الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منهجه في إيراد المعلومات:
1 -
يذكر أولاً اسم السورة معتمداً في ذلك على ما ورد في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو عن الصحابة رضي الله عنهم، وما هو مكتوب في المصاحف القديمة، أو بطريق الاستنباط فمثلاً عند تفسيره لسورة الحجر قال في افتتاحه للسورة:" سُميت هذه السورة سورة الحجر، ولا يعرف لها اسم غيره. ووجه التسمية أن اسم الحجر لم يذكر في غيرها، والحجر اسم البلاد المعروفة وهو حجر ثمود "(1).
2 -
وبعد أن يعرض لتسمية السورة، ينتقل إلى الحديث عن مكية السورة أومدنيتها، ذاكراً الخلاف ومرجحاً ما يختاره، مبينا تاريخ النزول وعدادها بين سور القرآن الكريم المكية والمدنية على رواية جابر بن زيد عن ابن عباس رضي الله عنه، ومثال ذلك عند تفسيره لسورة الإخلاص وبعد أن ذكر وجه تسمية السورة قال:" وهي مكية في قول الجمهور، وقال قتادة والضحاك والسدي وأبو العالية والقرظي: هي مدنية ، ونسب كلا القولين إلى ابن عباس. ومنشأ هذا الخلاف الاختلاف في سبب نزولها فروى الترمذي عن أبي بن كعب، وروى العطار عن ابن مسعود، وأبو يعلى عن جابر بن عبد الله " أن قريشاً قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: " انسب لنا ربك " فنزلت قل هو الله أحد إلى آخرها " فتكون مكية، روى أبو صالح عن ابن عباس: " إن عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة (أخا لبيد) أتيا النبي صلى الله عليه وسلم فقال عامر: إلام تدعونا؟ قال: إلى الله،
(1) انظر التحرير والتنوير، ج 7، ص 5.
قال صفه لنا أمن ذهب هو، أم من فضة، أم من حديد، أم من خشب؟ فنزلت هذه السورة، فتكون مدنية لأنهما ما أتياه إلا بعد الهجرة. وقال الواحدي:" إن أحبار اليهود (منهم حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف) قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: صف لنا ربك لعلنا نؤمن بك، فنزلت ".
والصحيح أنها مكية، فإنها جمعت أصل التوحيد وهو الأكثر فيما نزل من القرآن بمكة، ولعل تأويل من قال: إنها نزلت حينما سأل عامر بن الطفيل وأربد، أو حينما سأل أحبار اليهود: أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ عليهم هذه السورة، فظنها الراوي من الأنصار نزلت ساعتئذ أو لم يضبط الرواة عنهم تمام الضبط .. وعدت السورة الثانية والعشرون في عداد نزول السور نزلت بعد سورة الناس وقبل سورة النجم " (1).
3 -
ثم يعرض المعلومات التفصيلية للآيات، وهو حين يفسرها يحرص على تفسير كل مجموعة آيات ذات موضوع واحد تحت مقطع واحد، إلا إن هذا لا يتيسّر له نظراً لطول بعض الآيات، فنجده أحياناً يفسر السورة آية آية، وأحياناً الآية جملة جملة، وأحياناً كل مجموعة آيات يفسرها معاً.
4 -
حرص على توضيح المشكل والغريب في المتن، ومثاله: ما ذكره عند تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} (2) قال: " وما مسنا من لغوب ": ما أصابنا من
(1) انظر التحرير والتنوير، ج 15، ص 611.
(2)
سورة ق، الآية (38).
تعب. واللغوب: الإعياء من الجري والعمل الشديد " (1).
5 -
كما تعرض لتخريج الأحاديث والآثار، ومثاله ما ذكره عند تفسير قوله تعالى:{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} (2) قال ابن عاشور تعليقاً على قوله: (الحمد لله): " ولما كان الحمد مظهراً من مظاهر الشكر في مظهر النّطق جعل كناية عن الشكر هنا، إذ كان الكلام على إخلال المشركين بواجب الشكر إذْ أثنوا على الأصنام وتركوا الثناء على الله، وفي الحديث «الحمدُ رأس الشّكر». قال في الحاشية مخرجاً للحديث: رواه عبد الرزاق عن عبد الله بن عمر مرفوعاً وفي سنده انقطاع، وروى الديلمي ما يؤيد معنى هذا الحديث من حديث أنس بن مالك مرفوعا "(3).
