الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمُسْقِطَةُ الْإِنْفَاقِ قَبْلَ وُجُوبِهِ
…
وَمُنْكَحَةُ التَّفْوِيضِ يَا خَيْرَ نَاسِكِ
إذَا أَبْرَأَتْ مِنْ قَبْلِ فَرْضٍ لَهَا، وَمَنْ
…
عَفَا عَنْ مَآلِ الْجُرْحِ عِنْدَ الْمَهَالِكِ
وَرَبَّةُ شَرْطٍ وَاحِدٍ أَوْ مُعَدَّدٍ
…
إذَا أَبْرَأَتْ قَبْلَ الْوُقُوعِ لَمَاسِكِ
الثَّانِي: هَذَا الْخِلَافُ فِي إسْقَاطِ الْحَقِّ قَبْلَ وُجُوبِهِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ الْحَقَّ قَبْلَ وُجُوبِهِ بِلَا خِلَافٍ قَالَ فِي الرَّسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ طَلَاقِ السُّنَّةِ فِي الَّذِي يَقُولُ: إنْ طَلَّقْت امْرَأَتِي يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ، فَقَدْ ارْتَجَعْتهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَالَ لَا أَرَى ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ حَتَّى يَرْتَجِعَهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بِنِيَّةٍ بَعْدَ الطَّلَاقِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1] وَالْفَرْقُ مِنْ جِهَةٍ بَيْنَ الطَّلَاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَنَّ الطَّلَاقَ حَقٌّ عَلَى الرَّجُلِ وَالرَّجْعَةَ حَقٌّ لَهُ فَالْحَقُّ الَّذِي عَلَيْهِ يَلْزَمُهُ مَتَى الْتَزَمَهُ وَالْحَقُّ الَّذِي لَهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِبَ لَهُ وَلَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ حَقًّا قَبْلَ أَنْ يَجِبَ لَهُ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي إسْقَاطِهِ قَبْلَ وُجُوبِهِ كَالشُّفْعَةِ لَهُ أَنْ يُسْقِطَهَا قَبْلَ وُجُوبِهَا عَلَى اخْتِلَافٍ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا قَبْلَ وُجُوبِهَا بِاتِّفَاقٍ اهـ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي الْأَمَةِ إذَا اخْتَارَتْ نَفْسَهَا بِتَقْدِيرِ عِتْقِهَا وَفِي اخْتِيَارِ ذَاتِ الشَّرْطِ نَفْسَهَا بِتَقْدِيرِ فِعْلِ زَوْجِهَا ذَلِكَ الشَّرْطَ إلَّا أَنَّ هَذَا كُلَّهُ مِنْ إسْقَاطِ الْحَقِّ قَبْلَ وُجُوبِهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ الْوَاجِبَ لَهَا الْخِيَارُ بَعْدَ حُصُولِ الْعِتْقِ وَالشَّرْطِ وَبِالْتِزَامِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ يَسْقُطُ الْخِيَارُ فَتَأَمَّلْهُ.
