الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ شِرَاءَ اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ مَكْرُوهٌ اشْتَرَاهَا الزَّوْجُ، أَوْ صَاحِبَتُهَا لَكِنَّ شِرَاءَ صَاحِبَتِهَا أَشَدُّ كَرَاهَةً، وَأَمَّا شِرَاءُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَمَكْرُوهٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الزَّوْجُ، أَوْ الضَّرَّةُ وَانْظُرْ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ مَعَ قَوْلِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ فِي الْجَائِزَاتِ وَشِرَاءِ يَوْمِهَا مِنْهَا، وَكَذَا قَوْلُ الشَّامِلِ وَشِرَاءُ لَيْلَتِهَا مِنْهَا فَجَعَلَ ذَلِكَ جَائِزًا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَظَاهِرُهُمَا سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْمُشْتَرِي، أَوْ الضَّرَّةُ وَكَأَنَّهُمَا اعْتَمَدَا عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَنَصَّهُ وَاخْتُلِفَ فِي بَيْعِهَا الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ مِنْ ضَرَّتِهَا، أَوْ مِنْ زَوْجِهَا.
قُلْت: وَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ إذْ لَا مَانِعَ مِنْهُ سَوَاءٌ جَعَلَ الْعِوَضَ الْمَأْخُوذَ فِي ذَلِكَ عَنْ الِاسْتِمْتَاعِ، أَوْ عَنْ إسْقَاطِ الْحَقِّ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ اهـ. وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى حِكَايَةِ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ ثُمَّ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ قُلْت: وَهَذَا خِلَافُ تَفْرِقَةِ ابْنِ رُشْدٍ اهـ. فَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى مَا ذَكَرْنَا، وَهُوَ أَنَّ اللَّخْمِيَّ سَوَّى بَيْنَ شِرَاءِ الرَّجُلِ وَالضَّرَّةِ اللَّيْلَةَ الْوَاحِدَةَ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْخَامِسُ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَلَيْسَ لِلْأَمَةِ إسْقَاطُ حَقِّهَا فِي قَسْمِهَا إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا كَالْعَزْلِ لَحَقِّهِ فِي الْوَلَدِ إلَّا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ بَالِغٍ، أَوْ يَائِسَةً، أَوْ حَامِلًا وَاسْتُحْسِنَ إنْ أَصَابَهَا مَرَّةً، وَأَنْزَلَ أَنَّ لَهَا أَنْ تُسْقِطَ حَقَّهَا فِي الْقَسْمِ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الطُّهْرِ ابْنُ عَرَفَةَ يُرَدُّ بِاحْتِمَالِ خَيْبَتِهَا فِيهَا وَرَجَائِهِ فِي تَكَرُّرِهِ اهـ.
[الْأَمَة إذَا كَانَتْ تَحْت الْعَبْد وَقَالَتْ اشْهَدُوا مَتَى عتقت فَقَدْ اخْتَرْت زوجي أَوْ اخْتَرْت نفسي]
(الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ) الْأَمَةُ إذَا كَانَتْ تَحْتَ الْعَبْدِ وَقَالَتْ اشْهَدُوا مَتَى عَتَقْتُ، فَقَدْ اخْتَرْت زَوْجِي، أَوْ اخْتَرْت نَفْسِي فَقَالَ مَالِكٌ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْإِيلَاءِ لَا أَرَى ذَلِكَ لَازِمًا لَهَا وَحَكَى ابْنُ حَرْثٍ عَنْ أَصْبَغَ أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهَا قَالَ وَرَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ وَسَيَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا بَيَانُ الرَّاجِحِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ.
[شَرَطَ لِزَوْجَتِهِ إنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا]
(الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ) فِيمَنْ شَرَطَ لِزَوْجَتِهِ إنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا، أَوْ إنْ تَسَرَّى أَوْ إنْ أَخْرَجَهَا مِنْ بَلَدِهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا فَتَقُولُ اشْهَدُوا أَنِّي مَتَى فَعَلَ زَوْجِي ذَلِكَ، فَقَدْ اخْتَرْت نَفْسِي، أَوْ اخْتَرْت زَوْجِي فَقَالَ مَالِكٌ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونَ ذَلِكَ لَازِمٌ لَهَا وَحَكَى الْبَاجِيُّ وَابْنُ يُونُسَ عَنْ الْمُغِيرَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُعْتَقَةِ تَحْتَ الْعَبْدِ حَصَّلَ ابْنُ زَرْقُونٍ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا فِي لُزُومِ مَا أَوْقَعْنَاهُ قَبْلَ حُصُولِ سَبَبِ خِيَارِهِمَا وَعَدَمِهِ. ثَالِثًا التَّفْرِقَةُ الْمَذْكُورَةُ لِابْنِ حَرْثٍ عَنْ أَصْبَغَ مَعَ رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ وَالْبَاجِيِّ عَنْ الْمُغِيرَةِ مَعَ فَضْلٍ عَنْ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ وَمَعْرُوفِ قَوْلِ مَالِكٍ اهـ.
