الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَفْعَلُهُ، وَأَشْهَبُ يَرَى إجْبَارَهُ إذَا قَالَ لَا أَفْعَلُ، وَإِنْ قَالَ أَفْعَلُ تُرِكَ وَهُوَ الْتِفَاتٌ إلَى تَعْلِيلِنَا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ اهـ. وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ فَتَأَمَّلْهُ.
(تَنْبِيهٌ) يَجِبُ الْوَفَاءُ بِنَذْرِ الْعِتْقِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِ النَّاذِرِ حِينَئِذٍ مَا يُعْتِقُهُ. قَالَ فِي كِتَابِ النُّذُورِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ نَذَرَ عِتْقَ رَقَبَةٍ فَلَمْ يَسْتَطِعْهَا أَنَّ الصَّوْمَ لَا يُجْزِئُهُ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ مَنْ يُعْتِقُهُ، وَقَالَ فِي رَسْمِ الصُّبْرَةِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ كِتَابِ الْعِتْقِ فِي رَجُلٍ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ رَقَبَةً مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ قَالَ مَالِكٌ لِيُعْتِقْ رَقَبَةً، قِيلَ لَهُ أَيُجْزِئُهُ رَقَبَةٌ مِنْ الذَّبْحِ قَالَ لِيُعْتِقْ رَقَبَةَ أَقْرَبِ الرِّقَابِ إلَى وَلَدِ إسْمَاعِيلَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ لِلشَّرِيفِ فِي النَّسَبِ حُرْمَةً تُوجِبُ التَّنَافُسَ فِي الْعَبِيدِ مِنْ أَجْلِهَا وَالزِّيَادَةَ فِي ثَمَنِهَا، وَالْأَجْرُ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ اهـ.
[فَصْلٌ فِي الْوَفَاءِ بِالْوَعْدِ]
(فَصْلٌ) وَأَمَّا الْعِدَةُ فَلَيْسَ فِيهَا إلْزَامُ الشَّخْصِ نَفْسَهُ شَيْئًا الْآنَ، وَإِنَّمَا هِيَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إخْبَارٌ عَنْ إنْشَاءِ الْمُخْبِرِ مَعْرُوفًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَلَا خِلَافَ فِي اسْتِحْبَابِ الْوَفَاءِ بِالْوَعْدِ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي رَسْمِ بَاعَ غُلَامًا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ وَمِنْ كِتَابِ الْعِدَةِ بِتَخْفِيفِ الدَّالِ فِيمَنْ هَلَكَ وَعَلَيْهِ مَشْيٌ إلَى بَيْتِ اللَّهِ عز وجل فَسَأَلَ ابْنَهُ أَنْ يَمْشِيَ عَنْهُ فَوَعَدَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ مَالِكٌ أَمَّا إذَا وَعَدَهُ فَإِنِّي أُحِبُّ لَهُ أَنْ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ وَلَكِنْ مَا ذَلِكَ رَأْيٌ أَوْ يَمْشِي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلَكِنِّي أُحِبُّ لَهُ إذَا وَعَدَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْمَعْنَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَالِكًا اسْتَحَبَّ لَهُ أَنْ يَفِيَ لِأَبِيهِ بِمَا وَعَدَهُ بِهِ مِنْ الْمَشْيِ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُ لَا قُرْبَةَ فِيهِ مِنْ نَاحِيَةِ اسْتِحْبَابِ الْوَفَاءِ بِالْوَعْدِ فِي الْجَائِزَاتِ الَّتِي لَا قُرْبَةَ فِيهَا اهـ.
