الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شَاهِدَيْهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْمِدْيَانُ أَنَّهُ قَضَاهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ وَبَرِئَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ قَضَاهُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ عَدَمَ التَّصْدِيقِ فِي دَعْوَى الْقَضَاءِ دُونَ يَمِينٍ وَهُوَ كَذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ مَأْمُونًا أَمْ لَا وَهُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَقِيلَ يُعْمَلُ عَلَى الشَّرْطِ مُطْلَقًا فَلَا يَحْلِفُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَقِيلَ يَحْلِفُ، وَإِنْ كَانَ مَأْمُونًا اهـ.
قُلْت وَذَكَرَ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ الْمُتَيْطِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى شَرْطِ الْمَغِيبِ فِي شُرُوطِ النِّكَاحِ وَفِي السَّلَمِ فِي الْكَلَامِ عَلَى التَّصْدِيقِ ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ الْبَاجِيِّ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى الْمُطَّوِّعِ فَلَا اخْتِلَافَ فِيهِ اهـ بِالْمَعْنَى فَإِذَا كَانَ أَصْلَ الْعَقْدِ فَالْقَوْلُ بِعَدَمِ إعْمَالِ الشَّرْطِ نَصُّ الرِّوَايَةِ عَنْ مَالِكٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَابْنُ رُشْدٍ يَحْكِي الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ فَهُوَ أَرْجَحُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِ الرُّهُونِ فِي قَوْلِهِ وَيَجُوزُ رَهْنُ الْمُصْحَفِ، وَلَا يُقْرَأُ فِيهِ: أُخِذَ مِنْهُ أَنَّ الْمُسَلِّفَ إذَا شَرَطَ عَلَى الْمُتَسَلِّفِ إسْقَاطَ يَمِينِ الْقَضَاءِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً انْتَهَى. وَقَالَ فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ شَرَطَ الرَّسُولُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى مَنْ أَمَرَتْهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لَمْ يَضْمَنْ مَا نَصُّهُ: وَلَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا يُنْظَرُ فِيهَا وَقْتَ وُجُوبِ تَعَلُّقِهَا فَكَأَنَّهُ اشْتَرَطَ إسْقَاطَ أَمْرٍ لَمْ يَكُنْ بَعْدُ انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ هُوَ فِي كِتَابِ النُّكَتِ. (تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ)
قَالَ الْمُتَيْطِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى شَرْطِ الْمَغِيبِ مِنْ شُرُوطِ النِّكَاحِ لَمَّا ذَكَرَ الْخِلَافَ الْمُتَقَدِّمَ فِي اشْتِرَاطِ التَّصْدِيقِ وَلَوْ زَادَ الْعَاقِدُ فِي الشَّرْطِ بِإِثْرِ قَوْلِهِ فَأَخَذَ بِقَوْلِ مَنْ يَرَى مِنْهُمْ سُقُوطَ الْيَمِينِ لِعِلْمِهِ وَتَحَقُّقِهِ بِثِقَةِ رَبِّ الدَّيْنِ وَأَمَانَتِهِ لَسَقَطَ الْيَمِينُ بِلَا خِلَافٍ فِي ذَلِكَ اهـ.
قُلْت فَكَانَ الْيَمِينُ عِنْدَهُ يَمِينَ تُهْمَةٍ فَحَيْثُ أَقَرَّ بِأَمَانَةِ رَبِّ الدَّيْنِ وَدِيَانَتِهِ سَقَطَتْ. (الثَّانِي)
قَالَ الْمُتَيْطِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى شَرْطِ التَّصْدِيقِ فِي السَّلَمِ: وَقَوْلُنَا يُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ هُوَ الَّذِي يَسْقُطُ عَنْهُ الْيَمِينُ. وَأَمَّا لَوْ قَالَ مُصَدَّقٌ وَلَمْ يَقُلْ بِلَا يَمِينٍ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فَمَرَّةً قَالَ يُصَدَّقُ وَيَحْلِفُ وَمَرَّةٍ قَالَ يُصَدَّقُ، وَلَا يَحْلِفُ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَمْ يُصَدِّقْهُ إذَا حَلَّفَهُ انْتَهَى.
