الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي الشِّرَاءِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فَهُوَ فِي تَرْكِ الشُّفْعَةِ أَبْيَنُ.
وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ جِئْتنِي بِمَا لِي عَلَيْك فَأَنَا أُطَلِّقُك فَجَاءَتْهُ بِهِ فَقَالَ مَرَّةً يَلْزَمُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا اهـ. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ وَفِي أَجْوِبَةِ ابْنِ رُشْدٍ الْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِهِ إنْ تَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ، وَإِنْ اشْتَرَى فُلَانٌ شِقْصَ كَذَا، فَقَدْ أُسْقِطَتْ عَنْهُ الشُّفْعَةَ أَنَّ الطَّلَاقَ حَقٌّ لِلَّهِ لَا يَمْلِكُ الْمُطَلِّقُ رَدَّهُ إنْ وَقَعَ، وَلَوْ رَضِيَتْ الْمَرْأَةُ بِرَدِّهِ فَرَدَّهُ إذْ لَيْسَ بِحَقٍّ لَهَا فَلَزِمَ بَعْدَ النِّكَاحِ كَمَا أَلْزَمَهُ نَفْسَهُ قَبْلَهُ وَإِسْقَاطُ الشُّفْعَةِ إنَّمَا هُوَ حَقٌّ لَهُ لَا لِلَّهِ يَصِحُّ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ بِرِضَا الْمُشْتَرِي فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا بَعْدَ وُجُوبِهِ.
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا الْفَرْقُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَيَظْهَرُ بِبَادِئِ الرَّأْيِ صِحَّةُ تَخْرِيجِ اللَّخْمِيِّ ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ الْحُبَابِ فَرْقًا أَطَالَ فِيهِ الْبَحْثَ فَلْيُرَاجِعْهُ فِيهِ مَنْ أَرَادَهُ.
وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ قِيلَ لِأَبِي عِمْرَانَ إذَا قَالَ لَهُ إذَا وَجَبَتْ لِي الشُّفْعَةُ، فَقَدْ سَلَّمْتهَا لَك هَلْ هِيَ مِثْلُ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ؟ قَالَ ذَلِكَ سَوَاءٌ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِخِلَافِ مَنْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْتُكَ فَأَنْتَ حُرٌّ، أَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ إذَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْت طَالِقٌ إنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ وُجُوبَ الشُّفْعَةِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ وُجُوبِ الْبَيْعِ. الشَّيْخُ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَبَيْنَ الشُّفْعَةِ أَنَّ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ مِنْ حَقِّ اللَّهِ بِخِلَافِ الشُّفْعَةِ اهـ. وَسَيَأْتِي كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ نَحْوُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ.
(فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَإِنْ تَرَكَ الشُّفْعَةَ عَلَى شَرْطٍ فَقَالَ إنْ اشْتَرَيْت ذَلِكَ الشِّقْصَ، فَقَدْ سَلَّمْت لَك شُفْعَتِي عَلَى دِينَارٍ تُعْطِيهِ إيَّايَ، فَإِنْ لَمْ يَبِعْهُ مِنْك فَلَا جَعْلَ لِي عَلَيْك جَازَ ذَلِكَ، وَلَوْ اشْتَرَطَ النَّقْدَ لَمْ يَجُزْ اهـ.
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي آخِرِ الرَّسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْعُيُوبِ إذَا قَالَ الرَّجُلُ إنْ كَانَ فُلَانٌ قَدْ اشْتَرَى هَذَا الشِّقْصَ بِكَذَا، فَقَدْ سَلَّمْت لَهُ الشُّفْعَةَ، فَهَذَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ إنْ كَانَ قَدْ اشْتَرَى فُلَانٌ، وَأَمَّا إنْ قَالَ إنْ اشْتَرَى فُلَانٌ الشِّقْصَ، فَقَدْ سَلَّمْت لَهُ الشُّفْعَةَ، فَهَذَا لَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ إنْ اشْتَرَى؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ قَبْلَ أَنْ يَجِبَ لَهُ اهـ.
