الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعُلَمَاءُ قَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي يُدْفَنُ فِيهِ الْمُسْلِمُ وَقْفٌ عَلَيْهِ مَا دَامَ مِنْهُ شَيْءٌ مَا مَوْجُودًا فِيهِ حَتَّى يَفْنَى فَإِذَا فَنِيَ فَحِينَئِذٍ يُدْفَنُ فِيهِ غَيْرُهُ فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مَا مِنْ عِظَامِهِ فَالْحُرْمَةُ قَائِمَةٌ لِجَمِيعِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْفَرَ عَلَيْهِ، وَلَا يُدْفَنَ مَعَهُ غَيْرُهُ، وَلَا يُكْشَفَ عَنْهُ اتِّفَاقًا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ قَبْرِهِ قَدْ غُصِبَ اهـ.
وَفِي نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ رَجُلٍ دَفَنَ أَرْبَعَةً مِنْ الْوَلَدِ فِي مَقْبَرَةٍ مِنْ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ عَشْرَةِ أَعْوَامٍ مِنْ دَفْنِهِ إيَّاهُمْ غَابَ الرَّجُلُ عَنْ الْبَلَدِ فَجَاءَ الْحَفَّارُ فَحَفَرَ عَلَى قُبُورِ أُولَئِكَ الْأَطْفَالِ قَبْرًا لِامْرَأَةٍ، وَدَفَنَهَا فِيهِ، ثُمَّ جَاءَ الْوَالِدُ مِنْ سَفَرِهِ بَعْدَ دَفْنِ الْمَرْأَةِ بِثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَلَمْ يَجِدْ لِقُبُورِ بَنِيهِ أَثَرًا غَيْرَ قَبْرِ الْمَرْأَةِ فَأَرَادَ نَبْشَهَا، وَتَحْوِيلَهَا إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ لِيُقِيمَ قُبُورَ بَنِيهِ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ بِأَنْ قَالَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْبُشَهَا، وَيَنْقُلَهَا عَنْ مَوْضِعِهَا، وَلَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهَا مَيِّتَةً كَحُرْمَتِهَا حَيَّةً فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَكْشِفَهَا، وَيَطَّلِعَ عَلَيْهَا، وَيَنْظُرَ إلَيْهَا، وَلَوْ كَانَ ذَا مَحْرَمٍ لِمَا سَاغَ لَهُ ذَلِكَ مِنْهَا بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ إذْ لَا يُشَكُّ فِي تَغَيُّرِهَا فِيهَا، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وَقَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ فِي آخِرِ بَابِ الْجَنَائِزِ، وَلِلْمَيِّتِ حُرْمَةٌ تَمْنَعُ مِنْ إخْرَاجِهِ مِنْ قَبْرِهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَمَا ذَكَرْنَا مِنْ نِسْيَانِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ عَلَى الِاخْتِلَافِ الْمَذْكُورِ فِيهِ، وَإِلْحَاقُ دَفْنِ آخَرَ مَعَهُ بِأَبْوَابِ الضَّرُورَةِ الْمُبِيحَةِ لِإِخْرَاجِهِ يَفْتَقِرُ إلَى نَظَرٍ آخَرَ وَبَسْطٍ طَوِيلٍ اهـ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الدَّوَرَانِ بِالْمَيِّتِ وَهُوَ فِي نَعْشِهِ يَمِينًا وَشِمَالًا وَقَهْقَرَى وَاسْتِقَامَةً]
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي الدَّوَرَانِ بِالْمَيِّتِ، وَهُوَ فِي نَعْشِهِ يَمِينًا، وَشِمَالًا، وَقَهْقَرَى، وَاسْتِقَامَةً فَهَلْ يُعَدُّ كَرَامَةً إنْ كَانَ مِنْ نَفْسِ الْمَيِّتِ، وَيَحْرُمُ إنْ كَانَ مِنْ الْحَامِلِينَ، وَفِي الدَّوَرَانِ بِهِ عَلَى الْأَهَالِيِ، وَجَمْعِ الدَّرَاهِمِ بِهِ، وَغَيْرِهَا، وَتَأْخِيرِ دَفْنِهِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَهَلْ يَحْرُمُ ذَلِكَ، وَأَكْلِ مَا جَمَعُوهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ.
