الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَزَوَّجَتْ رَجُلًا وَشَرَطَتْ عَلَيْهِ نَفَقَةَ الْأَوْلَادِ أَجَلًا مَعْلُومًا أَوْ بَعْدَ تَطَوُّعٍ بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ مُدَّةَ الزَّوْجِيَّةِ وَأَرَادَتْ الرُّجُوعَ بِذَلِكَ عَلَى أَبِيهِمْ فَوَقَعَتْ الْفُتْيَا إنْ كَانَ ذَلِكَ مَكْتُوبًا مِنْ حُقُوقِهَا بِحَيْثُ لَهَا الرُّجُوعُ مَتَى شَاءَتْ وَإِسْقَاطُهُ لِزَوْجِهَا فَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ بِنَفَقَتِهِمْ عَلَى أَبِيهِمْ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِلْوَلَدِ فَلَا رُجُوعَ عَلَى أَبِيهِ بِشَيْءٍ وَهُوَ جَارٍ عَلَى الْأُصُولِ وَهُوَ شَيْءٌ وُهِبَ لِلْوَلَدِ فَنَفَقَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ لَا عَلَى أَبِيهِ، وَالْأَوَّلُ مَالٌ وُهِبَ لِأُمِّهِ فَإِذَا أَنْفَقَتْهُ عَلَى الْوَلَدِ رَجَعَتْ بِهِ عَلَى أَبِيهِ اهـ.
قُلْت وَلِلْأَبِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ إنْفَاقِ الزَّوْجِ عَلَى الْوَلَدِ كَمَا صَرَّحُوا بِذَلِكَ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ مَنْ حَلَفَ لَا آكُلُ لِفُلَانٍ طَعَامًا فَدَخَلَ ابْنُ الْحَالِفِ عَلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَأَعْطَاهُ خُبْزًا. . . إلَخْ وَهَذَا وَاضِحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْتَزَمَ نَفَقَةَ مَنْ لَيْسَ بِقَرِيبِهِ كَالرَّبِيبِ أَوْ مِنْ قَرِيبٍ]
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي بَابِ زَكَاةِ الْفِطْرِ مِنْ شَرْحِ الرِّسَالَةِ مَنْ الْتَزَمَ نَفَقَةَ مَنْ لَيْسَ بِقَرِيبِهِ كَالرَّبِيبِ أَوْ مِنْ قَرِيبٍ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بِالْأَصَالَةِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ عَنْهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ بِاتِّفَاقٍ.
[زَوَّجَ عَبْدَهُ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهَا مُدَّةَ الزَّوْجِيَّةِ ثُمَّ مَاتَ]
(فَرْعٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ وَسُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ عَمَّنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ تَطَوُّعًا بَعْدَ الْعَقْدِ أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهَا مُدَّةَ الزَّوْجِيَّةِ ثُمَّ مَاتَ هَلْ تُوقَفُ تَرِكَتُهُ لِذَلِكَ وَكَيْفَ إنْ كَانَ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ أَوْ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ.
فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ فِي تَرِكَةِ السَّيِّدِ إنْ مَاتَ؛ لِأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ، وَإِنَّمَا تَجِبُ عَلَيْهِ مُدَّةَ الزَّوْجِيَّةِ مَا دَامَ حَيًّا وَبَعْدَ الْمَوْتِ هِبَةٌ لَمْ تُقْبَضْ وَلَوْ شُرِطَ فِي أَصْلِ النِّكَاحِ كَانَ فَاسِدًا يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَيَكُونُ عَلَى الْعَبْدِ، وَقِيلَ لَا يُفْسَخُ قَبْلُ إذَا أُسْقِطَ الشَّرْطُ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الزَّوْجِ، وَوَجْهُ الْأَوَّلِ الْغَرَرُ، وَلَوْ شَرَطَ أَنَّهُ إنْ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِصْمَةِ رَجَعَتْ عَلَى الْعَبْدِ لَجَازَ وَلَوْ اخْتَلَفَا هَلْ كَانَ شَرْطًا أَوْ تَطَوُّعًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى الشَّرْطَ لِشَهَادَةِ الْعُرْفَ لَهُ اهـ.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَبِيعَ سِلْعَةً سَمَّاهَا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي شَرْطِ النَّفَقَةِ فِي النِّكَاحِ عَلَى أَبِي الصَّغِيرِ حَتَّى يَبْلُغَ وَوَلِيِّ السَّفِيهِ حَتَّى يَرْشُدَ فَأَجَازَهُ مَرَّةً وَكَرِهَهُ أُخْرَى وَقَالَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَحَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ إجَازَةَ ذَلِكَ وَزَادَ لُزُومُ ذَلِكَ مَا عَاشَ الْأَبُ وَالزَّوْجُ مَوْلًى عَلَيْهِ وَهَذَا الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ إنْ لَمْ يَقَعْ بَيَانٌ إنْ مَاتَ الْأَبُ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّبِيِّ أَوْ الْوَلِيُّ قَبْلَ رُشْدِ الْيَتِيمِ فَسَقَطَتْ النَّفَقَةُ بِمَوْتِهِمَا هَلْ تَعُودُ فِي مَالِهِ أَوْ مَالِ الْيَتِيمِ أَوْ تَعُودُ عَلَيْهِمَا إلَى بُلُوغِ الصَّغِيرِ وَرُشْدِ الْيَتِيمِ، فَإِنْ شُرِطَ عُودُهَا فِي مَالِهِمَا جَازَ النِّكَاحُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ شُرِطَ سُقُوطُهَا إلَى بُلُوغِ الصَّغِيرِ وَرُشْدِ الْيَتِيمِ كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا اتِّفَاقًا، وَإِنَّمَا الْخُلْفُ إنْ وَقَعَ النِّكَاحُ مُبْهَمًا وَعَلَى الْقَوْلِ بِفَسَادِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ دَخَلَ جَازَ وَكَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَى الزَّوْجِ وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ هُوَ بِالْمَهْرِ الْمُسَمَّى أَوْ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ.
قُلْت وَالْقَوْلُ بِفَسَادِ النِّكَاحِ وَفَسْخِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ هُوَ
قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الرَّسْمِ الْمَذْكُورِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَلَوْ شَرَطَ النَّفَقَةَ فِي نِكَاحِ الْكَبِيرِ الْمَالِكِ أَمْرَ نَفْسِهِ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ عَلَى غَيْرِهِ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إلَّا أَنْ تَرْضَى الزَّوْجَةُ بِكَوْنِ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ وَتَكُونُ النَّفَقَةُ عَلَى الزَّوْجِ، وَلَا يَدْخُلُهُ الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِظُهُورِ الْغَرَرِ وَالْفَسَادِ فِي هَذِهِ.
وَلَا يَجُوزُ النِّكَاحُ عَلَى إعْطَاءِ حَمِيلٍ بِالنَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ فِي ذِمَّتِهِ كَالْمَهْرِ فَإِنْ وَقَعَ النِّكَاحُ عَلَى ذَلِكَ كَانَ فَاسِدًا يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى إذْ لَمْ تَرْضَى بِالْمُسَمَّى إلَّا لِأَجْلِ مَا اشْتَرَطَهُ مِنْ الْحَمَالَةِ وَتَسْقُطُ الْحَمَالَةُ، وَلَوْ وَقَعَ فِي مَسْأَلَةِ اشْتِرَاطِ النَّفَقَةِ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ بَيَانُ رُجُوعِهَا عَلَى الزَّوْجِ إنْ مَاتَ مَنْ شَرَطَتْ عَلَيْهِ أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ مَا يُبْطِلُ النَّفَقَةَ عَنْهُ جَازَ النِّكَاحُ عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ وَقِيلَ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ شَرْطَهَا عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ خِلَافُ السُّنَّةِ وَيَمْضِي بَعْدَهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَإِلَيْهِ نَحَا الْأَبْهَرِيُّ وَمَا قُلْنَا أَظْهَرُ وَأَبْيَنُ اهـ.
