاتَهُ الْحَجُّ فَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ جِبَالِ عَرَفَةَ وَقَفَ، وَصَلَّى، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا بَدَأَ بِالصَّلَاةِ، وَإِنْ فَاتَهُ الْحَجُّ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَمَا حَوْلَهَا بَدَأَ بِالصَّلَاةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ مَشَى إلَى عَرَفَاتٍ فَوَقَفَ وَصَلَّى اهـ. فَإِنْ قُلْت قَدْ ذَكَرَ الْقَرَافِيُّ فِي الذَّخِيرَةِ تَقْدِيمَ الصَّلَاةِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِفَرْضِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْحَاضِرَةِ.
قُلْت إذَا تَأَمَّلْت كَلَامَهُ فِي الذَّخِيرَةِ لَمْ تَجِدْ فِيهِ تَعْرِيضًا لِلْقَوْلِ بِتَقْدِيمِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ قَالَ، وَمَنْ أَتَى الْفَجْرَ، وَعَلَيْهِ صَلَاةٌ إنْ اشْتَغَلَ بِهَا طَلَعَ الْفَجْرُ، ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَيْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَاخْتِيَارَ اللَّخْمِيِّ، ثُمَّ قَالَ قَاعِدَةُ الْمُضَيَّقِ فِي الشَّرْعِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا وُسِّعَ فِي تَارِيخِهِ، وَمَا وُسِّعَ فِيهِ زَمَانٍ مَحْصُورٍ كَالصَّلَاةِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا غَيَّاهُ بِالْعُمُرِ كَالْكَفَّارَاتِ، وَمَا رُتِّبَ عَلَى تَرْكِهِ الْقَتْلُ عَلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَتُقَدَّمُ الصَّلَاةُ عَلَى الْحَجِّ إجْمَاعًا غَيْرَ أَنَّ فَضْلَ الصَّلَاةِ قَدْ عُورِضَ هَاهُنَا بِالدُّخُولِ فِي الْحَجِّ، وَمَا فِي فَوَاتِهِ مِنْ الْمَشَاقِّ فَأَمْكَنَ أَنْ يُلَاحَظَ ذَلِكَ اهـ. فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ تَعَرُّضٌ لِلْقَوْلِ بِتَقْدِيمِ الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَنَّ الصَّلَاةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْحَجِّ إجْمَاعًا لِلْأُمُورِ الَّتِي ذَكَرَهَا نَعَمْ ذَكَرَ فِي قَوَاعِدِهِ الْقَوْلَ بِتَقْدِيمِ الصَّلَاةِ لَكِنَّهُ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ فِي الصَّلَاةِ الْحَاضِرَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ الْحَاجِبِ إلَّا قَوْلَيْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَقَوْلَ عَبْدِ الْحَمِيدِ يُصَلِّي