الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
امْرَأَةً تُبَادِرُنِي فَأَقُولُ لَهَا مَا لَكِ أَوْ مَا أَنْتِ فَتَقُولُ أَنَا امْرَأَةٌ قَعَدْتُ عَلَى أَيْتَامِي» رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ.
فَالْجَوَابُ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ أَنَّ الدُّخُولَ النَّبَوِيَّ يَتَعَدَّدُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ مَنْدَهْ وَنَحْوُهُ فِي الْبُخَارِيِّ فَالدُّخُولُ الْأَوَّلُ الثَّابِتُ لَهُ صلى الله عليه وسلم أَوَّلِيَّتُهُ حَقِيقِيَّةٌ وَدُخُولُ غَيْرِهِ دُخُولًا أَوَّلِيًّا أَوَّلِيَّتُهُ إضَافِيَّةٌ فَلَا تَعَارُضَ هَذَا أَحْسَنُ الْأَجْوِبَةِ كَمَا فِي الزَّرْقَانِيِّ عَلَى الْمَوَاهِبِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ دُخُولَهُ صلى الله عليه وسلم يَتَعَدَّدُ وَالدُّخُولُ الْأَوَّلُ لَا يَتَقَدَّمُهُ، وَلَا يُشَارِكُهُ فِيهِ أَحَدٌ وَيَتَخَلَّلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا بَعْدَهُ دُخُولُ غَيْرِهِ ذَكَرَهُ الزَّرْقَانِيُّ فَإِنْ قُلْتَ قَدْ وَرَدَ أَنَّ إدْرِيسَ عليه السلام دَخَلَ الْجَنَّةَ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَأَنَّهُ وَرَدَ أَنَّهُ فِيهَا الْآنَ وَدُخُولُهُ الْجَنَّةَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى دُخُولِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم: فَالْجَوَابُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ لِأَنَّ الدُّخُولَ الْمُعْتَبَرَ إنَّمَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ إدْرِيسَ عليه السلام يَحْضُرُ الْمَوْقِفَ، وَيُسْأَلُ عَنْ تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ ذَكَرَهُ الشبراملسي انْتَهَى وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي حَقِيقَةِ الْوِلْدَانِ هَلْ لَهُمْ آبَاءُ وَأُمَّهَاتٌ أَوْ بِقَوْلِ: كُنْ أَوْ مِنْ أَوْلَادِ الدُّنْيَا الصِّغَارِ الَّذِينَ يُنْسَبُونَ إلَى الْكُفَّارِ كَمَا يَقُولُونَ؟ أَفِيدُوا.
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ " الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ؛ قَالَ الشَّيْخُ: يُوسُفُ الصَّفْتِيُّ فِي نُزْهَةِ الْأَرْوَاحِ اُخْتُلِفَ فِي هَؤُلَاءِ الْوِلْدَانِ، فَقَالَ جَمَاعَةٌ هُمْ أَوْلَادُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ لَا حَسَنَةَ لَهُمْ وَلَا سَيِّئَةَ يَكُونُونَ خَدَمًا لِأَهْلِ الْجَنَّةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُمْ أَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ يَكُونُونَ خَدَمًا لِأَهْلِ الْجَنَّةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُمْ أَوْلَادٌ أَنْشَأَهُمْ اللَّهُ كَالْحُورِ الْعِينِ خَدَمًا لِأَهْلِ الْجَنَّةِ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيحُ انْتَهَى. وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
[الْمِيزَانِ الَّذِي تُوزَنُ بِهِ أَعْمَالُ الْعِبَادِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي الْمِيزَانِ الَّذِي تُوزَنُ بِهِ أَعْمَالُ الْعِبَادِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَلْ هُوَ وَاحِدٌ أَوْ مُتَعَدِّدٌ؟
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ ": الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ؛ قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ السَّلَامِ: الْمَشْهُورُ أَنَّهُ مِيزَانٌ وَاحِدٌ لِجَمِيعِ الْأُمَمِ وَلِجَمِيعِ الْأَعْمَالِ فَالْجَمْعُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ} [الأنبياء: 47] لِلتَّعْظِيمِ وَقِيلَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلْعَامِلِ الْوَاحِدِ مَوَازِينُ يُوزَنُ بِكُلٍّ مِنْهَا صِنْفٌ مِنْ عَمَلِهِ انْتَهَى.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَمِيرُ قَوْلُهُ " وَاحِدٌ لِجَمِيعِ الْأُمَمِ " وَيُلْهَمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُ مَالَهُ نَظِيرُ مَا سَبَقَ فِي الْحِسَابِ انْتَهَى.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي امْرَأَةٍ تَزَوَّجَتْ أَزْوَاجًا وَمَاتَتْ فِي عِصْمَةِ آخِرِهِمْ فَهَلْ تَكُونُ فِي الْجَنَّةِ لِلَّذِي افْتَضَّهَا أَوْ لِلَّذِي مَاتَتْ فِي عِصْمَتِهِ أَوْ لِمَنْ كَانَ مُحْسِنًا لَهَا؟ أَفِيدُوا.
فَأَجَبْتُ بِمَا نَصُّهُ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ؛ اخْتَلَفَتْ الْأَحَادِيثُ
فِي ذَلِكَ فَفِي بَعْضِهَا أَنَّهَا تَكُونُ لِمَنْ افْتَضَّهَا، وَفِي بَعْضِهَا لِمَنْ مَاتَتْ فِي عِصْمَتِهِ وَفِي بَعْضِهَا لِمَنْ كَانَ مُحْسِنًا لَهَا وَفِي بَعْضِهَا تُخَيَّرُ قَالَ الْعَارِفُ الشَّعْرَانِيُّ فِي مُخْتَصَرِ التَّذْكِرَةِ بَابُ إذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ بِكْرًا فِي الدُّنْيَا كَانَتْ زَوْجَتَهُ فِي الْآخِرَةِ، رَوَى مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ كَانَ كَثِيرَ الضَّرْبِ لِزَوْجَتِهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَضَرَبَهَا يَوْمًا حِينَ خَرَجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ بَعْدَ أَنْ عَقَدَ شَعْرَهَا بِشَعْرِ ضَرَّتِهَا ضَرْبًا شَدِيدًا وَكَانَتْ الضَّرَّةُ أَحْسَنَ أَنْفًا مِنْهَا فَكَانَ الضَّرْبُ بِأَسْمَاءِ أَكْثَرَ فَشَكَتْ إلَى أَبِيهَا أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَقَالَ لَهَا أَيْ بُنَيَّةَ اصْبِرِي فَإِنَّ الزُّبَيْرَ رَجُلٌ صَالِحٌ وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ زَوْجَكِ فِي الْجَنَّةِ قَالَ، وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا ابْتَكَرَ بِالْمَرْأَةِ تَزَوَّجَهَا فِي الْجَنَّةِ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ أَزْوَاجٍ فَقَدْ وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا تُخَيَّرُ فِي الْأَزْوَاجِ فَأَيَّ زَوْجٍ اخْتَارَتْهُ كَانَتْ لَهُ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ سَرَّكِ أَنْ تَكُونِي زَوْجَتِي فِي الْجَنَّةِ إنْ جَمَعَنَا اللَّهُ فِيهَا فَلَا تَتَزَوَّجِي أَحَدًا مِنْ بَعْدِي فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لِآخِرِ أَزْوَاجِهَا انْتَهَى.
وَخَطَبَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ أُمَّ الدَّرْدَاءِ فَأَبَتْ وَقَالَتْ سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «الْمَرْأَةُ تَكُونُ لِآخِرِ أَزْوَاجِهَا فِي الْآخِرَةِ» فَلَا تَتَزَوَّجِي بَعْدِي.
وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
وَجَمَعَ بَيْنَهَا بِأَنَّ حَدِيثَ أُمِّ حَبِيبَةَ فِيمَنْ طَلَّقُوهَا وَلَمْ تَمُتْ فِي عِصْمَةِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَتُخَيَّرُ لِاسْتِوَائِهِمْ فِي وُقُوعِ عَلَقَةٍ لِكُلِّ وَاحِد مِنْهُمْ بِهَا مَعَ انْقِطَاعِهَا فَاتَّجَهَ التَّخْيِيرُ لِعَدَمِ الْمُرَجَّحِ فَتَخْتَارُ أَحْسَنَهُمْ خُلُقًا، وَحَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِيمَنْ كَانَتْ فِي عِصْمَتِهِ أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَلَمْ تَتَزَوَّجْ بَعْدَهُ لِأَنَّ عَلَقَتَهُ بِهَا لَمْ يَقْطَعْهَا شَيْءٌ، وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: يُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّهَا لِمَنْ ابْتَكَرَهَا، وَمَاتَ عَنْهَا مِنْ الْأَزْوَاجِ حَيْثُ لَمْ يَرْجَحْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ الْآخَرَ فِي حُسْنِ الْخُلُقِ وَلِلْآخَرِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إذَا طَلَّقَهَا الَّذِي ابْتَكَرَهَا وَلَمْ يَرْجَحْ وَاحِدٌ مِنْ الْبَاقِينَ عَلَى غَيْرِهِ مِنْهُمْ فِي حُسْنِ الْخُلُقِ وَلِأَحْسَنِهِمْ خُلُقًا حَيْثُ تَفَاوَتُوا فِي حُسْنِ الْخُلُقِ وَكُلُّ هَذَا مَا عَدَا أَزْوَاجَهُ صلى الله عليه وسلم اللَّاتِي مَاتَ عَنْهُنَّ فَإِنَّهُنَّ أَزْوَاجُهُ فِي الْجَنَّةِ بِلَا شَكٍّ انْتَهَى.
وَحَكَى بَعْضُهُمْ قَوْلًا رَابِعًا أَنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ فِيهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَحِلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ تَمُتْ فِي عِصْمَةِ وَاحِدٍ فَإِنَّهَا لَهُ اتِّفَاقًا لِظَاهِرِ قَوْلِ الشَّيْخِ فِي الرِّسَالَةِ نِسَاءُ الْجَنَّةِ مَقْصُورَاتٌ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ لَا يَبْغِينَ بِهِمْ بَدَلًا أَفَادَهُ سَيِّدِي مُحَمَّدٌ الزَّرْقَانِيُّ