الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَبُو الشَّيْخِ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ السَّمَاءُ الدُّنْيَا مَوْجٌ مَكْفُوفٌ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَتَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ إلَى أَبِي الْجَلْدِ يَسْأَلُهُ عَنْ السَّمَاءِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ هِيَ فَكَتَبَ إلَيْهِ إنَّ السَّمَاءَ مَوْجٌ مَكْفُوفٌ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ حَبَّةَ الْعَوْنِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عَلِيًّا يَحْلِفُ وَاَلَّذِي خَلَقَ السَّمَاءَ مِنْ دُخَانٍ وَمَاءٍ انْتَهَى وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ مَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا لَوْنُهَا فَهُوَ الْبَيَاضُ قَالَ الْحَافِظُ السُّيُوطِيّ فِي الْهَيْئَةِ السَّنِيَّةِ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ كَعْبٍ قَالَ السَّمَاءُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَنِ.
وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ قَالَ صَخْرَةٌ تَحْتَ الْأَرَضِينَ بَلَغَنَا أَنَّ تِلْكَ الصَّخْرَةَ مِنْهَا خُضْرَةُ السَّمَاءِ انْتَهَى.
فَهَذِهِ أَحَادِيثُ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ صلى الله عليه وسلم فَمَنْ شَكَّ فِيهَا أَوْ كَذَّبَهَا فَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ سَابٌّ يُقْتَلُ، وَلَوْ تَابَ. وَإِنْ كَانَ كَافِرًا فَكَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ وَيَجُوزُ حَرْقُهُ حَيًّا وَمَيِّتًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[وَقْت ظهور المهدي]
(وَسُئِلَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَمِيرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَا نَصُّهُ) مَا تَقُولُ السَّادَةُ الْعُلَمَاءُ فِي أَيِّ وَقْتٍ يَظْهَرُ الْمَهْدِيُّ وَمَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ مَرَّ بِمَقْبَرَةٍ فَسَمِعَ صَرِيخَ مَيِّتٍ هَلْ يُصَدَّقُ أَمْ لَا وَمَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ وَجَدَ شَيْئًا يُضِيءُ فِي مِيضَأَةِ جَامِعٍ فَأَخَذَهُ وَرَبَطَهُ بِكُمِّهِ ثُمَّ فَتَحَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ كَالْقَمْحَةِ فَوَضَعَهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ فَذَابَ أَجِيبُوا لَنَا عَلَى إيضَاحِ هَذِهِ الْأُمُورِ.
(فَأَجَابَهُ بِمَا نَصُّهُ) الْحَمْدُ لِلَّهِ لَمْ يَصِحَّ فِي وَقْتِ خُرُوجِ الْمَهْدِيِّ خَبَرٌ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، وَسَمَاعُ صَرِيخٍ بَعْضِ الْأَمْوَاتِ عَلَى خَرْقِ الْعَادَةِ أَمْرٌ مُمْكِنٌ لَا يَلْزَمُنَا تَصْدِيقُهُ وَلَا تَكْذِيبُهُ وَكَذَلِكَ مَا وَجَدَهُ الرَّجُلُ فِي الْمِيضَأَةِ شَيْءٌ لَا يَعْنِينَا وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ وَلَا مَعْنَى لِلِاسْتِفْتَاءِ فِي هَذَا، وَاَللَّهُ اعْلَمْ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي الرِّيحِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ هَلْ يَتَجَسَّمُ أَوْ لَا وَمِنْ أَيْنَ يَخْرُجُ وَمَا الْحِكْمَةُ فِي أَنَّ الْآدَمِيَّ إذَا غَرِقَ فِي الْبَحْرِ يَمُوتُ وَالْبَحْرِيُّ إذَا خَرَجَ إلَى الْبَرِّ مَاتَ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَابَ شَيْخُنَا أَبُو يَحْيَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ؛ الرِّيحُ الْمُسَخَّرُ جِسْمٌ مَحْسُوسٌ يُسَيِّرُ السُّفُنَ وَيَهْدِمُ الْبُنْيَانَ وَيَقْلَعُ الْأَشْجَارَ لَكِنَّهُ لِلَطَافَتِهِ لَا يُدْرِكُهُ الْبَصَرُ وَيُرْسِلُهُ اللَّهُ تَعَالَى مَتَى شَاءَ {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا} [الروم: 48] وَأَصْلُهُ الْهَوَاءُ الَّذِي مَلَأ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَعِنْدَ الْحُكَمَاءِ لَهُ أَسْبَابٌ ذَكَرَهَا صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِنْهَا ثِقَلُ السَّحَابِ وَمِنْهَا تَزَاحُمُ السَّحَابِ فَيَدْفَعُ الْكَثِيفَ الرَّقِيقَ وَمِنْهَا زِيَادَةُ مِقْدَارِهِ فَيَدْفَعُ بَعْضُهُ بَعْضًا وَمِنْهَا تَكَاثُفُهُ وَمِنْهَا بَرْدُ الدُّخَانِ الْمُتَصَعِّدِ إلَى الطَّبَقَةِ الزَّمْهَرِيرِيَّة وَنُزُولُهُ وَالْآدَمِيُّ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ الْمُتَنَفِّسَةِ فَدَوَامُ حَيَاتِهِ بِانْتِشَاقِ الْهَوَاءِ فَإِذَا غَرِقَ فِي الْمَاءِ عُدِمَ الْهَوَاءُ الَّذِي بِهِ دَوَامُ حَيَاتِهِ فَمَاتَ وَالسَّمَكُ غَيْرُ مُتَنَفِّسٍ فَإِذَا خَرَجَ إلَى الْبَرِّ تَكَاثَرَ عَلَيْهِ الْهَوَاءُ الْمُضَادُّ لِطَبْعِهِ فَمَاتَ، وَاَللَّهُ اعْلَمْ.
مَا قَوْلُكُمْ) فِيمَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ أَنَّ وَاضِعَ عِلْمِ التَّوْحِيدِ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَمْ لَا وَهَلْ الْإِمَامُ الْمَذْكُورُ مَالِكِيٌّ أَوْ شَافِعِيٌّ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ؛ ذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ وَاضِعُهُ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى فَقَدْ أَنْزَلَ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ آيَاتٍ كَثِيرَةً مُبَيِّنَةً لِلْعَقَائِدِ وَبَرَاهِينِهَا وَمِمَّنْ دَوَّنَ فِيهِ قَبْلَ الْإِمَامِ الْأَشْعَرِيِّ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ الْعَلَّامَةُ الْيُوسِيُّ فِي قَانُونِهِ وَأَمَّا وَاضِعُهُ أَيْ عِلْمِ الْكَلَامِ فَقِيلَ هُوَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إسْمَاعِيلَ الْأَشْعَرِيُّ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي دَوَّنَ هَذَا الْعِلْمَ وَهَذَّبَ مَطَالِبَهُ وَنَقَّحَ مَشَارِبَهُ فَهُوَ إمَامُ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ غَيْرِ مُدَافِعٍ وَلَكِنْ عَدُّهُ وَاضِعًا غَيْرُ بَيِّنٍ فَإِنَّ هَذَا الْعِلْمَ كَانَ قَبْلَهُ وَكَانَتْ لَهُ عُلَمَاءُ يَخُوضُونَ فِيهِ كَالْقَلَانِسِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ كِلَابٍ وَكَانُوا قَبْلَ الشَّيْخِ يُسَمَّوْنَ بِالْمُثْبِتَةِ لِإِثْبَاتِهِمْ مَا نَفَتْهُ الْمُعْتَزِلَةُ وَأَيْضًا عِلْمُ الْكَلَامِ كَمَا مَرَّ صَادِقٌ بِقَوْلِ الْمُوَافِقِ وَالْمُخَالِفِ وَالشَّيْخُ كَانَ يَدْرُسُهُ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ الْجُبَّائِيِّ وَقِصَّتُهُ مَعْلُومَةٌ فَكَيْفَ يَكُونُ وَاضِعًا وَالْأَوْلَى أَنَّهُ عِلْمٌ قُرْآنِيٌّ لِأَنَّهُ مَبْسُوطٌ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى بِذِكْرِ الْعَقَائِدِ، وَذِكْرِ النُّبُوَّاتِ وَذِكْرِ السَّمْعِيَّاتِ وَذَلِكَ مَجْمُوعُهُ مَعَ ذِكْرِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ تَعَالَى مِنْ حُدُوثِ الْعَالَمِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِخَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالنُّفُوسِ وَغَيْرِهَا وَالْإِشَارَةُ إلَى مَذَاهِبِ الْمُبْطِلِينَ كَالْمُثَلَّثَةِ وَالْمَثْنِيَّةِ والطبائعيين وَإِنْكَارُ هَذَا عَلَيْهِمْ.