قُلْت وَالظَّاهِرُ هُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ إذَا حَلَّفَهُ لَمْ يَكُنْ لِشَرْطِ التَّصْدِيقَ فَائِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ لَمْ يَتَوَجَّهْ عَلَيْهِ إلَّا الْيَمِينُ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ]
(فَصْلٌ) لِلشَّخْصِ الرُّجُوعُ عَنْ وَصِيَّتِهِ بِلَا خِلَافٍ فَإِنْ الْتَزَمَ عَدَمَ الرُّجُوعِ عَنْهَا فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي مُخْتَصَرِهِ الْفِقْهِيِّ فَلَوْ الْتَزَمَ عَدَمَ الرُّجُوعِ فَفِي لُزُومِهِ خِلَافٌ بَيْنَ مُتَأَخِّرِي فُقَهَاءِ تُونُسَ، ابْنُ عَلْوَانَ ثَالِثُهَا إنْ كَانَ بِعِتْقٍ وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْحَوفِيِّ فَإِنْ الْتَزَمَ عَدَمَ الرُّجُوعِ لَزِمَهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَقَالَ
فِي التَّوْضِيحِ قَالَ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ إذَا قَالَ أَبْطَلْت كُلَّ وَصِيَّةٍ تَقَدَّمَتْ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ إلَّا وَصِيَّةً قَالَ فِيهَا لَا رُجُوعَ فَلَا تَبْطُلُ حَتَّى يَنُصَّ عَلَيْهَا. قُلْت: وَنَحْوُهُ فِي الشَّامِلِ وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَهُ الرُّجُوعَ وَلَوْ الْتَزَمَ عَدَمَ الرُّجُوعِ فَهُوَ جَارٍ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ لَا رُجُوعَ لِي فِيهَا وَبَيْنَ الْتِزَامِهِ عَدَمَ الرُّجُوعِ وَلِذَا قَالَ الْمَشَذَّالِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ فِي الْمَذْهَبِ لِلْمُوصِي الرُّجُوعُ عَنْ وَصِيَّتِهِ وَلَوْ قَالَ لَا رَجْعَةَ لِي فِيهَا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَقَدْ يَتَخَرَّجُ فِيهَا قَوْلٌ بِعَدَمِ الرُّجُوعِ مِنْ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً لَا رَجْعَةَ فِيهَا وَمَنْ شَرَطَ التَّصْدِيقَ فِي الْقَضَاءِ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ فِي اخْتِصَارِ الْحَوفِيِّ لَوْ الْتَزَمَ عَدَمَ الرُّجُوعِ لَزِمَهُ عَلَى الْأَصَحِّ.
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ عَلَى الْمَشْهُورِ انْتَهَى. ثُمَّ ذَكَرَ الْمَشَذَّالِيُّ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ فِي مُخْتَصَرِهِ الْفِقْهِيِّ وَلِلْفُقَهَاءِ الْمَشَاهِيرِ بِإِفْرِيقِيَّةَ عَلَيْهَا أَجْوِبَةٌ مِنْهَا لِلْبَرْجِينِيِّ وَالْبَرْقِيِّ وَابْنِ الْبَرَاءِ وَابْنِ شُعَيْبٍ قَائِلًا: الْمَنْقُولُ لُزُومُ الِالْتِزَامِ انْتَهَى. وَنُقِلَ عَنْ التُّونُسِيِّ وَصَاحِبِ الْإِكْمَالِ وَالْمُتَيْطِيُّ اللُّزُومُ.
قُلْت وَنَصُّ كَلَامِ التُّونُسِيِّ فِي أَوَّلِ كِتَابِ التَّدْبِيرِ وَلَوْ قَالَ فِي الْوَصِيَّةِ لَا رُجُوعَ لِي فِيهَا أَوْ فُهِمَ مِنْهُ إيجَابُ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ لَكَانَ كَالتَّدْبِيرِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ رُجُوعٌ عَنْ ذَلِكَ انْتَهَى فَظَهَرَ أَنَّ اللُّزُومَ هُوَ الْأَصَحُّ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ لَا رُجُوعَ لِي فِيهَا وَالْتِزَامِ عَدَمِ الرُّجُوعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهٌ) ذَكَرَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ التُّونُسِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ وَأَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ التُّونُسِيِّينَ أَلَّفُوا فِيهَا ثُمَّ قَالَ وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى أَنَّهُ لَهُ الرُّجُوعُ وَاشْتَرَطَ أَنْ لَا يَرْجِعَ بَعْدَ أَنْ عَرَفَ بِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فَأَخَذَ بِقَوْلِ مَنْ يَرَى الْعَمَلَ فِي ذَلِكَ أَيْ بِعَدَمِ الرُّجُوعِ فَقَالَ شَيْخُنَا حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَعْنِي الْبُرْزُلِيَّ يَعْمَلُ عَلَى مَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ وَقَالَ شَيْخُنَا أَبُو مَهْدِيٍّ لَهُ الرُّجُوعُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا انْتَهَى.
قُلْت وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَقِفُوا عَلَى نَصٍّ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَقَدْ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ لَمَّا ذَكَرَ اشْتِرَاطَ التَّصْدِيقَ فِي قَبْضٍ وَذَكَرَ الْخِلَافَ فِيهِ، وَاخْتُلِفَ إذَا قَالَ الْعَاقِدُ فِي شَرْطِ التَّصْدِيقِ بَعْدَ أَنْ عَرَفَ بِاخْتِلَافِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي وُجُوبِ الْيَمِينِ وَسُقُوطِهَا فَأَخَذَ بِقَوْلِ مَنْ يَرَى سُقُوطَهَا هَلْ يَنْتَفِعُ بِذَلِكَ رَبُّ الدَّيْنِ وَيَخْرُجُ بِهِ مِنْ الْخِلَافِ أَمْ لَا فَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَى أَنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُهُ وَتَسْقُطُ عَنْهُ الْيَمِينُ وَيَخْرُجُ بِهِ مِنْ الْخِلَافِ وَيَقْضِي عَلَيْهِ بِمَا قَضَى بِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْفَعُهُ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْيَمِينِ وَلَيْسَ لِلْغَرِيمِ أَنْ يَتَخَيَّرَ عَلَى الْحَاكِمِ وَيَحْكُمَ عَلَى نَفْسِهِ بِقَوْلِ قَائِلٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ حَتَّى يَكُونَ الْحَاكِمُ هُوَ الَّذِي يَقْضِي بِمَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى شُرُوطِ النِّكَاحِ لَمَّا ذَكَرَ شَرْطَ الْمَغِيبِ ثُمَّ كَرَّرَهُ فِي بَابِ السَّلَمِ أَيْضًا لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى اشْتِرَاطِ التَّصْدِيقِ فِي قَبْضِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَعَزَا الْقَوْلَ الْأَوَّلَ لِابْنِ الْهِنْدِيِّ وَالثَّانِيَ لِابْنِ الْعَطَّارِ وَذَكَرَ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ مِنْ الْمُوَثَّقِينَ أَنَّهُ صَوَّبَ
الْأَوَّلَ.
قُلْت: وَنَظِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا يَأْتِي فِي الْبَابِ الثَّانِي فِي الِالْتِزَامِ الْمُعَلَّقِ عَلَى فِعْلِ الْمُلْتَزِمِ بِكَسْرِ الزَّايِ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الِامْتِنَاعُ مِنْ الْفِعْلِ فَإِنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ لَا يُقْضَى بِهِ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ فَلَوْ الْتَزَمَهُ شَخْصٌ عَالِمٌ بِالْخِلَافِ مُقَلِّدًا لِلْقَوْلِ بِاللُّزُومِ فَهَلْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِهِ أَمْ لَا يَدْخُلُ ذَلِكَ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ هُنَا.
وَفِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ فِي كِتَابِ الْعَارِيَّةِ وَفِي كِتَابِ الرَّهْنِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ اللُّزُومِ وَسَيَأْتِي كَلَامُهُ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْخَاتِمَةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الشُّرُوطِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالرَّهْنِ وَالْعَارِيَّةِ.
قُلْت: وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ أَعْنِي أَنَّ تَقْلِيدَ ذَلِكَ الْقَوْلِ الْقَائِلِ بِاللُّزُومِ لَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ بَلْ لَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ إذَا كَانَ مَرْجُوحًا عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْكُمُ بِالرَّاجِحِ عِنْدَهُ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ مَا يَعْتَقِدُهُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ أَوَّلَهُ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ عَقَدَ شَخْصَانِ عَقْدًا يَعْتَقِدَانِ جَوَازَهُ مِنْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ طَلَبَ أَحَدُهُمَا فَسْخَهُ وَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى حَاكِمٍ يَرَى فَسْخَهُ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ بِالْفَسْخِ فَتَأَمَّلْهُ وَهَذَا الْكَلَامُ كُلُّهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَفْرِيعٌ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ فَإِنَّ الرَّاجِحَ فِيهَا اللُّزُومُ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) وَشَبَهُ مَسْأَلَةِ الرُّجُوعِ فِي الْوَصِيَّةِ مَسْأَلَةُ اعْتِصَارِ الْأَبَوَيْنِ الْهِبَةَ مِنْ وَلَدِهِمَا حَيْثُ يَجُوزُ لَهُمَا الِاعْتِصَارُ فَلَوْ الْتَزَمَ الْوَاهِبُ مِنْهُمَا عَدَمَ الِاعْتِصَارِ فَالظَّاهِرُ لُزُومُ ذَلِكَ لَهُ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ مَنْصُوصًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) الْوَكَالَةُ إنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ لِلْغَيْرِ فَلَهُ عَزْلُ وَكِيلِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ الْتَزَمَ عَدَمَ عَزْلِهِ، وَأَمَّا إنْ تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ لِلْغَيْرِ فَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ عَزْلُ وَكِيلِهِ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ وَمَهْمَا شَرَعَ فِي الْخُصُومَةِ فَلَا يَنْعَزِلُ وَلَوْ بِحُضُورِهِمَا مَا نَصُّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْعَزْلَ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ لِلْمُوَكِّلِ الْعَزْلَ بَيَّنَ هُنَا أَنَّهُ مَشْرُوطٌ بِأَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِالْوَكَالَةِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ اهـ.
وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ عَنْ الْجَلَّابِ: إذَا وَكَّلْتَ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ فَلَيْسَ لَك عَزْلُ الْوَكِيلِ إلَّا بِرِضَا الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْوَكَالَةَ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ حَقٌّ لِلْغَيْرِ.
وَفِي الْمَبْسُوطِ: أَنَّ لَك الْعَزْلَ كَسَائِرِ الْوَكَالَةِ اهـ. وَنَحْوُهُ لِلْبَاجِيِّ فِي الْمُنْتَقَى وَذَكَرَ الْخِلَافَ أَيْضًا فِي كِتَابِ الرَّهْنِ مِنْ التَّوْضِيحِ وَقَالَ فِي الشَّامِلِ وَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ عَزْلُ مَنْ وَكَّلَهُ فِي بَيْعِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ إلَّا بِإِذْنِ مُرْتَهِنِهِ اهـ.
وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَعْزِلَ وَكِيلَهُ وَلَوْ تَعَلَّقَ بِالْوَكَالَةِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ فَإِذَا الْتَزَمَ الْمُوَكِّلُ عَدَمَ عَزْلِ الْوَكِيلِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الَّذِي نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ السَّلَمِ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ عَلَى أَنْ يَقْبِضَهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ وَأَنَّهُ يَخْرُجُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِفَوْرِ الْعَقْدِ أَوْ يُوَكِّلُ مَنْ يُوفِي لِلْمُسْلِمِ قَالَ مَا نَصَّهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَلْ مِنْ شَرْطِ الْوَكَالَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَلْتَزِمَ الْمُوَكِّلُ