الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذَلِكَ فَلَا يُصَيِّرُهُ جَائِزًا كَمَا لَوْ أَذِنَ الْإِمَامُ الْمَالِكِيُّ فِي بَيْعِ النَّبِيذِ أَوْ التَّوَضُّؤِ بِهِ أَوْ فِي أَنْ يَؤُمَّ وَلَا يَقْرَأَ " الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَوْ فِي نِكَاحٍ بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ وَذَكَرَ أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا بَكْرٍ الطُّرْطُوشِيَّ وَالشَّيْخَ يَحْيَى الزَّنَاتِيَّ أَنْكَرَا هَذِهِ الصَّلَاةَ وَأَنَّهُمَا لَمْ يُصَلِّيَا خَلْفَ إمَامِ الْمَالِكِيَّةِ فِي الْحَرَمِ الشَّرِيفِ رَكْعَةً وَاحِدَةً قَالَ وَكَانَ إمَامُ الْمَالِكِيَّةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ غَيْرَ مَمْغُوصٍ عَلَيْهِ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْفَسَادِ، وَهُوَ رَزِينٌ فِي أَيَّامِ الزَّنَاتِيِّ وَالْقَابِسِيُّ فِي أَيَّامِ الطُّرْطُوشِيِّ قَالَ وَحَالُ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ مَشْهُورٌ عَنْ أَقْرَانِنَا وَمَنْ قَبْلَنَا بِيَسِيرٍ، ثُمَّ ذُكِرَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَرَدُوا إلَى مَكَّةَ فِي سَنَةِ إحْدَى وَخَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ أَنَّهُمْ أَنْكَرُوا صَلَاةَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَرَتِّبِينَ عَلَى الصِّفَةِ الْمَعْهُودَةِ وَأَنَّهُ عَرَضَ مَا أَمْلَاهُ فِي عَدَمِ جَوَازِ هَذِهِ الصَّلَاةِ وَإِنْكَارِ إقَامَتِهَا عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَأَنَّهُمْ وَافَقُوهُ عَلَى أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ ذَلِكَ هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي حَنِيفَةَ اهـ.
وَقَالَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ الْغَسَّانِيُّ إنَّ افْتِرَاقَ الْجَمَاعَةِ عِنْدَ الْإِقَامَةِ عَلَى أَئِمَّةٍ مُتَعَدِّدَةٍ إمَامٍ سَاجِدٍ وَإِمَامٍ رَاكِعٍ وَإِمَامٍ يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لَمْ يُوجَدْ مَنْ ذَكَرَهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَلَا دَانَ بِهِ أَحَدٌ بَعْدَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم لَا مَنْ صَحَّتْ عَقِيدَتُهُ وَلَا مَنْ فَسَدَتْ لَا فِي سَفَرٍ وَلَا فِي حَضَرٍ وَلَا عِنْدَ تَلَاطُمِ السُّيُوفِ وَتَضَايُقِ الصُّفُوفِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يُوجَدُ فِي ذَلِكَ أَثَرٌ لِمَنْ تَقَدَّمَ فَيَكُونَ لَهُ بِهِ أُسْوَةٌ اهـ.
[إقَامَةِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ لِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ]
وَسُئِلَ الْقَاضِي جَمَالُ الدِّينِ بْنُ ظَهِيرَةَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ إقَامَةِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ لِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ.
