الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ، إنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ مِثْلُ مَا عَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَلْزَمْ الْحَالِفَ فِي يَمِينِهِ شَيْءٌ لَمْ يَلْزَمْ هَذَا شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَقُولَ مِثْلَ قَوْلِهِ مُحَاكَاةً لَهُ أَوْ يَقُولَ عَلَى مِثْلِ مَا حَلَفْت بِهِ فَيَلْزَمَهُ ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ فَالرِّوَايَاتُ كُلُّهَا مُفَسِّرَةٌ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ لَا يُحْمَلُ مِنْهَا شَيْءٌ عَلَى الْخِلَافِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَمِنْ الْتِزَامِ الْمَجْهُولِ مَا يَأْتِي فِي فَصْلِ الْعِدَّةِ فِيمَنْ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ كَرْمًا فَخَافَ الْوَضِيعَةَ فَأَتَى الْمُشْتَرِي يَسْتَوْضِعُهُ فَقَالَ لَهُ بِعْ وَأَنَا أُرْضِيك وَسَيَأْتِي كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ فِيهَا مُسْتَوْفًى إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
[الْتِزَامِ الْمُتَسَلِّفِ التَّصْدِيقَ فِي الْقَضَاءِ بِدُونِ يَمِينٍ تَلْزَمُ الْمُسَلِّفَ فِي دَعْوَى الْقَضَاءِ]
(فَرْعٌ) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: اخْتَلَفُوا فِي الْتِزَامِ الْمُتَسَلِّفِ التَّصْدِيقَ فِي الْقَضَاءِ بِدُونِ يَمِينٍ تَلْزَمُ الْمُسَلِّفَ فِي دَعْوَى الْقَضَاءِ فَأَجَازَهُ ابْنُ الْعَطَّارِ عَلَى الطَّوْعِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَعْدٍ إنْ كَانَ شَرْطًا فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَهَدِيَّةُ مِدْيَانٍ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ مُطْلَقًا وَقَالَ فِي رَسْمِ سِلْعَةٍ سَمَّاهَا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْمِدْيَانِ فِيمَنْ صَالَحَ رَجُلًا عَلَى دَرَاهِمَ كَانَتْ عَلَيْهِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ كُلَّ شَهْرٍ وَلَيْسَ لِلَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ أَنْ يَسْتَحْلِفَ الطَّالِبَ إنْ كَانَ ادَّعَى أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ شَيْئًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ قَالَ مَالِكٌ هَذَا الشَّرْطُ غَيْرُ جَائِزٍ، وَإِنْ قَيَّمَ حَلَفَ وَلَمْ يَنْفَعْهُ شَرْطُهُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُشْدٍ كَانَ الشُّيُوخُ يَحْمِلُونَهَا عَلَى الْخِلَافِ لِمَا فِي آخِرِ الرَّسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْعُيُوبِ مِنْ إعْمَالِ الشَّرْطِ بِإِسْقَاطِ الْيَمِينِ وَلِمَا فِي رَسْمِ أَخَذَ يَشْرَبُ خَمْرًا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْبَضَائِعِ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمَأْمُونِ وَغَيْرِهِ وَاَلَّذِي يَبِيعُ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ فَيَجْعَلُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ: إعْمَالُ الشَّرْطِ وَإِبْطَالُهُ وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْمَأْمُونِ وَاَلَّذِي يَبِيعُ لِغَيْرِهِ وَبَيْنَ الَّذِي لَيْسَ بِمَأْمُونٍ وَيَبِيعُ لِنَفْسِهِ وَاَلَّذِي أَقُولُ بِهِ إنَّهَا لَيْسَتْ بِخِلَافٍ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى فِيهَا مُخْتَلِفٌ فَلَكَ إسْقَاطُ الْيَمِينِ إنْ كَانَتْ قَدْ وَجَبَتْ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِوُجُوبِهَا وَهَذِهِ إسْقَاطُ الْيَمِينِ فِيهَا قَبْلَ وُجُوبِهَا، وَلَا يَدْخُلُ الْخِلَافُ فِيهَا إلَّا بِالْمَعْنَى مِنْ أَجْلِ أَنَّ إسْقَاطَ الْحَقِّ قَبْلَ وُجُوبِهِ أَصْلٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فِي الْمَذْهَبِ لَا مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَدْ مَضَى بَيَانُ هَذَا مُسْتَوْفًى فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْعُيُوبِ فَقِفْ عَلَيْهِ هُنَاكَ اهـ.