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ الدَّوَرَانُ بِالْمَيِّتِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْحَامِلِينَ يَقِينًا بِالْمُشَاهَدَةِ، وَبِاعْتِرَافِهِمْ بِذَلِكَ فَلَا يُعَدُّ كَرَامَةً، وَلَا اسْتِدْرَاجًا نَعَمْ إنْ طَارَ بِنَعْشِهِ أَوْ مِنْهُ، وَفَارَقَ أَعْنَاقَ الرِّجَالِ، وَهُوَ حَرَامٌ عَلَيْهِمْ مُنَافٍ لِمَا أَمَرَ بِهِ الشَّارِعُ مِنْ الْإِسْرَاعِ بِالْمَيِّتِ، وَمُؤْذٍ لِلْمَيِّتِ، وَمُخِلٌّ بِحُرْمَتِهِ، وَجَمْعُ الدَّرَاهِمِ وَغَيْرِهَا بِهِ حَرَامٌ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ، وَتَأْخِيرُ دَفْنِهِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ تَغَيُّرِهِ وَهَتْكِ حُرْمَتِهِ خُصُوصًا مَعَ شِدَّةِ تَحْرِيكِهِ، وَاضْطِرَابِهِ فَتَخْرُجُ فَضَلَاتُهُ الَّتِي فِي جَوْفِهِ، وَتَخْبُثُ رَائِحَتُهُ، وَيَا لَهَا مِنْ فَضِيحَةٍ، فَيَجِبُ عَلَى مَنْ بَسَطَ اللَّهُ تَعَالَى يَدَهُ بِالْحُكْمِ، وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ مَنْعُهُمْ مِنْ ذَلِكَ أَشَدَّ الْمَنْعِ، وَالْإِنْكَارُ عَلَيْهِمْ أَشَدَّ الْإِنْكَارِ، وَزَجْرُهُمْ، وَحَبْسُهُمْ، وَضَرْبُهُمْ إنْ لَمْ يَنْفَعْ فِيهِمْ الْكَلَامُ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ إقْرَارُهُمْ عَلَى هَذَا الْبَاطِلِ الْفَظِيعِ، وَالْهَوَسِ الشَّنِيعِ.
رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إلَيْهِ، وَإِنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» .
وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «إذَا وُضِعَتْ الْجِنَازَةُ، وَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ قَدِّمُونِي قَدِّمُونِي، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالَتْ يَا وَيْلَهَا أَيْنَ تَذْهَبُونَ بِهَا؟ فَيَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إلَّا الْإِنْسَانَ، وَلَوْ سَمِعَهُ لَصَعِقَ» .
قَالَ الْعُلَمَاءُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -: وَالْمُرَادُ بِالْإِسْرَاعِ بِالْجِنَازَةِ مَا يَعُمُّ غَسْلَهَا، وَتَكْفِينَهَا، وَحَمْلَهَا، وَالْمَشْيَ مَعَهَا مَشْيًا دُونَ الْخَبَبِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ الْإِسْرَاعُ الَّذِي يَشُقُّ عَلَى ضَعَفَةِ مَنْ يَتْبَعُهَا، وَكَانَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ رضي الله عنه يَقُولُ يَمْشُونَ بِهَا قَلِيلًا سَجِيَّةَ الْعَادَةِ، وَلَا يَدِبُّونَ بِهَا دَبِيبَ الْيَهُودِ، وَالنَّصَارَى، وَكَانَ الصَّحَابَةُ يَكْرَهُونَ الْإِبْطَاءَ، وَيُحِبُّونَ الْعَجَلَةَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى مِنْ مُخْتَصَرِ التَّذْكِرَةِ لِلْعَارِفِ الشَّعْرَانِيِّ رضي الله عنه ابْنُ يُونُسَ، وَلَا يُمْشَى بِالْجِنَازَةِ الْهُوَيْنَا، وَلَكِنْ مِشْيَةَ الرَّجُلِ لِلشَّابِّ فِي حَاجَةٍ نَقَلَهُ بَهْرَامُ، وَالْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ.