[أَجَازَ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ]
(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) إذَا أَجَازَ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فَلَهُمْ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:
الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الصِّحَّةِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ فَإِجَازَتُهُمْ غَيْرُ لَازِمَةٍ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ كَمَنْ أَعْطَى شَيْئًا قَبْلَ مِلْكِهِ أَوْ قَبْلَ جَرَيَانِ سَبَبِ مِلْكِهِ هَكَذَا أَشَارَ إلَيْهِ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ لَهُمْ وَمِثْلُهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ فِيمَنْ قَالَ مَا أَرِثُ مِنْ فُلَانٍ صَدَقَةٌ عَلَيْك وَفُلَانٌ صَحِيحٌ قَالَ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بِشَرْطِ حُصُولِ الْمِلْكِ فَأَشْبَهَ مَنْ أَوْجَبَ الصَّدَقَةَ بِمَا يَمْلِكُ إلَى أَجَلٍ، أَوْ بَلَدٍ سَمَّاهُ، أَوْ بِعِتْقِ ذَلِكَ
أَوْ بِطَلَاقِ مَا يَتَزَوَّجُ فِيهِ اهـ.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي الْمُوَطَّإِ وَالْعُتْبِيَّةِ قَالَ مَالِكٌ إنْ أَذِنَ الْوَرَثَةُ لِلصَّحِيحِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ لَمْ يَلْزَمْهُمْ ذَلِكَ إنْ مَاتَ؛ لِأَنَّهُمْ فِي وَقْتٍ لَا مَنْعَ لَهُمْ. أَبُو عُمَرَ هَذَا مَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَعَنْهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُمْ.
ابْنُ زَرْقُونٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ قَالَ مَا أَرِثُ مِنْ فُلَانٍ صَدَقَةٌ عَلَيْك وَفُلَانٌ صَحِيحٌ لَزِمَهُ ذَلِكَ إنْ كَانَ فِي غَيْرِ يَمِينٍ، فَهَذَا مِثْلُ ذَلِكَ.
قُلْت: زَادَ اللَّخْمِيُّ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ، وَهَذَا أَقْيَسُ كَمَنْ أَوْجَبَ الصَّدَقَةَ بِمَا يَمْلِكُ إلَى أَجَلٍ، أَوْ فِي بَلَدٍ سَمَّاهُ، أَوْ بِعِتْقِ ذَلِكَ، أَوْ بِطَلَاقِ مَنْ يَتَزَوَّجُ فِيهِ اهـ.
وَمَا حَكَاهُ الشَّيْخُ خَلِيلٌ وَابْنُ عَرَفَةَ مِنْ الْخِلَافِ فِي هَذَا الْوَجْهِ تَبَعًا لِأَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَ الْبَاجِيُّ فِي الْمُنْتَقَى: فَإِنَّهُ قَالَ إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ لِغَيْرِ سَبَبٍ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الْمُجِيزَ مِنْ الْوَرَثَةِ وَلَهُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّهُ حَالٌ لَمْ تَتَعَلَّقْ فِيهِ حُقُوقُهُمْ بِالتَّرِكَةِ اهـ. وَصَرَّحَ الرَّجْرَاجِيُّ أَيْضًا بِنَفْيِ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي آخِرِ شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ رَسْمِ الْجَوَابِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْهِبَاتِ وَلَا يَلْزَمُ الْوَارِثَ عَلَى كُلِّ حَالٍ مَا أَذِنَ لِمُوَرِّثِهِ فِيهِ فِي صِحَّتِهِ مِنْ الْوَصِيَّةِ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ، أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ، وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ يُونُسَ وَأَبُو الْحَسَنِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا.