قُلْت وَاَلَّذِي فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْعُيُوبِ هُوَ قَوْلِهِ فِيمَنْ بَاعَ رَقِيقًا بِالْبَرَاءَةِ وَاشْتَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَى الْبَائِعِ إنْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي عَيْبًا وَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ الْبَائِعَ أَنَّهُ مَا عَلِمَ بِهِ أَنَّ الشَّرْطَ عَامِلٌ وَاَلَّذِي فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْبَضَائِعِ هُوَ قَوْلُهُ فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِ الرَّقِيقِ بِالْبَرَاءَةِ أَنَّ الشَّرْطَ عَامِلٌ فِي الرَّجُلِ الْمَأْمُونِ وَفِي الَّذِي يَبِيعُ لِغَيْرِهِ كَالْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْمُونِ إذَا بَاعَ لِنَفْسِهِ فَلَا يُفِيدُهُ الشَّرْطُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْعُيُوبِ، وَالْخِلَافُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الَّذِي لَيْسَ بِمَأْمُونٍ إذَا بَاعَ لِنَفْسِهِ فَلَمْ يَرَ الشَّرْطَ بِنَافِعٍ لَهُ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْبَضَائِعِ وَرَآهُ
نَافِعًا لَهُ فِي هَذَا السَّمَاعِ، قَالَ وَكَانَ مَنْ أَدْرَكْنَا مِنْ الشُّيُوخِ يَذْهَبُونَ إلَى أَنَّ الْمَعْنَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِي مَسْأَلَةِ اشْتِرَاطِ التَّصْدِيقِ فِي اقْتِضَاءِ الدَّيْنِ الَّتِي فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْمِدْيَانِ سَوَاءٌ، فَيَأْتِي فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ إعْمَالُ الشَّرْطِ وَإِبْطَالُهُ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَأْمُونِ وَاَلَّذِي يَبِيعُ لِغَيْرِهِ وَبَيْنَ الَّذِي لَيْسَ بِمَأْمُونٍ وَيَبِيعُ لِنَفْسِهِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُمَا مَسْأَلَتَانِ مُفْتَرِقَتَا الْمَعْنَى لَا تُحْمَلُ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ الَّتِي فِي هَذَا السَّمَاعِ أَعْنِي سَمَاعَ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْعُيُوبِ وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ كِتَابَ الْبَضَائِعِ اُشْتُرِطَ فِيهَا إسْقَاطُ يَمِينٍ إنْ كَانَتْ قَدْ وَجَبَتْ حِينَ الشَّرْطِ وَلَمْ يَعْلَمَا بِوُجُوبِهَا وَاَلَّتِي فِي كِتَابِ الْمِدْيَانِ اُشْتُرِطَ فِيهَا إسْقَاطُ يَمِينٍ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَمْ تَجِبْ بَعْدُ، فَالْأُولَى بِمَثَابَةِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ إنْ اشْتَرَى فُلَانٌ هَذَا الشِّقْصَ بِكَذَا فَقَدْ سَلَّمْت لَهُ الشُّفْعَةَ فَهَذَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ إنْ كَانَ قَدْ اشْتَرَى، وَالثَّانِيَةُ بِمَثَابَةِ أَنْ يَقُولَ إنْ اشْتَرَى فُلَانٌ الشِّقْصَ فَقَدْ سَلَّمْت لَهُ الشُّفْعَةَ فَهَذَا لَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ إنْ اشْتَرَى؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ قَبْلَ أَنْ يَجِبَ لَهُ فَلَا يَدْخُلُ الْخِلَافُ فِي مَسْأَلَةِ التَّصْدِيقِ فِي اقْتِضَاءِ الدُّيُونِ دُونَ يَمِينٍ مِنْ مَسْأَلَةِ كِتَابِ الْعُيُوبِ، وَلَا فِيهَا نَصُّ خِلَافٍ قَالَ فِي الْوَاضِحَةِ وَكُلُّ مَنْ وَضَعَ يَمِينًا قَبْلَ أَنْ تَجِبَ فَهِيَ مَوْضُوعَةٌ، وَإِنَّمَا يَدْخُلُ الْخِلَافُ فِيهَا بِالْمَعْنَى؛ لِأَنَّ إسْقَاطَ الْحَقِّ قَبْلَ وُجُوبِهِ أَصْلٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ اهـ.
قُلْت فَحَاصِلُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الَّذِي يَخْتَارُهُ أَنَّ مَسْأَلَةَ اشْتِرَاطِ التَّصْدِيقِ فِي اقْتِضَاءِ الدَّيْنِ دُونَ يَمِينٍ الْمَنْصُوصُ فِيهَا أَنَّ ذَلِكَ لَا يُفِيدُ وَالْيَمِينُ لَازِمَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْمِدْيَانِ وَكَمَا قَالَهُ فِي الْوَاضِحَةِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ مَنْصُوصٌ، وَإِنَّمَا يَتَخَرَّجُ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ مِنْ مَسْأَلَةِ إسْقَاطِ الْحَقِّ قَبْلَ وُجُوبِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا حَكَاهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ الْعَطَّارِ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ مَنْ بَاعَ رَقِيقًا وَاشْتَرَطَ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ فَذَلِكَ لَازِمٌ فِي الرَّجُلِ الْمَأْمُونِ وَفِي الَّذِي يَبِيعُ لِغَيْرِهِ وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْمُونِ إذَا بَاعَ لِنَفْسِهِ فَفِيهِ الْقَوْلَانِ وَانْظُرْ كَلَامَ الْوَاضِحَةِ الَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ فِيهِ سَقْطًا وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ، وَطَرِيقَةُ غَيْرِهِ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ أَيْضًا فِي شَرْطِ التَّصْدِيقِ فِي السَّلَفِ وَالْبَيْعِ كَمَا ذَكَرَهُ هُوَ عَمَّنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ الشُّيُوخِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ الرَّهْنِ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى شَرْطِ الْمُرْتَهِنِ عَدَمَ الضَّمَانِ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ مَا نَصُّهُ: وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ الْبَائِعُ بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ يَشْتَرِطُ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ أَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِي عَدَمِ قَبْضِ الثَّمَنِ هَلْ يُوَفَّى لَهُ أَمْ لَا أَوْ يُوَفَّى لِلْمُتَوَرِّعِينَ عَنْ الْأَيْمَانِ دُونَ غَيْرِهِمْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، وَعَلَى أَنَّهُ يُوَفَّى فَهَلْ يَجُوزُ مِثْلُهُ فِي الْقَرْضِ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يَنْشَأُ عَنْهُ تَوَثُّقٌ فَكَانَ كَالرَّهْنِ وَالْحَمِيلِ اهـ.
وَأَصْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَالَ بَدَّلَ قَوْلَهُ وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ وَالْحَقُّ، وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ وَمَنْ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ عَلَى حَقٍّ لَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