(تَنْبِيهٌ) ذُكِرَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ سَحْنُونَ فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ أَرَادَ سَفَرًا وَخَافَ أَنْ تُحْنِثَهُ فِي غَيْبَتِهِ فَأَشْهَدَ أَنَّهَا إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ، فَقَدْ ارْتَجَعْتهَا أَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِذَلِكَ وَلَا يَكُونُ رَجْعَةً وَمَشَى عَلَى ذَلِكَ فِي مُخْتَصَرِهِ فَقَالَ وَلَا إنْ قَالَ مَنْ يَغِيبُ إنْ دَخَلَتْ، فَقَدْ ارْتَجَعْتهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الشُّرُوطِ الْمُنَاقِضَةِ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَفِيهِ مَسَائِلُ]
[الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فِي الشُّرُوطِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالنِّكَاحِ]
الْفَصْلُ الثَّانِي: فِي الشُّرُوطِ الْمُنَاقِضَةِ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَفِيهِ مَسَائِلُ: (الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى) فِي الشُّرُوطِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالنِّكَاحِ. وَالشُّرُوطُ فِي النِّكَاحِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ كَشَرْطِهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الزَّوْجَةِ، أَوْ يَكْسُوَهَا، أَوْ يَبِيتَ عِنْدَهَا أَوْ يَقْسِمَ لَهَا، أَوْ لَا يُؤْثِرَ عَلَيْهَا، أَوْ لَا يَضُرَّ بِهَا فِي نَفَقَةٍ وَلَا كِسْوَةٍ وَلَا فِي عِشْرَةٍ وَذَلِكَ جَائِزٌ لَا يُوقِعُ فِي الْعَقْدِ خَلَلًا وَلَا يُكْرَهُ اشْتِرَاطُهُ وَيُحْكَمُ بِهِ سَوَاءٌ شُرِطَ أَوْ تُرِكَ فَوُجُودُهُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: مَا يَكُونُ مُنَاقِضًا
لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ كَشَرْطِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ لَا يَقْسِمَ لَهَا، أَوْ وَأَنْ يُؤْثِرَ عَلَيْهَا، أَوْ أَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهَا، أَوْ لَا يَكْسُوَهَا، أَوْ لَا يُعْطِيَهَا وَلَدَهَا، أَوْ لَا يَأْتِيَهَا إلَّا لَيْلًا، أَوْ لَا يَطَأَهَا نَهَارًا، أَوْ أَنْ لَا إرْثَ بَيْنَهُمَا، أَوْ عَلَى أَنَّ حَدَّ الزَّوْجَيْنِ بِالْخِيَارِ، أَوْ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ لِغَيْرِهِمَا، أَوْ عَلَى إنْ لَمْ يَأْتِ بِالصَّدَاقِ لِكَذَا فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا، أَوْ عَلَى أَنَّ أَمْرَهَا بِيَدِهَا مَتَى شَاءَتْ، أَوْ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِ غَيْرِ الزَّوْجِ، فَهَذَا الْقِسْمُ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ وَيَفْسُدُ بِهِ النِّكَاحُ إنْ شُرِطَ فِيهِ.
ثُمَّ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ، فَقِيلَ: يُفْسَخُ النِّكَاحُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ. وَقِيلَ: يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ وَيَسْقُطُ الشَّرْطُ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَقِيلَ: إنْ أَسْقَطَ مُشْتَرِطُ الشَّرْطِ شَرْطَهُ صَحَّ النِّكَاحُ، وَإِنْ تَمَسَّكَ بِهِ فُسِخَ.
(تَنْبِيهٌ) : مِنْ هَذَا الْقِسْمِ مَا يَقْتَضِي الْفَسْخَ مُطْلَقًا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ قَالَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ مَنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ وَشَرَطَ أَنَّ مَا وَلَدَتْ فَهُوَ حُرٌّ لَمْ يُقَرَّ هَذَا النِّكَاحُ وَيَكُونُ لَهَا إنْ دَخَلَ بِهَا الْمُسَمَّى. قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ. وَقِيلَ: لَهَا صَدَاقُ الْمِثْلِ، وَهُوَ أَبْيَنُ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ وَقَعَ لِلْبُضْعِ وَلِحُرِّيَّةِ الْوَلَدِ وَمَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ مَجْهُولٌ فَوَجَبَ لِذَلِكَ صَدَاقُ الْمِثْلِ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ إنَّمَا وَقَعَ لِلْبُضْعِ الْمُتَيَقَّنِ وَالْوَلَدُ قَدْ يَكُونُ، وَقَدْ لَا يَكُونُ.
قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ: إنَّ نِكَاحَهَا يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ زَوَّجَهَا مِنْ حُرٍّ، أَوْ مِنْ عَبْدٍ لَهُ، أَوْ لِغَيْرِهِ وَيَكُونُ الْوَلَدُ حُرًّا وَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ الَّذِي أَعْتَقَهُ اهـ.
وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَسْأَلَةَ بِلَفْظٍ وَفِي ثَانِي نِكَاحِهَا مَنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ عَلَى أَنَّ مَا وَلَدَتْهُ حُرٌّ لَا يُقَرُّ نِكَاحُهُ بِحَالٍ، وَلَوْ دَخَلَ وَلَهَا الْمُسَمَّى. ثُمَّ قَالَ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: لَمْ يُنَصَّ عَلَى فَسْخِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ إنَّمَا قَالَ فِيهَا لَا يُقَرُّ هَذَا النِّكَاحُ بِرَدٍّ لِسَابِقِ نَصِّهَا وَلَعَلَّهُ اغْتَرَّ بِلَفْظِ أَبِي سَعِيدٍ الْمُنْتَقَدِ بِتَرْكِ أَمْرٍ مُهِمٍّ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ فِي فَسْخِهِ أَبَدًا إلَّا أَنْ يَدْخُلَهُ الْخِلَافُ اهـ.
قُلْت: يَعْنِي الْخِلَافَ، يَدْخُلُهُ تَخْرِيجًا مِنْ الْخِلَافِ الْمُقْتَرِنِ بِشَرْطٍ لَا يُخِلُّ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ نَصُّ الْأُمِّ قَبْلَ تَرْجَمَةِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ، وَهَذَا الْمَوْضِعُ لَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ عَبْدُ الْحَقِّ فِي التَّعْقِيبِ عَلَى التَّهْذِيبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَاللَّخْمِيُّ رَوَى مُحَمَّدٌ مَنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ عَلَى أَنَّ وَلَدَهَا أَحْرَارٌ فُسِخَ نِكَاحُهُ، وَلَوْ بَنَى، وَوَلَدُهُ أَحْرَارٌ وَوَلَاؤُهُمْ لِسَيِّدِهِمْ وَلَا قِيمَةَ عَلَى أَبِيهِمْ فِيهِمْ. مُحَمَّدٌ إنْ بَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَهِيَ غَيْرُ حَامِلٍ فَوَلَدُهَا رَقِيقٌ، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَبِعْهَا وَفَسَخَ الشَّرْطَ، أَوْ تَفَاسَخَاهُ، أَوْ رَجَعَ إلَيْهِ قَبْلَ حَمْلِهَا؛ لِأَنَّهُ رِضًا بِفَاسِدٍ رُدَّ قَبْلَ وُقُوعِهِ اهـ.
قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ هَذَا جَمِيعَهُ لِمُحَمَّدٍ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ إنَّمَا هُوَ قَوْلُهُ إنْ بَاعَهَا السَّيِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ وَهِيَ غَيْرُ حَامِلٍ كَانَ مَا وَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي رَقِيقًا
وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنْهُ فِي النَّوَادِرِ ثُمَّ قَالَ اللَّخْمِيُّ بَعْدَهُ: وَكَذَلِكَ أَرَى إنْ لَمْ يَبِعْهَا وَفَسَخَ الشَّرْطَ، أَوْ تَفَاسَخَاهُ، أَوْ رَجَعَ السَّيِّدُ فِيهِ وَكُلُّ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَحْمِلَ فَهُوَ رَقِيقٌ؛ لِأَنَّهُ رِضًا بِفَاسِدٍ رُدَّ قَبْلَ وُقُوعِهِ فَلَمْ يَلْزَمْ اهـ.
فَقَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَبِعْهَا إلَخْ إنَّمَا هُوَ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ مُرَادُهُ أَنَّهُمَا تَفَاسَخَا النِّكَاحَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ السَّيِّدُ فَسَخَ الشَّرْطَ وَرَجَعَ عَنْهُ مَعَ بَقَاءِ الزَّوْجَيْنِ عَلَى النِّكَاحِ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ آخِرِ كَلَامِهِ فَفِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ، وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ لِلسَّيِّدِ الرُّجُوعَ عَنْ ذَلِكَ فِيمَا إذَا تَبَرَّعَ بِذَلِكَ لِأَمَتِهِ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ فِي نِكَاحِهَا كَمَا نَبَّهْت عَلَى ذَلِكَ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الشَّرْطَ فَاسِدٌ.
(فَرْعٌ) : قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ الْأَمَةُ أَخْذَهَا الْمُسْتَحِقَّ وَجَمِيعَ وَلَدِهَا وَرَدَّ عِتْقِ مَا كَانَتْ وَلَدَتْ قَبْلَ رَدِّ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ مِنْ السَّيِّدِ لَا مِنْ الْأَبِ الْوَاطِئِ، فَإِذَا اُسْتُحِقَّ الْوَلَدُ كَانَ لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَرُدَّ الْعِتْقَ اهـ.
(فَرْعٌ) فَإِنْ زَوَّجَهَا عَلَى أَنَّ أَوَّلَ وَلَدٍ تَلِدُهُ حُرٌّ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي رَسْمِ الْجَوَابِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى وَفِي رَسْمِ الْكَبْشِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ أَنَّهُ يُفْسَخُ النِّكَاحُ أَيْضًا أَبَدًا عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَإِنْ طَالَ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْوَاضِحَةِ إنَّهُ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ مَا لَمْ تَلِدْ أَوَّلَ وَلَدٍ، فَإِنْ لَمْ يُفْسَخْ حَتَّى وَلَدَتْ كَانَ حُرًّا وَثَبَتَ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ قَدْ ذَهَبَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ يَأْتِي عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي نِكَاحِ الْمَرِيضِ وَالْمَرِيضَةِ أَنَّهُمَا إذَا صَحَّا قَبْلَ الْفَسْخِ ثَبَتَا عَلَى نِكَاحِهِمَا اهـ.
وَحُكْمُهَا كَمَا تَقَدَّمَ فَيَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلِسَيِّدِهَا أَنْ يَبِيعَهَا، وَأَنْ يُصْدِقَهَا مَا لَمْ تَحْمِلْ بِأَوَّلِ وَلَدٍ وَيَكُونُ الْوَلَدُ رَقِيقًا بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ حَمَلَتْ فَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُرْهِقَهُ دَيْنٌ فَتُبَاعُ عَلَيْهِ فِي دَيْنِهِ. وَقِيلَ: لَا تُبَاعُ فِي الدَّيْنِ، وَقَدْ أَطَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ وَفِي جَوَازِ قِسْمَتِهَا إذَا مَاتَ سَيِّدُهَا وَهِيَ حَامِلٌ وَالْكَلَامُ عَلَى مَا إذَا بَاعَهَا سَيِّدُهَا وَهِيَ حَامِلٌ، أَوْ أَصْدَقَهَا لِزَوْجَتِهِ فَرَاجِعْ ذَلِكَ إنْ أَرَدْته فِي رَسْمِ الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ.
(فَرْعٌ) إنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ عَبْدَ غَيْرِهِ عَلَى أَنَّ مَا تَلِدُهُ الْأَمَةُ بَيْنَ السَّيِّدَيْنِ فَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ النِّكَاحَ يُفْسَخُ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَيَكُونُ الْوَلَدُ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ وَحَكَى أَبُو الْفَرَجِ أَنَّ الْوَلَدَ بَيْنَهُمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ قَالُوا: وَيَجِبُ لَهَا بِالدُّخُولِ مَهْرُ الْمِثْلِ قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إنْ زَادَ مَهْرُ الْمِثْلِ عَلَى الْمُسَمَّى، فَعَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ يَسْقُطُ الزَّائِدُ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي الْفَرَجِ لَا يَسْقُطُ لِحُصُولِ غَرَضِ الزَّوْجِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْقِسْمُ الثَّالِثُ) مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُنَافِيهِ وَلِلزَّوْجَةِ فِيهِ غَرَضٌ كَشَرْطِهِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا
أَوْ أَنْ لَا يَتَسَرَّى، أَوْ أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ بَلَدِهَا، أَوْ مِنْ بَيْتِهَا، أَوْ أَنْ لَا يَغِيبَ عَنْهَا، فَهَذَا النَّوْعُ لَا يَفْسُدُ بِهِ النِّكَاحُ وَلَا يَقْتَضِي فَسْخَهُ لَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَا بَعْدَهُ، فَإِنْ اشْتَرَطَ الزَّوْجُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ، أَوْ بَعْدَهُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُعَلِّقَهُ بِطَلَاقٍ، أَوْ عِتْقٍ، أَوْ تَمْلِيكٍ أَمْ لَا، فَإِنْ عَلَّقَهُ بِطَلَاقٍ، أَوْ عِتْقٍ، أَوْ تَمْلِيكٍ لَزِمَهُ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْهَا فَهِيَ طَالِقٌ، أَوْ فَالزَّوْجَةُ طَالِقٌ، أَوْ فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا، أَوْ بِيَدِ أَبِيهَا، أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ أَمْرُ الدَّاخِلَةِ بِيَدِ الزَّوْجَةِ الْأُولَى أَوْ بِيَدِ أَبِيهَا، أَوْ إنْ تَسَرَّيْت عَلَيْهَا فَالسُّرِّيَّةُ حُرَّةٌ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ كَانَتْ أَسْقَطَتْ مِنْ صَدَاقِهَا لِذَلِكَ شَيْئًا، أَوْ لَمْ تُسْقِطْ وَسَوَاءٌ شَرَطَتْ ذَلِكَ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ، أَوْ تَطَوَّعَ بِهِ الزَّوْجُ، فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَزِمَهُ مَا شَرَطَ وَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَسْقَطَتْهُ مِنْ صَدَاقِهَا لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهَا قَدْ حَصَلَ كَمَا لَوْ قَالَتْ أَسْقَطْت عَنْك مِائَةً مِنْ صَدَاقِي عَلَى أَنَّك إنْ تَزَوَّجْت عَلَيَّ فَأَنَا طَالِقٌ، أَوْ فَالزَّوْجَةُ طَالِقٌ، فَإِنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا لَزِمَهُ الطَّلَاقُ وَلَا رُجُوعَ لَهَا بِمَا أَسْقَطَتْ.
وَاخْتُلِفَ فِي جَوَازِ النِّكَاحِ عَلَى ذَلِكَ ابْتِدَاءً فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ قَالَ لَا يَحِلُّ الشَّرْطُ ابْتِدَاءً، فَإِنْ وَقَعَ جَازَ النِّكَاحُ وَلَزِمَ الشَّرْطُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُكْرَهُ الْعَقْدُ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ أَجَازَ ذَلِكَ سَحْنُونٌ ابْتِدَاءً وَزَوَّجَ غُلَامَهُ أَمَتَهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ سَرَقَ زَيْتُونَهُ كَانَ أَمْرُ امْرَأَتِهِ بِيَدِهِ، وَأَنْكَرَ ابْنُ بَشِيرٍ عَلَى اللَّخْمِيِّ وُجُودَ هَذَا الْقَوْلِ وَقَالَ فِعْلُ سَحْنُونٌ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ الْجَوَازُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُسْتَخَفُّ مِثْلُ هَذَا لِلضَّرُورَةِ أَيْضًا، فَإِنَّ فِعْلَ أَحَدٍ لَا يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ إلَّا مَنْ وَجَبَتْ لَهُ الْعِصْمَةُ.
قَالَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ فِي التَّوْضِيحِ فِيمَا قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ لَمْ تَزَلْ تَسْتَدِلُّ عَلَى مَذْهَبِ الْعُلَمَاءِ بِأَفْعَالِهِمْ لَا سِيَّمَا مِثْلُ سَحْنُونَ الَّذِي هُوَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ وَرَعًا بَلْ فِعْلُ أَهْلِ الْوَرَعِ أَقْوَى فِي الْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ يُفْتِي الْغَيْرَ بِالْجَوَازِ وَيَتَوَرَّعُ هُوَ عَنْ فِعْلِهِ وَقَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ إنَّ فِعْلَ أَحَدٍ لَا يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ إنْ أَرَادَ بِهِ لَا يَكُونُ حُجَّةً فَصَحِيحٌ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ الْجَوَازُ فَمَمْنُوعٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ اهـ.
وَهُوَ كَلَامٌ حَسَنٌ وَأَصْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَالَ بَعْدَهُ: وَكَذَلِكَ تَلَقَّى غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الشُّيُوخِ قَوْلَ اللَّخْمِيِّ بِالْقَبُولِ اهـ. يَعْنِي قَوْلَهُ عَنْ سَحْنُونَ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لَمَّا ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ تَعَقُّبَ ابْنُ بَشِيرٍ عَلَى اللَّخْمِيِّ قَالَ الَّذِي وَجَدَتْهُ فِي التَّبْصِرَةِ هُوَ مَا نَصُّهُ قَالَ سَحْنُونٌ فِيمَنْ زَوَّجَ عَبْدَهُ أَمَتَهُ إلَخْ، وَإِذَا كَانَ هَكَذَا فَهُوَ فَتْوَى بِالْجَوَازِ وَدَعْوَى أَنَّ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهَا إلَّا بِدَلِيلٍ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الَّذِي فِي غَيْرِ نُسْخَةٍ وَاحِدَةٌ مِنْهَا نُسْخَةٌ عَتِيقَةٌ مَشْهُورَةٌ بِالصِّحَّةِ عَلَيْهَا آثَارُ الْمُقَابَلَةِ وَاضِحَةٌ مَا نَصَّهُ وَأَجَازَ سَحْنُونٌ ابْتِدَاءً وَزَوَّجَ غُلَامَهُ أَمَتَهُ إلَخْ، وَهَذَا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ نَصًّا سَوَاءٌ اهـ. كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ.
قُلْت: وَقَدْ رَأَيْت نُسْخَةً مِنْ التَّبْصِرَةِ فِيهَا مِثْلُ مَا ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَإِنْ لَمْ يُعَلِّقْ ذَلِكَ بِطَلَاقٍ وَلَا عِتْقٍ وَلَا تَمْلِيكٍ فَالشَّرْطُ مَكْرُوهٌ وَلَا يَلْزَمُ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ الْوَفَاءُ
بِذَلِكَ وَسَوَاءٌ وَضَعَتْ لِذَلِكَ شَيْئًا مِنْ صَدَاقِهَا أَمْ لَا وَلَا رُجُوعَ لَهَا عَلَيْهِ بِمَا وَضَعَتْهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ شَرَطَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الشُّرُوطَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَوَضَعَتْ عَنْهُ لِأَجْلِ ذَلِكَ بَعْضَ صَدَاقِهَا، فَإِنَّهُ إنْ خَالَفَ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِمَا وَضَعَتْهُ قَالَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ نَكَحَ امْرَأَةً عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَلَا يَتَسَرَّى وَلَا يُخْرِجَهَا مِنْ بَلَدِهَا جَازَ النِّكَاحُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ، وَإِنْ وَضَعَتْ عَنْهُ لِذَلِكَ مِنْ صَدَاقِهَا لَمْ تَرْجِعْ وَبِهِ وَبَطَلَ الشَّرْطُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَنْهُ عِتْقٌ، أَوْ طَلَاقٌ، وَلَوْ شَرَطَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الشُّرُوطَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَوَضَعَتْ لِذَلِكَ بَعْضَ صَدَاقِهَا لَزِمَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ أَتَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِمَا وَضَعَتْ لِذَلِكَ، وَإِنْ أَعْطَتْهُ مَالًا عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا، فَإِنْ فَعَلَ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا، فَإِنْ تَزَوَّجَ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَبَانَتْ مِنْهُ، وَلَمْ تَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ إذَا تَمَّ لَهَا شَرْطُهَا اهـ.
(تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ) : إذَا أَعْطَتْهُ شَيْئًا عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا، أَوْ لَا يَتَسَرَّى ثُمَّ فَعَلَ فَلَهَا الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِمَا أَعْطَتْهُ كَمَا تَرْجِعُ بِمَا أَسْقَطَتْهُ مِنْ صَدَاقِهَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إسْقَاطَ الصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ أَمْرَهُ ضَعِيفٌ فَنَبَّهَ بِالْأَخَفِّ عَلَى الْأَشَدِّ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ.
(الثَّانِي) : ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى ذَلِكَ جَائِزٌ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَمَنَعَهُ فِي السُّلَيْمَانِيّ مَا يُعْطِيهِ تَارَةً ثَمَنًا وَتَارَةً سَلَفًا قَالَ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى الْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ، وَإِنْ خَالَفَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَمْرٌ طَارِئٌ.
(الثَّالِثُ) : قَالَ فِي التَّوْضِيحِ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَكَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ سَوَاءٌ خَالَفَ عَنْ قُرْبٍ، أَوْ بُعْدٍ تَحْقِيقًا لِلْعِوَضِيَّةِ وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَشَارَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْقُرْبِ وَالْبَعْدِ كَمَا فَرَّقُوا إذَا أَرَادَ طَلَاقَهَا فَوَضَعَتْ عَنْهُ مِنْ صَدَاقِهَا، أَوْ سَأَلَهَا الْحَطِيطَةَ فَقَالَتْ أَخَافُ أَنْ تُطَلِّقَنِي فَقَالَ لَا أَفْعَلُ فَحَطَّتْ عَنْهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا، أَوْ أَعْطَتْ زَوْجَهَا مَالًا عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ ضَرَّتَهَا فَطَلَّقَهَا ثُمَّ أَرَادَ مُرَاجَعَتَهَا وَكَمَا لَوْ قَالُوا: إذَا سَأَلَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ الْإِقَالَةَ فَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي إنَّمَا مُرَادُك الْبَيْعُ لِغَيْرِي؛ لِأَنِّي اشْتَرَيْتهَا بِرُخْصٍ فَيَقُولُ الْبَائِعُ مَتَى بِعْتهَا فَهِيَ لَك بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إنْ بَاعَ عَقِبَ الْإِقَالَةِ، أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا فَلِلْمُبْتَاعِ شَرْطُهُ، وَإِنْ بَاعَ بَعْدَ الطُّولِ أَوْ لِحُدُوثِ سَبَبٍ اقْتَضَاهُ فَالْبَيْعُ مَاضٍ اهـ.
قُلْت: كَأَنَّهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يَقِفْ عَلَى نَصٍّ فِي رُجُوعِهَا إذَا تَزَوَّجَ عَلَيْهَا بَعْدَ الْبُعْدِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي النَّوْعِ الْخَامِسِ مِنْ الْبَابِ الثَّالِثِ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ إذَا أَعْطَتْهُ مَالًا عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَنَّهَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ قَرُبَ تَزْوِيجُهُ، أَوْ بَعُدَ وَتَقَدَّمَ أَيْضًا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ فَتْحُونٍ وَغَيْرِهِمَا.
وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْطَتْهُ مَالًا عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَقَبِلَ ذَلِكَ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَيُفَصَّلُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