وَلَفْظُ ابْنِ يُونُسَ وَمِنْ الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ وَالْمُوَطَّإِ قَالَ مَالِكٌ إذَا أَذِنَ الْوَرَثَةُ لِلصَّحِيحِ أَنْ يُوصِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ لَمْ يَلْزَمْهُمْ ذَلِكَ إنْ مَاتَ؛ لِأَنَّهُمْ أَذِنُوا لَهُ فِي وَقْتٍ لَا مَنْعَ لَهُمْ وَظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِي مُخَرَّجٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمَوَّازِيَّةِ وَنَصُّهُ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ إنْ أَذِنَ الْوَرَثَةُ لِلصَّحِيحِ أَنْ يُوصِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ لَمْ يَلْزَمْهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَذِنُوا فِي وَقْتٍ لَا مَنْعَ لَهُمْ.
وَفِي كِتَابِ الصَّدَقَاتِ مِنْ كِتَابِ مُحَمَّدٍ فِيمَنْ قَالَ مَا أَرِثُ مِنْ فُلَانٍ صَدَقَةٌ عَلَيْك وَفُلَانٌ صَحِيحٌ قَالَ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ فِي غَيْرِ يَمِينٍ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ، وَهَذَا أَقْيَسُ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ ذَلِكَ بِشَرْطِ الْمِلْكِ فَأَشْبَهَ مَنْ أَوْجَبَ الصَّدَقَةَ بِمَا يَمْلِكُ إلَى أَجَلٍ، أَوْ فِي بَلَدٍ سَمَّاهُ، أَوْ بِعِتْقِ ذَلِكَ، أَوْ بِطَلَاقِ مَنْ يَتَزَوَّجُ فِيهِ اهـ.
قُلْت: كَلَامُ اللَّخْمِيِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ خَرَّجَ الْقَوْلَ بِاللُّزُومِ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمَوَّازِيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَخَرَّجُ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ فِي مَسْأَلَةِ الْإِجَازَةِ لَمْ يَهَبْ شَيْئًا، وَإِنَّمَا أَجَازَ فِعْلَ شَخْصٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّ فِعْلِهِ الْآنَ كَمَا قَالَ فِي الْمُوَطَّإِ: إنَّ الشَّخْصَ إذَا كَانَ صَحِيحًا كَانَ أَحَقَّ بِجَمِيعِ مَالِهِ يَصْنَعُ بِهِ مَا يَشَاءُ.
وَفِي مَسْأَلَةِ الْمَوَّازِيَّةِ الْوَارِثُ وَهَبَ نَصِيبَهُ، وَهُوَ مَا يَرِثُهُ إذَا دَخَلَ فِي مِلْكِهِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مُسْتَوْفًى.
فَإِذَا أَجَازَ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ فِي الصِّحَّةِ بِسَبَبٍ كَالسَّفَرِ وَالْغَزْوِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُمْ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ كُنْت أَقُولُ بِهَذَا ثُمَّ رَجَعْت إلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمْهُمْ وَقَالَهُ مُحَمَّدٌ وَأَصْبَغُ، وَهُوَ الصَّوَابُ اهـ.
قُلْت: وَالْمَسْأَلَةُ فِي رَسْمِ نَذَرَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا وَاقْتَصَرَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ اللُّزُومِ
الَّذِي رَجَّحَهُ أَصْبَغُ وَحَكَى فِي الشَّامِلِ الْقَوْلَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ وَقَالَ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ يَلْزَمُهُمْ ذَلِكَ كَالْمَرِيضِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَابْنُ وَهْبٍ لَا يَلْزَمُهُمْ وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ اهـ.