وَقَالَ فِي رَسْمِ الْكِرَاءِ وَالْأَقْضِيَةِ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ الصَّدَقَاتِ وَالْهِبَاتِ سَمِعْت ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ فِيمَنْ ضَمِنَ عَنْ ابْنِهِ نَفَقَةَ سِنِينَ سَمَّاهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ أَوْ لَمْ يُسَمِّ دَنَانِيرَ إلَّا أَنَّهُ عَرَفَ وَجْهَ النَّفَقَةِ فَضَمِنَ نَفَقَةَ سِنِينَ وَذَلِكَ كُلُّهُ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ مِثْلُ أَنْ يُرَادَ أَنْ يُقَامَ بِابْنِهِ لِيُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَضَمِنَ ذَلِكَ عَنْهُ أَبُوهُ أَرَى ذَلِكَ يَلْزَمُهُ مَا دَامَ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ سَقَطَ ذَلِكَ عَنْهُ وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَهُوَ الْحَقُّ، وَكَذَا نَفَقَةُ الْمُطَلَّقَةِ إذَا ضَمِنَ الِابْنُ هَذِهِ حُقُوقٌ تُقْضَى قَدْ اُفْتُرِضَتْ وَلَيْسَ هَذَا كَاَلَّذِي يَضْمَنُ فِي النِّكَاحِ النَّفَقَةَ، ذَلِكَ شَيْءٌ لَمْ يَأْتِ وَلَمْ يُفْرَضْ وَلَمْ يَجِبْ، وَلَا أَمَدَ لَهُ وَمَجْهُولٌ كُلُّهُ يَكُونُ أَوْ لَا يَكُونُ وَمَتَى يَفْتَرِقَانِ أَوْ يَمُوتَانِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُشْدٍ: جَعْلُ الضَّمَانِ بِالنَّفَقَةِ لَا يَجِبُ إلَّا بِالْحَيَاةِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا لَمْ تَجِبْ بَعْدُ فَمَا وَجَبَ مِنْهَا فِي حَيَاتِهِ لَزِمَهُ وَمَا وَجَبَ مِنْهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ بِخِلَافِ الْحَمَالَةِ لِمَا قَدْ وَجَبَ مِنْ الْحُقُوقِ ذَلِكَ يَجِبُ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ عَلَى عِوَضٍ وَهُوَ مَا رَضِيَ الْمُتَحَمِّلُ لَهُ مِنْ تَرْكِ ذِمَّةِ غَرِيمِهِ وَأَمَّا إذَا تَحَمَّلَ فِي أَصْلِ عَقْدِ النِّكَاحِ بِالنَّفَقَةِ فَإِنَّهَا تَجِبُ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَمْ تَرْضَ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ إلَّا بِشَرْطِ الْحَمَالَةِ فَوَجَبَ أَنْ تَلْزَمَهُ فِي الْحَيَاةِ وَبَعْدَ الْوَفَاةِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَجَبَتْ بَعْدُ اهـ.
قُلْت قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا تَحَمَّلَ بِالنَّفَقَةِ فِي أَصْلِ عَقْدِ النِّكَاحِ. . . إلَخْ مُشْكِلٌ أَمَّا أَوَّلًا فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَرَّرَ وَتَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ النِّكَاحَ يَفْسُدُ بِاشْتِرَاطِ حَمِيلٍ بِالنَّفَقَةِ، وَيُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَيَثْبُتُ بَعْدُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِلْغَرَرِ وَتَسْقُطُ الْحَمَالَةُ وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّهُ لَوْ فُرِضَ صِحَّةُ النِّكَاحِ وَالِاشْتِرَاطِ لَسَقَطَ ذَلِكَ بِالْمَوْتِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ اشْتِرَاطَ النَّفَقَةِ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ فِي آخِرِ بَابِ النِّحْلَةِ لَمَّا سُئِلَ عَمَّنْ تَطَوَّعَ بِالنَّفَقَةِ عَلَى آخِرِ حَيَاتِهِ أَوْ مُدَّةً مَا ثُمَّ مَاتَ الْمُتَطَوِّعُ فَقَامَ الْآخَرُ يَطْلُبُ النَّفَقَةَ فِي تَرِكَتِهِ