فَعُلِمَ أَنَّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَهُمَا هِيَ الْمَعْرُوفُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ، وَعَلَى ذَلِكَ مَشَى الشَّيْخُ خَلِيلٌ رحمه الله فِي مُخْتَصَرِهِ فِي فَصْلِ الرَّجْعَةِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي السَّمَاعِ الْمُتَقَدِّمِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ الَّتِي يُحْكَى عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ سَأَلَ مَالِكًا رحمه الله فِيهَا عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ فَقَالَ لَهُ أَتَعْرِفُ دَارَ قُدَامَةَ وَكَانَتْ دَارًا يُلْعَبُ فِيهَا بِالْحَمَامِ
مُعَرِّضًا لَهُ بِقِلَّةِ التَّحْصِيلِ فِيمَا سَأَلَ عَنْهُ وَتَوْبِيخًا لَهُ عَلَى تَرْكِ إعْمَالِ نَظَرِهِ فِي ذَلِكَ حَتَّى لَا يَسْأَلَ إلَّا فِي أَمْرٍ مُشْكِلٍ، وَهَذَا مِنْ نَحْوِ قَوْلِهِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي شَيْءٍ سَأَلَهُ عَنْهُ أَنْتَ حَتَّى السَّاعَةِ هَاهُنَا تَسْأَلُ عَنْ مِثْلِ هَذَا. وَلَعَمْرِي إنَّ مِثْلَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي فَهْمِهِ وَجَلَالَةِ قَدْرِهِ لَحَرِيٌّ أَنْ يُوَبَّخَ عَلَى مِثْلِ هَذَا السُّؤَالِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ كَمَا قَالَ، وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ خِيَارٍ أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالشَّرْعِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم لِلزَّوْجَاتِ الْإِمَاءِ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ الْعَبِيدِ بِشَرْطِ عِتْقِهِنَّ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ أَزْوَاجِهِنَّ وَبَيْنَ خِيَارٍ اشْتَرَطَهُ الزَّوْجُ بِاخْتِيَارِهِ لِزَوْجِهِ حُرَّةً كَانَتْ، أَوْ أَمَةً الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَا خَيَّرَ اللَّهُ عِبَادَهُ فِيهِ عَلَى شَرْطٍ وَجَعَلَهُ شَرْعًا مَشْرُوعًا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُسْقِطَ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ لَهُ مِنْ الْخِيَارِ فِي ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَجِبَ لَهُ بِحُصُولِ الشَّرْطِ وَيُوجِبَ عَلَى نَفْسِهِ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْأَخْذِ، أَوْ التَّرْكِ؛ لِأَنَّهُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ صَارَ مُبْطِلًا لِلشَّرْعِ الَّذِي شَرَّعَهُ اللَّهُ لِعِبَادِهِ فِي حَقِّهِ وَذَلِكَ مِمَّا لَا يَجُوزُ وَلَا يَلْزَمُ.
أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ رَجُلًا غَنِيًّا قَالَ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي إنْ افْتَقَرْت فَلَا آخُذُ مِنْ الصَّدَقَاتِ الَّتِي أَبَاحَهَا اللَّهُ لِلْفُقَرَاءِ شَيْئًا، أَوْ إنْ افْتَقَرْت فَأَنَا آخُذُ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ لِي مِنْ الْحَقِّ فِيهَا ثُمَّ افْتَقَرَ لَمْ يُحَرَّمْ عَلَيْهِ الْأَخْذُ إنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ وَلَا يَلْزَمُهُ الْأَخْذُ إنْ أَرَادَ أَنْ لَا يَأْخُذَ وَكَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ الْأَخْذِ وَالتَّرْكِ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الشَّرْعِ وَمَا أَوْجَبَهُ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ عَلَى نَفْسِهِ الْخِيَارُ فِي نَفْسِهَا بِشَرْطٍ بِخِلَافِ ذَلِكَ يَجِبُ إذَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا، أَوْ زَوْجَهَا قَبْلَ حُصُولِ الشَّرْطِ بِشَرْطِ حُصُولِهِ أَنْ يَلْزَمَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا إنْ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَهُوَ حَقٌّ لَهَا تَرَكَتْهُ إذْ لَا يَلْزَمُهَا قَبُولُ مَا أَعْطَاهَا زَوْجُهَا، وَإِنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا جَازَ ذَلِكَ عَلَيْهَا، وَعَلَى زَوْجِهَا، وَلَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ رُجُوعٌ؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ قَدْ وَقَعَ عَلَى صِفَةٍ يَلْزَمُ بِحُصُولِهَا إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: امْرَأَتِي طَالِقٌ إنْ كَانَ كَذَا وَكَذَا، أَوْ تَقُولَ هِيَ إذَا مَلَكْت الطَّلَاقَ بِشَرْطٍ أَنَا طَالِقٌ إنْ كَانَ كَذَا وَكَذَا لِذَلِكَ الشَّرْطِ، وَهَذَا بَيِّنٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ اهـ. مِنْ أَوَّلِ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْإِيلَاءِ، وَقَدْ تَكَرَّرَ سَمَاعُ أَشْهَبَ فِي هَذَا الْكِتَابِ مَرَّتَيْنِ فِي النُّسْخَةِ الَّتِي وَقَفْت عَلَيْهَا مِنْ الْبَيَانِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي أَوَّلِ سَمَاعِ أَشْهَبَ الثَّانِي.
وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ أَوَّلَ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَقَالَ بَعْدَهُ سَمِعْت فِي صِغَرِي وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَحْكِي عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ وَأَظُنُّهُ شَيْخَهُ الشَّيْخَ الْفَقِيهَ أَبَا يَحْيَى بْنَ جَمَاعَةَ، أَوْ الشَّيْخَ الْخَطِيبَ أَبَا مُحَمَّدٍ الْبَرْجِينِيَّ أَنَّ قَوْلَهُ أَتَعْرِفُ دَارَ قُدَامَةَ تَعْرِيضٌ لَهُ بِتَقَدُّمِ دُخُولٍ كَانَ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ لِدَارِ قُدَامَةَ، فَإِنَّهُ بِهِ عِلْمُ مَا سَأَلَ عَنْهُ مِنْ الْفَرْقِ وَنَحْوُ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ قَوْلُ عِيَاضٍ قَالَ ابْنُ حَرْثٍ كَانَتْ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ نَفْسُ أَبِيهِ كَلَّمَهُ مَالِكٌ يَوْمًا بِكَلِمَةٍ خَشِنَةٍ فَهَجَرَهُ عَامًا كَامِلًا اسْتَقْضَى عَلَيْهِ الْفَرْقَ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْنِ فَقَالَ لَهُ أَتَعْرِفُ دَارَ قُدَامَةَ وَكَانَتْ دَارًا يَلْعَبُ فِيهَا الْأَحْدَاثُ بِالْحَمَامِ. وَقِيلَ: بَلْ عَرَّضَ لَهُ
بِالْعَجْزِ اهـ.
وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ قِيلَ: إنَّ مَالِكًا رَمَى عَبْدَ الْمَلِكِ بِدَارِ قُدَامَةَ؛ لِأَنَّهُ نَسَبَهُ لِلصِّغَرِ وَاللَّعِبِ. وَقِيلَ: نَسَبَهُ لِلْبَلَهِ؛ لِأَنَّهَا مَعْرُوفَةٌ بَيِّنَةٌ اهـ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا فَذَكَرَ مَا تَقْرِيرُهُ تَخْيِيرُ الْعِتْقِ مُوجِبٌ لَهُ شَرْعًا، فَلَوْ لَزِمَ سَابِقُ قَوْلِهَا عَلَى الْعِتْقِ بَطَلَ التَّخْيِيرُ بِهِ ضَرُورَةَ مُنَاقِضَةِ التَّخْيِيرِ وَاللُّزُومِ وَكُلَّمَا بَطَلَ التَّخْيِيرُ بَطَلَ مَا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ، فَلَوْ لَزِمَ سَابِقُ قَوْلِهَا بَطَلَ مَا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ قَطْعًا وَاخْتِيَارُ ذَاتِ الشَّرْطِ قَبْلَ حُصُولِهِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَلْزُومًا لِإِبْطَالِ مَا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ لَزِمَ؛ لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ عَلَى تَقْدِيرِ وُقُوعِ أَمْرٍ قَبْلَ وُقُوعِهِ، وَلَوْ الْتَزَمَ بَعْدَهُ لَزِمَهُ فَكَذَلِكَ قَبْلَهُ كَقَوْلِ الزَّوْجِ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ كَانَ كَذَا.