6 -
اعتنى بترجمة الأعلام وضبطها يذكر ذلك في الحاشية، ومثال ذلك ما ذكره عند تفسيره لسورة الفاتحة قال:" وأما تسميتها السبع المثاني فهي تسمية ثبتت بالسنة، ففي صحيح البخاري عن أبي سعيد ابن المعلى: " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته "، قال
(1) التحرير والتنوير، ج 12، ص 326.
(2)
سورة النحل، الآية (75).
(3)
التحرير والتنوير، ج 7، ص 226.
ابن عاشور معرفاً بأبي سعيد بن المعلى في الحاشية: " هو الحارث بن نُفَيع (مصغراً) الزرقي - بضم ففتح - الأنصاري المتوفى سنة (74 هـ) "(1).
7 -
وقد حرص كذلك على التعريف بالأماكن والقبائل، أحياناً في المتن، وأحياناً في الحاشية، ومثال ذلك ما جاء عنه في تفسير قوله تعالى:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ} (2) حيث ذكر مجيء وفد نصارى نجران للرسول صلى الله عليه وسلم، علق في الحاشية:" نجران بفتح النون وسكون الجيم، قبيلة من عرب اليمن، كانوا ينزلون قرية كبيرة تسمى نجران بين اليمن واليمامة وهم على دين النصرانية ولهم الكعبة اليمانية المشهورة وهي كنيستهم التي ذكرها الأعشى في شعره وقد وفد منهم على النبي صلى الله عليه وسلم في ستين رجلاً منهم اثنا عشر نقيباً "(3).
8 -
كما حرص على توثيق الأشعار وإكمالها، وبيان معناها، ومن ذلك ما ذكره عند تفسير قوله تعالى:{وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} (4)، قال: " مراد منه أنه لا عدل فيقبل، ولا شفاعة شفيع يجدونه فتقبل شفاعته؛ لأن
(1) التحرير والتنوير، ج 1، ص 134.
(2)
سورة البقرة، الآية (113).
(3)
التحرير والتنوير، ج 1، ص 675.
(4)
سورة البقرة، الآية (123).
دفع الفداء متعذر وتوسط الشفيع لمثلهم ممنوع إذ لا يشفع الشفيع إلا لمن أذن له ، قال ابن عرفة: فيكون نفي نفع الشفاعة هنا من باب قوله: على لا حب يهتدي بمنارة .. قال معلقاً في الحاشية: " قائله امرؤ القيس، وقبله:
وإني زعيم إن رجعت مملكاً
…
بسير ترى منه الفرانق أزدرا
على لا حب ........ إلخ
…
إذا سافه العوذ الديافي جرجرا
الفرانق: بضم الفاء وكسر النون هو الذي يدل صاحب البريد. وأزدرا أفعل تفضيل لغة في أصدرا قرئ بها قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا} (1). واللاحب: الطريق الواسع. والمنار: العلامة. وسافه: شده. والديافي: منسوب إلى دياف - بكسر الدال - قرية تنسب لها كرام الإبل، وجرجرا أي صوت " (2).
9 -
أحال على مواضع أخرى في تفسيره، ومن ذلك ما ذكره عند تفسيره لقوله تعالى:{انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا} (3) قال: "جعل افتراءهم الكذب _ لشدّة تحقّق وقوعه _ كأنّه أمر مَرئيّ ينظره الناس بأعينهم، وإنّما هو ممّا يسمع ويعقل، وكلمة: " وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا " نهاية في بلوغه غاية الإثم كما يؤذن به تركيب (كفى به كذا)،
(1) سورة الزلزلة، الآية (6).
(2)
التحرير والتنوير، ج 1، ص 698.
(3)
سورة النساء، الآية (50).
وقد تقدّم القول في (كفى) عند قوله آنفاً: {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} (1) " (2).
كما يحيل إلى كتب أخرى، ومن ذلك قوله عند تفسير قوله تعالى:{وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} (3): " وهذا النهي يفيد تعميم كل استكثار كيفما كان ما يعطيه من الكثرة، وللأسبقين من المفسرين تفسيرات لمعنى {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} ليس شيء منها بمناسب، وقد أنهاها القرطبي إلى أحد عشر "(4).
(1) سورة الفتح، الآية (28).
(2)
التحرير والتنوير، ج 3، ص 85.
(3)
سورة المدثر، الآية (6).
(4)
التحرير والتنوير، ج 14، ص 299.