الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني
مذهبه الفقهي
والعقدي ومؤلفاته
مذهبه الفقهي:
كان الشيخ الطاهر ابن عاشور فقيهاً بارزاً حيث يعد من العلماء المجددين الذين يأنفون التقليد والتعصب لآراء الشيوخ، وكان يرى أن ارتهان المسلمين لهذه النظرة الجامدة المقلدة سيصيبهم بالتكاسل، وسيعطل إعمال العقل لإيجاد الحلول لقضاياهم التي تجدُّ في حياتهم.
وكان يعنى بالدليل، ويقيم حجته بما ورد من النصوص أو ما يسوغ من رأي وقياس، وإن كان لم يغفل آراء العلماء وأقوالهم بل وضعها في منزلتها التي تستحقها.
وقد ركّز على المذهب المالكي، وهذا أمر طبيعي، فقد عاش في بيئة يعتنق معظم أهلها المذهب المالكي، يقول في مقدمة كتابه (آراء اجتهادية):" ولما نشأت النشأة الدينية اتبعت مذهب إمام دار الهجرة مالك بن أنس، وتلقيت علوم الشريعة في سنة (1309 هـ) وتدرجت بها وحذقتها، ثم درست أصول الفقه، وزاولت كتب السنة، وتوسعت في علم الخلاف بين العلماء، وأقرأت كتباً جمة من الفقه والأصول والحديث، وجالست العلماء وجادلتهم، وذاكرت وجادلت"، ثم استطرد في بيان المذاهب والترجيح بينها، وأخبر بأن باب الاجتهاد مفتوح، ولا يجوز للعالم التعبد بالتقليد، بل لا بد من النظر في الراجح
والمرجوح، والأخذ بالصواب والصحيح
…
(1)
ومما يُمدح به أنه لم يكن متعصباً لمذهبه، بل كان أحياناً يرجّح مذهباً مخالفاً لمذهب الإمام مالك، ومن ذلك ترجيحه مذهب الإمام أبي حنيفة في طهارة جلد الميتة بالدبغ ما عدا الخنزير؛ لأنه محرم العين، قال: وقول أبي حنيفة أرجح للحديث الصحيح، ثم ذكره (2).
وتعليقاته وكتاباته في الفقه تشهد بطول باعه وغزارة علمه في هذا الفن، ويظهر هذا في كونه أول من أفرد موضوع المقاصد في كتاب مستقل حيث ألف كتابه (مقاصد الشريعة الإسلامية) ودعا فيه إلى مراعاة مدى تحقيق القول الذي يذهب إليه الفقيه لمقاصد الشريعة.
تأهل للفتيا وعمره ثلاث وعشرون سنة، ونجح في مناظرة التدريس من الطبقة الأولى في الجامع الأعظم عام (1323 هـ - 1905 م)، وأصبح مفتياً متطوعاً منذ ذلك الحين، إلى أن عيّن مفتيا رسمياً سنة (1341 هـ- 1923 م)، فتدرج في هذا المنصب، حتى أصبح كبير أهل الشورى من المالكية سنة (1345 هـ / 1927 م)، وهو أعلى منصب علمي في المذهب المالكي في ذلك الوقت، وفي سنة (1351 هـ / 1932 م)، أطلق عليه لقب شيخ الإسلام المالكي، وله كتاب مخطوط بعنوان الفتاوى (3).
(1) انظر ابن عاشور ومنهجه في التفسير / عبد الله الريس، ج 1، ص 164.
(2)
التحرير والتنوير، ج 2، ص 116.
(3)
انظر ابن عاشور ومنهجه في التفسير / عبد الله الريس، رسالة ماجستير ج 1، ص 165، وتراجم المؤلفين التونسيين، ج 4، ص 150.