الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهَلْ إنْ كَانَ هَذَا سَفِيهًا أَوْ جَائِزَ الْأَمْرِ فِي طَلَبِ النَّفَقَةِ سَوَاءٌ وَهَلْ تَعْرِفُ فِيهِ خِلَافًا فِي الْمَذْهَبِ.
فَأَجَابَ إذَا مَاتَ الْمُتَطَوِّعُ بِالْإِنْفَاقِ سَقَطَ عَنْهُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَرَّةِ؛ لِأَنَّهَا هِبَةٌ لَمْ تُقْبَضْ تَسْقُطُ بِالْمَوْتِ، وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا أَحْفَظُهُ فِي الْمَذْهَبِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُتَطَوِّعُ عَلَيْهِ سَفِيهًا أَوْ جَائِزَ الْأَمْرِ اهـ.
[خَالَعَ امْرَأَتَهُ عَلَى نَفَقَةِ ابْنِهِ مِنْهَا ثُمَّ رَاجَعَهَا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ]
(فَرْعٌ) سُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ عَمَّنْ خَالَعَ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنْ تَحَمَّلَتْ عَنْهُ بِنَفَقَةِ ابْنِهِ مِنْهَا إلَى الْحُلُمِ ثُمَّ رَاجَعَهَا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ هَلْ تَبْقَى النَّفَقَةُ عَلَيْهَا أَمْ لَا وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَانِيَةً هَلْ تَعُودُ عَلَيْهَا؟
فَأَجَابَ إذَا رَاجَعَهَا سَقَطَ مَا تَحَمَّلَتْ بِهِ، وَلَا تَعُودُ عَلَيْهَا إنْ طَلَّقَهَا إلَّا أَنْ يُجَدِّدَ التَّحَمُّلَ اهـ.
قُلْت وَهَذَا عَلَى الْقَوْلُ بِجَوَازِ الْخُلْعِ عَلَى أَنْ تَلْتَزِمَ الْمَرْأَةُ نَفَقَةَ الْوَلَدِ بَعْدَ مُدَّةِ الرَّضَاعِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ وَسَحْنُونٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَالْمَخْزُومِيِّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَالَهُ الْمُغِيرَةُ وَالْمَشْرِقِيُّونَ كُلُّهُمْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَبِهِ نَقُولُ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ النَّاسِ وَقَالَهُ ابْنُ دِينَارٍ، قَالَ ابْنُ سَلَّمُونِ وَبِذَلِكَ جَرَى الْعَمَلُ قَالَ ابْنُ سَهْلٍ وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونَ وَمَنْ وَافَقَهُ الْعَمَلُ وَجَرَتْ الْفَتْوَى فِي جَوَازِ الْمُبَارَاةِ عَلَى الْتِزَامِ الزَّوْجَةِ أَوْ غَيْرِهَا النَّفَقَةَ عَلَى الْوَلَدِ أَعْوَامًا تَزِيدُ عَلَى عَامَيْ الرَّضَاعِ وَعَلَيْهِ وَضَعَ الْمُوَثِّقُونَ وَثَائِقَهُمْ اهـ.
وَمَذْهَبُ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ سَلَّمُونِ وَغَيْرُهُمَا فَإِنْ وَقَعَ تَمَّ الْخُلْعُ وَسَقَطَ الزَّائِدُ عَلَى الْحَوْلَيْنِ قَالَ فِي كِتَابِ إرْخَاءِ السُّتُورِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى أَنْ عَلَيْهَا نَفَقَةَ الْوَلَدِ وَرَضَاعَهُ مَا دَامَ فِي الْحَوْلَيْنِ جَازَ ذَلِكَ فَإِنْ مَاتَتْ كَانَ الرَّضَاعُ وَالنَّفَقَةُ فِي مَالِهَا، وَإِنْ مَاتَ الْغُلَامُ فِي الْحَوْلَيْنِ فَلَا شَيْءَ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا قَالَ مَالِكٌ لَمْ أَرَ أَحَدًا طَلَبَ ذَلِكَ اهـ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ حَلَفَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ طَلَاقِ السُّنَّةِ، وَلَا رُجُوعَ لِلْأَبِ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ إذَا مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الرَّضَاعِ إذَا كَانَ إنَّمَا تُحْمَلَا عَلَى أَنْ أَبْرَأَتْهُ مِنْ مَئُونَةِ رَضَاعِهِ بِإِفْصَاحٍ وَبَيَانٍ وَاخْتُلِفَ إذَا وَقَعَ الْإِبْرَاءُ مُبْهَمًا فَحَمَلَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ عَلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إنَّمَا أَبْرَأَتْهُ مِنْ مَئُونَةِ رَضَاعِهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَفِي الْمُخْتَصَرِ الْكَبِيرِ لَوْ طَلَبَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ فِيهِ قَوْلٌ اهـ.
ثُمَّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهَا نَفَقَةَ الْوَلَدِ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ أَمَدًا سَمَّيَاهُ أَوْ اشْتَرَطَ عَلَيْهَا الزَّوْجُ نَفَقَةَ نَفْسِهِ لِسَنَةٍ أَوْ سِنِينَ تَمَّ الْخُلْعُ وَلَزِمَهَا نَفَقَةُ الْوَلَدِ فِي الْحَوْلَيْنِ فَقَطْ، وَلَا يَلْزَمُهَا مَا نَافَ عَنْ الْحَوْلَيْنِ مِنْ نَفَقَةِ الْوَلَدِ، وَلَا مَا شَرَطَ الزَّوْجُ مِنْ نَفَقَةِ نَفْسِهِ وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ يَلْزَمُهَا جَمِيعُ ذَلِكَ كَالْخُلْعِ بِالْغَرَرِ اهـ.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ عَزْوِهِ قَوْلَ الْمَخْزُومِيِّ لِلْجَمَاعَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُمْ وَكَانَ ابْنُ لُبَابَةَ لَا يَرَى قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَا رِوَايَتَهُ وَيَقُولُ الْخَلْقُ عَلَى خِلَافِهِ وَأَمَّا الْمُخَالَعَةُ عَلَى رَضَاعِ الْوَلَدِ خَاصَّةً فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ غَرَرٌ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْمُتَيْطِيَّةِ: وَإِنْ الْتَزَمَتْ لَهُ مُؤْنَةَ حَمْلِهِ إنْ ظَهَرَ بِهَا أَوْ مُؤْنَةَ حَمْلِهِ الظَّاهِرِ جَازَ، وَإِنْ الْتَزَمَتْ لَهُ مَعَ ذَلِكَ إرْضَاعَ الْوَلَدِ
وَمُؤْنَتَهُ إلَى فِطَامِهِ جَازَ وَلَزِمَهَا فَإِنْ مَاتَتْ أُخِذَ مِنْ تَرِكَتِهَا، قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ يُرِيدُ يُوقَفُ مِنْهَا قَدْرُ مُؤْنَةِ الِابْنِ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَإِنْ وَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ لَزِمَهَا إرْضَاعُهُمَا فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ فِي خِلَالِ الْعَامَيْنِ فَلَا شَيْءَ لِلْأَبِ عَلَيْهَا قَالَ مَالِكٌ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا طَلَبَ ذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْتِزَامِهَا بَرَاءَةُ الْأَبِ مِنْ مُؤْنَةِ ابْنِهِ. هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَبِهِ الْقَضَاءُ وَرَوَى أَبُو الْفَرَجِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي مَوْتِ الْوَلَدِ، وَمِثْلُهُ حَكَى الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ اهـ.
(تَنْبِيهٌ) فَإِنْ اشْتَرَطَ فِي الْخُلْعِ نَفَقَةً تَزِيدُ عَلَى الْحَوْلَيْنِ أَوْ اشْتَرَطَ النَّفَقَةَ عَلَى غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ بِشَرْطِ ثُبُوتِ النَّفَقَةِ بَعْدَ وَفَاةِ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ كَثُبُوتِهَا قَبْلَهَا قَالَهُ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ، وَعِبَارَةُ مُخْتَصَرِهَا إذَا اشْتَرَطَ نَفَقَةَ الْوَلَدِ أَوْ غَيْرِهِ أَعْوَامًا مَعْلُومَةً عَاشَ الْمُنْفَقُ عَلَيْهِ أَوْ مَاتَ جَازَ لِانْتِفَاءِ الْغَرَرِ كَمَا لَوْ بَاعَ دَارًا عَلَى أَنْ يُنْفِقَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَهُوَ جَائِزٌ وَإِذَا جَازَ فِي الْبَيْعِ فَهُوَ فِي الْخُلْعِ أَوْلَى.