الْحَالُ الثَّانِي إذَا أَجَازَ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ فِي الْمَرَضِ فَلَا يَخْلُو الْمَرَضُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَخُوفًا، أَوْ غَيْرَ مَخُوفٍ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَخُوفٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْإِجَازَةِ فِي الصِّحَّةِ قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَقَبِلَهُ الشَّيْخُ خَلِيلٌ فِي التَّوْضِيحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّامِلِ. وَإِنْ كَانَ الْمَرَضُ مَخُوفًا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَصِحَّ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَرَضِ، أَوْ يَمُوتَ فِيهِ، فَإِنْ صَحَّ بَعْدَهُ لَمْ يَلْزَمْهُمْ الْإِجَازَةُ حَتَّى يَأْذَنُوا لَهُ فِي الْمَرَضِ الثَّانِي قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي آخِرِ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا وَقَبِلَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَنَقَلَ نَحْوَهُ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ لَكِنْ قَالَ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفُوا مَا سَكَتُوا إلَّا عَنْ غَيْرِ رِضًا وَلَا يَلْزَمُهُمْ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ، وَهُوَ بَعِيدٌ يَعْنِي إلْزَامُهُمْ وَجَعَلَ الرَّجْرَاجِيُّ قَوْلَ ابْنِ كِنَانَةَ مُخَالِفًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ اقْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالشَّيْخُ خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ: وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ بَعْدَ ذَلِكَ الْمَرَضِ بَلْ مَاتَ فِيهِ فَالْوَرَثَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ بَالِغًا رَشِيدًا بَائِنًا عَنْ الْمُوصِي وَلَا سُلْطَانَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا نَفَقَةَ بِلَا رُجُوعٍ لَهُ.
وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ سَفِيهًا، فَهَذَا لَا يَجُوزُ إذْنُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ، وَلَمْ يَحْكِ أَبُو الْحَسَنِ فِي هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ خِلَافًا وَصَرَّحَ الرَّجْرَاجِيُّ بِنَفْيِ الْخِلَافِ فِي الثَّانِي، وَحَكَى فِي الْأَوَّلِ قَوْلَيْنِ قَالَ وَالْمَشْهُورُ اللُّزُومُ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ مَنْ كَانَ رَشِيدًا، وَهُوَ فِي نَفَقَةِ الْمُوصِي كَزَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ، أَوْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ، أَوْ فِي سُلْطَانِهِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَسْأَلَهُمْ فِي الْإِذْنِ أَوْ يَتَبَرَّعُوا لَهُ بِهِ، فَإِنْ تَبَرَّعُوا بِالْإِذْنِ فَفِي لُزُومِ ذَلِكَ لَهُمْ قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ مِنْهَا عَدَمُ اللُّزُومِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي آخِرِ كِتَابِ الْوَصَايَا الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ.
وَمَنْ أَوْصَى فِي مَرَضِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ فَأَجَازَ وَرَثَتُهُ ذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْلُبَهُمْ الْمَيِّتُ، أَوْ طَلَبَهُمْ فَأَجَازُوا ثُمَّ رَجَعُوا بَعْدَ مَوْتِهِ قَالَ مَالِكٌ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ بَائِنًا مِنْ وَلَدٍ قَدْ احْتَلَمَ، أَوْ أَخٍ، أَوْ ابْنِ عَمٍّ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُمْ، وَمَنْ كَانَ فِي عِيَالٍ مِنْ الْوَلَدِ قَدْ احْتَلَمَ وَبَنَاتُهُ وَزَوْجَاتُهُ فَذَلِكَ لَهُمْ، وَكَذَلِكَ ابْنُ الْعَمِّ الْوَارِثُ إنْ كَانَ ذَا حَاجَةٍ إلَيْهِ وَيَخَافُ إنْ مَنَعَهُ وَصَحَّ أَضَرَّ بِهِ فِي مَنْعِ رِفْدِهِ إلَى أَنْ يُجِيزُوا بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا رُجُوعَ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ إذْنُ الْبِكْرِ وَالِابْنِ السَّفِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعَا اهـ. وَإِنْ سَأَلَهُمْ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُمْ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ أَنَّ الْخِلَافَ يَجْرِي فِي ذَلِكَ أَيْضًا.
(تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ) إذَا قَالَ الْوَارِثُ بَعْدَ أَنْ أَجَازَ الْوَصِيَّةَ فِي الْحَالِ الَّذِي يَلْزَمُهُ إجَازَتُهَا لَمْ أَعْلَمْ أَنَّ لِي رَدُّ الْوَصِيَّةِ، فَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ يَجْهَلُ ذَلِكَ حَلَفَ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ إجَازَةُ