الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْبَابُ الرَّابِعُ الْمُعَلَّقُ عَلَى غَيْرِ فِعْلِ الْمُلْتَزِمِ وَالْمُلْتَزَمِ لَهُ]
ُ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الِالْتِزَامِ الْمُطْلَقِ فَيُقْضَى بِهِ إذَا وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ الْمُلْتَزَمُ لَهُ مُعَيَّنًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا فَلَا يُقْضَى بِهِ وَفُرُوعُهُ كَثِيرَةٌ أَكْثَرُ مَسَائِلِهِ مِنْ بَابِ النَّذْرِ الْمُعَلَّقِ وَبَابِ الضَّمَانِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ نَحْوَ إنْ شَفَانِي اللَّهُ مِنْ مَرَضِي فَلَكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ يَقْضِي بِذَلِكَ عَلَى قَائِلِهِ وَقَالَ فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ إنْ لَمْ يُوفِك فُلَانٌ حَقَّك فَهُوَ عَلَيَّ، وَلَمْ يَضْرِبْ لِذَلِكَ أَجَلًا تَلَوَّمَهُ لِذَلِكَ السُّلْطَانُ بِقَدْرِ مَا يَرَى ثُمَّ أَلْزَمَهُ الْمَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا مَلِيًّا، وَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ يُوَفِّك حَقَّك حَتَّى يَمُوتَ فَهُوَ عَلَيَّ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْكَفِيلِ حَتَّى يَمُوتَ الْغَرِيمُ؛ لِأَنَّهُ أَجَلٌ ضَرَبَهُ لِنَفْسِهِ وَقَالَ قَبْلَهُ: وَمَنْ تَكَفَّلَ لِرَجُلٍ بِمَا أَدْرَكَهُ مِنْ دَرْكٍ فِي جَارِيَةٍ ابْتَاعَهَا مِنْ رَجُلٍ، أَوْ دَارٍ، أَوْ غَيْرِهَا جَازَ ذَلِكَ وَلَزِمَهُ الثَّمَنُ حِينَ الدَّرْكِ فِي غَيْبَةِ الْبَائِعِ، أَوْ عَدَمِهِ.
قُلْت: وَمِثْلُ هَذَا مَا يُكْتَبُ الْيَوْمَ فِي مُسْتَنَدَاتِ الْبَيْعِ وَالْتَزَمَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ أَنَّهُ إنْ قَامَ عَلَيْهِ قَائِمٌ فِي هَذَا الْبَيْعِ فَعَلَيْهِ نَظِيرُ مَا يَغْرَمُهُ فُلَانٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ.
[فَرْعٌ قَالَ الشَّخْصُ إذَا جَاءَ الْوَقْتُ الْفُلَانِيُّ فَلَكَ عِنْدِي كَذَا وَكَذَا]
(فَرْعٌ) مِنْ ذَلِكَ إذَا قَالَ الشَّخْصُ إذَا جَاءَ الْوَقْتُ الْفُلَانِيُّ فَلَكَ عِنْدِي كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إذَا جَاءَ الْوَقْتُ، وَهُوَ صَحِيحٌ غَيْرُ مُفْلِسٍ. قَالَ فِي رَسْمِ يُدَبِّرُ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْهِبَاتِ فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: خَمْسُونَ دِينَارًا صَدَقَةٌ عَلَيْك إلَى عَشْرِ سِنِينَ إلَّا أَنْ تَمُوتِي قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ لَك وَذَلِكَ لِوَلَدِي.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ عَلَى مَا قَالَ إنْ بَقِيَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى عَشْرِ سِنِينَ أَخَذَتْهَا إنْ كَانَ الزَّوْجُ صَحِيحًا، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ لِوَرَثَتِهَا وَهِيَ لِلْوَلَدِ إذَا جَاءَتْ الْعَشْرُ سِنِينَ، وَهُوَ حَيٌّ صَحِيحٌ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْعَشْرِ فَلَا شَيْءَ لِلْمَرْأَةِ وَلَا لِلْوَلَدِ، وَإِنْ أَتَتْ الْعَشَرَةُ، وَهُوَ مَرِيضٌ وَالْمَرْأَةُ بَاقِيَةٌ ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ فَلَا شَيْءَ لَهَا فِي ثُلُثٍ وَلَا رَأْسِ مَالٍ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ بَيِّنَةٌ لَا إشْكَالَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ بِهَا فِي حَالِ صِحَّتِهِ أَوْجَبَهَا عَلَى نَفْسِهِ لِامْرَأَتِهِ فِي ذِمَّتِهِ إنْ بَقِيَتْ إلَى عَشْرِ سِنِينَ، أَوْ وَلَدِهِ إنْ مَاتَتْ قَبْلَ الْعَشْرِ سِنِينَ، فَإِنْ أَتَتْ الْعَشْرُ سِنِينَ، وَهُوَ حَيٌّ صَحِيحٌ وَجَبَتْ الْخَمْسُونَ لَهَا كَانَتْ مَرِيضَةً أَوْ صَحِيحَةً
وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ ذَلِكَ كَانَتْ لِوَلَدِهِ صَحِيحًا كَانَ الْوَلَدُ، أَوْ مَرِيضًا، وَإِنْ أَتَتْ الْعَشْرُ سِنِينَ، وَهُوَ مَرِيضٌ، أَوْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا شَيْءٌ وَلَا لِوَرَثَتِهِ؛ لِأَنَّهَا صَدَقَةٌ لَمْ تَجُزْ حَتَّى مَرِضَ، أَوْ مَاتَ اهـ.