فَالْوَفَاءُ بِالْعِدَةِ مَطْلُوبٌ بِلَا خِلَافٍ وَاخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ بِهَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ حَكَاهَا ابْنُ رُشْدٍ فِي كِتَابِ جَامِعِ الْبُيُوعِ وَفِي كِتَابِ الْعَارِيَّةِ وَفِي كِتَابِ الْعِدَةِ وَنَقَلَهَا عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ فَقِيلَ يُقْضَى بِهَا مُطْلَقًا وَقِيلَ لَا يُقْضَى بِهَا مُطْلَقًا وَقِيلَ يُقْضَى بِهَا إنْ كَانَتْ عَلَى سَبَبٍ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ الْمَوْعُودُ بِسَبَبِ الْعِدَةِ فِي شَيْءٍ كَقَوْلِك أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ أَوْ أَنْ أَشْتَرِيَ كَذَا أَوْ أَنْ أَقْضِيَ غُرَمَائِي فَأَسْلِفْنِي كَذَا أَوْ أُرِيدُ أَنْ أَرْكَبَ غَدًا إلَى مَكَانِ كَذَا فَأَعِرْنِي دَابَّتَك أَوْ أَنْ أَحْرُثَ أَرْضِي فَأَعِرْنِي بَقَرَك فَقَالَ نَعَمْ، ثُمَّ بَدَا لَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَوْ أَنْ يَشْتَرِيَ أَوْ أَنْ يُسَافِرَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ، وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ الْأَمْرَ الَّذِي وَعَدَك عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ لَمْ تَسْأَلْهُ وَقَالَ لَك هُوَ مِنْ نَفْسِهِ أَنَا أُسْلِفُك كَذَا أَوْ أَهَبُ لَك كَذَا لِتَقْضِيَ دَيْنَك أَوْ لِتَتَزَوَّجَ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ وَيُقْضَى بِهِ عَلَيْهِ، وَلَا يُقْضَى بِهَا إنْ كَانَتْ عَلَى غَيْرِ سَبَبٍ كَمَا إذَا قُلْت أَسْلِفْنِي كَذَا وَلَمْ تَذْكُرْ سَبَبًا أَوْ أَعِرْنِي دَابَّتَك أَوْ بَقَرَك وَلَمْ تَذْكُرْ سَفَرًا، وَلَا حَاجَةً فَقَالَ نَعَمْ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَوْ قَالَ هُوَ مِنْ نَفْسِهِ أَنَا أُسْلِفُك كَذَا أَوْ أَهَبُ لَك كَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ سَبَبًا ثُمَّ بَدَا لَهُ، وَالرَّابِعُ يُقْضَى بِهَا إنْ كَانَتْ عَلَى سَبَبٍ
وَدَخَلَ الْمَوْعُودُ بِسَبَبِ الْعِدَةِ فِي شَيْءٍ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْأَقْوَالِ.
قَالَ فِي آخِرِ الرَّسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ قَالَ أَصْبَغُ سَمِعْت أَشْهَبَ، وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ كَرْمًا فَخَافَ الْوَضِيعَةَ فَأَتَى لِيَسْتَوْضِعَهُ فَقَالَ لَهُ بِعْ وَأَنَا أُرْضِيك قَالَ إنْ بَاعَ بِرَأْسِ مَالِهِ أَوْ بِرِبْحٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ بَاعَ بِالْوَضِيعَةِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُرْضِيَهُ فَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ أَرَادَ شَيْئًا سَمَّاهُ فَهُوَ مَا أَرَادَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَرَادَ شَيْئًا أَرْضَاهُ بِمَا شَاءَ وَحَلَفَ بِاَللَّهِ مَا أَرَادَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَرَادَ شَيْئًا يَوْمَ قَالَ ذَلِكَ. قَالَ أَصْبَغُ وَسَأَلْت عَنْهَا ابْنَ وَهْبٍ فَقَالَ عَلَيْهِ رِضَاهُ بِمَا يُشْبِهُ ثَمَنَ تِلْكَ السِّلْعَةِ وَالْوَضِيعَةِ فِيهَا. قَالَ أَصْبَغُ وَقَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ هُوَ أَحْسَنُ عِنْدِي وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ إذَا وَضَعَ فِيهَا، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ بِعْهُ وَأَنَا أُرْضِيك عِدَةٌ إلَّا أَنَّهَا