فَأَجَابَ بِأَنَّ صَلَاةَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ الْمَغْرِبَ دَفْعَةً وَاحِدَةً مِنْ الْبِدَعِ الْفَظِيعَةِ وَالْأُمُورِ الشَّنِيعَةِ الَّتِي لَمْ تَزَلْ الْعُلَمَاءُ يُنْكِرُونَهَا فِي الْحَدِيثِ وَالْقَدِيمِ وَيَرُدُّونَهَا عَلَى مُخْتَرِعِهَا الْقَادِمِ مِنْهُمْ وَالْمُقِيمِ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْضَ كَلَامِ ابْنِ الْحُبَابِ وَكَلَامِ الْغَسَّانِيِّ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ كَفَانَا هَذَانِ الرَّجُلَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِيمَا نَقَلَهُ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا عَنْ إجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَكَلَامِ الْأَئِمَّةِ كِفَايَةٌ قَالَ وَقَدْ أَخْبَرَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ اجْتَمَعَ بِالشَّيْخِ الْإِمَامِ الْعَلَّامَةِ عَالِمِ الْمَغْرِبِ فِي وَقْتِهِ الْمُجْمَعِ عَلَى عِلْمِهِ وَدِينِهِ وَفَضْلِهِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَرَفَةَ فِي حَجَّتِهِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَأَنَّهُ لَمَّا رَأَى اجْتِمَاعَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ أَنْكَرَ ذَلِكَ وَقَالَ إنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ مَا عَلِمْت بَيْنَهُمْ اخْتِلَافًا فِي ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَبَشَاعَةُ ذَلِكَ وَشَنَاعَتُهُ ظَاهِرَةٌ لِمَنْ أُلْهِمَ رُشْدَهُ وَلَمْ تَضِلَّ بِهِ عَصَبِيَّةٌ وَدَلَائِلُ الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ مِنْ السُّنَّةِ الشَّرِيفَةِ النَّبَوِيَّةِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ وَأَشْهَرُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ وَلَقَدْ يَحْصُلُ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ فِي الْمَوْسِمِ عَلَى الْمُصَلِّينَ مَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ وَتَبْطُلُ صَلَاةُ كَثِيرٍ مِنْهُمْ لِلِاشْتِبَاهِ ثُمَّ قَالَ وَعَلَى الْجُمْلَةِ فَذَلِكَ مِنْ الْبِدَعِ الَّتِي يَجِبُ إنْكَارُهَا، وَالسَّعْيُ لِلَّهِ تَعَالَى فِي خَفْضِ مَنَارِهَا، وَإِزَالَةِ شِعَارِهَا، وَاجْتِمَاعِ النَّاسِ عَلَى إمَامٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْإِمَامُ الرَّاتِبُ وَيُثَابُ وَلِيُّ الْأَمْرِ عَلَى
إزَالَةِ هَذَا الْمُنْكَرِ وَيَنَالُ بِهِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى الدَّرَجَاتِ الْعَالِيَةَ، وَيُؤْجَرُ وَكُلُّ مَنْ قَالَ فِي ذَلِكَ فَلَهُ الْأَجْرُ الْوَافِرُ وَالْخَيْرُ الْعَظِيمُ الْمُتَكَاثِرُ اهـ.
قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ الْحَطَّابُ وَمَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ إذْ لَا يَشُكُّ عَاقِلٌ فِي أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ الْمَذْكُورَ مُنَاقِضٌ لِمَقْصُودِ الشَّارِعِ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَهُوَ اجْتِمَاعُ الْمُسْلِمِينَ وَأَنْ تَعُودَ بَرَكَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَأَنْ لَا يُؤَدِّيَ ذَلِكَ إلَى تَفَرُّقِ الْكَلِمَةِ وَلَمْ يَسْمَحْ الشَّارِعُ بِتَفْرِيقِ الْجَمَاعَةِ بِإِمَامَيْنِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ الشَّدِيدَةِ وَهُوَ حُضُورُ الْقِتَالِ مَعَ عَدُوِّ الدِّينِ بَلْ أَمَرَ بِقَسْمِ الْجَمَاعَةِ وَصَلَاتِهِمْ بِإِمَامٍ وَاحِدٍ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ سبحانه وتعالى بِهَدْمِ مَسْجِدِ الضِّرَارِ لَمَّا اُتُّخِذَ لِتَفْرِيقِ الْجَمَاعَةِ وَلَقَدْ أَخْبَرَنِي وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِعْلُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ فِي تَفْرِيقِ الْجَمَاعَةِ يُشْبِهُ فِعْلَ أَهْلِ مَسْجِدِ الضِّرَارِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ وَأَمَّا مَا كَانَ يُفْعَلُ فِي الْمَغْرِبِ فَلَا يَشُكُّ عَاقِلٌ فِي حُرْمَتِهِ وَكَانَ سَيِّدِي الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يُنْكِرُ ذَلِكَ غَايَةَ الْإِنْكَارِ.
وَأَجَابَ لَمَّا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَتِسْعِمِائَةٍ بِمَا صُورَتُهُ أَمَّا اجْتِمَاعُ إمَامَيْنِ بِجَمَاعَتَيْنِ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَمَسْجِدٍ وَاحِدٍ فَهَذَا لَا يَجُوزُ وَقَدْ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ ذَلِكَ الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْحُبَابِ وَالشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ الْغَسَّانِيُّ وَالْقَاضِي جَمَالُ الدِّينِ بْنُ ظَهِيرَةَ الشَّافِعِيُّ وَالْإِمَامُ ابْنُ عَرَفَةَ ثُمَّ قَالَ وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ عَلِمَ بِهَذِهِ الْبِدْعَةِ السُّكُوتُ عَلَيْهَا بَلْ وَلَا عَلَى أَقَلَّ مِنْهَا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» وَمَنْ امْتَنَعَ مِنْ طَاعَةِ وَلِيِّ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ فَهُوَ عَاصٍ لِلَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ مُجَرَّحٌ فِي شَهَادَتِهِ مَقْدُوحٌ فِي إمَامَتِهِ اهـ.
ثُمَّ قَالَ وَقَالَ فِي رَسْمِ الصَّلَاةِ الثَّانِي مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ وَسُئِلَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ الْقَوْمِ يَكُونُونَ فِي السَّفِينَةِ فَيَنْزِلُ بَعْضُهُمْ وَيَبْقَى بَعْضُهُمْ فَيُقِيمُ الَّذِينَ بَقُوا فِي السَّفِينَةِ فَيُصَلُّونَ ثُمَّ يَجِيءُ الَّذِينَ كَانُوا نَزَلُوا فَيَجْمَعُونَ تِلْكَ الصَّلَاةَ فَقَالَ بِرَأْسِهِ لَا فَرُوجِعَ فِيهَا، فَقَالَ إنَّهُ مِثْلُ الْجَمْعِ فِيهَا مَرَّتَيْنِ ثُمَّ قَالَ بِرَأْسِهِ: لَا، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ رُشْدٍ هَذَا بَيِّنٌ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ إذَا كَانَتْ بِمَوْضِعٍ فَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَتَفَرَّقَ طَائِفَتَيْنِ فَتُصَلِّيَ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنْهَا عَلَى حِدَةٍ لِقَوْلِ اللَّهِ عز وجل {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 107] أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُبِحْ ذَلِكَ لِلْغُزَاةِ مَعَ شِدَّةِ الْخَوْفِ وَشَرَعَ لَهُمْ أَنْ يَجْمَعُوا عَلَى إمَامٍ وَاحِدٍ وَكَذَلِكَ أَهْلُ السَّفِينَةِ لَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَفْتَرِقُوا عَلَى طَائِفَتَيْنِ فِي الصَّلَاةِ فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُمْ كُرِهَ لِلَّذِينَ نَزَلُوا إذَا جَاءُوا أَنْ يَجْمَعُوا الصَّلَاةَ لِأَنْفُسِهِمْ إذَا كَانَ الَّذِينَ بَقُوا قَدْ جَمَعُوا تِلْكَ الصَّلَاةَ لِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً إلَى مَا لَا يَجُوزُ مِنْ تَفْرِيقِ الْجَمَاعَةِ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الَّذِينَ بَقُوا إنَّمَا جَمَعَ بِهِمْ إمَامٌ رَاتِبٌ اهـ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي
زَيْدٍ الْقَيْرَوَانِيُّ وَأَمَّا الَّذِينَ يُصَلُّونَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِإِمَامَيْنِ وَيَتْبَعُ كُلَّ إمَامٍ طَائِفَةً وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ فَيُشْكَلُ عَلَى كُلِّ طَائِفَةٍ هَلْ يَتْبَعُونَ إمَامَهُمْ أَوْ غَيْرَهُ فِيمَا يَسْمَعُونَ مِنْ التَّكْبِيرِ وَغَيْرِهِ فَهَذَا لَا يَجُوزُ، وَصَلَاةُ مَنْ صَلَّى مِمَّنْ صَارَ فِي شَكٍّ هَلْ اتَّبَعَ إمَامَهُ أَوْ غَيْرَهُ فَاسِدَةٌ، وَلَوْ أَيْقَنَ أَنَّهُ تَبِعَ إمَامَهُ إلَّا أَنَّهُ فِي شُغْلٍ مِنْ مُرَاعَاةِ ذَلِكَ قَدْ شَغَلَهُ التَّكَلُّفُ فِيهِ فَهَذَا لَا يَنْبَغِي وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ إمَامٍ أَنْ يَتَبَاعَدَ مِنْ هَذَا الْفِعْلِ الْمُؤَدِّي لِفَسَادِ صَلَاةِ النَّاسِ وَلَا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يُدْخِلَ نَفْسَهُ فِيمَا يُشَكِّكُ اهـ وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ وَظَاهِرُ الْكِتَابِ الْمَنْعُ مِنْ جَمْعِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ عَلَى التَّعَاقُبِ، وَهُوَ الَّذِي شَاهَدْتُ شَيْخَنَا الْإِمَامَ ابْنَ عَرَفَةَ يُفْتِي بِهِ وَلَوْ أَذِنَ فِيهِ الْإِمَامُ اهـ
قَالَ الْحَطَّابُ لَا يُقَالُ إنَّ جَمْعَهُمْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَتَقْرِيرِهِ فَيَجُوزُ، لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ إذْنِ الْإِمَامِ فِي ذَلِكَ لَا يُفِيدُ كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ إذْنَ الْإِمَامِ فِي الْمَكْرُوهِ أَوْ الْحَرَامِ لَا يُبِيحُهُ اهـ.