قُلْت: يُرِيدُ وَكَذَا لَوْ فَلَّسَ حِينَئِذٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا وَهِيَ مَنْ قَالَ ثَلَاثُونَ دِينَارًا مِنْ مَالِي صَدَقَةٌ عَلَى فُلَانٍ إلَى عَشْرِ سِنِينَ، أَوْ عَبْدِي صَدَقَةٌ عَلَيْهِ إلَى عَشْرِ سِنِينَ أَنَّهُ إنْ أَتَتْ الْعَشْرُ سِنِينَ وَالْمُتَصَدِّقُ حَيٌّ أَخَذَهَا كَانَتْ دَنَانِيرَ، أَوْ عَبْدًا، وَإِنْ مَاتَ الْمُتَصَدِّقُ بِهَا قَبْلَ الْعَشْرِ سِنِينَ فَلَا شَيْءَ لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ وَلَا لِوَرَثَتِهِ عَاجِلًا وَلَا لِلْعَشْرِ سِنِينَ، وَإِنْ اسْتَحْدَثَ الْمُتَصَدِّقُ بِهَا دَيْنًا قَبْلَ الْعَشْرِ سِنِينَ بِيعَتْ هَذِهِ الصَّدَقَةُ فِي دَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَتْ شَيْئًا بِعَيْنِهِ وَبَطَلَتْ الصَّدَقَةُ، وَأَمَّا إنْ أَرَادَ الْمُتَصَدِّقُ بِهَا بَيْعَهَا مِنْ غَيْرِ دَيْنٍ يَلْحَقُهُ، فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً لَمْ يَطَأْهَا قَالَ: وَإِنْ مَاتَ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ بِهَا قَبْلَ الْعَشْرِ سِنِينَ فَوَرَثَتُهُ بِمَنْزِلَتِهِ.
(فَرْعٌ) عُلِمَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُلْتَزِمَ إذَا عَلَّقَ الِالْتِزَامَ عَلَى أَجَلٍ مُعَيَّنٍ كَقَوْلِهِ بَعْدَ سَنَةٍ، أَوْ شَهْرٍ، أَوْ عَشْرِ سِنِينَ وَكَانَ الشَّيْءُ الَّذِي الْتَزَمَ إعْطَاءَهُ مُعَيَّنًا كَالْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ، فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ بَيْعِهِ وَإِخْرَاجِهِ عَنْ مِلْكِهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَ الِالْتِزَامَ عَلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ كَقَوْلِهِ إنْ جَاءَ أَبِي، أَوْ فُلَانٌ الْغَائِبُ، فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الْبَيْعِ قَالَ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ إذَا قَدِمَ أَبِي فَذَلِكَ يَلْزَمُهُ وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ حَتَّى يَقْدَمَ أَبُوهُ. قَالَ مَالِكٌ: وَيُوقَفُ لِيُنْظَرَ هَلْ يَقْدَمُ أَبُوهُ أَمْ لَا يَقْدَمُ؟ وَكَانَ يَعْرِضُ فِي بَيْعِهِ وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْعَهُ وَوَطْأَهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً وَمَا هِيَ فِي هَذَا كَالْحُرَّةِ يَقُولُ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَلَهُ وَطْؤُهَا وَلَا تَطْلُقُ حَتَّى يَقْدَمَ فُلَانٌ.
وَأَمَّا إنْ أَعْتَقَ إلَى أَجَلٍ آتِ لَا بُدَّ مِنْهُ كَقَوْلِهِ أَنْتِ حُرَّةٌ إلَى شَهْرٍ، أَوْ سَنَةٍ، أَوْ إذَا مَاتَ فُلَانٌ، أَوْ إذَا حِضْتِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ الْبَيْعِ وَالْوَطْءِ وَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِغَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مُحَمَّدٌ إنْ قَالَ أَنْت حُرَّةٌ إنْ قَدِمَ أَبِي فَكَانَ مَالِكٌ يُصَرِّحُ بِإِجَازَةِ بَيْعِهَا وَيَعْرِضُ فِي بَيْعِ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا: إذَا قَدِمَ أَبِي ثُمَّ جَعَلَهُمَا سَوَاءً وَنَحْوُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ إنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ " إنْ، وَإِذَا " فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ؛ لِأَنَّ " إذَا " كَأَنَّهَا تَخْتَصُّ بِأَجَلٍ يَكُونُ، وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ لَا يَكُونَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [التكوير: 1] وَذَلِكَ كَائِنٌ لَا بُدَّ، " وَإِنْ " أَغْلَبَ مَوْضِعِهَا لِلشَّرْطِ، وَقَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى الْأَجَلِ فَحَمَلَ مَالِكٌ كُلَّ لَفْظٍ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَمْرِهِ ثُمَّ رَجَعَ فَسَاوَى بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْعَامَّةَ لَا تَكَادُ أَنْ تُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا اهـ.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ لَا يَخْلُو ذَلِكَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إنْ أَرَادَ أَنَّ أَجَلَ عِتْقِهِ وَقْتُ مَجِيئِهِ الْمُعْتَادِ الْمَجِيءِ فِيهِ فَيَكُونُ حُرًّا إذَا جَاءَ الْوَقْتُ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَقٌ إلَى أَجَلٍ كَقَوْلِهِ أَنْتَ حُرًّا إلَى الْحَصَادِ، أَوْ إلَى مَجِيءِ الْحَاجِّ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ نَفْيَ الْقُدُومِ كَأَنَّهُ يَقُولُ: جَاءَنِي كِتَابَهُ أَنَّهُ لَا يَقْدَمُ، أَوْ أَرَادَ بِهِ الشُّكْرَ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى قُدُومِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