عِدَةٌ عَلَى سَبَبٍ وَهُوَ الْبَيْعُ وَالْعِدَةُ إذَا كَانَتْ عَلَى سَبَبٍ لَزِمَتْ بِحُصُولِ السَّبَبِ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ الْأَقْوَالِ وَقَدْ قِيلَ إنَّهَا لَا تَلْزَمُ بِحَالٍ وَقِيلَ إنَّهَا تَلْزَمُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَقِيلَ إنَّهَا تَلْزَمُ إذَا كَانَتْ عَلَى سَبَبٍ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ السَّبَبُ، وَقَوْلُ أَشْهَبَ إنْ زَعَمَ أَنَّهُ أَرَادَ شَيْئًا سَمَّاهُ فَهُوَ مَا أَرَادَ يُرِيدُ مَعَ يَمِينِهِ، وَمَعْنَاهُ إذَا لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا يَسِيرًا لَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَرْضَاهُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى مَذْهَبِهِ إذَا قَالَ أَرَدْت كَذَا، وَكَذَا لِمَا يُشْبِهُ قَوْلَهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ أَرَادَ شَيْئًا أَرْضَاهُ بِمَا شَاءَ وَحَلَفَ أَنَّهُ مَا أَرَادَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَجَوَابُهُ هَذَا عَلَى أَصْلِهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ مَسَائِلِهِ إذْ لَا يُؤْخَذُ أَحَدٌ بِأَكْثَرَ مِمَّا يُقِرُّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَالْيَمِينُ فِي هَذَا يَمِينُ تُهْمَةٍ إذْ لَا يُمْكِنُ الْمُسْتَوْضِعَ أَنْ يَدَّعِيَ بَيِّنَةً فَيُحَقِّقَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ أَرَادَهُ فَيَدْخُلُ فِيهَا مِنْ الْخِلَافِ مَا يَدْخُلُ فِي يَمِينِ التُّهْمَةِ.
وَأَمَّا ابْنُ وَهْبٍ فَأَخَذَهُ بِمُقْتَضَى ظَاهِرِ لَفْظِهِ وَأَلْزَمهُ أَرِضَاءَهُ إلَّا أَنْ لَا يَرْضَى بِمَا يَقُولُ النَّاسُ فِيهِ أَنَّهُ أَرْضَاهُ فَلَا يُصَدَّقُ إنْ لَمْ يَرْضَ وَيُؤْخَذُ بِمَا يَقُولُ النَّاسُ فِيهِ أَنَّهُ أَرْضَاهُ هَذَا مَعْنَى وَلَوْ حَلَفَ لَيُرْضِيَنَّهُ لَمْ يَبِرَّ إلَّا بِاجْتِمَاعِ الْوَجْهَيْنِ وَهُمَا أَنْ يَضَعَ عَنْهُ مَا يَرْضَى بِهِ وَمَا يَقُولُ النَّاسُ فِيهِ أَنَّهُ أَرْضَاهُ وَقَدْ مَضَى مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا فِي رَسْمٍ سَلَفَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ النُّذُورِ فِي الْحَالِفِ لَيُرْضِيَنَّ غَرِيمَهُ مِنْ حَقِّهِ اهـ.
قُلْت وَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي شَهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْقَضَاءِ بِالْعِدَةِ إذَا دَخَلَ بِسَبَبِهَا فِي شَيْءٍ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْأَوَّلِ وَفِي كِتَابِ الْغَرَرِ أَنَّهُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ لِقَوْلِهَا فِي آخِرِ كِتَابِ الْغَرَرِ، وَإِنْ قَالَ اشْتَرِ عَبْدَ فُلَانٍ وَأَنَا أُعِينُك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَاهُ لَزِمَهُ ذَلِكَ الْوَعْدُ اهـ.
وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِهِ مِنْ كِتَابِ الْعَارِيَّةِ وَقَوْلُ سَحْنُونَ فِي كِتَابِ الْعِدَةِ وَنَصُّهُ فِي سَمَاعِ عِيسَى: قُلْت لِسَحْنُونٍ مَا الَّذِي يَلْزَمُ مِنْ الْعِدَةِ فِي السَّلَفِ وَالْعَارِيَّةِ قَالَ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ هَدِّمْ دَارَك وَأَنَا أُسْلِفُك أَوْ اُخْرُجْ إلَى الْحَجِّ وَأَنَا أُسْلِفُك أَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَأَنَا أُسْلِفُك وَعَزَاهُ لَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي