الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني
الأصل إطلاق اللفظ على ظاهره ما لم يرد دليل يصرفه عن ظاهره
صورة القاعدة:
إذا اختلف المفسرون في تفسير آية من كتاب الله فالأصل في نصوص القرآن أن تحمل على ظواهرها، وتفسَّر على حسب ما يقتضيه ظاهر اللفظ، ولا يجوز أن يعدل بألفاظ الوحي عن ظاهرها إلا بدليل واضح يجب الرجوع إليه (1).
شرح مفردات القاعدة:
الظاهر لغة: قال ابن فارس: "الظاء والهاء والراء أصل صحيح واحد يدل على قوة وبروز، ومن ذلك ظهر الشيء يظهر ظهوراً فهو ظاهر"(2).
وقال ابن منظور: " الظاهر: خلاف الباطن؛ ظهر يظهر ظهوراً ، فهو ظاهر وظهير "(3).
اصطلاحاً: هو مدلول النص المفهوم بمقتضى الخطاب العربي، أو المعنى الذي يسبق إلى فهم السامع من المعاني التي يحتملها اللفظ (4).
والدليل لغة: قال ابن منظور: " الدليل: ما يستدل به ، والدليل الدال ،
(1) انظر شرح الكوكب المنير / الفتوحي، ج 2، ص 147 ، وأضواء البيان / الشنقيطي ، ص 395.
(2)
معجم مقاييس اللغة / ابن فارس، ص 618.
(3)
لسان العرب / ابن منظور، ج 8، ص 276، مادة: ظهر.
(4)
انظر الموافقات / الشاطبي، ج 3، ص 383، 391، ومنهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد عند أهل السنة والجماعة، عثمان علي حسن، ج 1، ص 398.
وقد دله على الطريق يدله دلالة ودلولة، والدليل والدليلي الذي يدلك" (1).
واصطلاحاً: ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري (2)، إما أن يكون عقلياً ظاهراً أو سمعياً ظاهراً.
أما الدليل العقلي الظاهر، هو الذي يعلم به كل المراد، وأن الظاهر غير مراد، وذلك مثل قوله تعالى:{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} (3) يعلم المستمع أن الخالق لا يدخل في هذا العموم.
وأما الأدلة السمعية فهي الدلالات في الكتاب والسنة التي تصرف بعض الظواهر، فإذا وجد الدليل جاز صرف اللفظ عن ظاهره.
ولقد اشترط العلماء لصحة حمله على معنى معين خلاف الظَّاهر شروطاً:
الأول: أن يكون المعنى المدعى موافقاً لوضع اللغة أو عرف الاستعمال وعادة صاحب الشرع، وكل تأويل خرج عن هذا فليس بصحيح.
الثاني: أن يقوم الدليل على أن المراد بذلك اللفظ هو المعنى الذي حمل عليه، ويسلم ذلك من الدليل المعارض (4).
ونصّ ابن عاشور في المقدمة الرابعة من تفسيره على هذه القاعدة حين ذكر طرائق المفسرين للقرآن، وعدّ ثلاث طرق ذكر منها: وجوب الاقتصار
(1) لسان العرب / ابن منظور، ج 4، ص 394، مادة: دلل.
(2)
انظر شرح الكوكب المنير / الفتوحي، ج 1، ص 52.
(3)
سورة الزمر الآية (62).
(4)
انظر الموافقات / الشاطبي، ج 3، ص 383، 391، وإرشاد الفحول / الشوكاني، ج 2، ص 517.