الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(تَنْبِيهٌ) مَثَلُ الزَّوْجَيْنِ الْقَرِيبَيْنِ كَرَجُلٍ سَاكِنٍ مَعَ مُحَرَّمَةٍ، أَوْ مَعَ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ تَنَازَعَ مَعَهَا فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ اهـ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
[رَجُلٍ زَوَّجَ ابْنَهُ الرَّشِيدَ بِإِذْنِهِ وَبَاشَرَ الْعَقْدَ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ الصَّدَاقُ عَلَى الزَّوْجِ أَوْ عَلَى أَبِيهِ]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ زَوَّجَ ابْنَهُ الرَّشِيدَ بِإِذْنِهِ وَبَاشَرَ الْعَقْدَ بِنَفْسِهِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ الصَّدَاقُ عَلَى الزَّوْجِ، أَوْ عَلَى أَبِيهِ وَدَخَلَ الزَّوْجُ بِزَوْجَتِهِ ثُمَّ طَلَبَ أَبُو الزَّوْجَةِ الصَّدَاقَ مِنْ أَبِي الزَّوْجِ لِكَوْنِهِ وَكِيلًا فَهَلْ لَا يَلْزَمُ الْأَبَ وَيَلْزَمُ الزَّوْجَ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَابَ شَيْخُ الشُّيُوخِ عُمَرُ الطَّحَاوِيُّ الْمَالِكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ الصَّدَاقُ مُتَعَلِّقُ الزَّوْجِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ الْمَذْكُورِ إنْ لَمْ يَكُنْ ضَامِنًا لِلصَّدَاقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قُلْت: إنْ كَانَ فَاعِلُ بَاشَرَ ضَمِيرَ الرَّشِيدِ تَمَّ الْجَوَابُ، وَإِنْ كَانَ ضَمِيرَ الْأَبِ فَهُوَ نَاقِصٌ قُيِّدَ حَلِفِ الْأَبِ أَنَّهُ مَا أَرَادَ إلَّا كَوْنَ الصَّدَاقِ عَلَى الِابْنِ وَفِي قَوْلِهِ الصَّدَاقُ مُتَعَلِّقٌ بِالزَّوْجِ إجْمَالًا وَذَلِكَ أَنَّهُ إنْ سَاوَى الْمُسَمَّى صَدَاقَ الْمِثْلِ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ زَادَ صَدَاقُ الْمِثْلِ عَلَى الْمُسَمَّى غَرِمَ صَدَاقَ الْمِثْلِ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ زَادَ الْمُسَمَّى عَلَيْهِ حَلَفَ الزَّوْجُ وَغَرِمَ صَدَاقَ الْمِثْلِ.
قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَإِنْ تَطَارَحَهُ أَبٌ عَقَدَ عَلَى السُّكُوتِ وَرَشِيدٌ فَسَخَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَوْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا.
وَقِيلَ: يَلْزَمُ النَّاكِلَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَإِنْ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ، وَإِنْ دَخَلَ بَرِئَ الْأَبُ بِيَمِينٍ وَلَزِمَ الزَّوْجَ صَدَاقُ الْمِثْلِ، وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ صَارَتْ كَالْعَدَمِ كَمَا فِي الْخَرَشِيِّ وَحَلَفَ الزَّوْجُ إنْ زَادَ الْمُسَمَّى لِإِسْقَاطِ زِيَادَتِهِ اهـ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ النَّفْرَاوِيُّ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ صَدَاقُ الْمِثْلِ لَكِنْ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ إنْ زَادَ عَلَى الْمُسَمَّى، أَوْ سَاوَاهُ وَبِيَمِينٍ إنْ كَانَ الْمُسَمَّى أَكْثَرَ لِإِسْقَاطِ الزَّائِدِ اهـ.