ثُمَّ اسْتَشْهَدَ عَلَى لَغْوِ الْتِزَامِ الْأَمَةِ تُعْتَقُ بِقَوْلِهِ: أَلَا تَرَى لَوْ أَنَّ غَنِيًّا قَالَ إنْ افْتَقَرْت فَلَا آخُذُ الزَّكَاةَ الَّتِي أَبَاحَ اللَّهُ لِلْفُقَرَاءِ، أَوْ إنْ افْتَقَرْت فَأَنَا آخُذُ ثُمَّ افْتَقَرَ لَمْ يُحَرَّمْ أَخْذُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ خَيَّرَهُ فِيهِمَا.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قُلْت فِيمَا فَرَّقَ بِهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ لَغْوُ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ عَلَى الْعِصْمَةِ قَبْلَ حُصُولِهَا كَقَوْلِهِ إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ عَلَى حَرَامٌ بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ النِّكَاحَ سَبَبَ حِلِّيَّةِ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا فَإِلْزَامُهُ تَحْرِيمَهَا قَبْلَهُ مُنَاقِضٌ لِمُوجَبِ النِّكَاحِ الْوَاجِبِ بِالشَّرْعِ.
الثَّانِي: مَنْعُ مُنَاقَضَةِ إلْزَامِهَا مَا الْتَزَمَتْ لِمَا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ مِنْ خِيَارِهَا وَسَنَدُهُ أَنَّ اللُّزُومَ اللَّاحِقَ لَا يُنَاقِضُ التَّخْيِيرَ الْأَصْلِيَّ كَعَدَمِ مُنَاقَضَةِ الْوُجُوبِ الْعَارِضِ الْإِمْكَانَ الذَّاتِيَّ.
وَاسْتِشْهَادُهُ بِقَوْلِهِ لَوْ أَنَّ غَنِيًّا إلَخْ يُرَدُّ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْتِزَامِ مَا يَلْزَمُهُ غَيْرُ مُعَلَّقٍ إنْ الْتَزَمَ مُعَلَّقًا وَمَا جَاءَ بِهِ لَا يَلْزَمُ غَيْرَ مُعَلَّقٍ بِحَالٍ، وَمَنْ أَنْصَفَ عَلِمَ أَنَّ سُؤَالَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ لَيْسَ عَنْ أَمْرٍ جَلِيٍّ وَلِذَلِكَ سَوَّى بَيْنَهُمَا مَالِكٌ مَرَّةً وَبَعْضُ أَصْحَابِهِ ثُمَّ قَالَ وَفَرَّقَ الصَّقَلِّيُّ أَيْضًا بِأَنَّ خِيَارَ الْأَمَةِ إنَّمَا يَجِبُ لِعِتْقِهَا فَاخْتِيَارُهَا قَبْلَهُ سَاقِطٌ كَالشُّفْعَةِ وَإِسْقَاطُهَا قَبْلَ الشِّرَاءِ وَالْمُمَلَّكَةُ جَعَلَ لَهَا الزَّوْجُ مَا كَانَ لَهُ إيقَاعُهُ وَلَهُ إيقَاعُهُ مُعَلَّقًا عَلَى أَمْرٍ فَكَذَا الزَّوْجَةُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ يُنْتِجُ هَذَا اللُّزُومُ مَا أَوْقَعَتْهُ مِنْ طَلَاقٍ لَا مَا أَوْقَعَتْهُ مِنْ اخْتِيَارِ زَوْجِهَا فَتَأَمَّلْهُ. وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ لِحُرٍّ يَقَعُ بِيَاءٍ بَعْدَ الرَّاءِ وَدُونَهَا وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ اهـ.
وَاقْتَصَرَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى الْفَرْقِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ فَقَالَ فِي آخِرِ بَابِ الرَّجْعَةِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عِنْدِي أَنَّ الْأَمَةَ إنَّمَا يَجِبُ لَهَا أَنْ تَخْتَارَ إذَا عَتَقَتْ وَالْعِتْقُ لَمْ يَحْصُلْ بَعْدُ، فَقَدْ سَلَّمَتْ أَوْ أَوْجَبَتْ شَيْئًا قَبْلَ وُجُوبِهِ لَهَا فَلَمْ يَجِبْ كَتَارِكِ الشُّفْعَةِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْجِبَهَا وَالْحُرَّةُ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا الزَّوْجُ الشَّرْطَ إنْ فَعَلَ وَمَلَّكَهَا مِنْهُ مَا كَانَ لَهُ أَنْ يَلْزَمَهُ نَفْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَهُ اهـ. وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْبُرْزُلِيُّ وَقَالَ بَعْدَهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ هَذَا جَرَى سَبَبُ وُجُوبِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجِبْ وَالْأَمَةُ لَمْ يَجِبْ وَلَا جَرَى سَبَبُ وُجُوبِهِ فَهُوَ أَبْعَدُ اهـ.
وَذُكِرَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ قَوْلِ الرَّجُلِ إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