الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما عن موقف ابن عاشور من الإسرائيليات فشأنه شأن معظم المفسرين، حيث وقع في الإسرائيليات، إلا أنه كان مُقلاً إذا ما قارناه مع غيره من المفسرين، وكان أحياناً يُحذر منها، ويصفها بالخرافات وعلى كل حال، فهو بالنسبة لغيره يُعدّ من المقلّين في هذا المجال.
أقوال العلماء في القاعدة:
هذه القاعدة لم أجد لها ذكرا عند العلماء ولكني استوحيتها من تفسير ابن عاشور، حيث وجدته في أكثر من موضع إذا اختلفت الأقوال حول الآية فإنه يؤيد ما ذهب إليه بما جاء في التوراة، أما عن موقف العلماء من هذه القاعدة فسيتضح بما يأتي:
قال ترجمان القرآن وحبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنه: " كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتابكم الذي أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم محضاً لم يشب "(1).
وقال الحافظ ابن كثير: " وإنما أباح الشارع الرواية عنهم في قوله صلى الله عليه وسلم: " حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج " (2). فيما قد يجوزه العقل، فأما ما تحيله العقول، ويحكم عليه بالبطلان، ويغلب على الظنون كذبه، فليس من هذا القبيل "(3).
(1) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم " لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء"، ج 13، ص 345، ح- 7363.
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب أحاديث الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل، ج 6، ص 572، ح 3461، من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعاً.
(3)
تفسير القرآن العظيم / ابن كثير، ج 4، ص 236.
واعتبر الزرقاني دخول الإسرائيليات في التفسير سبباً من أسباب ضعف التفسير المأثور حيث قال: " إن تلك الروايات مليئة بالإسرائيليات ومنها كثير من الخرافات التي يقوم الدليل على بطلانها ومنها ما يتعلق بأمور العقائد التي لا يجوز الأخذ فيها بالظن "(1).
وقال العلامة عبد الرحمن السعدي: " واعلم أن كثيراً من المفسرين قد أكثروا في حشو تفاسيرهم من قصص بني إسرائيل، ونزلوا عليه الآيات القرآنية، وجعلوها تفسيراً لكتاب الله تعالى
…
ولا يجوز جعلها تفسيراً لكتاب الله قطعاً إذا لم تصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك أن مرتبتها كما قال صلى الله عليه وسلم: " لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم " فإذا كانت مرتبتها أن تكون مشكوكاً فيها، وكان من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن القرآن يجب الإيمان به والقطع بألفاظه ومعانيه، فلا يجوز أن تجعل تلك القصص المنقولة بالروايات المجهولة، التي يغلب على الظن كذبها أو كذب أكثرها، معاني لكتاب الله، مقطوعا بها ولا يستريب بهذا أحد، ولكن بسبب الغفلة عن هذا حصل ما حصل " (2).
وتكلم الأستاذ محمد حسين الذهبي عن حقيقة الإسرائيليات، وموقف المفسر إزاءها كلاماً جيداً، فبعد أن ذكر أقسام الإسرائيليات قال:" علمنا أن كثرة النقل عن أهل الكتاب بدون تفرقة بين الصحيح والعليل دسيسة دخلت فى ديننا واستفحل خطرها، كما علمنا أن قوله صلى الله عليه وسلم: " لا تُصَدِّقوا أهل الكتاب ولا
(1) مناهل العرفان / الزرقاني، ج 2 / ص 19.
(2)
تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان / السعدي، ج 1، ص 68.