(تَنْبِيهٌ ثَانٍ) قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَمِمَّا يُجْمَعُ بِهِ أَيْضًا بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ حَكَى فِي كِتَابِهِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ بَارَأَ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنْ سَلَّمَتْ وَلَدَهَا مِنْهُ إلَيْهِ فَإِنْ أَرَادَتْ أَخْذَهُ مِنْهُ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ لَهَا إلَّا بِأَنْ تَلْتَزِمَ نَفَقَتَهُ وَتُسْقِطَ عَنْ الْأَبِ مُؤْنَتَهُ أَنَّ ذَلِكَ خُلْعٌ تَامٌّ لَازِمٌ وَحَكَى مِثْلَهُ أَبُو عِمْرَانَ عَنْ فَضْلِ بْنِ سَلَمَةَ اهـ.
فَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا رَاجَعَ زَوْجَتَهُ تَسْقُطُ عَنْهَا النَّفَقَةُ يَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ وَسَحْنُونٍ وَمَنْ مَعَهُمْ الْمُتَقَدِّمِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَأَمَّا الصُّورَةُ الْأُولَى أَعْنِي إذَا شَرَطَ ثُبُوتَ النَّفَقَةِ بَعْدَ الْوَفَاةِ كَثُبُوتِهَا قَبْلَهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ عَنْهَا بِالْمُرَاجَعَةِ فَتَأَمَّلْهُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ فِي وَجْهِ سُقُوطِ النَّفَقَةِ عَنْهَا بِمُرَاجَعَتِهِ إيَّاهَا فِيمَا إذَا خَالَعَهَا عَلَى أَنْ تَحَمَّلَتْ بِنَفَقَةِ الْوَلَدِ إلَى الْحُلُمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فُهِمَ عَنْهَا أَنَّهَا إنَّمَا الْتَزَمَتْ النَّفَقَةَ عَلَى الْوَلَدِ مَا لَمْ تَكُنْ فِي عِصْمَةِ الزَّوْجِ، قُلْت وَفُهِمَ مِمَّا ذَكَرَ الْمُتَيْطِيُّ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا الْتَزَمَتْ نَفَقَةَ أَوْلَادِهَا عَلَى أَنْ يَكُونُوا عِنْدَهَا وَلَوْ تَزَوَّجَتْ أَنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي النَّوْعِ الْخَامِسِ مِنْ الْبَابِ الثَّالِثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَمَنْ تَبِعَهُ قَالَ ابْنُ سَلَّمُونِ إنْ مَاتَتْ الْأُمُّ وُقِفَ مِنْ مَالِهَا بِقَدْرِ ذَلِكَ وَأُجْرِيَ فِي نَفَقَةِ الِابْنِ إلَى أَنْ يَحْتَلِمَ وَلِلزَّوْجِ مُحَاصَّةُ غُرَمَاءِ الْمَرْأَةِ بِنَفَقَةِ ابْنِهِ الْمُشْتَرَطَةِ فِي الْخُلْعِ، فَإِنْ أَعْدَمَتْ الْأُمُّ فِي خِلَالِ الْمُدَّةِ فَإِنَّ النَّفَقَةَ تَعُودُ عَلَى الْأَبِ ثُمَّ إنْ أَيْسَرَتْ رَجَعَتْ النَّفَقَةُ عَلَيْهَا، وَهَلْ يَتْبَعُهَا الْوَالِدُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى ابْنِهِ مُدَّةَ عَدَمِهَا أَمْ لَا فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَتْبَعُهَا بِذَلِكَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَاَلَّذِي جَرَى بِهِ الْقَضَاءُ وَحَكَى أَصْبَغُ أَنَّهُ لَا يَتْبَعُهَا بِشَيْءٍ اهـ. وَقَالَ قَبْلَهُ، وَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ فَلَا شَيْءَ