وَالْجَوَابُ عَنْ شُبَهِ الْمُبْطِلِينَ الْمُنْكِرِينَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إمْكَانًا أَوْ وُجُودًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء: 104] وقَوْله تَعَالَى {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس: 79] وقَوْله تَعَالَى {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا} [يس: 80] وَذَكَرَ حُجَجَ إبْرَاهِيمَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إقْرَارًا لَهَا، وَحِكَمَ لُقْمَانَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَطُولُ وَتَكَلَّمَ فِيهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَإِبْطَالِهِ اعْتِقَادَ الْأَعْرَابِ فِي الْأَنْوَاءِ وَفِي الْعَدْوَى وَغَيْرِ ذَلِكَ وَهَلُمَّ جَرًّا وَهَذَا إذَا اُعْتُبِرَ الْكَلَامُ مَعْزُولًا عَنْ الْعِلْمِ الْإِلَهِيِّ وَأَمَّا إنْ اعْتَبَرُوا الْعِلْمَ الْإِلَهِيَّ وَأَنَّهُ هُوَ الْمَأْخُوذُ فِي الْمِلَّةِ بَعْدَ تَنْقِيحِهِ بِإِبْطَالِ الْبَاطِلِ وَتَصْحِيحٍ الصَّحِيحِ فَلَا إشْكَالَ أَنَّ وَضْعَهُ قَدِيمٌ انْتَهَى كَلَامُ الْيُوسِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
وَقَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْعَلَّامَةُ الْأَمِيرُ قَالَ يَعْنِي الْيُوسِيَّ وَاشْتَهَرَ أَنَّهُ وَاضِعُ هَذَا الْفَنِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تَكَلَّمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِيهِ وَابْنُهُ وَأَلَّفَ مَالِكٌ رِسَالَةً قَبْلَ أَنْ يُولَدَ الْأَشْعَرِيُّ نَعَمْ هُوَ اعْتَنَى بِهِ كَثِيرًا وَكَانَ يَعْنِي الْأَشْعَرِيَّ مَالِكِيًّا وَكَذَا نَقَلَ الْأُجْهُورِيُّ فِي شَرْحِ عَقِيدَتِهِ عَنْ عِيَاضٍ وَنَقَلَ عَنْ السُّبْكِيّ أَنَّهُ شَافِعِيٌّ انْتَهَى فَفِي كَوْنِهِ مَالِكِيًّا أَوْ شَافِعِيًّا خِلَافٌ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ قَالَ الْغُنَيْمِيُّ عَلَى شَرْحِ السُّنُوسِيُّ عَلَى الصُّغْرَى مَوْلِدُ الْأَشْعَرِيِّ سَنَةَ سَبْعِينَ وَقِيلَ سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ بِالْبَصْرَةِ وَتُوُفِّيَ سَنَةَ نَيِّفٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَثِمِائَةٍ بِبَغْدَادَ وَدُفِنَ بَيْنَ الْكَرْخِ وَالْبَصْرَةِ انْتَهَى.