، وَقَالَ فِي الْمَدْخَلِ قَالَ عُلَمَاؤُنَا - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ -: السُّنَّةُ فِي الْمَشْيِ بِالْجِنَازَةِ أَنْ يَكُونَ كَالشَّابِّ الْمُسْرِعِ فِي حَاجَتِهِ اهـ.
فَإِنْ قُلْت: يُعَارِضُ حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ الْمُتَقَدِّمِ حَدِيثَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْكَبِيرِ، وَالْبَيْهَقِيِّ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ قَالَ «عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ عَلَيْكُمْ بِالْقَصْدِ فِي الْمَشْيِ بِجَنَائِزِكُمْ» قُلْت: لَا مُعَارَضَةَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِسْرَاعِ مَا فَوْقَ الْمَشْيِ الْمُعْتَادِ، وَدُونَ الْخَبَبِ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْقَصْدِ فِي حَدِيثِ الطَّبَرَانِيِّ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الْمُنَاوِيُّ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْإِسْرَاعِ فِي حَدِيثِ الشَّيْخَيْنِ مَا يَشْمَلُ الْخَبَبَ؛ لِأَنَّ فِي شُمُولِهِ لِلْخَبَبِ مُنَافَاةٌ لِحَدِيثِ الطَّبَرَانِيِّ كَمَا عَلِمْت، وَلِأَنَّ فِيهِ إزْرَاءً بِالْمَيِّتِ، وَإِضْرَارًا بِالْمُشَيَّعِينَ أَشَارَ لِذَلِكَ الْمُنَاوِيُّ.
، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ خِيفَ تَغَيُّرُ الْمَيِّتِ بِالْإِسْرَاعِ أَوْ بِالتَّأَنِّي فَضِدُّ الْمَخُوفِ أَوْلَى بَلْ وَاجِبٌ إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ تَغَيُّرٌ اهـ قَالَهُ الْأُجْهُورِيُّ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي الْحَدِيثِ الْوَارِدِ " «إنَّ النَّاسَ يَتَبَاهَوْنَ بِأَكْفَانِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، وَفِي الْحَدِيثِ الثَّانِي «يُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً» فَفِي أَيِّ مَحَلٍّ يَتَبَاهَوْنَ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ جَمَعَ الْعَارِفُ الشَّعْرَانِيُّ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ عَلَى مَنْ كَسَا أَحَدًا فِي الدُّنْيَا، وَالثَّانِي عَلَى مَنْ لَمْ يَكْسُ أَحَدًا فِيهَا مُسْتَنِدًا لِحَدِيثٍ، وَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ أَيْضًا عَلَى أُمَّةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَالثَّانِي عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ مُسْتَنِدًا لِحَدِيثٍ مُصَرِّحٍ بِذَلِكَ، وَنَصُّهُ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -
وَسَلَّمَ يَقُولُ «يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا. قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ. قَالَ: يَا عَائِشَةُ الْأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يَنْظُرَ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ» ، وَتَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «أَنَّ مَنْ كَسَا لِلَّهِ كَسَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ هُنَا فِي الْحَدِيثِ عُرَاةً عَلَى مَنْ لَمْ يَكْسُ أَحَدًا فِي دَارِ الدُّنْيَا بَلْ رَأَيْت فِي كِتَابِ كَشْفِ عُلُومِ الْآخِرَةِ لِلْإِمَامِ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ رَوَى عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «بَالِغُوا فِي أَكْفَانِ مَوْتَاكُمْ فَإِنَّ أُمَّتِي تُحْشَرُ بِأَكْفَانِهَا، وَسَائِرَ الْأُمَمِ عُرَاةً» اهـ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي صَلَاةٍ عَلَى مَيِّتٍ حَالَ اسْتِتَارِ الشَّمْسِ بِلَا خَوْفِ تَغَيُّرٍ فَأَعَادَهَا بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بَعْدَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ لِقَوْلِ خَلِيلٍ إلَى أَنْ تُصَلَّى الْمَغْرِبُ فَعَارَضَهُ آخَرُ بِقَوْلِ عَبْدِ الْبَاقِي تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فَمَنْ الْمُصِيبُ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ حَالِ الِاسْتِتَارِ، وَقْتَ الْغُرُوبِ فَكِلَاهُمَا مُصِيبٌ لِمُوَافَقَةِ الْأَوَّلِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِإِعَادَتِهَا مَا لَمْ تُدْفَنْ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمَجْمُوعِ، وَمُوَافَقَةِ الثَّانِي قَوْلَ أَشْهَبَ لَا تُعَادُ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الطِّرَازِ قَائِلًا إنَّهُ أَبْيَنُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَكِنَّ اسْتِدْلَالَ الْأَوَّلِ بِقَوْلِ خَلِيلٍ إلَى أَنْ تُصَلَّى إلَخْ، غَيْرُ نَاهِضٍ إذْ هُوَ صَادِقٌ بِالْقَوْلَيْنِ، وَمُعَارَضَةُ الثَّانِي بِقَوْلِ عَبْدِ الْبَاقِي تَجُوزُ الصَّلَاةُ إلَخْ، فِي غَيْرِ مَحِلِّهَا إذْ مَوْضِعُ كَلَامِ عَبْدِ الْبَاقِي فِعْلُهَا بَعْدَ الْغُرُوبِ، وَقَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، وَنَصُّهُ، وَالْمُعْتَمَدُ جَوَازُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَسُجُودِ التِّلَاوَةِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَقَبْلَ صَلَاتِهَا، صَرَّحَ بِالْأَوَّلِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَبِالثَّانِي أَحْمَدُ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ اهـ.
، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ حَالِ الِاسْتِتَارِ مَا بَعْدَ الْغُرُوبِ، وَقَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ فَالْمُصِيبُ هُوَ الثَّانِي إذْ الْحُكْمُ حِينَئِذٍ عَدَمُ الْإِعَادَةِ، وَلَوْ عَلَى قَوْلٍ بِكَرَاهَتِهَا كَمَا فِي عَبْدِ الْبَاقِي، وَغَيْرِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي قُبُورٍ بِفِنَاءِ مَسْجِدٍ وَطَرِيقِ الدَّاخِلِ لِلصَّلَاةِ يَتَسَاقَطُ مِنْهَا عَظْمُ الْأَمْوَاتِ فِي الطَّرِيقِ، فَهَلْ يَجُوزُ نَقْلُ مَا فِيهَا مِنْ الْعَظْمِ لِمَحَلٍّ آخَرَ وَحَفْرُهَا وَنَقْلُ تُرَابِهَا إلَى مَحَلٍّ آخَرَ لِمَصْلَحَةِ الْخَوْفِ عَلَيْهِ كَمَا إذَا خِيفَ عَلَيْهِ مِنْ الْغَرَقِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ، وَالصَّلَاةُ، وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ نَعَمْ يَجُوزُ حَفْرُهَا وَنَقْلُ عِظَامِهَا وَتُرَابِهَا
لِمَحَلٍّ آخَرَ لِهَذِهِ الْمَصْلَحَةِ
قَالَ الْخَطَّابُ، وَكَذَلِكَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي جَوَازِ