الْخَرَشِيُّ: وَإِنَّمَا غَرِمَ صَدَاقَ الْمِثْلِ حَيْثُ كَانَ الْمُسَمَّى أَقَلَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَلْغَى وَصَارَ الْمُعْتَبَرُ قِيمَةَ مَا اسْتَوْفَاهُ الزَّوْجُ، وَهُوَ صَدَاقُ الْمِثْلِ فَلَا يُقَالُ لِأَيِّ شَيْءٍ دُفِعَ لِلزَّوْجَةِ مَا لَمْ تَدَّعِهِ اهـ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي وَلِيٍّ خَاصٍّ كَأَخٍ امْتَنَعَ مِنْ الْعَقْدِ عَلَى وَلِيَّتِهِ حَتَّى يَأْخُذَ دَرَاهِمَ وَامْتَنَعَ الْخَاطِبُ مِنْ دَفْعِهَا فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى الْعَقْدِ مَجَّانًا حَيْثُ رَكَنَتْ الْمَرْأَةُ لِلْخَاطِبِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ وَهَلْ لِلْمَرْأَةِ فِي ذَلِكَ الْغَرَضِ تَوْلِيَةُ غَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ أَمْ لَا.
(فَأَجَابَ) الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْأَبِيُّ بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ إذَا امْتَنَعَ الْوَلِيُّ مِنْ الْعَقْدِ عَلَى وَلِيَّتِهِ وَكَانَتْ ثَيِّبًا وَكَّلَتْ وَلِيًّا مِنْ أَوْلِيَائِهَا؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْأَوْلِيَاءِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الثَّيِّبِ اهـ.
وَأُجِيبُ حَامِدًا مُصَلَّيَا مُسَلِّمًا بِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَ امْتِنَاعُهُ لِأَخْذِهِ دَرَاهِمَ عَلَى تَوْلِيَةِ الْعَقْدِ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَزْجُرُهُ عَنْ ذَلِكَ وَبِأَمْرِهِ بِتَوَلِّيهِ مَجَّانًا، فَإِنْ فَعَلَ فَذَاكَ، وَإِنْ تَمَادَى عَلَى الِامْتِنَاعِ، فَإِنْ كَانَ لَهَا وَلِيٌّ أَبْعَدُ مِنْ الْمُمْتَنِعِ انْتَقَلَ الْحَقُّ لَهُ فَيُزَوِّجُهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ أَبْعَدُ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ خَلِيلٌ، أَوْ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ لِكُفْءٍ وَكُفْؤُهَا أَوْلَى فَيَأْمُرهُ الْحَاكِمُ ثُمَّ زَوَّجَ.
الْخَرَشِيُّ يَعْنِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ غَيْرِ الْأَبِ فِي الْبِكْرِ إجَابَةُ الْمَرْأَةِ إلَى كُفْءٍ مُعَيَّنٍ دَعَتْ إلَيْهِ يُرِيدُ وَهِيَ بَالِغٌ؛ لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تُجِبْ لِذَلِكَ مَعَ كَوْنِهَا مُضْطَرَّةً إلَى عَقْدِهِ كَانَ ذَلِكَ إضْرَارًا بِهَا إنْ دَعَا الْوَلِيُّ إلَى كُفْءٍ غَيْرِ كُفْئِهَا أُجِيبَتْ وَكَانَ كُفْؤُهَا أَوْلَى مِنْ كُفْئِهِ؛ لِأَنَّهُ أَدُومُ لِلْعِشْرَةِ فَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ أَنْ يُزَوِّجَ مَنْ دَعَتْ إلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، فَإِنْ فَعَلَ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ تَمَادَى عَلَى الِامْتِنَاعِ فَيَسْأَلُهُ عَنْ وَجْهِهِ، فَإِنْ رَآهُ صَوَابًا رَدَّهَا إلَيْهِ وَإِلَّا عُدَّ عَاضِلًا بِرَدِّ أَوَّلِ كُفْءٍ وَحِينَئِذٍ يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ بَعْدَ ثُبُوتِ ثُبُوتِهَا عِنْدَهُ وَمَلَّكَهَا أَمْرَ نَفْسِهَا، وَأَنَّ الْمَهْرَ مَهْرُ مِثْلِهَا وَكَفَاءَةُ الْخَاطِب كَمَا عِنْدَ الْبَاجِيِّ مَعَ بَعْضِ الْمُوَثِّقِينَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْعَقْدَ لِغَيْرِ الْعَاضِلِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ تَزْوِيجَ الْحَاكِمِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عَدَمِ الْوَلِيِّ غَيْرِ الْعَاضِلِ وَجَوَّزَ هَذَا الِاحْتِمَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، فَإِنْ امْتَنَعَ الْوَلِيُّ زَوَّجَ الْحَاكِمُ اهـ.