وَسَلَّمَ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْأُجْهُورِيُّ وَالشَّيْخُ الْعَلَّامَةُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ وَتَلَامِذَتُهُمَا كَالْعَلَّامَةِ الْخَرَشِيِّ وَالْعَلَّامَةِ عَبْدِ الْبَاقِي وَالْعَلَّامَةِ الشَّبْرَخِيتِيُّ وَالْعَلَّامَةُ الْمُحَقِّقُ الرَّمَاصِيُّ وَالْمُحَقِّقُ الْبُنَانِيُّ قَالَا وَأَطَالَ الْكَلَامَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْإِمَامُ ابْنُ فَرْحُونٍ أَيْضًا فِي شَرْحِهِ عَلَى مُخْتَصَرِ الْإِمَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ الْخَرَشِيُّ والشبرخيتي وَلِلشَّارِعِ غَرَضٌ فِي تَكْثِيرِ الْجَمَاعَةِ لِيُصَلِّيَ الشَّخْصُ مَعَ مَغْفُورٍ لَهُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ وَلِهَذَا أَمَرَ بِالْجَمَاعَةِ وَحَضَّ عَلَيْهَا فَإِذَا عَلِمَ النَّاسُ أَنَّهَا لَا تُجْمَعُ فِي الْمَسْجِدِ مَرَّتَيْنِ تَأَهَّبُوا لِأَوَّلِ مَرَّةٍ خَوْفًا مِنْ فَوَاتِ الْفَضِيلَةِ أَلَا تَرَى تَأَهُّبَهُمْ لِلْجُمُعَةِ وَمِنْ كَرْمِهِ - سُبْحَانَهُ - شَرَعَ الْجُمُعَةَ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ مَرَّةً لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ فِي الْجَمَاعَاتِ مَغْفُورٌ لَهُ وَالْجُمُعَةُ يَجْتَمِعُ لَهَا أَهْلُ الْبَلَدِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ ثُمَّ شَرَعَ الْعِيدَ لِاجْتِمَاعِ أَهْلِ الْبِلَادِ الْمُتَقَارِبَةِ ثُمَّ شَرَعَ الْمَوْقِفَ الْأَعْظَمَ لِاجْتِمَاعِ أَهْلِ الْأَقْطَارِ وَفِيهِ اعْتِنَاءٌ بِالْعَبْدِ اهـ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
فِي كِتَابِ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ لِلْحَافِظِ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْمُنْذِرِيِّ عَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ: «وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَوْعِظَةً وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ وَذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأَوْصِنَا قَالَ أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ وَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ثُمَّ قَالَ وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «سِتَّةٌ لَعَنْتُهُمْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ وَكُلُّ نَبِيٍّ مُجَابُ الدَّعْوَةِ، الزَّائِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَالْمُكَذِّبُ بِقَدَرِ اللَّهِ، وَالْمُتَسَلِّطُ عَلَى أُمَّتِي بِالْجَبَرُوتِ لِيُذِلَّ مَنْ أَعَزَّهُ اللَّهُ