الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجمع، فإن العزم فيه جمع الخواطر، والاتفاق فيه جمع الآراء " (1).
اصطلاحاً: هو اتفاق مجتهدي أمة محمد صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، في عصر من العصور، على أمر من أمور الدين، اتفاقاً لم يسبقه خلاف مستقر (2).
وقد اعتنى ابن عاشور بهذه القاعدة في تفسيره ورجح بها حيث قال في معرض تفسيره لآية الوصية: " ثبت حكم جديد للوصية وهو الندب أو الوجوب على الخلاف في غير الوارث وفي الثلث بدليل الإجماع المستند للأحاديث. وفعل الصحابة "(3) وسيأتي بيان هذا المثال بالتفصيل في الأمثلة التطبيقية الآتية.
أقوال العلماء في القاعدة:
اختلف العلماء في حكم النسخ بالإجماع على قولين:
فذهب بعض العلماء إلى جواز النسخ بالإجماع، بدليل أن الإجماع يوجب علم اليقين، كالنص فيجوز أن يثبت النسخ به، والإجماع في كونه حجة أقوى من الخبر المشهور، وإذا كان يجوز النسخ بالخبر المشهور أي المتواتر فجوازه بالإجماع أولى.
واحتجوا على ذلك بآية الوصية في سورة البقرة: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا
(1) انظر لسان العرب / ابن منظور، ج 2، ص 358، مادة: جمع.
(2)
انظر إرشاد الفحول / الشوكاني، ج 1، ص 234.
(3)
التحرير والتنوير، ج 2، ص 151.
حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} (1) نسخت بالإجماع، كما ذكره السيوطي في الإتقان، وقال: حكاه ابن العربي.
وذهب آخرون إلى عدم جواز النسخ بالإجماع، وحجتهم في ذلك أن الإجماع عبارة عن اجتماع آراء على شيء، ولا مجال للرأي في معرفة نهاية وقت الحسن والقبح في الشيء عند الله تعالى ، ثم إن النسخ يكون حال حياة النبي صلى الله عليه وسلم (2).
القول الراجح:
إنه لا يجوز النسخ بالإجماع إلا إذا كان مستنده في ذلك النص، لأنه في حال ذلك يكون الناسخ هو النص حقيقة، أما إذا لم يكن مستنده نص شرعي فلا.
ويؤكد ذلك أقوال العلماء:
قال ابن حزم: " الإجماع إما أن يكون مستنداً إلى دليل، أو ليس مستنداً إلى دليل ، فإن لم يكن مستنداً إلى دليل فهو خطأ.
وإن كان مستنداً إلى دليل ، فذلك الدليل إما أن يكون نصاً أو قياساً ، فإن كان نصاً فالناسخ ذلك النص لا الإجماع ، وإن قيل: إن الإجماع ناسخ ، فليس إلا بمعنى أنه يدل على الناسخ " (3).
(1) سورة البقرة، الآية (180).
(2)
انظر الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم / ابن العربي، ص 14، والإتقان / السيوطي، ج 2، ص 48، وفتح المنان في نسخ القرآن / علي حسن العريض، ص 241.
(3)
الأحكام في أصول القرآن / ابن حزم، ج 1، ص 302.