الْعَدَوِيُّ وَكُفْؤُهَا أَوْلَيْ لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهُ وَاجِبٌ ثُمَّ إنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ
كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْأَبَ يَجْبُرُ الْمُجْبَرَةَ إلَّا لِكَخَصِيٍّ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إجَابَةُ كُفْءٍ كَمَا هُوَ بَيِّنٌ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى فِي غَيْرِ مُجْبِرٍ كَمُجْبِرٍ تَبَيَّنَ مِنْهُ عَضْلٌ قَالَ فِيك، وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ ذِمِّيَّةً وَتَدْعُو لِمُسْلِمٍ فَلَا تُجَابُ لَهُ حَيْثُ امْتَنَعَ أَهْلُهَا؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَيْسَ بِكُفْءٍ عِنْدَهُمْ، قَوْلُهُ كَمَا عِنْدَ الْبَاجِيِّ إلَخْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَحِينَئِذٍ فَيُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ تَزْوِيجَ الْحَاكِمِ إلَخْ إذْ دَقَقْت النَّظَرَ تَجِدُ هَذَا الِاحْتِمَالَ هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ يَتَمَادَى عَلَى الِامْتِنَاعِ يَصِيرُ كَالْعَدَمِ فَيَنْتَقِلُ الْحَقُّ لِلْأَبْعَدِ.
، وَأَمَّا الْحَاكِمُ فَلَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ وَكِيلًا لَهُ إلَّا إذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ امْتِنَاعٌ كَأَنْ يَكُونَ غَائِبًا مَثَلًا اهـ.
وَلَخَصَّ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ بِقَوْلِهِ وَعَلَيْهِ الْإِجَابَةُ لِكُفْءٍ عَيَّنْته وَإِلَّا يَجِبُ انْتَقَلَ الْحَقُّ لِلْأَبْعَدِ اهـ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(وَسُئِلَ) عَمَّا يَأْخُذُهُ خَطِيبُ الْبَلَدِ عَلَى تَوْلِيَةِ عَقْدِ النِّكَاحِ هَلْ هُوَ جَائِزٌ أَمْ لَا وَهَلْ لِلْقَاضِي الْمُسْتَنِيبِ لِلْخَطِيبِ حَقٌّ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا.
فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ لِلْخَطِيبِ أَخْذُ أُجْرَةٍ مُعْتَادَةٍ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي حَقٌّ فِي ذَلِكَ لِمَالِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قُلْت: لَا يَخْفَى أَنَّ بَيَانَ كَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ مِنْ بَابِ الْفَتْوَى وَأَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهَا إنْ تَعَيَّنَتْ، أَوْ تَعَلَّقَتْ بِمَا فِيهِ خُصُومَةٌ حَرَامٌ إجْمَاعًا وَإِلَّا فَأَجَازَهَا عَبْدُ الْحَمِيدِ الصَّائِغُ وَمَنَعَهَا اللَّخْمِيُّ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: وَأَمَّا الْإِجَارَةُ عَلَى الْفُتْيَا فَنَقَلَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ الْإِجْمَاعَ عَلَى مَنْعِهَا، وَكَذَلِكَ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ الرِّشْوَةِ لَكِنْ لَوْ أَتَى خَصْمَانِ إلَى قَاضٍ فَأَعْطَيَاهُ أَجْرًا عَلَى الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا أَوْ أَتَى رَجُلٌ لِلْمُفْتِي فَأَعْطَاهُ أَجْرًا عَلَى فَتْوَى لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا خُصُومَةٌ، وَلَمْ يَتَعَيَّنْ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا لِوُجُودِ مَنْ يَقُومُ بِهِ غَيْرُهُمَا هَذَا مِمَّنْ اخْتَلَفَ فِيهِ الشَّيْخَانِ فَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْحَمِيدِ أَيُّ شَيْءٍ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُجْسَرُ عَلَى التَّصْرِيحِ بِهِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يَمْنَعُ ذَلِكَ جُمْلَةً؛ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ إلَى الرِّشْوَةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُحْمَلُ مَا يُرْوَى عَنْ ابْنِ عَلْوَانَ أَحَدِ فُقَهَاءِ تُونُسَ وَمُفْتِيهَا أَنَّهُ كَانَ يَقْبَلُ الْهِبَةَ وَالْهَدِيَّةَ وَيَطْلُبُهَا مِمَّنْ يُفْتِيهِ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَمَا شَاعَ وَذَاعَ أَنَّ الْقُضَاةَ يَطْلُبُونَ أَجْرًا مِمَّنْ أَتَى إلَيْهِمْ مِنْ الْخُصُومِ فِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَنَقَلَهُ شَيْخُنَا الْإِمَامُ عَنْ شَيْخِهِ الْإِمَامِ الْمُفْتِي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هَارُونَ، وَهَذَا فِيمَا يَأْخُذُونَهُ عَلَى مَسْأَلَةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَأَمَّا أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِ الْأَحْكَامِ وَالْفَتَاوَى فَفِيهِ خِلَافٌ مَعْلُومٌ مَذْكُورٌ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ كَبَيْعِ كُتُبِهَا وَشِرَائِهَا، وَأَمَّا أَخْذُ الْعَطَايَا وَالْمُرَتَّبَاتِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إذَا كَانَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ الْحَلَالَ، أَوْ مِنْ الْأَحْبَاسِ الْمَوْقُوفَةِ لِذَلِكَ فَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا أَنَّهُ جَائِزٌ قَالَهُ الْبُرْزُلِيُّ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي امْرَأَةٍ وَكَّلَتْ رَجُلًا فِي زَوَاجِهَا فَزَوَّجَهَا لِشَخْصٍ وَاسْتَلَمَ الصَّدَاقَ ثُمَّ تُوُفِّيَ الزَّوْجُ زَوَّجَهَا لِآخَرَ وَاسْتَلَمَ الصَّدَاقَ ثُمَّ تُوُفِّيَ فَزَوَّجَهَا لِثَالِثٍ وَاسْتَلَمَ الصَّدَاقَ وَكُلُّ مَرَّةٍ تَطْلُبُ الصَّدَاقَ مِنْهُ فَيَقُولُ لَهَا هُوَ عِنْدِي مَحْفُوظٌ ثُمَّ تُوُفِّيَ الْوَكِيلُ وَخَلَفَ ابْنًا وَأَمْتِعَةً مِنْ خَيْلٍ وَغَنَمٍ وَإِبِلٍ وَعَقَارٍ وَتُوُفِّيَتْ تِلْكَ الْحُرْمَةُ أَيْضًا عَنْ وَلَدِهَا فَهَلْ لَهُ طَلَبُ وَلَدِ الْوَكِيلِ بِأَصْدِقَةِ أُمِّهِ، وَإِنْ ادَّعَى ابْنُ الْوَكِيلِ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا وَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّهُ خَلَفَ مَا ذُكِرَ سَابِقًا وَأَتْلَفَهُ الْوَلَدُ فِي السَّرَفِ فَهَلْ تُؤْخَذُ الْأَصْدِقَةُ الَّتِي عَلَى وَالِدِهِ مِمَّا جَدَّدَهُ بَعْدَ الَّذِي أَتْلَفَ مِنْ مَالِ أَبِيهِ لَا سِيَّمَا وَعَقَارُ وَالِدِهِ مَوْجُودٌ لِلْآنِ لَمْ يَهْلَكْ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، نَعَمْ إذَا ثَبَتَ إقْرَارُ الْوَكِيلِ بِبَقَاءِ الْأَصْدِقَةِ عِنْدَهُ وَمَوْتُهُ عَمَّا ذُكِرَ وَاسْتِيلَاءُ وَلَدِهِ عَلَيْهِ فَلِوَلَدِ الْمَرْأَةِ طَلَبُ وَلَدِ الْوَكِيلِ بِهَا مِنْ عَقَارِ وَالِدِهِ، وَإِنْ لَمْ يَفِ بِهَا فَمِمَّا جَدَّدَهُ بِمِقْدَارِ مَا أَتْلَفَهُ مِنْ تَرِكَةِ وَالِدِهِ لِتَعَدِّيهِ عَلَيْهِ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا إلَّا بَعْدَ وَفَاءِ دَيْنِ أَبِيهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَإِنْ اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ، وَلَوْ بِدُونِ الشُّهْرَةِ وَالْعِلْمُ بِالدَّيْنِ يَطْرَأُ غَرِيمُ أَخْذِ الْمَلِيءِ عَنْ الْمُعْدَمِ إلَّا أَنْ يُجَاوِزَ مَا قَبَضَهُ اهـ الْخَرَشِيُّ: وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْغَرِيمَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَارِثِ إذْ
لَا إرْثَ إلَّا بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ اهـ. وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَا يَقَعُ فِي الرِّيفِ مِنْ جَعْلِهِمْ عَلَى الزَّوْجِ دَرَاهِمَ يُسَمُّونَهَا الْعَشَاءَ غَيْرَ الصَّدَاقِ وَالشُّورَةِ يَدْفَعُهَا لِلزَّوْجَةِ أَوْ وَلِيِّهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَدْفَعُ لَهَا الْوَلِيُّ شَيْئًا فِي مُقَابَلَتِهَا فَهَلْ إذَا بَنَى الزَّوْجُ بِهَا قَبْلَ دَفْعِهَا وَامْتَنَعَ مِنْهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِهِ، وَإِنْ جَرَى عُرْفُهُمْ بِأَنَّهُ فَوْرِيٌّ يَسْقُطُ بِالدُّخُولِ أَوْ يَسْقُطُ عَنْهُ عَمَلًا بِالْعُرْفِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يُقْضَى بِهِ عَلَى الزَّوْجِ مَا لَمْ يَجْرِ عُرْفُهُمْ بِسُقُوطِهِ عَنْهُ بِالدُّخُولِ قَبْلَهُ فَيُقْضَى بِسُكُوتِهِ عَنْهُ عَمَلًا بِالْعُرْفِ؛ لِأَنَّهُ كَالشَّرْطِ، وَهَذِهِ الدَّرَاهِمُ جَرَى بِهَا عُرْفُ مِصْرَ أَيْضًا مُسَمَّاةً عَشَاءِ الْحَمَامِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَقُضِيَ بِالْعُرْفِ فِي الْهَدِيَّةِ وَالْوَلِيمَةِ وَأُجْرَةِ الْمَاشِطَةِ عَلَى الْأَظْهَرِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَأَوْلَى الشَّرْطِ انْتَهَى وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي صَغِيرٍ زَوَّجَتْهُ أُمُّهُ مِنْ مَالِهَا فَهَلْ نِكَاحُهُ صَحِيحٌ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ، وَإِذَا قُلْتُمْ نَعَمْ فَمَنْ يَكُونُ وَوَلِيُّهُ فِي الْإِمْضَاءِ وَالرَّدِّ حَيْثُ غَابَ وَالِدُهُ غَيْبَةً بَعِيدَةً نَحْوَ الْأَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَلَمْ يَظْهَرْ خَبَرُهُ ظُهُورًا شَافِيًا وَلَا وَصِيَّ لَهُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ نِكَاحُهُ صَحِيحٌ مَوْقُوفٌ لُزُومُهُ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ مَا دَامَ غَيْرَ رَشِيدٍ وَيَكُونُ وَلِيُّهُ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ الْحَاكِمَ الشَّرْعِيَّ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَهُوَ مَاضٍ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْعَدَوِيِّ عَنْ كَثِيرٍ الْخَرَشِيِّ، وَكَذَا إنْ رَشَدَ قَبْلَ نَظَرِ وَلِيِّهِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ وَالْقَاضِي إسْمَاعِيلُ وَصَدَرَ بِهِ ابْنُ سَلْمُونٍ وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ يَنْتَقِلُ لَهُ إذَا رَشَدَ مَا كَانَ وَلِيُّهُ مِنْ النَّظَرِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي كِتَابِ الْمَأْذُونِ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ لَكِنْ نَقَلَ الْعَدَوِيُّ عَنْ اللَّقَانِيِّ تَضْعِيفَهُ قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ، وَإِنْ لَمْ يُوفِهِ بِالنِّكَاحِ، وَلَمْ يَنْظُرْ فِيهِ الْوَلِيُّ حَتَّى خَرَجَ الزَّوْجُ مِنْ الْوِلَايَةِ لَمْ يُفْسَخْ النِّكَاحُ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمِثْلُ ذَلِكَ حَكَى ابْنُ مُحْرِزٍ فِي تَبْصِرَتِهِ عَنْ إسْمَاعِيلَ الْقَاضِي أَنَّ الْمَوْلَى إذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ فَلَمْ يَعْلَمْ الْوَلِيُّ بِهِ حَتَّى تَرَشَّدَ الْمَوْلَى عَلَيْهِ أَنَّ النِّكَاحَ ثَابِتٌ قَالَ: وَكَذَلِكَ وَجَدْت لِابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي أُصُولٍ فِيمَا بَاعَ الْمَوْلَى عَلَيْهِ، أَوْ اشْتَرَى إنْ رَشَدَ يُمْضِي أَفْعَالَهُ، وَقَدْ كَانَ يُشْبِهُ أَنْ يَعُودَ مَا كَانَ لِوَلِيِّهِ مِنْ ذَلِكَ إلَيْهِ فَيُخَيَّرُ أَوْ يَرُدُّ وَذَكَرَ أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ رُشْدٍ فِي كِتَابِ الْمَأْذُونِ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ خِلَافَ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ يَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ بَعْدَ مِلْكِهِ أَمْرَ نَفْسِهِ، وَلَمْ يَحْكِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا.
وَفِي النَّوَادِرِ لِمَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَدْخَلَهُ ابْنُ سَهْلٍ فِي كِتَابِهِ أَنَّ لِوَرَثَةِ الْمَوْلَى عَلَيْهِ أَنْ يَرُدُّوا مَا صَنَعَ فِي وِلَايَتِهِ كَمَا كَانَ لَهُ لَوْ وَلَّى أَمْرَ نَفْسِهِ مَا لَمْ يَتْرُكْ بَعْدَ أَنْ يَلِيَ نَفْسَهُ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ رَضِيَ وَمِثْلُهُ لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ اهـ.
وَقَالَ فِي كَبِيرِ الْخَرَشِيِّ عِنْدَ قَوْلِ الْمُخْتَصَرِ وَلِوَلِيِّ صَغِيرٍ فَسْخُ عَقْدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَالْحَاكِمُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ اهـ نَقَلَهُ الْعَدَوِيُّ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي وَكِيلِ زَوْجَةٍ قَالَ فِي صِيغَةِ عَقْدِ نِكَاحِهَا لِوَكِيلِ الزَّوْجِ أَنْكَحَتْك مُوَكِّلَتِي فَقَالَ وَكِيلُهُ قَبِلْت نِكَاحَهَا لِمُوَكِّلِي فَهَلْ هَذَا الْعَقْدُ فَاسِدٌ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ هَذَا الْعَقْدُ فَاسِدٌ قَالَ الْحَطَّابُ قَالَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ وَصِيغَةُ الْعَقْدِ مَعَ الْوَكِيلِ أَنْ يَقُولَ: الْوَلِيُّ لِلْوَكِيلِ زَوَّجْت مِنْ فُلَانٍ وَلَا يَقُولُ: زَوَّجْت مِنْك وَلْيَقُلْ الْوَكِيلُ قَبِلْت لِفُلَانٍ، وَلَوْ قَالَ قَبِلْت لَكَفَى إذَا نَوَى بِذَلِكَ مُوَكِّلُهُ اهـ. وَتَبِعَهُ الشَّبْرَخِيتِيُّ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ وَكَّلَ أَخَاهُ عَلَى عَقْدِ النِّكَاحِ وَفَرْضِ الصَّدَاقِ فَوَكَّلَ الْأَخُ وَكِيلًا آخَرَ عَلَى ذَلِكَ فَفَرَضَ
صَدَاقًا زَائِدًا عَلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ وَمِنْ ذَلِكَ جَارِيَةٌ فَهَلْ يَلْزَمُ الزَّوْجَ جَمِيعُ مَا فَرَضَ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ إلَّا صَدَاقُ الْمِثْلِ، أَوْ مَا زَادَ عَلَيْهِ يَسِيرًا إلَى نِصْفِ الْعُشْرِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَهَلْ تَحْكِيمُهَا، أَوْ الْغَيْرُ لَغْوٌ وَالْعِبْرَةُ بِالزَّوْجِ، فَإِنْ فَرَضَ الْمِثْلَ لَزِمَهَا، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ رِضَا الزَّوْجِ وَالْمُحَكِّمِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ، أَوْ الْعِبْرَةُ بِالْمُحَكِّمِ إلَّا أَنْ يَفْرِضَ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ فَلَا يَلْزَمُهَا، أَوْ أَكْثَرُ فَلَا يَلْزَمُهُ أَقْوَالٌ اهـ وَقَالَ فِي الْوَكَالَةِ مُشَبِّهًا فِي تَخْيِيرِ الْمُوَكَّلِ كَشِرَائِهِ بِأَكْثَرَ لِفَوْقِ نِصْفِ الْعُشْرِ اهـ.
وَنَقَلَ الْعَدَوِيُّ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ عِنْدَ قَوْلِهِ، وَإِنْ أَمَرَهُ بِأَلْفٍ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْيَسِيرَةَ تَلْزَمُ الزَّوْجَ كَدِينَارَيْنِ فِي أَرْبَعِينَ وَخَمْسَةٍ فِي مِائَةٍ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَنْ رَكَنَ لِخَاطِبِ بِنْتِهِ بَعْدَ تَسْمِيَةِ الْمَهْرِ ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ عَنْ تَزْوِيجِهِ إيَّاهَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ لَهُ ذَلِكَ بِكَرَاهَةٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ إخْلَافِ الْوَعْدِ إذَا لَمْ يَكُنْ رُجُوعُهُ عَنْهُ لِخِطْبَةِ آخَرَ وَإِلَّا حُرِّمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ قَالَ الْخَرَشِيُّ وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ تَرْكُ مَنْ رَكَنَتْ إلَيْهِ بَعْدَ خِطْبَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ إخْلَافِ الْوَعْدِ قَالَ بَعْضٌ وَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ، أَوْ وَلِيِّهَا بَعْدَ الرُّكُونِ أَنْ يَرْجِعَا عَنْ ذَلِكَ الْخَاطِبِ إلَى غَيْرِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَسْكَرٍ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ قَالَ الْعَدَوِيُّ أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ سَبَبُ الرُّجُوعِ خِطْبَةَ ذَلِكَ الْغَيْرِ وَإِلَّا حُرِّمَ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ وَكَّلَ آخَرَ عَلَى قَبُولِ عَقْدِ نِكَاحٍ فَقَالَ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ لِلْوَكِيلِ أَنْكَحْتُك وَزَوَّجْتُك مُوَكِّلَتِي بِالصَّدَاقِ الْمُسَمَّى قَدْرُهُ كَذَا فَقَالَ الْوَكِيلُ قَبِلْت نِكَاحَهَا وَنَوَاهُ لِنَفْسِهِ فَهَلْ هَذَا صَحِيحٌ أَمْ لَا أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُجْبَرَةِ وَغَيْرِهَا فَيُقَالُ إنْ كَانَتْ مُجْبَرَةً صَحَّ وَإِلَّا فَلَا.