الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآخر فإن اعترفت رَجمها ،فاعترفت فرجمها. قال مالك: والعسيف الأجير اهـ.
فهذا الافتداء أثر مما كانوا عليه في الجاهلية، ثم فرض عقاب الزنى في الإسلام بما في سورة النساء وهو الأذى للرجل الزاني، أي بالعقاب الموجع، وحبس للمرأة الزانية مدة حياتها. وأشارت الآية إلى أن ذلك حكم مجمل بالنسبة للرجل لأن الأذى صالح لأن يبيّن بالضرب
أو بالرجم وهو حكم مؤقت بالنسبة إلى المرأة بقوله: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} (1) ثم فرض حد الزنى بما في هذه السورة.
ففرض حد الزنى بهذه الآية جلد مائة فعمّ المحصن وغيره، وخصصته السنة بغير المحصن من الرجال والنساء. فأما من أحصن منهما - أي تزوج بعقد صحيح ووقع الدخول - فإن الزاني المحصن حده الرجم بالحجارة حتى يموت. وكان ذلك سُنةً متواترةً في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ورجم ماعز بن مالك، وأجمع على ذلك العلماء، وكان ذلك الإجماع أثراً من آثار تواترها " (2).
ثانياً: طريقته في عزو الأحاديث:
أ) أحياناً يذكر الحديث النبوي الشريف دون الإشارة إلى راويه بل يقول: وفي الحديث كذا ولا ينسبه، وهذا كثير، ومن أمثلته ما أورده في معرض
(1) سورة النساء، الآية (15).
(2)
التحرير والتنوير، ج 9، ص 148.
شرحه لقوله تعالى: {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} (1) قال ابن عاشور في مجال الاستشهاد بالحديث على ما يتعلق بحال الملائكة: " المستشار مؤتمن وهو بالخيار ما لم يتكلم "(2) ولم ينسبه.
ب) وأحياناً أخرى يعزوها وينقسم عزوه لها إلى ثلاثة أقسام:
- أن يعزوها إلى مصادر أصلية من كتب السنة:
ومن ذلك ما ذكره عند قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} (3)
قال ابن عاشور: " وقد بيَّنت السنة أن المستأذن إن لم يؤذن له بالدخول يكرره ثلاث مرات فإذا لم يؤذن له انصرف، وورد في هذا حديث أبي موسى الأشعري مع عمر بن الخطاب رضي الله عليهما في «صحيح البخاري» وهو ما روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال كنت في مجلس من مجالس الأنصار إذ جاء أبو موسى رضي الله عنه كأنه مذعور فقال استأذنت على عمر ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت فقال ما منعك قلت استأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع فقال والله لتقيمن عليه بينة أَمِنْكُم أحد سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبي بن كعب - رضي
(1) سورة البقرة، الآية (30).
(2)
التحرير والتنوير، ج 1، ص 402.
(3)
سورة النور، الآية (27).
الله عنه -والله لا يقوم معك إلا أصغر القوم فكنت أصغر القوم فقمت معه فأخبرت عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك " (1).
- ومنها ما يعزوها إلى مصادر ثانوية ككتب التفسير التي لا تروي بالسند:
ومن ذلك ما ذكره عند قوله تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} (2) قال ابن عاشور: " وروى القرطبي أن أول من صلى نحو الكعبة من المسلمين أبو سعيد بن المعلى، وفي الحديث ضعف "(3).
- ومنها ما يعزوها عزواً عاماً:
ومنه ما ذكره عند قوله تعالى: {قَالُوا يَاهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ} (4) قال ابن عاشور: " وفي الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما من الأنبياء نبي إلا أوتي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر " الحديث. انتهى (5).
(1) التحرير والتنوير ، ج 9 ، ص 199.
(2)
سورة البقرة، الآية (142).
(3)
التحرير والتنوير، ج 2، ص 12، وانظر الجامع لأحكام القرآن / القرطبي، ج 2، ص 154.
(4)
سورة هود، الآية (53).
(5)
التحرير والتنوير، ج 12، ص 98.