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ لِلْمُوَكِّلِ لِانْتِفَاءِ شَرْطَيْهِ وَهُمَا أَنْ تَكُونَ صِيغَةُ الْوَلِيِّ مَعَ وَكِيلِهِ أَنْكَحْت مُوَكِّلَك وَنِيَّةُ الْوَكِيلِ الْقَبُولُ لِلْمُوَكِّلِ كَمَا يُفِيدُ ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ ثُمَّ لِيَقُلْ الْوَلِيُّ لِلْوَكِيلِ بِالْقَبُولِ زَوَّجْت مِنْ فُلَانٍ وَلَا يُقَالُ زَوَّجْتُك وَلْيَقُلْ الْوَكِيلُ قَبِلْت لِفُلَانٍ، وَلَوْ قَالَ قَبِلْت لَكَفَى إذَا نَوَى ذَلِكَ لِمُوَكِّلِهِ اهـ فَقَوْلُهُ لِيَقُلْ إلَخْ وَلَا يَقُلْ إلَخْ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إنْ قَالَ لِلْوَكِيلِ عَلَى الْقَبُولِ زَوَّجْتُك لَمْ يَنْعَقِدْ لِلْمُوَكِّلِ وَقَوْلُهُ إذَا نَوَى إلَخْ مَفْهُومٌ إذَا لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ بِأَنْ نَوَاهُ لِنَفْسِهِ، أَوْ خَلَا ذِهْنُهُ فَكَذَلِكَ وَلَا يَنْعَقِدُ بِهَا لِلْوَكِيلِ أَيْضًا لِعَدَمِ نِيَّةِ الْوَلِيِّ تَزْوِيجَ الْوَكِيلِ بِهَا وَهِيَ شَرْطٌ بِدَلِيلِ اشْتِرَاطِ التَّمْيِيزِ فِيهِ إذْ لَوْ لَمْ تَكُنْ شَرْطًا لَمْ يَكُنْ لِاشْتِرَاطِ التَّمْيِيزِ فِي الْوَلِيِّ مَعْنًى وَلَزِمَ مُسَاوَاةُ غَيْرِ الْمُمَيَّزِ وَلَا يُرَدُّ انْعِقَادُهُ بِالْهَزْلِ؛ لِأَنَّ الْهَزْلَ مُشْتَمِلٌ عَلَى نِيَّةِ التَّزْوِيجِ إلَّا أَنَّهَا عَلَى سَبِيلِ الْهَزْلِ كَمَا يَفْهَمُهُ مَنْ لَهُ ذَوْقٌ مِنْ عِنْوَانِ هَزْلُ النِّكَاحِ جَدٌّ أَيْ النِّكَاحِ الْمَهْزُولِ بِهِ أَيْ الْمَنْوِيِّ بِعَقْدِهِ الْهَزْلَ وَاللَّعِبِ أَيْ الَّذِي قَصَدَ فِيهِ الْوَلِيُّ تَزْوِيجَ الزَّوْجِ عَلَى سَبِيلِ الْهَزْلِ وَقَصَدَ فِيهِ الزَّوْجُ الْقَبُولَ كَذَلِكَ فَفِيهِ نِيَّةُ التَّزْوِيجِ وَالْقَبُولِ عَلَى وَجْهِ الْهَزْلِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ هَزْلًا بِالنِّكَاحِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ وَأَتَتْ مِنْهُ بِبِنْتٍ وَلِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَلَدٌ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ فَهَلْ يَسُوغُ لِذَلِكَ الْوَلَدِ التَّزَوُّجُ بِتِلْكَ الْبِنْتِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ يَسُوغُ لِلْوَلَدِ التَّزَوُّجُ بِتِلْكَ الْبِنْتِ إنْ لَمْ تُرْضِعْهَا أُمُّهَا بِلَبَنِ أَبِيهِ بِأَنْ انْقَطَعَ مِنْهَا قَبْلَ وِلَادَتِهَا لَهَا، فَإِنْ أَرْضَعَتْهَا بِلَبَنِ أَبِيهِ فَلَا يَسُوغُ لَهُ التَّزَوُّجُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ قَالَ الْخَرَشِيُّ وَيَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ ابْنَةَ زَوْجَةِ أَبِيهِ